منصة إبداعية جديدة لعرض وقراءة خزائن التراث: «داعش والغبراء» تفتتح الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

الشارقة ـ «القدس العربي»: انطلقت مساء الخميس في صحراء الشارقة في الإمارات العربية المتحدة فعاليات الدورة الثانية لمهرجان المسرح الصحراوي، بمشاركة فرق مسرحية تمثل البحرين والجزائر وموريتانيا والأردن، علاوة على البلد المضيف. كما تقام في إطار المهرجان ندوة فكرية حول المسرح والصحراء، ومسامرات نقدية حول العروض المشاركة.
ويطمح المنظمون إلى أن يكون المهرجان أكثر من مجرد مناسبة سنوية لتقديم العروض المسرحية المنتجة حديثا والمتنوعة في أساليبها وموضوعاتها وفي مسافاتها وطموحاتها من الجدة والأصالة. ومن ثم، يسعون إلى أن تكون هذه التظاهرة المسرحية مشروعا للتطوير أو الإضافة إلى أشكال العروض المسرحية، أو مدخلا لإعادة التفكير والنقاش حول المفاهيم والمعارف السائدة، سواء حول المسرح بوصفه نشاطا ثقافيا وفنيا ومعرفيا واجتماعيا، أو حول تطلعات وتوجهات صنّاعه.
افتتحت الدورة بملحمة فنية قدمها مسرح الشارقة الوطني، بتعاون مع دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، حملت عنوان «داعش والغبراء» وهي من تأليف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وإخراج محمد العامري. تستحضر الملحمة واقعة داحس والغبراء التاريخية، والتي قامت بين عبس وذبيان خلال الجاهلية واستمرت لما يقارب من 40 عاما، حيث خسر فيها الجانبان العديد من الأرواح والعدة والعتاد، قبل أن يكون لمجيء الإسلام الدور الحاسم في إيقاف تلك الحرب.
وتنتصر الملحمة لقيم السلم والمحبة والتعايش بين الشعوب، كما تنبذ الاقتتال والدماء والتصفيات الجسدية. واستعملت في هذا العمل الفني الضخم من حيث إمكانياته التقنية والمجاميع البشرية المشاركة فيه الخيول والجمال، كما تم توظيف الفضاء الصحراوي، وتضمن العمل كذلك مشاهد فنية للمعارك والمبارزات بالسيوف. ولعبت المؤثرات الصوتية والتلوينات الضوئية دورا أساسيا في إضـفــاء طابع الإبهار والتشويق.
وبعد نهاية الملحمة، تحدث مؤلفها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي (حاكم الشارقة) قائلا: «هذا العمل ليس بالعمل الذي يعرض قصصاً تافهة أو روايات لا ترتقي إلى المصائب التي ابتلينا بها هذه الأيام. وندعو كل الأمة الإسلامية أن تبذل مثل هذا المنظر لإيقاف هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس». وأضاف: «نتمنى من كل مسلم أن يعمل على الإسلام الصحيح الذي أتى به سيدنا محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ويزيل عنه تلك الخزعبلات وكل ما أضيف إليه. والآن وقد وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه لا بد من صرخة، ولا بد من وقفة، وألا نتكل على أناس كما كان في داحس والغبراء».
ومن جهة أخرى، أوضح أن من بين الأدوار الرئيسية للمهرجانات المسرحية المساهمة في تنمية التذوق لدى الجمهور العربي، حتى يكون قادرا على التفاعل الإيجابي مع العروض المسرحية. وقال بهذا الخصوص: «إن العمل على الثقافة يتطلب عملاً دؤوباً لأن الثقافة ليست عمل استعجال بل تراكمات، وإن المسرح يتطلب تكوين المتفرج أولاً قبل الممثل، حتى يستطيع أن يفهم ويواكب ما يقدم على خشبة المسرح».
وتتواصل فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي إلى غاية 19 كانون الأول/ديسمبر بتقديم العروض التالية: «جزيرة الجوري» تأليف وإخراج عبد الله ملك (البحرين) و»تبراع لمليح» تأليف وإخراج التقي سعيد (موريتانيا) و»صهيل فرس» تأليف وإخراج هارون كيلاني (الجزائر) و»كثبان» تأليف وإخراج فراس الريموني (الأردن).
وسعيا إلى المزيد من التواصل والتفاعل بين المشاركين والضيوف في المهرجان، تقام ندوة فكرية حول موضوع «المسرح والصحراء» تحاول الإجابة حول سؤال: كيف للمسرح أن يقارب الصحراء بوصفها مجتمعا وثقافة وجغرافيا؟ وذلك من خلال محورين هما: «المسرح والصحراء: الفرجة والفضاء؟» و»مسرح الصحراء: أي موضوع وأي شكل»؟ ويشارك في الندوة: جمال ياقوت (مصر)، وأحمد شنيقي (الجزائر)، وعبد الرحمن بن زيدان (المغرب)، وحافظ الجديدي (تونس)، وعثمان جمال الدين (السودان)، وبدر الدلح (الكويت)، وإبراهيم المبارك ومرعي الحليـان ومحمد يوسف (الإمارات).
وهكذا، يشق مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي مساره، كما يريد له منظموه، ليكون منصة إبداعية جديدة تُعرض وتُقرأ عبرها خزائن التراث الصحراوي الحافل بالتجارب والحكايات والأمثال والأساطير من منظور الفن المسرحي ونظائره الإبداعية الأخرى، كالرواية والرقص والغناء وسواها من أشكال التعبير الفني التي عرفتها وطورتها المجتمعات البدوية العربية.

فرقة مسرح الشارقة الوطني

هي فرقة مسرحية أهلية ومؤسسة ذات نفع عام، مقرها في إمارة الشارقة، تعتمد على دعم المؤسسات الحكومية، وقد بدأت مشوارها الفني عام 1975 واتسمت الفترة التأسيسية بالعمل الجماعي تأليف وإخراجا، وفتحت أبوابها لاستقطاب الخبرات المسرحية الخليجية والعربية، من بينهم، صقر الرشود، والمنصف السويسي، وفؤاد الشطي، وإبراهيم جلال، وجواد الأسدي، والمنجي بن إبراهيم، وقاسم محمد، وأحمد عبد الحليم، وعبد الإله عبد القادر، ومحفوظ عبد الرحمن، وعجاج سليم، وعبد الرحمن المناعي، ومحمد شيخ الزور.
وعملت على نشر الوعي الفني والثقافي وإنتاج المسرحيات ذات المضامين الهادفة لمعالجة الكثير من قضايا المجتمع برؤى مسرحية مختلفة، فقدمت هذه الفرقة خلال مسيرتها أكثر من 88 عملا مسرحيا متميزا، وسعت إلى توطيد أواصر التعاون بينها وبين الفرق المسرحية الأخرى، بالإضافة إلى الشراكة الأدبية والفنية مع العديد من الجهات المسرحية والثقافية حول العالم، وحصلت خلال مسيرتها على جوائز مهمة، وشاركت في عدة ملتقيات فكرية وثقافية وفنية محليا وعربيا، كما أصدرت الفرقة مجلة متخصصة في عالم المسرح باسم «الرولة» وأقامت الورش المسرحية لتدريب وتأهيل الكوادر الجديدة التي تنضم إليها سنويا، ولدى الفرقة مكتبة مسرحية كبيرة، تحوي عددا كبيرا من النصوص والدراسات والكتب الخاصة بالمسرح، إضافة إلى مكتبة مرئية وتسجيلات لمعظم الأعمال المسرحية التي قدمتها الفرق وغيرها من الفرق المحلية والخليجية والعربية.

منصة إبداعية جديدة لعرض وقراءة خزائن التراث: «داعش والغبراء» تفتتح الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

الطاهر الطويل

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية