هل أقر البرلمان التركي قانونا يشرّع «الاستغلال الجنسي للأطفال»؟

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تعيش تركيا منذ أيام جدلا اجتماعيا وسياسيا حادا جداً على خلفية إقرار البرلمان التركي بالقراءة الأولى مشروع قانون يتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال في البلاد التي شهدت على أثره احتقانا سياسيا وجدلا رسميا ومظاهرات شعبية إلى جانب حملات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما تتهم المعارضة التركية ومؤسسات حقوقية وحتى أطراف دولية الحكومة التركية بمحاولة تشريع الاستغلال الجنسي للأطفال، يقول حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي قدم مشروع القانون إلى البرلمان إن الهجوم يتعلق بحملة سياسية تسعى لتشويه صورة الحزب واستغلال القانون لتحقيق أهداف سياسية وحزبية من خلال تحريفه ونشر أخبار كاذبة حوله. القانون المثير للجدل وعلى خلاف ما نشر عنه في العديد من وسائل الإعلام العالمية غير عام ولا ينص على «تشريع الاغتصاب»، كونه يتعلق بشريحة معينة صغيرة وضمن شروط تفصيلية ومُحددات واضحة، ويشمل جزء من الحالات السابقة بحيث لا ينطبق على أي حالة مشابهة تحصل في المستقبل.
وفي التفاصيل، يشمل القانون المقترح تعليق العقوبة القانونية بحق الشخص المدان بالزواج من قاصر أو ارتكاب اعتداء جنسي على قاصر (أقل من 17 عام) بشرط أن لا يكون الزواج أو الاعتداء الجنسي ترافق مع عنف أو ضرب أو إجبار للضحية أي أنه حصل «بالرضا والتوافق» لكنه يصنف كاعتداء جنسي كونه طال قاصر -حتى لو كان بالتوافق-، كما يشترط حصول زواج رسمي لاحق بالتوافق بين الطرفين.
والقانون الذي من المتوقع أن يتم تبنيه بالقراءة الثانية خلال الأيام المقبلة يشمل قرابة ثلاثة آلاف حالة حصلت ما قبل تاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وهذه الحالات تقول جهات تركية إنها تعاني من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وهي تنقسم إلى شقين.
وحسب هذه الجهات فإن جزءا من الحالات الثلاثة آلاف التي يتعلق بها القانون هي لقاصرين تم تزويجهم في مناطق قروية ونائية بالتوافق العائلي الكلي أو الجزئي وبعقد «زواج شرعي»، دون توثيق عقودهم في الدولة التي تجرم الزواج تحت السن القانوني (17 عام)، معتبرين أن الأمر يتعلق بتجاوزات وتحايل على القانون، لا بحالات اغتصاب مباشرة، والقانون الجديد يهدف إلى حل المشاكل الكبيرة التي تعاني من هذه العائلات على خلفية إيقاع العقوبة على الزوج.
وكنموذج على هذه الحالات، نشرت وسائل الإعلام التركية قصص بعض العائلات ومنها قصة «ديلارا طوفان»، التي رفض أهلها تزويجها من حبيبها فهربت معه وتزوجت بعقد «زواج شرعي» دون تسجيل الزواج في المحكمة لعدم إتمامها السن القانوني، لكن ذهابها إلى إحدى العيادات الطبية بطفلها الجديد كشف قضيتهم للشرطة التي اعتقلت زوجها وحكم عليه بالسجن خمسة أعوام. فيما وصفت بعض الجهات التركية مشروع القانون بأنه يهدف إلى التمييز بين التجاوزات في قانونية الزواج المدني، وبين الاغتصاب والتحرش الجنسي.
أما الجزء الآخر فيتعلق بقاصرين نتج عن علاقة بالتراضي بينهم طفل، وأدى تطبيق عقوبة «الاعتداء على قاصر» على الزوج إلى مشاكل اجتماعية عميقة، معتبرين أن المقترح الجديد يهدف إلى حماية الزوجة والطفل في حال قررا الزواج رسمياً وبالتراضي والتوافق لمنع وقوع هذه العائلات بمزيد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتحولها إلى مشاكل أعمق وأوسع.
وحسب القانون التركي، فإن السن القانوني للزواج هو 17 عاماً، ويجيز الزواج في عمر 16 في حالات استثنائية وبشرط موافقة أحد القضاة، لكن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر في العديد من المناطق القروية والنائية في جنوب وشرق البلاد وقرى وسط الأناضول.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في تصريح سابق: «الإجراء سيطبق لمرة واحدة وبمفعول رجعي.. هناك أشخاص يتزوجون قبل بلوغ السن القانونية. إنهم لا يعرفون القانون.. لديهم أطفال والأب يذهب إلى السجن والأطفال يبقون وحيدين مع والدتهم». واعتبر أن القانون يهدف إلى «رفع هذا الظلم».
كما شدد وزير العدل بكير بوزداغ على أن النص يهدف على العكس إلى «حماية الأطفال» معتبرا أن «الزيجات المبكرة واقع مع الأسف.. هذا الإجراء لن يطبق إلا في حالات تم فيها «الاعتداء الجنسي» من دون «قوة أو تهديد أو أي شكل من أشكال الإكراه».
لكن حملات واسعة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ضد مشروع القانون، وكتب عشرات آلاف المغردين الأتراك على «تويتر» تحت وسوم (هاشتاق) تتهم الحكومة بتشريع عمليات الاغتصاب بحق الأطفال، إلا أن الحكومة ذَكرت بأنها شددت العقوبات السابقة التي تفرض على المتهمين بعمليات الاغتصاب.
والسبت، تظاهر الآلاف في إسطنبول ضد مشروع القانون، وحملوا شعارات ضد الحكومة ومشروع القانون، مطالبين حزب العدالة والتنمية الحاكم بسحبه ووقف تمريره، وهددوا بتوسيع الاحتجاجات حتى إسقاط القانون الذي اعتبروه تشريعاً لعمليات اغتصاب الأطفال.
كما انتقد مشروع القانون بقوة حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، بجانب نواب من حزب الحركة القومية المعارض، وعلى وقع هذه الضغوط، طلب رئيس الوزراء التركي من حزب العدالة والتنمية إجراء مشاورات أوسع مع المعارضة التركية في البرلمان للتوصل إلى توافق حول الموضوع. فيما عاد وزير العدل، السبت، إلى التأكيد على أن «مشروع القانون لن يشكل عفوا عن المغتصبين، لكنه خطوة لحل مشكلة قائمة في بعض أنحاء بلدنا».
دولياً، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) كريستوف بوليراك قوله «إن هذه الأشكال الدنيئة من العنف ضد الأطفال هي جرائم يجب أن يعاقب عليها بصفتها تلك وفي كل الحالات، إن المصلحة العليا للطفل يجب أن تعلو على أي اعتبار آخر»، مضيفاً: «يونيسيف قلقة جدا من مشروع قانون (…) يجيز نوعا من العفو على مذنبين بارتكاب انتهاكات بحق أطفال». فيما نددت روحات سينا اكشينير من مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا بمشروع القانون وقالت: «وزير العدل استخدم عبارة (تعد جنسي بلا إكراه) لا حاجة لإضافة المزيد، باعتقادي».

هل أقر البرلمان التركي قانونا يشرّع «الاستغلال الجنسي للأطفال»؟

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    عجيب !
    أين الحرية الشخصية المزعومة !
    لو كانت هذه البنت القاصر تريد الزواج وبموافقة والديها فما دخل الآخرين ؟
    ولكن حين تزني هذه البنت القاصر مع ولد قاصر وينتج طفل سفاح فلا مانع !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية