الجزائر ـ’القدس العربي’: لم تضع عودة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حدا للجدل بخصوص قدرة هذا الأخير على الاستمرار في الحكم لما بقي له من أشهر في ولايته الرئاسية الثالثة، والتي تبدو أنها ستكون الأخيرة، خاصة وأن دعاة الولاية الرابعة سيجدون صعوبة في الإقناع بقدرة بوتفليقة على الاستمرار في الحكم لخمس سنوات أخرى بعد 2014.
وانقسمت الصحف الجزائرية الصادرة أمس بخصوص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ففيما اكتفت الصحف الحكومية بالحديث عن عودة الرئيس، وعن بيان رئاسة الجمهورية، الذي تحدث عن خضوع الرئيس لمرحلة نقاهة وإعادة تأهيل حركي، راحت صحف أخرى محسوبة على الرئيس تؤكد على أنه بصحة جيدة، وأنه قادر على مواصلة مهامه بشكل عادي.
أما صحف أخرى، فقد احتل موضوع قدرة الرئيس بوتفليقة على مواصلة مهامه الحيز الأكبر، إذ اختارت صحيفة ‘الخبر'( خاصة) أن تضع على صدر صفحاتها عنوانا يقول ‘الرئيس يعود على كرسي متحرك’، مشيرة إلى التعب الذي ظهر على الرئيس بوتفليقة، وتحدثت أيضا عن التضارب في تسيير عودته، وأن رئيس الوزراء عبد المالك سلال ووزراء حكومته لم يعلموا بعودة الرئيس إلى آخر لحظة، بدليل أن سلال كان في زيارة إلى مدينة تيزي وزو ( 120 كيلومترا شرق العاصمة) فاضطر إلى قطعها وعاد إلى العاصمة من أجل استقبال بوتفليقة.
من جهتها تساءلت صحيفة ‘الوطن’ ( خاصة صادرة بالفرنسية) صراحة إن كان بوتفليقة قادرا على مواصلة مهامه بشكل عادي، بعد أن ظهر أنه لم يتخلص بعد من آثار الجلطة الدماغية التي تعرض لها في27 من أبريل/ نيسان الماضي، والتي نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري الباريسي فال دوغراس، قبل أن ينتقل إلى مستشفى ‘ليزانفاليد’ من أجل الخضوع لفترة نقاهة وإعادة تأهيل حركي، خاصة وأن الرئيس الجزائري ما يزال غير قادر على الوقوف والمشي وتحريك ذراعه اليسرى بشكل عادي، أما صحيفة ‘لوسوار دالجيري’ فاختارت عنوان ‘عودة وشكوك’ ليكون على صدر صفحاتها.
أما النخبة السياسية فانقسمت أيضا بخصوص قدرة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على مواصلة مهامه بشكل عادي، وأكد شهاب صديق نائب رئيس البرلمان والقيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي لـ’القدس العربي’ على ارتياحه لعودة الرئيس بوتفليقة من رحلة المرض والعلاج، مؤكدا على أن هذا سيضفي استقرارا على سير مؤسسات الدولة، وسيضع حدا لبعض الجمود الذي أصاب مؤسسات الدولة، على اعتبار أن بوتفليقة من الناحية الدستورية هو الوحيد المخول للفصل في الكثير من الأمور.
من جهته شدد جمال بن عبد السلام الأمين العام لجبهة الجزائر الجديدة في تصريح لـ’القدس العربي’ على أن عهد بوتفليقة قد انتهى، وأنه ينظر إلى عودته من زاويتين، الأولى إنسانية، مشيرا إلى أنه لا يمكن إلا أن يعبر عن ارتياحه لعودة الرئيس بوتفليقة إلى شعبه وبلده بعد طول غياب، والثانية سياسية، بعد أن أصبح من الواضح أن بوتفليقة لن يكون قادرا على مواصلة مهامه.
وأوضح أن غياب بوتفليقة بدأ مع سنة 2010، عندما أصبح قليل الظهور والنشاط، وأصبح مجلس الوزراء يعقد مرة كل ستة أشهر، والآن بعد تعرضه إلى جلطة دماغية، لن يكون قادرا على العمل بشكل عادي، وضمان السير الطبيعي لمؤسسات الدولة، خاصة وأنه وقع في فخ تركيز الصلاحيات في يد المؤسسة الرئاسية منذ أن عدل الدستور سنة 2008.
واعتبر أن هناك حلين يمكن القيام بهما، إما تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة قبل نهاية سنة 2013، أو فتح حوار وطني مع الأحزاب والشخصيات السياسية والوطنية والذهاب إلى مرحلة تأسيسية أو انتقالية، يتم خلالها حل البرلمان وإقالة الحكومة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية.