القطيعة لا تشجع على السلام

حجم الخط
0

ينبغي عدم الاستخفاف باستقرار رأي الاتحاد الاوروبي على حظر التعاون مع ‘جهات موجودة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وشرق القدس’. لكن يجب ألا نتأثر أكثر من المطلوب. لماذا فاجأنا غضب القرار أمس خاصة في التاسع من آب/اغسطس؛ ألم يصدر في نهاية حزيران/يونيو. أفهذه هي الطريقة التي تتذكر فيها صحيفة ‘هآرتس’ يوم خراب دولتنا؟
أجل، هناك اهتمام سافر عند محبي الانسحابات بيننا بأن يشجعوا بهذا القرار صخب النقاش العام، وأن يأملوا بذلك ان يخيفوا مقرري السياسات من اجل تنفيذ اجراءات خطيرة.
إن اوروبا ليست مغلقة تماما في المستوى الاقتصادي. ولم تذكر صحيفة ‘هآرتس’ ان هضبة الجولان ايضا هي في ‘رزمة’ القطيعة. ونقول بالمناسبة إن القرار يُفرق بين القطاع الخاص (الذي لم يُقطع معه) والقطاع الرسمي (المقطوع معه). إن المصالح الاقتصادية أقوى من كل قرار، وسنستطيع تدبير أمورنا كما فعلنا الى الآن.
إن أهمية القرار هي في المستوى التصريحي. وسيريد اليسار الاوروبي والاسرائيلي استعماله وسيلة سياسية لفرض حلول جنونهما الحالية، وليس في هذا جديد. والكرة كما هي الحال دائما في ملعبنا.
وهذا هو امتحان الحكومة الوطنية. إن قادة القرارات علينا هم في الأكثر موظفون في المستوى المتوسط فما دونه. ويمكن تغيير القرارات مباشرة مع رؤساء الدول بتصميم. وللنفاق الاوروبي ايضا عنصر براغماتي. لأنه اذا أدرك العالم أن هذا ما تريده اسرائيل فانه سيقبل ذلك بعد نهاية النضال. ولذلك لا يجوز الانكماش ولا يجوز بيقين تجميد البناء أو منع دخول اليهود الى جبل الهيكل في التاسع من اب (العبري). وقد قضى أفضل خبراء القانون في البلاد وفي العالم بأن اسرائيل ليست في منزلة ‘غير قانونية’ في يهودا والسامرة وشرق القدس. ‘على حسب القانون الدولي، للاسرائيليين حق بمقتضى القانون في استيطان كل يهودا والسامرة أو على الأقل المناطق الخاضعة لسيطرة اسرائيل، بفعل اتفاقات مع السلطة الفلسطينية.
وعلى ذلك فان انشاء المستوطنات في حد ذاته ليس أمرا غير قانوني’. وايضا: ‘من وجهة نظر القانون الدولي، لا تنطبق أحكام ‘الاحتلال’ على الظروف التاريخية والقانونية الخاصة للوجود الاسرائيلي في يهودا والسامرة منذ عشرات السنين’ (تقرير إدموند ليفي).
لا يوجد تاريخ أنسب من هذا يُنشر فيه عندنا قرار الاتحاد الاوروبي. إن خراب دولتنا في التاسع من اب هو الخط الفاصل لعلاقاتنا بأمم العالم. فقد غزت آشور وبابل وروما كل واحدة بدورها هذه الارض ومنعتنا من السيادة على أرضنا. وتُجهد اوروبا نفسها الآن للتشويش على عودة الشعب اليهودي الى وطنه، والوطن يعني قبل كل شيء القدس ويهودا والسامرة. فهنا أصبحنا شعبا وهنا انشأنا مملكة وطورنا اخلاقا وقانونا ونظم حكم، ومن هنا جئنا للعالم ببشرى سِفر الأسفار.
يُعلمنا التاريخ أنه حينما رضيت شعوب اوروبا قبولنا بين ظهرانيها، أسهمنا في العلم والقانون ونظم الحكم وعالم الأدب. والشكر الذي حصلنا عليه على إسهامنا مكتوب بالدم. وقد أدخل آباؤنا في ذكرى التاسع من آب الطرد من اسبانيا ايضا. وفي القرن العشرين طُردنا من اوروبا بصورة نهائية. وأُبيد ملايين من أبناء شعبنا بمساعدة سخية من شعوب اوروبا. فغادر اليهود وجاء المسلمون. واوروبا غير قادرة على مواجهة الاحتلال الاسلامي الزاحف على القارة. ‘إن اوروبا تختفي’، قال لي قبل سنتين ونصف السنة المستشرق العظيم برنارد لويس، ‘لم تعد اوروبا موجودة بصورة مهمة وتؤدي دورا بسبب الهجرة والعامل السكاني’. والسخرية القاسية هي ان دور الاتحاد الاوروبي الكبير هو ان يُنوم الغرب عن الخطر الذي يهدد مستقبله، وليس من الصدفة أن نُشر أمس للمرة التي لا يعرف أحد كم هي أنه لا يوجد في الاتحاد الاوروبي كثرة تؤيد إدخال حزب الله في قائمة المنظمات الارهابية.
إن القومية العربية، التي فرضها الاستعمار الاوروبي على القبائل والطوائف في الشرق الاوسط، تتفكك أمام أعيننا وتعود المنطقة الى حالها القديمة الطبيعية. لكن اوروبا تتعجل استعباد مستقبلنا لمصالح قصيرة الأمد. وهذا ما فعلته بتشيكوسلوفاكيا قُبيل الحرب العالمية الثانية وهذا ما فعلته بريطانيا حينما أغلقت أبواب البلاد أمام جموع اليهود الذين طلبوا لجوءا في وطنهم بسبب حسابات خسارة وفائدة مع العالم العربي.
ليست ‘اسرائيل هي التي تهرب من البشرى’؛ بل اوروبا هي التي تهرب من بشرى العودة الى صهيون بتشجيع من أجزاء بين أظهرنا. ومحاولة اوروبا ان تفرض علينا ‘حلا’ تشبه محاولات فرض ‘سلام الآن’ على المنطقة. إن هذا الامر لا يشجع السلام بل يُقرب الحرب التالية.

اسرائيل اليوم 17/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية