ان ما حصل في مصر يصعب توصيفه اهو انقلاب عسكري على الشرعية ام ثورة شعبية، ولكن لا نريد الدخول في هذه المسألة التي نجد لها الكثير من التأويلات لدى المحللين والكتاب والصحافيين والسياسيين، لكن ببساطة ما حصل يعتبر للبعض انقلابا على الشرعية المنتخبة ديمقراطيا وهؤلاء هم المؤيدون للاخوان المسلمين، وللبعض الاخر ثورة شعبية ضد سلطة لم تحقق اماني جزء من الشعب المصري.
ان ما يجري في وقتنا الحاضر ليس هناك مجال لاقناع احد بوجهة نظر اخرى مغايرة لوجهة نظره او لافكاره وتوجهاته السياسية والدينية، هذا ما يحصل في الوطن العربي وليس في مصر وحدها، اي ما يمكن ان نسميه غياب المنطق وعدم سماع الاخر، وتفشي التعصب الاعمى، وكل دولة وكل شخص يفسر ما حصل حسب مصالحه وافكاره.
ولكن ما حصل قد حصل ولا يسع المراقب لهذه الاحداث الا ان يفكر ما القادم، وهل ان الاخوان المسلمين سيرضخون لهذا التغيير الذي حصل، ويبدو ان هذا الاحتمال صعب حصوله في ظل اصرار الاخوان الاستمرار في التظاهر والاعتصام حتى الافراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي واعادة الامور على ما كانت عليه، ام سيجرون البلاد الى العنف كردة فعل على ما حدث .
ان الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة كانوا يخافون من وصول الاسلاميين الى الحكم في الدول العربية، ولذلك تم دعم الانظمة الدكتاتورية من اجل محاربتهم وعدم السماح لهم بالوصول الى السلطة، ولكن ما يسمى بالربيع العربي قد غير هذه المعادلة واجبر امريكا على الاذعان لنتائج الانتخابات التي أدت الى فوز الاخوان المسلمين وخاصة في تونس ومصر.
اضطرت امريكا بعد اسقاط الدكتاتوريات الى انتهاج انتهاج سياسة التقرب من الاسلاميين وترويضهم بدل استعدائهم من خلال اقامة علاقات جيدة معهم لتأمين مصالحها، لأن هذا كل ما يهمها بِغض النظرعن الجهة التي تحكم، وايضا كان همها الاكبر في مصر استمرار معاهدة السلام مع اسرائيل، ولكن من جهة اخرى ارادت جماعة الاخوان المسلمين إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والحفاظ على معاهدة السلام مع اسرائيل من اجل الحفاظ على سلطتها، لان امريكا كانت تعتبر صمام الامان لاستمرار سلطتها.
من الممكن ان تكون امريكا مؤخرا توصلت الى قناعة مفادها ان الاخوان الاسلاميين في الحكم أفضل من بقائهم خارج السلطة ما دامت مصالحها مؤمنة، وخاصة بعد ان خبرتهم وتعاملت معهم، وهناك مخاوف كبيرة تنتابها جراء الوضع الراهن في مصر الذي من الممكن ان يتسبب بعدم الاستقرار والانجرار الى العنف لمدة طويلة، ومرة ثانية سيحاول الاسلاميون استعداء امريكا، واتهامها بأنها تدعم نظاما جاء من خلال انقلاب على رئيس منتخب من قبل الشعب، ولهذا تدرس امريكا بتأن اتخاذ اي موقف، وفي بيان للبيت الابيض اعلن فيه الرئيس اوباما عدم انحيازه لأي حزب أو جماعة وادانة العنف.
ان هذا التأني يعبر عن سياسة عدم الغوص في المستنقع المصري وعدم استعداء اي طرف من الاطراف بانتظار عما ستسفر عليه الاوضاع في مصر، وبالنسبة للمساعدات الامريكية فان قرارا لم يتخذ بعد بانتظار معرفة الاتجاه السياسي للسلطة القادمة في مصر، ان كان ذلك بالنسبة للعلاقات مع الولايات المتحدة أو الموقف من معاهدة السلام مع اسرائيل، لان المساعدات الامريكية مرهونة بهذين الشرطين.
