الرباط ـ «القدس العربي» عادت موجة الهجرة السرية ومحاولات مهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء، إلى عبور ضفة البحر المتوسط نحو ضفته الشمالية، تحظى باهتمام دول الضفتين، خاصة المغرب وإسبانيا بحكم الفاصل المائي بينهما الذي لا يتجاوز ال12 كلم.
ورغم الإجراءات «المغرية» التي قامت بها السلطات ألمغربية منذ بداية 2014، لاستقرار المهاجرين في المغرب، بعد ان أصبح بلد استقرار بدل بلد عبور، بتسوية وضعيتهم القانونية وتأمين العمل والعلاج والتعليم لأبنائهم فان هؤلاء المهاجرين لا زالوا يحاولون العبور نحو الضفة الشمالية وتكون مدينتا سبتة ومليلية المغربيتان على البحر المتوسط الخاضعتان للسيطرة الاسبانية نقطة العبور الأولى سواء سباحة أو عن طريق تسلق جدار ثلاثي يفصلهما عن المغرب، وبعد الاجراءات الأمنية المتشددة يحاول المهاجرون الوصول لاسبانيا عن طريق الزوارق.
وقالت السلطات المغربية في الحسيمة/ شمال البلاد، إنه تم، صباح أمس الأربعاء 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، انتشال جثت أربعة مهاجرين غير نظاميين متحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء وإنقاذ 34 آخرين، بينهم خمس نساء إحداهن حامل، بعد غرق القارب المطاطي الذي كانوا يستقلونه قبالة ساحل الحسيمة.
وأوضحت السلطات أنه تم فتح تحقيق من طرف المصالح المختصة، تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد الظروف والملابسات التي تم فيها تنظيم عملية الهجرة.
واعلن المركز الاسباني للاغاثة في البحر انه تم اول امس الثلاثاء انقاذ 64 مهاجراً بينهم طفلان و11 امرأة كانوأ على متن زورقين على وشك الغرق بين المغرب واسبانيا وان المهاجرين سلموا الى الصليب الأحمر في مرفأ المرية الاسباني عصر الثلاثاء.
وقامت طائرة تابعة لفرق الانقاذ البحري يوم الاثنين الماضي بعمليات البحث للعثور على زورق غادر الشواطئ الشمالية للمغرب على مقربة من جيب مليلية ثم عثر بعدها على زورق ثان.
وقالت السلطات الاسبانية انه تم انقاذ 92 شخصاً قبالة الشواطئ الاسبانية خلال عمليات عدة السبت حيث تعتبر اسبانيا نقطة مرور للمهاجرين القادمين من افريقيا والراغبين بالانتقال الى اوروبا.
وتفيد المنظمة الدولية للهجرات بأن 5445 شخصاً وصلوا بحرا الى اسبانيا بين كانون الثاني/يناير وايلول/سبتمبر 2016 وقتل منهم 62 خلال العبور وفي عام 2015 دخل 3845 مهاجراً اسبانيا عن طريق البحر وفقاً لبيانات المنظمة الدولية للهجرة والرقم يمثل نسبة ضئيلة من 956 ألفاً وصلوا إلى بقية أرجاء أوروبا بالطريقة نفسها. وكشف تقرير إسباني أن عدد القاصرين، الذين فروا من المغرب صوب إسبانيا ارتفع بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين، إذ أنه من أصل نحو 2000 قاصر مغربي في إسبانيا هناك 500 مسجل لدى المصالح المختصة في مدينة مليلية.
وذكر التقرير أن أرقاما رسمية صادرة عن الحكومة الإسبانية، توضح أن عدد القاصرين غير المصحوبين في مدينة مليلية انتقل من غياب عدد القُصر عام 1997 إلى 505 قاصرين عام 2016، مرجعة ذلك إلى تجاهل وتساهل المغرب مع القاصرين الذين يهاجرون إلى مليلية والقوانين الجديدة المعمول بها في اسبانيا التي تمنع ترحيلهم دون الوصول إلى اتفاق مع بلدانهم الأصلي. وأشار التقرير إلى أن عدد القاصرين المغاربة في مدينة مليلية ارتفع من صفر عام 1997 إلى قاصرين عام 1998، و56 قاصراً عام 1999، و11 قاصراً عام 2000، و156 قاصراً عام 2004، و257 قاصرًا عام 2011، و383 قاصرًا عام 2015، وصولاً إلى 505 قاصرين خلال هذا العام وان 350 قاصراً من أصل 500 قاصر غير مصحوب في مليلية تتراوح أعمارهم ما بين 16 و17 سنة.
وكشفت حكومة مدينة سبتة أنها تحتضن 1900 قاصر غير مصحوبين، أغلبهم مغاربة، مما يكلفها تقريبا 4.8 مليون دولار، في الوقت الذي تمنحها الدولة الإسبانية بهذا الخصوص نحو 1.4 مليون دولارفقط. وأكد وزير الداخلية الإسباني، خوان ايغناثيو ثيدو، على جودة التعاون بين المصالح الأمنية المغربية والإسبانية، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وأشاد ايغناثيو ثيدو، في بلاغ لوزارة الداخلية الاسبانية بـ»التعاون الممتاز القائم بين الشرطة الإسبانية ونظيرتها المغربية»، ليس فقط في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ولكن أيضا في مجال مكافحة تهريب المخدرات.
وأضاف وزير الداخلية الإسباني أن «الإرادة السياسية، وفعالية الشرطة، والجهود المبذولة في إطار التعاون الدولي تبقى من الركائز الأساسية للتصدي لشبكات الجريمة المنظمة».
وتنظم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بدعم من المنظمة الدولية للفرنكفونية ورشة دولية اليوم الخميس بالرباط حول موضوع «ولوج المهاجرين للعدالة» التي تسعى إلى الوقوف عند التقدم المحرز من لدن السلطات الحكومية والمؤسسات الوطنية وهيئات المجتمع المدني بالمغرب في مجال تيسير تقاضي المهاجرين وولوجهم لسبل تظلم فعالة، كما يرمي إلى تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها تحقيق هذا الهدف.
محمود معروف