صراع بين السلطة والمجتمع المدني وإئتلاف «في حب مصر» يستعد للسيطرة على انتخابات المحليات

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: حملت الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 10 و11 ديسمبر/كانون الأول أنباء صدمت الغالبية الساحقة من الناس، وأثارت غضبهم الشديد، بسبب نجاح حركة إرهابية زرع قنابل بجوار كمين شرطة قرب مسجد السلام في الطالبية في محافظة الجيزة، أدى لمقتل ضابطين وأمين شرطة وثلاثة مجندين.
كما تعرضت سيارة شرطة على الطريق الدولي في محافظة كفر الشيخ لهجوم بعبوة ناسفة أدى إلى مقتل مواطن كان يمر بجوار المكان. ومنذ حوالي خمسة عشر يوما تعرضت سيارات شرطة في المكان نفسه لهجوم بالأسلحة، وتبادلت القوة معهم إطلاق النار ولم تتمكن من قتل أحد منهم، أو أسره، وزاد من الغضب نشر نبأ صدور حكم نهائي من محكمة النقض بإعدام عادل حبارة بعد محاكمات طويلة بتهمة قتله خمسة وعشرين من رجال الشرطة، بأن طلب منهم الاستلقاء على وجوههم وقتلهم بإطلاق النار عليهم. والحكم على خمسة عشر متهما معه بالاشغال الشاقة المؤبدة والمشددة، ما أثار سخرية الناس.
ومن الأخبار الأخرى الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف حيث حفلت الصحف بالمقالات والتعليقات عن هذه المناسبة الجليلة، وشراء الناس حلوى المولد رغم ارتفاع أسعارها، بعد أن توصل أصحاب محلات الحلوى إلى طريقة مبتكرة لدفع الناس للشراء وهي عدم بيع علب كاملة وإنما بيع قطع متفرقة يختارها غير القادرين، بحيث لا يزيد سعر التشكيلة عن مئة جنيه أو مئة وخمسين جنيها. وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا مع الشباب الذين شاركوا في المؤتمر الوطني الأول للشباب في شرم الشيخ، وهو الاجتماع الشهري لألف واحد منهم لمناقشة الأوضاع الحالية، ومن الواضح من المداخلات التي أجراها أنهم يريدون تفسير أسباب القرارات الاقتصادية الأخيرة وتعويم الجنية المصري.
وقد أخبرنا أمس زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في «المصري اليوم» بأنه شاهد مقدمة برامج تلفزيونية تسأل شابا بائسا ممزق الثياب: ـ غريبة أنك بتقول أنك شاب أمال شكلك ليه مختلف عن اللي بيطلعوا في مؤتمرات الشباب إلى بيذيعوها على الهوا، وكان يسير بجوارها رجل أعمال يحمل فوق رأسه صرة من الدولارات.
ومن بين القضايا التي أثارت الاهتمام أيضا المعركة الدائرة في مجلس النواب بسبب تقديم إحدى الأعضاء اقتراحا بمشروع قانون ينقل حضانة الأولاد من الأم المطلقة إذا تزوجت لأمها، وكذلك السماح للأب باستضافة أولاده يوما كاملا بدلا من رؤيتهم ثلاث ساعات كل أسبوع، وما يعانيه الأب بسبب تحديد أماكن مختلفة للرؤية، مسجدا أو حديقة، وغالبا ما تتحجج الزوجة المطلقة بأنها مريضة بحيث لا يرى الأب أبناءه. وبعد ذلك لم تكن هناك قضية تثير اهتمام الأغلبية وإنما كل فئة اهتمت بما يخصها، فالصحافيون والإعلاميون يتابعون المزاد المقام في مجلس النواب لإقرار قانون في حقيقته محاربة لنقابة الصحافيين والكيد لها وللإعلاميين بحجة إعداد قانون الإعلام الموحد والهيئة الوطنية للإعلام.
واهتم آخرون بقيام كل من علاء وجمال مبارك بتقديم واجب العزاء للفنان محمد صبحي في وفاة زوجته. وفي الوقت نفسه نشرت الصحف خبر قيام السلطات السويسرية بتجديد تجميد أموال مبارك وأفراد أسرته وعدد من رجال نظامه في بنوكها، وتجميد أموال الرئيس التونسي السابق زين العابدين، وأموال رئيس أوكرانيا السابق. كما توزعت الاهتمامات حسب مصالح كل فئة أو محافظة فأهالي محافظة مرسي مطروح اهتموا بقرب افتتاح أكبر محطة لتحلية المياه في منطقة الرميلة نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتقضي نهائيا على مشكلة نقص مياه الشرب التي كانت تعاني منها المحافظة. أما أصحاب مزارع الدواجن فقد اهتموا وفرحوا بعد قيام الحكومة بالتراجع عن قرارها السابق بإعفاء الدواجن المجمدة المستوردة من الخارج من الجمارك، وإصدارها قرارا آخر بإعفاء مستلزمات مزارع الدواجن من الجمارك. وحذرت هيئة الأرصاد الجوية من موجة برد شديدة، وإلى ما عندنا..

الإرهاب

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على الحادث الإرهابي الذي تبنته حركة «حسم» الإخوانية بتفجير كمين الشرطة في الطالبية في جوار مسجد السلام وهو ما دفع وجدي زين الدين زميلنا في الوفد ورئيس التحرير التنفيذي والمشرف العام لأن يطالب يوم السبت في عموده اليومي «حكاوي» بما هو آت: «بات من الضروري والمهم أن تتم محاكمة هؤلاء المتورطين في أسرع وقت ولا يجوز أبداً في أي حال من الأحوال أن تستمر محاكمة إرهابي بهذا الشكل الذي يتم، وتطول عمليات المحاكمة بطريقة غير مقبولة، ولكم أن تتصوروا أن المحاكم حتى الآن منذ خلع الإخوان من الحكم مازالت تنظر القضايا. العدالة البطيئة ظلم فادح وهؤلاء المجرمون الذين يرتكبون أبشع جرائم الإرهاب لم تعد تعنيهم من قريب أو بعيد هذه المحاكمات، طالما أنهم يأكلون ويشربون داخل السجون ويجدون رعاية فيها. لا يجوز أبداً في أي حال من الأحوال الاستمرار بهذا الشكل في الذين يتم القبض عليهم، ولابد من عدالة سريعة وناجزة. المؤسسة القضائية لابد أن تبحث عن وسائل أخرى سريعة للمحاكمة طالما أن الجميع ارتضى أن يكون هؤلاء أمام قاضيهم الطبيعي، ولا يعني ذلك أبداً أن تتم كل هذه الجرائم الإرهابية في حق الوطن والمواطن وتستمر العدالة بهذا الشكل البطيء. لماذا لا تكون هناك دوائر خاصة بجرائم الإرهاب وتقضي سريعاً في هذه الجرائم؟ وفي كل بلاد الدنيا لابد من عقد محاكمات استثنائية لمثل هذه الأمور. الجرائم الإرهابية تحتاج بالفعل إلى محاكمات سريعة وناجزة بدلاً مما يحدث الآن. أكرر أنه آن الأوان للرد على هؤلاء المناجيس الإرهابيين بمحاكمات سريعة لمواجهة كل من تسول له نفسه أن ينال من الشعب والوطن».

