مدريد ـ ‘القدس العربي’: بدأ العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس أمس الاثنين زيارة رسمية الى المغرب رفقة وفد هام من الوزراء ورجال الأعمال. وبهذه الزيارة يستعيد الملك دوره في العلاقات المغربية -الإسبانية، وهو الدور الذي يشجعه عليه الحزب الاشتراكي ويحد منه الحزب الشعبي. لكن هذه الزيارة تفقد أهميتها أمام الفضيحة الخطيرة التي تهدد حكومة مدريد وقد تؤدي الى استقالتها.
وهذه الزيارة كانت مبرمجة في بداية اذار/مارس الماضي ولكن خضوع خوان كارلوس لعملية جراحية جعله يقوم بتأجيلها الى اليوم، حيث ستدوم خمسة أيام وهي من أطول الزيارات الرسمية التي يقوم بها الملك الإسباني الى المغرب، وسيتباحث مع نظيره المغربي الملك محمد السادس مرتين. وتؤكد جريدة الباييس أن الزيارة لتطوير العلاقات وكذلك سيوظفها الملك خوان كارلوس ليؤكد أنه استعاد وضعه الصحي ودوره السياسي.
ويعتبر المراقبون هذه الزيارة هامة للغاية بحكم الوفد الوزاري المرافق لخوان كارلوس، ويتعلق الأمر بخمسة وزراء هم وزير الخارجية منويل مارغايو ووزير العدل ألبيرتو غايردون ووزير الداخلية فيرنانتديث دياث والمسؤول عن حقيبة الصناعة والتجارة والمعادن خوسي مانويل صوريا ووزيرة الأشغال العمومية آنا باستور وتسعة من وزراء الخارجية السابقين الذين مازالوا على قيد الحياة لمرافقته إلى المغرب ‘وينتسبون إلى الحزب الشعبي وإلى الحزب العمالي الاشتراكي’ الإسباني ، وتتضمن’ القائمة كلا من ‘مارسلينو اوريخا و خوصي بيريث جوركا’ وخبير سولانا’ وكارلوس وستيندروب، وابيل ماتوتيس وجوزيف بيكي ”وانا بلاسيو’ وميغيل انخيل موراتينوس ثم ترينيداد خمينيس.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية تطورا سياسيا بسبب المعالجة الهادئة لملفات حساسة مثل الهجرة والصحراء، وتجاريا بفضل ارتفاع التبادل التجاري بين البلدن وإن كان لا يرافقه استثمار اسباني مباشر في المغرب.
ومن المظاهر الهامة لهذه الزيارة الملكية هو استعادة الملك خوان كارلوس لدوره في العلاقات الثنائية مع المغرب. ومن خلال دراسة دور الملك في العلاقات الثنائية. يتبين أن رئيسي حكومتي الحزب الاشتراكي، فيلبي غونثالث (1982-1996) وخوسي لويس رودريغيث سبتيرو (2004-2011) كانا يراهنان على خوان كارلوس ليكون المخاطب الرئيسي مع ملكي المغرب الراحل الحسن الثاني والملك الحالي محمد السادس خاصة في وقت الأزمات.
وفي المقابل، قلص رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق خوسيه ماريا أثنار من دور خوان كارلوس في العلاقات الثنائية، فلم يسمح له بالتدخل في أزمة جزيرة ثورة سنة 2002. وطلب أثنار من خوان كارلوس عدم حضور زفاف الملك محمد السادس خلال السنة نفسها، كما تماطل في الترخيص للزيارة الرسمية الأولى لخوان كارلوس بعد مجيء الملك محمد السادس الى العرش. وهي الزيارة التي تمت في عهد رئيس الحكومة سبتيرو في يناير 2005. وتشكل الزيارة استعادة المؤسستين الملكتين دورهما في تعزيز العلاقات بعد التوتر الذي كان قد ساد بينهما في نوفمبر من سنة 2007 عندما زار خوان كارلوس سبتة ومليلية المحتلتين، وأصدر القصر الملكي المغربي وقتها بيان إدانة شديدة اللهجة لا سابقة له في بيانات الملكية المغربية. وكان يوجد اتفاق بين المؤسستين الملكيتين بأن لا يزور خوان كارلوس المدينتين المتنازع حول سيادتهما ولكنه خرق هذا الاتفاق.
ورغم أهمية الزيارة من الناحية الرمزية والبروتوكولية في انتظار نتائج الاتفاقيات والتي يغيب عنها وزيرا مالية البلدين، فالأزمة السياسية التي تشهدها اسبانيا تغطي على الزيارة. وتعيش اسبانيا على إيقاع فضيحة التمويل السري وغير القانوني للحزب الحاكم والتي تهدد مستقبل رئيس الحكومة ماريانو راخوي وقد تنتهي باستقالته بل والتحقيق معه.
بالرغم من التوتر الحاصل من حين لاخر بين الرباط ومدريد ،خاصة بسبب الدعاية المجانية لخصوم وحدتنا الترابية فان النفس الطويل لديبلوماسية الرباط كفيلة بتخطي العديد من الحواجز مع دول الجوار ، الاوربي او الافريقي ، او العربي حتى.وزيارة العاهل الاسباني للمملكة المغربية يندرج في هدا السياق الديبلوماسي،ومن الاكيد ان مدريد بوفدها الكبير الوازن تترقب نتائج ذات اهمية من هده الزيارة لعل ابرزها فتح الافاق للمؤسسات التجارية والخدماتية والسياحية والصناعية الاسبانية للاستثمار في المغرب الذي بلا شك سيستفيد من هذه الفرصة للتاكيد على وزنه الاقليمي بالمنطقة ،وزن اقتصادي واستراتيجي خاصة بالنسبة لدول مثل اسبانيا التي لا تتوانى احيانا في خلق اجواء التوتر مع هدا الجار المتواجد على الضفة المقابلة للبحر المتوسط ،هدا مع علمنا بان اسبانيا تعيش على وقع ازمة حقيقية لم تعرفها منذ قبول انضمامها الى الاتحاد الاوربي مطلع ثمانينيات القرن المنصرم.والفضل الفضل بالتاكيد لديبلوماسية الرباط .يتبع…وشكرا للنشر