ابتدع الأوروبيون مفهوم القوميّات كهويات متخيّلة تضع أدوات بالغة القوة في يد السلطات الحاكمة، وتضمن توحيد الطبقات، كما الشعوب في مواجهة الآخر – المختلف. بالطبع تحتاج هذه الهويات إلى أساطير مؤسسة كي تكتسب قدسيتها وعراقتها.
عادة ما تكون هذه الأساطير متعلقة بشجاعة أفراد أو مجموعات ترتبط بقوميّة ما وتمارس نضالا خارقاً للمألوف – أو يزعم أنها فعلت – على نحو يمنح شرعيّة سحريّة للمنحدرين منهم. العبرانيون مثلاً طلعوا على العالم بقصة قلعة الماسادا (وهي قصة صمود أسطوري حتى الموت للمدافعين عن قلعة لم يعثر لها فعليا على أي أثر) والفرنسيون باعونا أوهام المقاومة الفرنسيّة (رغم أنها كانت أساساً في بدايتها نشاطاً شيوعيّا أطلقته موسكو)، وهكذا.
الروس بدورهم بعد سقوط تجربة الإتحاد السوفياتي، الذي حاول ولو شكلياً أن ينأى بنفسه عن القوميّات، تصاعدت لديهم موجة قوميّة روسيّة عاتية، بدأت أولا كردة فعل على أيّام الرئيس بوريس يلتسين المهزوزة، لكنها تحولت إلى عمل ممنهج منذ تولي الرئيس بوتين السلطة في عام 2000. إذ يبدو الرئيس الواسع الإطلاع على تقنيات البروبوغاندا الأمريكيّة خلال الحرب الباردة عازما على مقارعة الدولة العظمى بأسلحتها، ولذا شاهدنا خلال السنوات الأخيرة صناعة الإعلام الروسي وهي تدخل في نشاط محموم على مستوى عالمي – بدرجات مختلفة من النجاح -.
لا شك أن إحدى مساحات العمل الأكثر حساسيّة لفريق بوتين الإعلامي هي صياغة التاريخ القومي للأمة الروسيّة، وهو نشاط متعدد الأوجه من نشر ومحاضرات وأفلام سينمائية ومتاحف تمجد تضحيات القوميّة الروسيّة، وتخلدها بوصفها قصص التأسيس القومي.
بانفيلوف والوحدة 28
لعل إحدى أهم المراحل التاريخية التي يتم تقديسها في هذا الإطار والذهاب إلى تضخيم الهالة حولها تضحيات الجنود السوفيات – الروس – خلال الحرب العالميّة الثانيّة، الذين قتل منهم عدة ملايين قبل أن يكسروا المارد النازي، وينقذوا روسيا وأوروبا الغربيّة من هيمنة الفكر الفاشي المصاب بعقدة التفوق والعظمة.
أشهر هذه القصص على الإطلاق قصة وحدة الجنود الـ 28 وكان يقودها الضابط بانفيلوف، والتي تصدت في دفاعها عن موسكو بشجاعة بالغة لطابور دبابات ألماني حاول الإقتراب من المدينة، مستمرة بالقتال حتى أبيدت الوحدة عن بكرة أبيها.
بالطبع فإن قصة مثل هذه – بعد تحولها مع مرور الأيام إلى أيقونة مقدسة للشعب الروسي – طبق بالغ الدسامة على مائدة أي عمل سينمائي درامي ضخم، وهو فعلاً ما عزم عليه فريق الرئيس بوتين، لا سيما وأن الروس مصابون بنوع من عقدة تجاهل الغرب لدور روسيا في إنهاء الحرب العالميّة الثانيّة، مقابل تضخيم لدور القوات الأمريكيّة، خصوصاً في أعمال الدراما والسينما.
وهكذا انطلقت ورشة فيلم هائل عن وحدة جنود بانفيلوف خصصت له ميزانيّة هي الأعلى في تاريخ الدراما الروسيّة – أريد له أن يكون تدويناً تاريخياً بأدوات السينما لبطولة الجندي الروسي، قبل أن يصدم الجميع بتسريب موظف في الأرشيف الحكومي لخطاب من المدعي العام السوفياتي من عام 1948 أيام حكم جوزيف ستالين يقول فيها إن قصة الـ 28 جندياً مجرد أسطورة وضعها إعلاميّون روس كانوا يبحثون عن أي انتصارات إعلاميّة لتوظيفها في حروب البروبوغاندا. الحقيقة – وفق الوثيقة المسربة – تقول إن هنالك فعلا وحدة سوفياتية أوقفت تقدم طابور الدبابات الألماني، لكن تعدادها كان أكثر من 28 جندياً، ولم يقتلوا جميعهم، بل إن بعضهم استسلم للجيش الألماني، والتحق بقوات الشرطة المحليّة في المناطق المحتلة التي كانت تأتمر بأمر برلين إبان الحرب.
جن جنون المؤسسة الرسميّة الروسيّة بالطبع. فعزل الموظف الكبير، الذي سرّب الوثيقة عن منصبه، وخرج فلاديمير ميدينسكي، وزير الثقافة الروسي، عن طوره واصفاً ما سماه محاولة المساس بهذه الأسطورة المقدسة عن بطولات الجندي الروسي بأنها «مؤامرة قذرة». وهكذا أصدرت التعليمات للعاملين على إنتاج الفيلم بتجاهل الوثيقة المسربة تماماً، والاستمرار في الإنتاج وكأن شيئاً لم يكن، وهكذا سيكون الفيلم على جداول العرض في العام المقبل كما كان مخططا له من قبل.
الأمريكيون سادة توظيف الدراما لصياغة الأساطير
الخبراء يعرفون بالطبع أن الأمم كلها تحاول خلق أساطيرها المؤسسة عن طريق المبالغة في بطولات جنودها وليس الأمر مقتصراً على الروس فقط.
الفيلم الهوليوودي المشهور «إنقاذ العريف ريان» مثال أمريكي صارخ من الساحة ذاتها. كل هذه الأعمال الدراميّة شريكة في تكريس صعود القوميات، تلون الأحداث كي تخلق أوهاماً جميلة بهدف تسويق النزعات القوميّة، لكن الحروب في الحقيقة تبقى تجربة شديدة القسوة، الجنود فيها مجرد بشر يخافون ويجوعون ويقاتلون بحكم الموقف، ويموتون مجاناً من أجل فكرة متخيّلة.
الإسرائيليون على الخط أيضاً
مسلسل «فوضى» هو أحدث الإضافات الإسرائيليّة في إطار استخدام الدراما لخلق أوهام التفوق القومي والانتصار، وهذه المرّة على الفلسطينيين في الضفة الغربيّة.
هذا المسلسل الدرامي أنتج بمستوى تقني لا يقل أبداً عن المسلسلات الأمريكيّة المماثلة، وحاز متابعة واسعة النطاق في المجتمع الإسرائيلي بل وحتى في الأوساط العربيّة في فلسطين، إذا قيست الأمور بالضجة التي أثارها على مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيما وأنه ربما ولأول مرة في تاريخ الدراما الإسرائيليّة تعطى للشخصيات العربية مساحات مؤثرة في سياق بنيوية تطور الأحداث في العمل بالتوازي مع الشخصيات الإسرائيلية.
المسلسل يحكي قصص فريق من المستعربين (سيئ الذكر) يطارد (النمر) المقاوم الفلسطيني، الذي كان البطل الإسرائيلي الرئيسي في المسلسل يعتقد خاطئا بأنه قتل ليتبين لاحقاً أنه يعيش متخفيا.
المسلسل يقدم رجال الأمن الإسرائيلي بصيغة أبطال العدالة الذين يطاردون مجموعة من الخارجين عن القانون، وينتهون دائماً إلى تحقيق الإنتصار النهائي عليهم مع تبرير كثير لكل سلوكيات العنف الممنهج ضد الفلسطينيين.
بالتأكيد، المسلسل الذي يتوفر الآن على شبكة «نيتفليكس» بعد عرضه في الأرض المحتلة، سيصل إلى جمهور عالمي لا يعرف كثيراً عن الصورة الكلّية للقضية الفلسطينية وبالتالي سيتشكل وعيه بكون الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو في النهاية صراع بين الخير والشر، وسيدفع الإسرائيليون العاديون والمشاهدون عبر العالم إلى التصديق بأن أبشع جهاز من القتلة ومحترفي التعذيب ما هم إلا أبطال قوميون يحمون أمان الأطفال العبرانيين الصغار ولا يضعفون.
إعلامية لبنانية تقيم في لندن
ندى حطيط
تُقدّر خسائر الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية بأكثر من 20,000,000 قتيل ما بين عسكري ومدني على الرغم من تباين الإحصائيات بصورة كبيرة، ومع ذلك يُقدّر التعداد الحالي لعدد الضحايا وفق الإحصاء الأخير من جانب الحكومة الروسية بقرابة 26.6 مليون قتيل ما بين مدني وعسكري منهم 8.7 مليون من العسكريين
– عن الويكيبيديا –
والسبب في هذه الخسائر الفادحة هو بقلة الخبرة القتالية للضباط الروس وكذلك المعدات العسكرية والإستخبارية
ولولا دخول الأمريكان الحرب وإنشغال الألمان بحربهم لتم سحق الجيش الروسي برمته
بريطانيا كانت تبعث بمصنوعات حربية للروس عبر سيبيريا
ولا حول ولا قوة الا بالله
أظن أنك لاتعرفين عقلية الروس بشكل كافٍ. الروس أناس عنصريون حتى العظم منذ وجودهم ويعتقدون بأنهم أفضل بني البشر … (أقرأي نشيد الأتحاد السوفياتي) … عنصرية الروس تتمثل بكرههم للشعوب الأخرى وخاصة للملونين. الروس مجموعات من البشر ضائعة في مستنقعات الكراهية أكتر من مستنقعات القومية
يا سيد سليم ياسين
قارن نشيد الإتحاد السوفيتي بنشيد لامارسييز الفرنسي
او فليحفظ الله الملكة البريطاني او حتى النشيد الأمريكي
سترتاع أيهم أكثر عنصرية وعدوانية ودعوة للحرب والقتل.
*روسيا الهمجية الى الجحيم ان شاءالله.
أمريكا الانتهازية الى الجحيم إن شاءالله.
سلام