اما بالنسبة لموقف بعض الدول العربية الذي أيد على الفور ما حصل في مصر، والذي بدا مرتاحا بعد اسقاط نظام الاخوان المسلمين، وليس هذا فقط وانما دعم مصر بمليارات الدولارات من اجل الخروج من الازمة الافتصادية، فمصر بحاجة الى هذه الاموال من اجل استعادة دورها الريادي في الوطن العربي.
ان الاستعجال العربي بدعم ما جرى في مصر، وعدم انتظار نتائج ما ستؤول اليه الاوضاع من الممكن ان يؤدي الى زيادة الاستقطاب، وانقسام المجتمع المصري على نفسه مما يجعل الوفاق بعد ذلك صعباَ.
ابراهيم الشيخ
ما حدث في 30 يوليو في مصر كان إنقلاباً وثورة في أن. إنقلاب سافر على الشرعية الديمقراطية الوليدة، وثورة معارضة مدنية على سلبية أداء حُكم الجماعة الإسلامية. يظهر بأن حقد البعض المعارض العقائدي على الإخوان المسلمين أكبر بكثير من حبهم لاي شيئ آخر، وإلا لما كانوا قد تحالفوا قوميين وليبراليين ويساريين وفلول وحتى بعض الإسلاميين الخ. لشيطنة الجماعة الإسلامية في الحُكم حتى بعد فوزها بالإنتخابات الديمقراطية وليس بالحشود المليونية، وفعلاً نجحوا بذلك، ولكن الثمن الذي قد تدفعه الامة نتيجة ذلك ممكن أن يكون أعظم وأغلى وأثمن، فسعير الحرب الأهلية يلوح بسمومه في الأفق. أجل، لو أن المعارضة المركبة حريصة حقاً بما فيه الكفاية على نجاح التجربة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وبالنتيجة المصلحة العامة، لما كانت قد تحالفت مع قيادات العسكر وأقدمت على فعلتها السوداء (الإنقلاب العسكري) الذي هو إنقلاب على الشرعية قبل أن يكون أنقلاباً على حُكم الأخوان المسلمين والذي في كل الأحوال كان سيذهب لوحده لقلة الخبرة وسوء الإدارة وتدني الشعبية ولكن بعد إنتهاء مدته القانونية وعبر ذات صناديق الإقتراع التي جاءت به لألا تقوم له بعدها قائمة، ولكن هذا الإنقلاب حتماً سيزيد من حضور وشعبية الجماعة على الساحة الوطنية والقومية والعالمية، بشرط أن يكون ويستمر ويبقى جهادهم سلمياً، وسلمياً فقط.
الأخ سالم عتيق: تعليقك أعمق وأفرب للحقيقة من كثبر من التعليقات التي وردت حول معضلة مصر. أكثر الذين يكتبون ويتكلمون في هذه الأيام الفارقة لا يسعون لخير مصر. العجب العجاب أن تسمع وتقرأ لباحثين وأكادميين وجامعيين ممن استلموا مناصب في الجامعات والمنتديات لتأهيل الأجيال، تجدهم يلوون عنق الحقيقة ويتكلمون كلاما أو يكتبون نصوصا لا علاقة لها بالموضوعية وقيمة الأمانة التي أسندت لهم لتكوين الأجيال. أعماهم كرههم للإسلام فصبوا جام حقدهم على كل من يقدم نفسه متكلما باسم الإسلام محقا أو مبطلا. هذا الكره المتكشف عنهم ظنا منهم أنه سينال من هامة الإسلام. فكانت مواقفهم دفعا له وحضورا لمن سانده ونافح عنه وسخطا عليهم. عملا بقول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.