الجانب البشع من ‘الثورة’ الاسرائيلية

حجم الخط
0

صدفة أو بغير صدفة، انطلق الاحتجاج الاجتماعي في روايته للعام 2013 على الدرب في يوم الباستيل حسب التاريخ الاجنبي، وقبل لحظة من التاسع من آب/اغسطس حسب التوقيت الاسرائيلي. بعد 200 سنة وأكثر، بات مسموحا ان نروي للاطفال دون أن نمس بشرف الثورة الفرنسي بان ليس كل شيء هناك كان عسلا. الحقيقة هي أنه تحت الشعار المثير للحماسة ‘الحرية، المساواة والاخوة’، لم يسر اي شيء كما ينبغي باستثناء المقصلة التي عملت على ثلاث ورديات، 24/7 ومن دون خلل.
عشرات الاف الرؤوس قطعت باسم الحرية والاخوة، وأخيرا باسم المساواة قطعت ايضا رؤوس القاطعين. بعد عشر سنوات من الفوضى والدم، تاقت فرنسا لرجل قوي يفرض النظام. القيصر نابليون وان كان فرض القانون والنظام، ولكنه بالمقابل جر أفضل شباب بلاده الى حملة حربية طموحة دفنت الملايين منهم تحت الثلوج في سهول روسيا.
حتى هنا بالنسبة لـ 14 تموز/يوليو. وبالنسبة للتاسع من اغسطس، لا أحد يفهم اليوم بالضبط على ماذا دار الجدال المبدئي وغير المساوم بين رجال شمعون بار غيورا ورجال يوحنان من غوش حلاف، وماذا كان الخلاف الايديولوجي بين هؤلاء واولئك وبين السكريكيين. المعروف هو أن الموالين للثورات العادلة في القدس المحاصرة حرق الواحد للاخر كل مخازن الغذاء ومخزونات السلاح، فسقطت المدينة في ايدي الرومان. وأجمل الحكماء هذه القصة البشعة بالقول ان الهيكل خرب بسبب الكراهية العابثة. كما يمكن أن نصيغ هذا على نحو مختلف، فنقول ان الثورة ليست دوما هي الصيغة الاكثر نجاحا لتحسين الوضع وتحقيق العدالة الاجتماعية.
نعم، أعرف، لا ينبغي المبالغة. ثمة مسافة هائلة بين الثورة وبضع مئات من التل ابيبيين وجميلي الملبس ممن يهتفون ‘ثورة’. ولكن يوجد منذ الان في الاجواء مستوى ما من العصبية والغضب وقصر النفس، في أنه يوجد مجال، ولا سيما عشية التاسع من اغسطس لاشعال ضوء احمر أو على الاقل شمعة. لا حاجة لا، سمح الله، الى كم الافواه ومنع الانتقال، ولكن حقيقة أنه مسموح حسب القانون السب والشتم والصراخ بحنجرة متفجرة، لا تعني أن هذا مرغوب فيه وجدير، ولا ان على المجتمع أن يقبل هذا بتسامح وببشاشة. عندما تبدأ ثقافة المعقبين على الانترنت تتغلغل الى الخطاب الاسرائيلي السليم، ليس صحيحا المرور على ذلك بصمت.
ان حرية التعبير والتنديد ليست احادية الجانب، ومن يصرخ ‘ثورة’ يجب ان يسمع بان هذا كلام لا يطاق وليس متوازنا. وحتى الحكماء الذين يدعوننا الى أن نتعلم من ميدان التحرير يجب أن يسمعوا بانهم ليسوا حكماء بهذا القدر وحتى لجدعون ليفي الذي يدعو الى مقاطعة دولية لدولته يجب أن يقال: يا سيدي، إما أنك تكتب في صحيفة أو انك معقب على الانترنت. فهذان لا يسيران معا.
لا يوجد قانون يلزم بالحديث على نحو لطيف أو لتنظيف الاسنان، ولكن عندما لا ينظف احد ما فمه بشكل دائم، يجب ان تبدى له ملاحظة بانه ذو رائحة كريهة.

معاريف 15/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية