أكثر ما يفتقده المصريون اليوم هو معنى العدالة، وأكثر ما يكرهونه هو سيادة وتوحش الظلم الاجتماعي بالذات، فالغالبية الساحقة من المصريين صارت تحت خط الفقر المدقع والنسبي، والطبقات الوسطى تنزلق بسرعة مجنونة إلى قاع البؤس، وتكاد لا تسلم سوى «فرقة ناجية» طافية، لا تمثل سوى عشرة بالمئة من الشعب المصري، أعلاها طبقة الواحد بالمئة التي تحتكر نصف إجمالي الثروة العامة بالتمام والكمال.
وقد يقولون لك إن المحنة تنفرج، وإن أحوال الاقتصاد المأزوم سائرة إلى تحسن، وإن سعر صرف الدولار عاد إلى معدلات السوق السوداء قبل قرار التعويم، وإن البنوك تجتذب مليارات الدولارات، وإن احتياطي النقد الأجنبي يزيد لدى البنك المركزي، وإن البلد لا يزال قادرا على سداد أقساط وفوائد الديون الخارجية المتزايدة بصورة فلكية، وإن اقتصاد الحكومة يبتعد عن شفا الإفلاس، وقد يكون بعض ذلك صحيحا، وإن كان عجز الموازنة يتفاقم ويتضاعف باطراد، على الرغم من إجراءات خفض الدعم التي ألهبت حياة الفقراء والطبقات الوسطى، وجعلت بطولة البقاء على قيد الحياة مستحيلة أكثر فأكثر، وأحرقت غالبية الناس في أفران الغلاء، فأسعار السلع الأساسية تزيد كل يوم، وربما كل ساعة، والجنيه المصري أصبح يساوي «بصلة» بالمعنى الحرفي، والذين يعملون تجمدت أجورهم، ونزلت قيمتها السوقية إلى النصف، فما بالك بالذين لا يجدون فرص عمل من أصله، وتطحنهم مآسي الفقر والبطالة والمرض، وكل هؤلاء لا يجدون عزاء في التحسن المزعوم لأرقام اقتصاد الحكومة، ولا تلوح لهم انفراجة تعنيهم في الأفق المرئي، حتى مع زيادة الإيرادات المنتظرة مع بدء تصدير اكتشافات الغاز المهولة، وكل ما ينتظرونه ويتخوفون منه هو زيادة الأعباء، وإثقال حياتهم المنكوبة بمزيد من ارتفاع أسعار وفواتير الدواء والمياه والكهرباء والمترو والنقل العام، والجولات الجديدة المقررة من رفع أسعار البنزين والسولار والمازوت، والأزمات التبادلية في القمح والسكر والزيت والأرز، وهو ما يؤدي إلى احتقان اجتماعي متصاعد، تفيض به خزانات الغضب في نفوس الناس، وتنكمش معه فوائض الصبر، الذي تحسبه الحكومة صمت الرضا بأقدار التعاسة.
نعم، تحسن أرقام اقتصاد الحكومة، وبافتراض أنه يحدث أو سيحدث، لا يعني بالضرورة أن الأمور تسير إلى الأفضل، وقد كانت أرقام اقتصاد الحكومة معقولة قبل الثورة الشعبية، لكن أحوال الناس كانت تمضي إلى الأسوأ، وهو ما كان سببا في غضب مكتوم، تحول إلى فورة وثورة في النهاية، وكان السبب ـ ولايزال ـ مرئيا محسوسا، فلم تتساقط ثمار النمو إلى الأسفل كما كانوا يزعمون، وكما تدعى روشتات «صندوق النقد» التي يعاودون تجريبها في حماس، وكأننا نسينا الخراب الذي جرى مع التجارب المريرة، وما صحبها من دمار وتجريف لقلاعنا الإنتاجية الكبرى، والخصخصة التي تحولت إلى «مصمصة»، يعدوننا بالعودة إليها اليوم في خصخصة شركات البترول والبنوك ومحطات الكهرباء عبر البورصة، التي قد تنعش البورصة و»البورصويين»، وتنزح العوائد المليارية إلى الخارج في المضاربات الساخنة، ولا تترك لسواد المصريين سوى الخراب المستعجل.