كمائن عفى عليها الزمن

أما زميله علاء عريبي فاختار بدلا من مهاجمة الإرهابيين انتقاد سياسة أماكن الكمائن وعدم تدريب أفرادها التدريب الكافي للتصدي لأي هجمات. وأبدى عدة ملاحظات منها:
«الملاحظة الرابعة: أن جميع الكمائن يتم اختيار مواقعها بدون دراسة، ودائما ما يتم اختيار مواقع سهلة المنال بالقرب من أشجار في مناطق مفتوحة ما يسهل هروب الجناة. الملاحظة الخامسة: اختيار ضباط من حديثي التخرج لا يمتلكون خبرة تأمين موقع مع غياب الرقابة أو المتابعة للكمائن من الضباط الأعلى والأكثر خبرة فلا أحد يمر على الكمين للتفتيش على مدى يقظة الأفراد. الملاحظة السادسة: افتقار أولادنا في الكمائن بشكل عام إلى خبرة اختيار المواقع وتأمينها وتأمين المساحات المحيطة بها. والأخطاء واردة لكن الأهم أن نعيد النظر في الكمائن بشكل عام، موقعها الهدف منها عدد أفرادها خبرتهم في القتال وحماية الموقع وخبرتهم في التصدى للمعتدين. وزارة الداخلية مطالبة بأن تضع خططاً تدريبية لأولادنا يتدربون فيها على كيفية اختيار المواقع وتأمينها وتأمين المساحات المحيطة بها. لم يعد ينفع بحال أن ندفع بأفراد ضباط جنود صف ضابط من الشباب قليلي الخبرة القتالية، ولم يعد يجدي أسلوب الدفاع عن الموقع من خلف ساتر في داخلها. يجب تأمين الكمائن والمناطق المحيطة بها بالمتاريس والكاميرات وصفارات الإنذار، وبأسلحة تمكنهم من المواجهة. كما يجب أن تقوم كل مجموعة بتفتيش الموقع ومحيطه كل نصف ساعة. يجب أن نفكر في تأمين حياة أولادنا ولا نتركهم يستشهدون بسهولة في كمائن عفى عليها الزمن».

المسكوت عنه في انفجار الكاتدرائية

«بعد أقل من ثلاثة أيام، من استشهاد ستة رجال شرطة، بينهم ضابطان، في هجوم إرهابي بـ«الهرم».. تعرضت الكاتدرائية الرئيسية في العباسية، لهجوم إرهابي آخر وغير مسبوق والأكبر في تاريخ الاعتداء على الكنائس، راح ضحيته حتى كتابة هذه السطور 25 مواطنًا على الأقل. ويرى محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لـ«المصريون» أنه بُعيد حادث الهرم، قامت الدنيا ولم تقعد: الفضائيات استضافت «الخبراء الأمنيين» المزعومين، وصالوا وجالوا، واجتروا ذات التحليلات البدائية السذاجة.. وأمضت الفضائيات ليلتها في بكائيات وسرادقات عزاء.. وتسابقت في المتاجرة بآلام أمهات وآباء الشهداء.. ولم تنقطع الأغاني والأناشيد الوطنية، وعرض صور جنودنا وضباطنا الذين قضوا في الحادث.. وأجواء حرب وطوارئ.. يعني من المفترض أننا في حالة تأهب.. ومن الصعب نؤخذ على غفلة.. ونتوقع أي عمل عدواني إرهابي في أي وقت.. ومع ذلك وقع انفجار العباسية، في أكثر مؤسسات الدولة الدينية حساسية. الانفجار تعرضت له مؤسسة، من المفترض أنها تحت الرقابة الأمنية الصارمة على مدار الساعة، وربما توجد كاميرات ترصد لحظة بلحظة حركة المنطقة المحيطة بها، ومع ذلك وقعت الكارثة والمصيبة الوطنية وفي يوم ـ للأسف ـ يحتفل فيه المسلمون بيوم مولد نبيهم «صلى الله عليه وسلم».. ولا يمكن بحال أن نتجاهل دلالة ومغزى هذا التزامن الذي قصده المجرمون الإرهابيون. لا يمكن القطع بأن ما حدث نتيجة تراخٍ أمني، فما حدث في الهرم كان هجومًا على كمين للشرطة فيما تتواجد الشرطة بكثافة طوال اليوم أمام كاتدرائية العباسية. فما الذي يغري الإرهابيين على استسهال اصطياد الأماكن المحصنة أمنيًا؟ فهل التواجد الأمني يكفي وحده للردع؟ لقد أثبتت تجربة السنوات الثلاث الماضية، بأنه لا يكفي.. ويبدو أن ثمة مشكلة تتعلق بالانضباط والرقابة وتفقد الخدمات. لقد شاهدت بنفسي ضباطًا في الكمائن ـ خاصة الحراسات ـ وهم مشغولون بتفقد هواتفهم المحمولة وصفحاتهم على «فيسبوك».. ويتركون مهمة تأمين المكان للمجندين الغلابة. ما يطرح سؤالًا بشأن الانضباط والرقابة.. إذ قلما تجد قيادة أمنية، تتفقد الكمائن ونقاط الخدمات وتتأكد من انضباط الجميع.. وتوفر شروط التأمين بلا تقصير أو إهمال. حتى الآن، لا نعرف حقيقة ما حدث في الكاتدرائية، وما إذا كان التقصير من الشرطة خارج الكنيسة أم من نظام تأمينها الداخلي، بمعرفة الكنيسة ذاتها «التفتيش الذاتي للداخلين إليها»، وهو تقليد شائع منذ البابا الراحل شنودة.. غير أن تكرار حوادث الاعتداءات الإرهابية وتنوعها، التي بلغت ذروة خطورتها في حادث أمس الأحد (11/12/2016).. يدعو بإلحاح إلى ضرورة مراجعة القادة السياسيين للملف الأمني.. ولا يترك لمؤسسة معينة لتنفرد به وحدها.. ونحملها أكثر من طاقتها وقدراتها» .

المولد النبوي الشريف

وإلى ذكرى المولد النبوي الشريف التي يحتفل بها المصريون كل عام، وفاجأنا يوم السبت الدكتور وسيم السيسي المتخصص أيضا في التاريخ المصري القديم بالقول في «المصري اليوم» إن الرسول صلى الله عليه وسلم مصري ودلل على ذلك بالقول: «جاء إبراهيم أبو الأنبياء إلى مصر كما جاء يوسف الصديق ومن بعده موسى، الذي ولد في مصر وتأدب بحكمة المصريين، كما جاء في سفر التكوين في التوراة وسائر الكتب المقدسة. كما جاء السيد المسيح إلى مصر وعاش فيها بضع سنوات وعاد إلى فلسطين لإتمام الرسالة التي بعث من أجلها. أما الرسول الكريم فصحيح أنه لم يأت إلى مصر، لكنه أحبها وخاف عليها كثيرا قال: مصر كنانة الله في أرضه ما كاد «يكيد» أهلها أحدٌ إلا كفاهم الله مؤنته. كان الدكتور سيد كريم تلميذ الدكتور سليم حسن يقول: الرسول عليه الصلاة والسلام كان مصرياً حسبا ونسبا، وهذا شرف يجب أن تتمسك به مصر فلما سألته: كيف؟ قال: إن عمرو بن وائلة قال: عندما سئل الرسول «صلى الله عليه وسلم» عن علاقته بأرض مصر «أرض الكنانة» قال: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بنى إسماعيل الكنانة واصطفى من الكنانة بنى مناف واصطفى من بنى مناف قريشا واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفاني من بنى هاشم، فلم أزل خياراً من خيار.
أحب الله مصر كثيرا وخصها بأول الرسل إدريس «وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا» (سورة مريم). والنبى إدريس كان 5500 ق .م، وليس إدريس فقط «وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِىٍّ في الْأَوَّلِينَ» (الزخرف) «وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أن اعْبُدُوا اللَّه» (النحل). المصريون شعب الله المختار. العلوم جميعها خاصة الطب نشأت في مصر «وارين داوسن». عرفنا العالم بعالم بعد هذا العالم فيه حساب وثواب وعقاب جنة ونار. وعلمنا العالم قانون الأخلاق قالت عنه عمدة برلين الحالية كارين شوبارت: كيف كان سيكون شكل العلم اليوم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟».

صحافة وصحافيون

وإلى بدء مجلس النواب اليوم الاثنين مناقشة قانون الإعلام الموحد والهيئة الوطنية للإعلام في لجنة الثقافة والإعلام التي يرأسها زميلنا وصديقنا أسامة هيكل، والخلافات حوله التي قال عنها زميلنا وصديقنا الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة صلاح عيسى في «المصري اليوم» يوم السبت: «في أعقاب انتهاء المؤتمر الصحافي الذي دعت إليه لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب اتصل بي أحد الزملاء الذين كلفتهم صحفهم بتغطية وقائعه، وقال لي إنه أمضى أكثر من ساعتين يستمع إلى خطب منبرية لا صلة لها بالموضوع الذي كلف بمتابعته وهو: جوهر الخلاف بين أسيادنا الذين في مجلس «سيد قراره» من جانب، ونقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة من الجانب الآخر، حول مشروع تنظيم الصحافة والإعلام الموحد، فلم يفهم شيئاً مما قيل لأن معظم المتحدثين في المؤتمر كانوا يتحدثون بنبرة زاعقة حتى يكاد يطق لكل منهم عرق. في موضوعات قد تكون لها صلة بالصحافة مثل الأوضاع التحريرية والاقتصادية المتدهورة للصحف القومية والسياسات الخاصة التي يتبعها مجلس نقابة الصحافيين والشلة التي يقال إنها ناصرية، وإنها تسيطر على المجلس الأعلى للصحافة وعلى النقابة، وهي كلها موضوعات قابلة للنقاش، ولكن لا صلة لها بالأزمة الراهنة، فأوضاع الصحف القومية المتدهورة تعود إلى عقود ماضية وديون تراكمت فوائدها حتى تضاعف أصل الدين مرات. في عهود كان بعض هؤلاء شركاء في إدارتها، والملاحظات على أداء مجلس نقابة الصحافيين ليس مكانها إحدى قاعات مجلس «سيد قراره» بل إحدى قاعات النقابة، خاصة أن ما يفصل بيننا وبين انتخابات النقيب وتجديد نصف أعضاء المجلس هو عدة أسابيع، يستطيع المعارضون للنقيب والأعضاء أن يستعدوا خلالها لخوض معركة غزوة الصناديق. والمجلس الأعلى للصحافة ليس في حاجة هو الآخر لكي يصطنع أزمة حتى يحتفظ أعضاؤه بمواقفهم، لأنه سواء أخذ برأي مجلس «سيد قراره» فتمت تجزئة القانون الموحد إلى قانونين، أو أخذ برأي المجلس الأعلى ومجلس النقابة فصدر موحداً فسوف ينتهى وجود المجلس الأعلى للصحافة ويغادر أعضاؤه أماكنهم بمجرد صدور أي من القانونين، وبالتالي فلا مصلحة لهم في تعطيل التجزئة كما ادعى بعض السفهاء».

«قانون هيكل للإعلام»

وإلى «المصري اليوم» السبت ورئيس تحريرها زميلنا محمد السيد صالح الذي نصح زميلنا وصديقنا أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب بأن لا يشارك في هذا المخطط وقال: «لا أملك رؤية محددة حول قانوني الصحافة والإعلام، وما يثار حولهما ولكن لديّ رسالة إلى زميل مهنة أعرفه جيداً وأعرف زوجته الفاضلة والناجحة أمل فوزي رئيسة تحرير «نصف الدنيا» أقول له: ستمر هذه الأزمة ولن يتذكر الصحافيون إلا المواقف. لا تتحمل وحدك تبعات هذا القانون، استمع لصوت النقابة، لو أن هناك توجها رسميا نحو الإعلام فدعهم يقولون بأنفسهم ولا تكن أنت الوسيلة لذلك، اجتمع مع رفقاء المهنة، يا صديقي أذكرك بتعديل الدستور في عهد السادات وأقصد المادة 77 الذي عُرف بعد ذلك بتعديل «الهوانم» واستفاد منه حسني مبارك. في ما بعد ذهب الجميع ولا يتذكر الناس الآن إلا أصحاب التعديل لا تجعل القانون الجديد مشهوراً لدى العامة بأنه «قانون هيكل للإعلام».

