نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود: يعود المشهد السياسي الموريتاني اليوم لحراكه بعد انقضاء عطل آخر السنة وهو يستقبل عاماً جديداً مليئاً بالتحديات، حيث لا يزال التأزم يطبع العلاقة بــــــين نظام الرئيس محــمد ولد العزيز الذي يستعد لتنفيذ أجندته الســـــياسية المثيرة، والمعارضة الموريتانية التي أعلنت أمس عن تغيير في أنماط نضالها السياسي واستبدال المهرجانات الخطابية بالندوات السياسية والإعلامية.
وأكد منتدى المعارضة الذي يضم مجموعة كبيرة من الأحزاب والنقابات والشخصيات المرجعية أنه «سينظم ندوة يومي الأربعاء والخميس 11 و 12 كانون الثاني / يناير الجاري، سيجري خلالها عرض ومناقشة مواضيع متعددة تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي للبلاد والقضايا المجتمعية الكبرى وكذا المشاكل التي يعاني منها المواطنون في حياتهم اليومية».
«ومن هذه القضايا، يضيف المنتدى المعارض، إشكالية التناوب الديمقراطي على السلطة ومتطلباته، والتعديلات الدستورية، والفساد والحكامة، والمواطنة والوئام الاجتماعي والوحدة الوطنية، ومعاناة المواطنين مع الحالة المدنية وغلاء المعيشة وانعدام الأمن، وعلاقات موريتانيا بمحيطها الإقليمي والدولي».
وأوضح المنتدى «أن هذه الندوة سينعشها سياسيون وخبراء مختصون، كما سيشارك فيها عموم الحاضرين بغية تحليل مستقبل البلد وما ينتظره من تطورات خلال العام الجديد».
وعلى المستوى الرسمي، ينتظر أن يستأنف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عمله الإثنين المقبل بعد انتهاء عطلته حيث تنتظره ملفات عدة أبرزها تنفيذ مخرجات الحوار السياسي الأخير المثيرة للجدل.
وتتحدث أوساط مقربة من مطبخ القرار عن تخلي الرئيس ولد عبد العزيز عن تنظيم الاستفتاء الشعبي حول التعديلات الدستورية، والاكتفاء بمصادقة مؤتمر البرلمان في جلسة موحدة لغرفتيه، على هذه التعديلات.
ولكي يضمن النظام ولاء نواب الموالاة وشيوخهم جرى تداول الحديث عن معلومات أمس على نطاق واسع عن توزيع الحكومة قطعاً أرضية في مناطق غالية من العاصمة، على أعضاء البرلمان.
وضمن هذا التمهيد، اجتمع سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم مع أعضاء الفريق البرلماني للحزب حيث هنأهم على الأداء الجيد والمتميز الذي قدموه خلال الدورة البرلمانية الحالية.
وأكد ولد محم «أن السياسية العامة للحكومة لا يمكن بترها عن سياقها العام والذي هو برنامج الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي تقدم به إلى الشعب، والذي يشكل خارطة طريق لا يمكن للحكومة الانحراف عنها».
وتحدث رئيس حزب الاتحاد عما سماه «الطفرة» التي تحققت في مجال السياسة الخارجية خلال السنوات الأخيرة؛ والإرادة الحكيمة التي أديرت بها الملفات الخارجية»، مضيفاً «أن موريتانيا في عهد التغيير البناء لم تعد تلك الدولة المنشغلة بنفسها المنكبة على ترميم بيتها الداخلي، بل أصبحت قوة إقليمية تساهم بفعالية في حفظ واستقرار دول المنطقة شمالاً وجنوباً».
وفيما تتفاعل الهموم السياسية بين الموالاة والمعارضة، هاجمت صحيفة «السفير» الموريتانية المستقلة في افتتاحيتها للعام الجديد، الحالة التي تعيشها موريتانيا مؤكدة أنه «لم يعد خفياً على أي كان، أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية، باتت دولة للجنرالات بإمتياز؛ فلا وجود لأطر ولا مثقفين ولا حتى نخب من دون أن يكون لجنرال أو جنرالين دور في ذلك.. وهم وحدهم من يرسمون ملامح سياسة الدولة ويكلفون من يمثلونهم بلعب دور المسؤول والمسير».
«حقيقة مرة نعيشها كدولة فقيرة، تضيف الصحيفة، منذ أن وضع رجال العسكر أحذيتهم الخشنة على مصالح البلاد والعباد، وكانت مناوبتهم على مراحل، بعضها ممزوج بسطوة الشيوخ التقليديين والوجهاء وبعضها الآخر حيّد المؤسسة العسكرية عن صناعة القرار وإن أبقى على دورها خلف الكواليس، إلا أنه مع ظهور رتب «الألوية» و»الفرق»، أصبح البلد يُدار من داخل الكتائب والوحدات، بل بات لكل جنرال امبراطورية خاصة ذات نفوذ وصلاحيات محددة.. مع التصرف في أموال هذا الشعب حسبما يراه مناسباً، دون حسيب ولا رقيب».
وزادت الصحيفة «إننا إذ نعيش أولى ساعات العام الجديد ونحاول استشراف ملامحه خصوصاً فيما يتعلق بالقطاعات الحكومية والوجوه التي ستتصدر المشهد وما إن كانت قديمة أم سنكون أمام طبعة جديدة؟، ونحن من «اتهم» سابقاً بعض أعضاء الحكومة والمسؤولين السامين في الدولة بالفساد، فإننا اليوم وبعد الاعتذار لهم طبعاً، نؤكد على أن موريتانيا باتت دولة للجنرالات بامتياز؛ ولم يعد حلم الدولة المدنية إلا مجرد أضغاث بددها العسكر وأشباه الأطر، ممن كدسوا المال واستحوذوا على مقدرات البلد وكأننا في حالة حرب، مع أن حرب بلادنا الحقيقية هي مع الجهل والفقر».
وتحت عنوان «السنون الشهب»، انتقد حزب الصواب (البعث الموريتاني) في افتتاحية صفحته الرسمية على الفيسبوك، الأوضاع المعيشية خلال السنة الماضية ووصفها بأنها «السنة العجفاء التي تركت في نفوس الأسرة الموريتانية وأجسادها المكدودة ندوباً وأخاديد غائرة، حفرتها موجات الطوفان الناري المتتالية لارتفاع أسعار السلع الأساسية والغلاء المتصاعد للخدمات الضرورية لبقاء الإنسان في حدود آدميته، ومنع إفقاره حتى من عزته، وما منحته الشرائع من تكريم».
«في سنة هذه محدداتها، يقول حزب الصواب، من الطبيعي أن ينظر الناس إليها سنة بؤس وشقاء وفقر واغتراب وكلما يبعد عن جو الفرح والابتهاج، ويتأكد لهم أن الناهبين والانتهازيين لهم حضور وازن وكبير في إدارة شؤون البلاد العامة إن لم يكونوا هم من يقودونها بالفعل».