وقد لا يصح إنكار وجود إنجازات كبرى، تتم غالبا بإشراف وإدارة الجيش، وهيئاته عالية الكفاءة والانضباط، وتظهر في الطرق والأنفاق والموانئ والمدن ومحطات الطاقة الجديدة، وينتمي معظمها إلى معنى البنية الأساسية، ومما لا تظهر عوائده سريعا، وقد يلعب دورا في تنمية الاستثمارات، لكنه لا يؤدي إلى تنمية حقيقية عادلة بالضرورة، فثمة ميل هائل إلى الإنجاز، لكنه ليس مشفوعا بانحياز مكافئ إلى غالبية المصريين العظمى من الفقراء والطبقات الوسطى المطحونة، ولا إلى بناء اقتصاد جديد ذي طابع إنتاجي في الأساس، يعيد تصنيع البلد، ويوفر فرص عمل دائمة منتجة لعشرات الملايين من العاطلين الحاليين والمحتملين، ويوفر سلعا مصنعة تحل محل الواردات، ويضاعف طاقة التصدير مرات، وباستثناء مصانع «البولى إيثيلين» و»الكلور» ومجمع الأسمدة المنتظر في العين السخنة، وكلها تمت وتتم بالطاقة الجبارة لهيئات الجيش، باستثناء هذه القفزات المفرحة، فإن الاتجاه للتصنيع يبدو بطيئا مترددا، بينما لا حل لأزمة الاقتصاد بغير التصنيع الشامل، وبغير الزراعة الحديثة التي تحولت بدورها إلى صناعة، وتلك مهمة لن ينهض بها بارونات «القطاع الماص» الذي نسميه خطأ بالقطاع الخاص، ولن يتحمس لها مليارديرات النهب العام، الذين يفضلون «رأسمالية الشيبسي»، وما تيسر من تجارة أراض وعقارات وصناعات صورية تعتمد على مدخلات أجنبية، ولا هم لهم سوى طلب الاعفاءات والمزايا، والضغط الداهس على صناع القرار، وإجبارهم على إلغاء أي اتجاه لفرض أي عدالة ضريبية، وعلى نحو ما جرى في وقف الضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة، وإلغاء الضريبة الاجتماعية، وتخويف الحكم من تقرير الضريبة التصاعدية، فهم لا يريدون سوى التجبر على الفقراء والطبقات الوسطى، وتحميلهم وحدهم بفواتير الخراب الاقتصادي، ثم لا يهمهم بعدها أن يحترق البلد، فهم يهربون ما اكتنزوه من أموال إلى بنوك الخارج بانتظام، ويستعدون للهرب وقت الخطر على أول طائرة خاصة.
مصير الحكومة
تتغير الحكومة في مصر، أو لا تتغير، يجري تعديل وزاري موسع أو ضيق، يذهب رئيس الوزراء أو يبقى، لا يبدو كل ذلك مهما، فالدودة في أصل الشجرة، وفي الاختيارات والسياسات التي لا تصنعها الحكومة.
جرت ثورات هائلة في مصر، وسالت دماء غزيرة، وذهبت دساتير وحلت أخرى، وأطيح برؤساء وأتى آخرون، لكن شيئا في نمط صناعة القرار لم يتغير، فقد ظل الرئيس هو الرئيس، بيده مفاتيح القرار كلها، وهو الذي يعين الوزراء ونوابهم ويقيلهم، كما يعين المحافظين ومسؤولي الهيئات، وبناء على تقارير أمنية ورقابية، يطلبها الرئيس، أو تصل إلى مكتبه على نحو روتيني، وثبت الخطأ فيها مرات، وأقال الرئيس من سبق له أن عينهم، وبحسب تقارير صلاحية ثبت أنها غير صالحة، وقد لا يكون العيب في التغيير أو التبديل بحد ذاته، أو اكتشاف فساد مسؤولين بتقارير رقابة، أصدرتها الجهات ذاتها التي رشحت وزكت، ثم طاردت الذين أوصت بهم خيرا، فالتغيير في الشخوص وارد عندنا وعند غيرنا، لكنه ليس الخلل الرئيسي في كل الأحوال، فالخلل الأبرز في الصندوق ووعاء الاختيار، وقد ظل هو نفسه، فمناصب الوزراء والمحافظين سياسية بطبيعتها، بينما لا دور للسياسة في الاختيار، والسياسة غائبة تماما، ولا صوت يعلو على صوت أجهزة الأمن والرقابة، ووعاء الاختيار هو نفسه الموروث عن أيام المخلوع مبارك، فقد زال دور الصفوف الأولى من نخبة المخلوع مع زوال دوره، وجاء الدور على اختيارات من الفرز الثالث حتى العاشر، وهم ـ بالطبع ـ موظفون من امبراطورية البيروقراطية اللعينة، أو من «التكنوقراط» التائهين، بلا طعم ولا لون ولا رائحة، بل مجرد آلات مدربة على تلقي الأوامر، وإبداء السمع والطاعة، وادعاء أن «كل شيء تمام» على طريقة الموروث البيروقراطى الرذيل.
وقد لا تكون تلك هي الظاهرة الوحيدة، فالمزاج الشخصي للرئيس يؤثر بشدة، وتكوين الرئيس السيسي مختلف، وثقته في الجهاز الإداري منعدمة تقريبا، والحكومة التي يعرفها الناس آخر أولوياته، فلدى الرئيس أكثر من حكومة، وهو يستريح أكثر إلى ما يمكن تسميته «حكومة الجيش»، فقد قضى الرجل عمره المهني كله في سياق عسكري محض، يعطي الأولوية القصوى للانضباط وسرعة التنفيذ، وهو ما يفسر اعتماد السيسي على هيئات الجيش في إدارة الانجازات ومشروعات البنية الأساسية الكبرى، وبأولويات يحددها الرئيس بنفسه، وتتم غالبا في غيبة هيئات الحكومة المرئية في المداخلات اليومية، وإن كان رئيس الوزراء يحضر الافتتاحات على سبيل الديكور، وفي الموقع التالي لحكومة الجيش، يأتى دور ما يمكن تسميته بالحكومة الوسيطة، ويتم اختيار أفرادها غالبا عبر مؤسسة الرئاسة، وتضم وزراء ومسؤولين بعينهم، يتصل عملهم غالبا بمشروعات الطرق والمدن والموانئ والأنفاق والإسكان والطاقة الجديدة، يحرص الرئيس على الاجتماع المتواتر بهم لساعات طويلة، ويناقش معهم أدق التفاصيل، مع المتابعة اليومية لجداول إنجاز المشروعات التي يشرف عليها الجيش، وتضم حشدا كبيرا من شركات المقاولات، وما قد يزيد على المليوني مهندس وفني وعامل مدني، وهي ماكينة هائلة لا يقارن دورها ببؤس جهاز الحكومة الظاهر للعيان، وهو ما يجعل الحكومة التي تعرفها في أسفل السلم، ويجعل شخص رئيس الوزراء ودوره شيئا على هامش الهامش.
والأهم من تراتب الحكومات هو السياسات، والرئيس هو المسؤول عنها قطعا وحصرا، وبغير شريك يعتد به، وكل إخفاق ـ كما كل نجاح ـ فيها ينسب للرئيس وحده، وهو ما يفهمه الحس الشعبي المباشر، فالخلل الجوهري في السياسات لا في الحكومات، وتغيير الحكومة أو تعديلها، قد لا يعني شيئا سوى سطور عابرة في نشرات الأخبار.
كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
لازال التطبيل والتزمير كما هو وإن بطريقة غير مباشرة !
ولا حول ولا قوة الا بالله
قمة الابداع في الكتابة الجوهر الاشادة و التزلف في ثوب بالي من النقد و الوقوف الى جانب المطحونين
جرت ثورات هائلة في مصر، وسالت دماء غزيرة، وذهبت دساتير وحلت أخرى، وأطيح برؤساء وأتى آخرون، لكن شيئا في نمط صناعة القرار لم يتغير، فقد ظل الرئيس هو الرئيس، بيده مفاتيح القرار كلها…… كل ما وقع في مصر من ثورات لم يكن إلا بتوجيه وإيعاز من عسكر مصر والرئيس في مصر ليس سوى واجهة ولكن من يحكم بالفعل ومن يدير الدفة في مصر هو العسكر والقول بأن الرئيس بيده مفاتيح القرار هذا فيه الكثير من التجني على الرئيس في مصر من بيده مفاتيح القرار هم العسكر وانت يا سيد قنديل تعرف ذلك جيداً وعليك أن تعترف إذا كان ذلك بمقدورك بأن العسكر هم وراء كل تتعرض له مصر من أزمات سياسية واقتصادية وغيرها…. أنظر إلى تركيا كيف كانت أيام حكم العسكر وكيف أصبحت بعد التحرر من حكم العسكر التركي. أعداء مصر هم من يريد لمصر أن تظل تحت حكم العسكر الذي هو بدوره أداة طيعة في يد أمريكا وإسرائيل وغيرهم من دول العرب الذين يأتمرون بأمر أمريكا و إسرائيل.
لماذا لا توضع النقاط على الحروف وإلى متى يظل بعض الكتاب والإعلاميين يراهنون على حصان اعرج ؟
مصر كانت ايام الملكية قمة في الوضع الاقتصادي والسيادة والجمال بل إن الدول العظمى كانت تطلب منها المعونات. بعدما جاء العسكر بانقلاباتهم إلى الحكم ما زالت مصر تهوي إلى الحضيض بسرعات متزايدة لا يوقفها الا معجزات ربانية. …
إيه الكلام دا يا أستاذ عبد الحليم
تقول «حكومة الجيش» يعني تردد كلام الإخوان الإرهابيين يا أستاذ عبد الحليم أنا خليتك تجلس معايا وفتحتلك الإعلام كده يعني إنتو لازم تشوفوا الإنجازات وبس وقلت قبل كده ماتسمعوش حد غيري
قلها ولاتخف أن السيسي وعسكره هو سبب كل مصائب مصر وانكم انخدعتم به بعدما اعتبر نفسه ناصري ومخلص الشعب من حكم الاسلاميين!!!! فصدقتموه.
لكن انكشفت الحقيقة التي يرفض الكثير من شارك في مظاهرات 30 يوميو الاعتراف بها لانه لايريد يظهر امام الناس انه كان سادجا او مغفلا او ربما لديه مصلحة مع النظام لا يريد ضياعها أو يخشى بطش العسكر اوربما كرهه للاسلاميين جعله يقف مع العسكر والانقلاب أو ربما الانانية والانتهازية السياسية لدى بعض رجال السياسة والاعلام والكتاب المصريين الذي يعتقدون أن غياب العسكر يعني فوز الاسلاميين بالحكم في مصر لو جرت انتخابات نزيهة وشفافة في جو من العدل والأمن لهذا يصرون على حكم العسكر الباطل حتى لو كان على حساب المبادئ التي أوهموا الناس بالدفاع عنها من حرية وعدالة وأمن ومساواة لانهم يدركون عدم إمتلاكهم لقاعدة شعبية إلا بالتزوير والبطش وغياب المنافسين…. لك الله بامصر وشعبها المحتل في أرضه
غريب امركم ايها المعلقون كلكم غير مصريين وتتحدثون عن مصر بمنتهى الجراه انظروا الى بلادكم و كيف حولتكم الى مهاجرين فى اوربا تنتفدون مصر وجيش مصر فقط طب تحيا مصر ويحيا جيش مصر
الى الاخ عصام
كلنا نتمنى أن تحيا مصر وجيش مصر وهل تظن أن ما قلته سوف يزعجنا فالكل يتمنى الخير لمصر وما ادراك من يتكلم ليس مصري وان كان كذلك فهو عربي ومسلم ويتمنى الخير لمصر. وهل قولك تحيا مصر فقط سيخرج مصر من أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية هل سماع اغاني ام كلثوم وعبد الحليم الوطنية سوف يجعل مصر دولة متقدمة هل بث الحماسة في النفوس من خلال استعراض عسكر مصر لقوته (رغم هزائمه المتكررة ابتداءا من حرب 1948 الى 1973) وبث الاغاني سوف يحقق لمصر وحدتها ويجعلها دولة متقدمة. مشكلة مصر كبيرة وكبيرة وكبيرة جدا مادام العسكر يرى في المصريين عبيدا وهم سادة القوم.
الخلل في النظام السياسي ودولة الرجل الواحد , علي قمة هرم عسكرى غير مؤهل ولا يصلح لإدارة أى دولة في العالم كما أثبتت التجربة , وفي تجريم حرية الرأى والتعبير للكشف عن الأخطاء وإصلاحها , مما يترتب علية بيروقراطية مدمرة , وإهدار للمال والجهد والوقت الثمين , ليتفشي الفساد أكثر في دولة المحاسيب والأقارب بلا كفاءة .
في دولة المؤسسات الديمقراطية تتوزع المسؤوليات , حيث تراقب وتحاسب المؤسسات بعضها البعض , وتكشف حرية الرأى والتعبير مكامن الفساد وكيفية إصلاحة .
ندور في حلقة مفرغة وندفن رؤوسنا في الرمال , مع إصرار غريب علي العودة الي دولة من القرون الوسطي .
يا عم نبيل اقسم بالله تشخيصك خطا ولا يوجد عبيد ولا اسياد فى مصر هزا الكلام يقوله اﻻخوان الان عن الجيش المصرى لانه القوه الوحيده القادره على هزيمتهم فيحاولون الوقيعه بين الشعب والجيش يا عم نبيل ده مفيش بلد فى الدنيا سايبه ولسان الناس فيها طويله زينا ومخالفه القانون على ودنه و الناس بتشتم فى الحكومه والسيسى على الفاضيه و المليانه لا تحسسنى انك موجهه واخوانجى علشان نعرف نتكلم و تحيا مصر بام كلثوم ومن غيرها يا عم نبيل مصر لن يحكمها اخوان حتى لو بقت رماد صدقنى