لجنة الثقافة والإعلام

والمعروف أن مجلة «نصف الدنيا» تصدر عن مؤسسة الأهرام، ثم وجه كلامه لزميلنا وصديقنا يحيى قلاش نقيب الصحافيين قائلا: «قلت للنقيب يحيى قلاش: أشفق عليك كثيراً صورتك وصورة الأسرة الصحافية لدى الرأي العام سلبية للغاية. وسط هذه الأجواء تم تسويق قوانين الصحافة والإعلام. الناس مشغولون عنكم بالأسعار وبالسكر والأرز والدولار، خلال الأيام الماضية التي جرت خلالها مناقشة مواد القانون في مجلس النواب لم أجد اهتمامًا من الصحافة بإبرازه. كثير من الرموز فضّلت الصمت، إما بحثًا عن السلامة والأمان أو لإيمانهم بأن حديثهم بلا جدوى. البرامج الحوارية المسائية- رغم أن معظمها من إعداد وتقديم صحافيين- لم تهتم بمناقشة القوانين لذلك فإنني أدعو الصديق «قلاش» لأن يعيد قراءة المشهد جيداً، الذي هو جزء من مناخ عام تتضح عناصره في صور وممارسات أخرى عديدة. تحدث بمرونة أكثر تخير فريقًا «مرنًا» واطلب اجتماعًا رسميًا. أطلب مقابلة الرئيس أدعوك للتنسيق مع لجنة الثقافة والإعلام، تواصل مع الزملاء الصحافيين في اللجنة، ومع رأسهم أسامة هيكل. هناك قضايا بسيطة وعابرة تلقى عليك وعلينا في الطريق فتفهم جيداً من يقف وراءها أنا وأنت نؤمن بأن الرئيس رجل وطني وشريف، لكن فهم دور الصحافة والإعلام وخروج مواد القوانين مطابقة للدستور تحتاج إلى حوار وهدوء بعيداً عن التشنج».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود والقبض على أطباء وغلق مستشفى بعد ضبطهم بجريمة بيع الأعضاء البشرية، وإجراء الجراحات سرا، وقد حدثنا عنها يوم السبت زميلنا محمود الكردوسي رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الوطن» في بابه في الصفحة الأخيرة «كراديس» بعد أن تخلى عن بروازه «كرباج» وحكى لنا عن تجربته في زراعة كلية، ولكنه نسي وخلط بينها وبين زراعة كبد وقال: «منذ خمس سنوات أجريت جراحة زرع كبد نشرت إعلاناً في صحيفة «المصرى اليوم» عن حاجتي لمتبرع ففوجئت بطابور من المتبرعين تتراوح أعمارهم بين 25 و50 سنة (وهذا أحد الشروط التي طلبها الأطباء) عشت واحدة من أغرب التجارب في حياتي، ليس هناك قانون ينظم زراعة الأعضاء في مصر المسألة أشبه بصفقات «بير السلم»: أنت وشطارتك مع المتبرع، وكل متبرع وظروفه، هذا يبيع كبده ليكمل نصف دينه، وهذا يريد أن يزوج بناته أو يعلم أبناءه، وثالث حجز البنك على شقتهم ومهدد هو وأسرته بالـ«رمي» في الشارع إلخ. عشرات من الشباب لم يدخلوا دنيا أو دخلوها وضاقت بهم وعليهم يريدون بيع أعضائهم (وهم أصحاء) لأنهم لا يجدون شيئاً آخر يُباع. كان كابوساً وأحياناً كوميديا سوداء أنستني آلام الفشل الكبدي ووساوس الجراحة (التي قيل لى أن داخلها مفقود والخارج منها مولود) اكتأبت أكثر مما كنت مكتئباً فهؤلاء «الأصحاء» يبيعون بإرادتهم أو لأن ظروفهم من الصعوبة والقسوة بحيث تركوا كل البدائل المتاحة للخروج من أزماتهم، واختاروا بديلاً أشد إهانة لإنسانيتهم، لا سرقوا ولا تسولوا ولا ارتشوا ولا خانوا بلدهم، باختصار: لم يُجرموا في حق المجتمع، بل أجرموا في حق أنفسهم ولسان حالهم: «نحن أحرار في أجسامنا نحن لم نؤذِ أحداً نحن لم نجد وسيلة أكرم وأسهل». تحت هذا السقف ـ سقف العوز والتعفف وقلة الحيلة وغياب القانون ـ أصبحت «أعضاء» المصريين سلعة وأصبح لها سوق وسماسرة وبورصة أسعار. وأذكر أن أحد السماسرة اتصل بي وسألني: «آخرك كام في الفلوس؟» فقلت: المهم أن يكون المتبرع مطابقاً لشروطي فقال أن لديه متبرعاً «مطابقاً» بسعر 250 ألف جنيه (كان ذلك عام 2011) فقلت له أن ظروفي لا تسمح بهذا السعر فغاب بضع دقائق وعاد بمتبرع آخر «مطابق أيضاً كما قال» بسعر أقل واتضح لي أن لديه «دوسيهات» بمتبرعين جاهزين بتحاليلهم وأشعاتهم و«كله بتمنه». وأصابني ذهول عندما اعترف الرجل أن السمسرة في الأعضاء البشرية ليست مهنته، بل لتحسين دخله وأنه بالأساس يملك محلاً أو مطعماً (لا أتذكر بالضبط) وأن المتبرعين هم الذين يأتون إليه طوعاً بدوسيهاتهم: «يا بيه الحالة صعبة والناس مش لاقية لا بالحلال ولا بالحرام». المتبرع معذور والسمسار «يحسّن دخله»: إلى هنا والأمر يمكن أن يكون مقبولاً رغم بشاعته على الأقل لحين الإفراج عن قانون زراعة الأعضاء. أما أن يُسرق عضو من مريض على غير إرادته وأن يكون السمسار هو الطبيب الذي يعالجه فهذه أم الجرائم هذه الجريمة أشد هولاً من الخيانة والقتل والسرقة هذه من الكبائر وعقوبتها ينبغى ألا تقل عن الإعدام وبلا محاكمة إن كانت مثبتة».

«كيد النسا»

وإلى معركة أخرى مختلفة يوم السبت من «أخبار اليوم» حيث سخر زميلنا خفيف الظل محمد عمر من أعضاء مجلس النواب وتصرفهم بعد إقرارهم قانون الجمعيات الأهلية فقال تحت عنوان «كيد النسا»: «كان المشهد غريبا أعضاء البرلمان يقفون في أماكنهم (احتفالا) بإقرارهم قانون الجمعيات الأهلية.. ولم أفهم ما العمل الخارق أو غير المألوف الذي يستوجب الوقوف لصدور قانون، لكن من خلفية المشهد غير المعتاد (برلمانيا) إلا في هذا البرلمان تفهم أن «برلماننا» يعمل بطريقة «كيد النسا»ومكايدتهن.
فقد أراد أن يخرج أو «يطلع» لسانه لكل من يمولون الجمعيات الحقوقية (من الخارج) وأن يقول لهم «مش حتعرفوا تلعبوا فيها تاني» (اللي هي البلد طبعا) لكنه لم يستطع أن يقولها (صراحة أو كسوفا) وحتى لا يتهم أنه ضد العمل الحقوقي والخيري فاستبدلها «بالوقوف» حتى «ينكاد» كل الممولين وأصحاب الجمعيات.. مع أن البرلمان (بما له من سلطات إشي رقابية على تشريعية على تقص في الحقائقية) كان بإمكانه (والأفضل له شكلا) أن يقف أحد أعضائه ممن شاركوا في وضع القانون ليعلنها صريحة.
إحنا عملنا القانون بالشكل ده حتى «نقيد» عمل الجمعيات الحقوقية والأهلية لأن لدينا (واحد اتنين تلاتة) ويعدد الحالات التي تم اكتشافها لجمعيات تم استغلالها «بالتمويل» للعمل لصالح جهات خارجية وحقق أصحابها من ورائها مكاسب خيالية علي حساب مصر (أمي) دون وازع من ضمير.. لكن البرلمان «خشي» المواجهة أو أتكسف فلم يجد أمامه إلا «كيد النسا» أضمن وأسلم (وتسلمي لاخواتك يا كيداهم)».

خنق صوت المجتمع

وإلى محاولة النظام السيطرة على الجمعيات الأهلية التي أشار إليها زميلنا محمد عمر والتي كتب عنها يوم السبت في مقاله اليومي في «الشروق» زميلنا فهمي هويدي مستعرضا الأسماء والجمعيات التي تحقق معها وقال: «ما سبق مجرد نماذج لتجليات الصراع الحاصل بين السلطة والمجتمع المدني، الذي بمقتضاه تلجأ السلطة إلى مختلف الأساليب لإسكات صوت المجتمع الخارج عن السيطرة، ذلك أن تلك السيطرة تحققت في ظل التشكيل الراهن لمجلس النواب الذي أصبح بمثابة الذراع التشريعية للحكومة، وهو ما تأكد في الظروف المريبة التي صاحبت إقرار قانون الجمعيات الأهلية وفي اللغط المثار الآن حول التلاعب في قانون الإعلام وفي التعديلات المتواضعة التي أدخلت على قانون منع التظاهر بعد إحكام تلك السيطرة التي يراد لها أن تشمل المجالس البلدية، فإن الجهات التي تدير مسلسل السيطرة المطلوبة أدركت أن صوت المنظمات الأهلية وبعض النقابات المهنية ينبغي إسكاته أيضا، لكي لا يعلو صوت فوق صوت الحكومة ولذلك خاضت الأجهزة المعنية معركتها على تلك الجبهة، وكانت المنظمات الحقوقية صاحبة الحظ الأوفر من إجراءات الإسكات والقمع، لسبب جوهري هو أنها بحكم وظيفتها التي تبرر وجودها معنية بحماية المجتمع من الانتهاكات التي تمارسها السلطة، إن شئت فقل إنها أصبحت تمارس جانبا من الرقابة التي تخلى عنها البرلمان.
ولأنها صارت تكشف ما تريد السلطة السكوت عليه وإخفاءه فإن محاولات حصارها وملاحقة القائمين عليها باتت مفهومة، وذلك يفسر التركيز على تكبيل تلك المنظمات والبطش المستمر بأعضائها إلى حد توجيه الاتهام إلى الذين حاولوا إعداد مشروع قانون لمكافحة التعذيب، كأن استمراره هو المطلوب والمرغوب والأساليب المتبعة في ذلك عديدة، خصوصا أن النصوص القانونية الفضفاضة التي وضعها «ترزية» القوانين توفر هذه الفرصة، إذ أن عبارات مثل الإضرار بالأمن القومي أو تكدير السلم الأهلي أو الإخلال بالنظام العام تفتح الباب واسعا للتنكيل بأي منظمة أو أي شخص وإخضاعه للتحقيق والمحاكمة وربما حبسه أيضا استنادا إلى تحريات الشرطة الجاهزة».

ملصقات إعلانية

وننتقل إلى ائتلاف «في حب مصر» في مجلس النواب حيث تعرض هو وأجهزة الأمن إلى هجوم عنيف في «الأهرام» من زميلنا محمد أمين المصري: «تنتشر بعض الملصقات الإعلانية أعلى كوبري 6 أكتوبر وجزء من طريق صلاح سالم تدعو للأمل وأن يتحدى المصــــريون أزماتهم وتأخذ الملصقات عنوانا شاملا يقول «مصر بالإصلاح الجريء تقصر الطريق» ثم تتفرع من هذا العنوان شعارات أخرى مثل «كلنا نواجه التحدى وهنعدي» و«المصري جبار يكسر أي حصار» و«كرامتنا حتى لو نضحى بلقمتنا إرادتنا أقوى من أزمتنا» و«المصريون بهمتهم هيعدوا أزمتهم» و«ننسى الجدل ونقوم نشتغل»، مثل تلك الملصقات مطلوبة في واقع الأمر بين الحين والآخر، ولكن من يرصد أحوال البلد لا يجدها هكذا، فقد جاء في مانشيت «المصري اليوم» يوم الأحد 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن إئتلاف «في حب مصر» يستعد للسيطرة على المحليات بتكليف من جهاز أمني لنوابه في مجلس النواب، بإعداد قوائم لانتخابات المحليات.
هذا الكلام لم يكذبــــه أي مصدر، سواء كان حكوميا أو أمنيا حتى لو من باب رفع الحرج، وهذا يعني أن الخبر صحيح بدرجة كبيرة، ما يؤكد أن الدولة تحاول الســــــيطرة على المحليات، كما سيطرت على مجلس النواب، وهــنا نقول إن الشعارات التي تملأ كوبري أكتوبر وهمية ولن تفلح في تغيير الواقـــــع، وهو التدخل الأمني في إدارة أي عملية انتخابية وفي حوار لـ«المصري اليوم» أيضا يكشف النائب محمد الفيومي عضو لجنة المحليات في النواب أن مشروع قانون الإدارة المحلية الذي قدمته الحكومة يخالف الدستور صراحة، مما يضع الحكومة والنواب في مأزق يجعلنا نشعر بغثيان لما سيكون عليه حالنا بعد انتخابات المحليات».

صراع بين السلطة والمجتمع المدني وإئتلاف «في حب مصر» يستعد للسيطرة على انتخابات المحليات

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية