شراء الإعلام لتشويه رموز سياسية تؤرق السلطة… وانخفاض قيمة العملة أخطر تداعيات الحرب الأهلية

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرز الأخبار والموضوعات وأهمها في صحف السبت والأحد 14 و15 يناير/كانون الثاني كان إعلان وزارة الداخلية أن قوات مكافحة الإرهاب تمكنت من تحديد أماكن أخطر عشرة من الإرهابيين في شمال سيناء، وقامت بمهاجمتهم وتصفيتهم جميعا، وتباهت بقدرتها على جمع المعلومات الدقيقة، وعدم إقامة أي اعتبار لعوامل أخرى يخشى منها الجيش في ممارسة عملياته ضد أنصار بيت المقدس. كما برز تفكير في أن حل المشكلة يكمن في إطلاق يد الشرطة والبحث في إمكانية نقل أو تفكيك مدينة الشيخ زويد.
والموضوع الثاني المهم كان تأجيل مجلس النواب مناقشة قضيتي تيران وصنافير، وإن كان الأمر سينتهي بالموافقة عليها مع انتظار، كما قلنا، أن تعوض السعودية مصر ثمن شحنات شركة أرامكو التي أوقفتها بالدولار لأنها أضطرت لاستيراده به، ما أثر في حجم الاحتياطي النقدي وكله قروض وودائع. واهتمت الصحف أيضا بالاتصال الهاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وزيارة وزير الخارجية سامح شكري لألمانيا وتوقع زيارة ميركل لمصر. وكانت ألمانيا قد أوقفت تزويد الشرطة المصرية بأسلحة متقدمة جدا لمكافحة الإرهاب، بعد الإطاحة بحكم الإخوان، وإن كان تعاونها بلا حدود معها في مجال المحطات الكهربائية، التي تمكنت بها مصر من انهاء مشكلة نقص الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي. أيضا اهتم كثيرون برفض وزارة الداخلية السماح بمظاهرة أمام مجلس الوزراء احتجاجا على قضية جزيرتي تيران وصنافير، وحددت لهم حديقة الفسطاط في جنوب القاهرة مكانا للتظاهر والهتاف كما يشاؤون ضد النظام.
وقد أشاد أحمد موسى في «الأهرام» وهو ومقدم برنامج «على مسؤوليتي»على قناة «صدى البلد»، بالحديقة الواسعة وتوافر كل إمكانيات التسلية فيها، وسخر من المتظاهرين طالبا منهم أن يتركوها قبل المغرب خوفا عليهم من البرد. وحديقة الفسطاط الواقعة على طريق صلاح سالم كانت مقلب زبالة ويعود الفضل في إنشائها إلى السيدة سوزان مبارك حرم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. كما امتلأت الصحف المصرية بتناول التسريبات التي أذاعها موسى في برنامجه للدكتور محمد البرادعي، ما بين مؤيد ومعارض، وإن كان من عارضوا واستنكروا أغلبية. ولا يعرف أحد إن كان موسى سوف يذيع كلام البرادعي عن الإخوان المسلمين ومشاركته في إسقاط حكمهم أم لا؟ خاصة أنه رفض طلب صديقنا الإخواني عصام العريان مقابلته.
وقد أخبرنا يوم السبت زميلنا الرسام أنور في مجلة «روز اليوسف» الحكومية أنه شاهد صديقين يسأل أحدهما الثاني عن التسجيلات قال إيه قانون؟ فرد الثاني لا والله ما سمعتش عنه قبل كده جبت الكلمة دي منين؟
وبعد ذلك توزعت الاهتمامات حسب اهتمام كل فئة، فبالنسبة للمستثمرين حدث انقسام بينهم، فبعضهم أيد قرارات الحكومة الحد من الاستيراد لحماية الإنتاج المحلي، وأعلن رجل الأعمال وصاحب شركة النساجون الشرقيون ورئيس اتحاد جمعيات المستثمرين محمد فريد خميس تأييده للقرارات لحماية الإنتاج المحلي، ومن المعروف أن خميس ناصري وكان معتقلا بعد الخامس عشر من مايو/أيار 1971 عندما أطاح السادات بمجموعة مايو، ثم أفرج عنه بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وسافر الكويت ومن هناك بدأ نشاطه وامتدت مصانعه إلى الصين وغيرها. وفي ذكري ميلاد عبد الناصر يتعمد نشر إعلان في مجلة «المصور» يشيد به ويطلق عليه الزعيم الخالد. أما أصحاب الأمراض المزمنة فاهتموا فقط بارتفاع أسعار الأدوية، رغم تصريحات وزير الصحة بأن الزيادة لا تتعدى 20٪ أو 30٪ ،ولكن الحقيقة أنها أكبر من ذلك. كما شعر قطاع من رجال الأعمال بالقلق من إعلان مصنع حلوان للأجهزة المعدنية التابع لوزارة الإنتاج الحربي، إنتاج ثلاجة ستة عشر قدما جديدة وطرحها في الأسواق/ وكذلك «ديب فريزر» جديدة بأسعار أقل بكثير من أسعار المصانع الخاصة، ومخاوفهم ناتجة عن إصرار الدولة رغم تشجيعها الاستثمار على زيادة حجم تواجدها الاقتصادي. أيضا اهتم المثقفون والكتاب والصحافيون بالاستعدادات لأعمال معرض القاهرة الدولي للكتاب، واعتباره أفضل دليل على قدرة الأمن على حفظ النظام. أما عشاق كرة القدم وهم الأغلبية الساحقة فقد ركزوا اهتماماتهم على متابعة أخبار المنتخب المصري في أفريقيا. وإلى ما عندن من أخبار.

معارك الإسلاميين

ونبدأ بمعارك الإسلاميين، حيث لا يزال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يتعرض للهجمات من السلفيين، بسبب نجاحه في عقد مؤتمر في القاهرة تحت رعاية الأزهر، لإيجاد حل لأزمة المسلمين الروهينجا في بورما بجمعه كل أطراف الأزمة والقائه كلمة أكد فيها أن البوذية وغيرها أديان وإن كانت غير سماوية. وقد دافع عنه وفسر كلامه في «أخبار اليوم» عدد يوم السبت، الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين في جامعة الأزهر قائلا: «هل وعي هؤلاء المعترضون ما ترتب على قبول شعب بورما لدعوة فضيلة الإمام الأكبر من أجل فتح نافذة تحقق للجميع العيش في سلام، وتمنح جميع الأطراف حق المساواة في المواطنة الحقيقية، التي يستوي فيها الجميع في الحقوق والواجبات؟ وهل يمكن للشيخ وقد أئتمنه الكل على تحقيق مطالبه لدى الآخر أن يميل أو يحابي أو يجامل أهل دينه، حتى مع إيمانه التام بأنهم ظلموا وأوذوا ووقع عليهم من غرم الحروب ما لم يقع على غيرهم من الطوائف؟ كلا وكيف يقع ذلك منه وهو الذي يوضح للعالم كله من غير المسلمين محاسن الإسلام وقيمه من مثل قوله تعالى «ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان». وقوله :»ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى». وغير ذلك من نصوص شريعتنا الغراء التي شهد لها الخصوم قبل الأولياء. ألم يقرأ هؤلاء نهي الله لنبيه عن أن يكون خصيما للمخالفين له في الاعتقاد في مجال الحكم «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغر الله أن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما»، إلى آخر الأيات التي نزلت لإنصاف رجل يهودي، كما جاء في سبب نزولها، ولكن يا قوم ما لكم كيف تحكمون. ولا يدري هؤلاء المعارضون ما أحدثه هذا المؤتمر من ردة فعل دولية حركت الراكد وأيقظت الضمير العالمي في الأمم المتحدة، فأرسلت مندوبيها على أرقى مستوى لتسجيل الانتهاكات الواقعة على المسلمين في بورما ليضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والحقوقية، وهذا أمر لم نسمع عنه قبل انعقاد هذا المؤتمر الذي وقع على أرض مصر الطيبة، برعاية فضيلة الإمام الأكبر، ما أكسب مصر على المستوى الدولي ثقلا آخر لاهتمامها بقضايا الشعوب، دون تدخل منها في سياسة الدول الداخلية. وأيضا أضاف للأزهر الشريف ثقلا آخر عالميا لأنه ينطلق من خلال رسالته العالمية كقوة ناعمة ينظر لها الكل بثقة واحترام ولكن أقول لهؤلاء ما لكم كيف تحكمون؟».
كما نشرت «أخبار اليوم» في العدد نفسه دفاعا آخر عن شيخ الأزهر كتبه الدكتور الشيخ أحمد الصاوي مدرس العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر جاء فيه: «كلمة شيخ الأزهر هي كلمة علمية صدرت من حكيم كتبها باحتراف من أجل الغاية التي عقد من أجلها المؤتمر، أما أنها كلمة علمية فهي صادرة من متخصص في علم الأديان والملل والنحل، فمولانا الإمام الأكبر هو أستاذ العقيدة والفلسفة ،ولو ذهب هؤلاء لأي طالب في كلية أصول الدين لأخبرهم أننا درسنا في علم الأديان والملل والنحل، أن الاديان نوعان النوع الأول أديان سماوية مصدرها السماء، سواء حرفت كاليهودية، أم حفظها رب البرية كالإسلام. النوع الثاني اديان إنسانية مصدرها البشر، كالبوذية والهندوسية والوثنية وغيرها، وقد سمى القرآن الجميع دينا قال ربنا سبحانه وتعالى «لكم دينكم ولي دين». إذن هذا كلام علمي صدر من متخصص لا يفهمه إلا المتخصصون، فالبوذية دين إنساني بمعنى وضعه البشر فهو وثني، ولكن لكل مقام مقال. أما أنها كتبت باحتراف وحكمة لتصب في الغاية التي من أجلها عقد المؤتمر، فإن الأزهر الشريف عقد المؤتمر لحقن دماء المسلمين في بورما، هذه هي الغاية التي عجزت عنها الدول والحكومات قاطبة، واستطاع الأزهر وإمامه الأكبر أن يجمع الفرقاء من البوذيين والهندوس والمسيحيين والمسلمين إلى طاولة واحدة، فماذا عساه أن يقول إن البوذيين كفار وان دينهم الوثني جعلهم يقتلون المسلمين وأن بوذا كافر».
وفي حقيقة الأمر فإن موقف السلفيين وهجومهم على شيخ الأزهر غريب جدا فهل كان متوقعا منه بعد أن قبل البوذيين دعوته والحضور للقاهرة والتصالح معهم أن يقول لهم يا كفار يا فجرة.

معارك وردود

وإلى المعارك والردود المتنوعة، حيث شنت زميلتنا في «أخبار اليوم» منى العزب هجوما عنيفا في بروازها «صرخة قلم» هجوما عنيفا على تسريبات أحمد موسى لمكالمات البرادعي في برنامجه واسع الانتشار «على مسؤوليتي» في قناة «صدى البلد» قالت فيه: «التسريبات هي سلاح لمنع المعارضة والإبقاء على نظام الصوت الواحد، إلا أن من سمح بها لم يتحسب لتأثير ذلك على الأجيال الناشئة، التي تعلمت مما حدث درسا مفاده، أن التنصت مشروع طالما يحدث برضا الكبار، وأنه بإمكانك استخدام أسلحة قذرة مع من يختلف معك في الرأي. كما تعلمه درسا أكثر خطورة وهو، أن الدستور ليس إلا حبرا على ورق يمكن انتهاكه بمنتهى السهولة بشرط وجود الإرادة السياسية. وسوف يكتسب الكثير من المعارضين الحكمة من رأس البرادعي الطائر قبل أن يفكر أي منهم في المعارضة. لا أكتب دفاعا عن البرادعي فقد انتهى دوره السياسي منذ زمن بعيد، وأتصور أن التعجيل بالتسريبات التي تزامنت مع إذاعة أول حلقة من حواره، ليس إلا محاولة لإثنائه عن استكمال حواره الممتد لخمس حلقات، وربما يزيد. إيقاع التسريبات مع ارتفاع إيقاع ما يذيعه البرادعي من شهادة على فترة كان قريبا فيها من مركز صناعة القرار، وإذا كانت هذه الأجهزة تعلم عنه ما تراه عملا جاسوسيا لماذا صمتت عليه طيلة خمس سنوات، ولم تقدم ما لديها للأجهزة المسؤولة لمحاسبته؟ وأين كانت هذه الأجهزة عندما تم اختياره نائبا لرئيس الجمهورية بعد 30 يونيو/حزيران؟ وهل تحملته فقط لتقديم واجهة دولية لما حدث في مصر خلال هذه الفترة؟ كلها أسئلة ستبقى مطروحة حتى تلقى اجاباتها يوما وأظنه غير بعيد».

البرادعي جبل الأوهام

لكن زميلها محمد الأصمعي اعتبر التسريبات واجبا دينيا وفرض عين، كما في بروازه «حروف عاصفة» وقال: «بالضربة القاضية أطاح الإعلامي أحمد موسى في برنامجه على قناة «صدى البلد»‬ بجبل الأوهام أيقونة الثورة لدى بعضهم،‬ محمد البرادعي، وكشفت تلك التسريبات عن أن كل عمل قام به البرادعي «‬ظاهرياً»‬ لم يكن سوى لخدمة سادته. إن نشر التسريبات واجب وطني، بل أراها فرض عين على كل من تقع تحت يديه. وهي هجوم الحق على الباطل لدحضه، خاصة في حالة الحرب التي نعيشها فهي لا تتعرض للحياة الخاصة للبرادعي أو لغيره، وإنما تنسف أسطورة «‬البردعاوي الكامن لدى البعض»‬. ويبقى السؤال: إلى متى نظل ننظر إلى الأموربمعيارين؟ فعند الهجوم على أقسام الشرطة خلال ثورة يناير/كانون الثاني كان من يقوم بهذا العمل من الثوار، وإذا ترك الضابط المكان فهو خائن وإذا دافع عن مكانه فهو قاتل. لا تنسوا تسريبات أمن الدولة وغيرها التي احتفى بها كثيرون»‬ أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟».

ازدواجية الثورجية

ومن «أخبار اليوم» إلى «أهرام» اليوم نفسه ومرسي عطا الله رئيس مجلس الإدارة الأسبق وقوله في عموده اليومي «كل يوم»: «عجيب أمر هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم «الثوار» ويتمسحون ليل نهار في 25 يناير/كانون الثاني ذلك اليوم الذي بدأ نقيا ومفهوما ومعبرا عن مشاعر غضب شعبية مشروعة، ثم تحول بفضلهم إلى عنف وفوضى وخراب لم يكن عشوائيا، وإنما اتضح مؤخرا أنه كان أمرا مبرمجا ومرتبا له حتى تتهيأ الأجواء لاعتلاء جواد السلطة وتنصيب الموعود بالكعكة بدعم دولي وإقليمي. هؤلاء الثورجية أصابهم الهلع والذعر بسبب إذاعة بعض المكالمات الهاتفية لكاهنهم الأكبر الدكتور محمد البرادعي، بدعوى أن هذه التسريبات تمثل انتهاكا للقانون وعدوانا على الحرية الشخصية وإساءة لسمعة الوطن، بينما نسي هؤلاء أنهم الذين تباهوا وتفاخروا باقتحام مبنى الأمن الوطني خلال أحداث 25 يناير، وعبثوا بمحتوياته ونشروا على الملأ ما اعتبروه كشفا لسوءات وعورات العديد من المسؤولين وسقطاتهم الشخصية. لم ير هؤلاء «الثورجية»في سرقة واختطاف أوراق رسمية أنه عمل مؤثم واختراق لإحدى المؤسسات السيادية، بمثل ما قالوا عن تسريب عدة مكالمات للبرادعي جاهر في إحداها بتأييد اعتقال ومحاكمة الخصوم السياسيين والسعي لتكييف وتلفيق اتهامات ضدهم».

«الأهرام» البيت الكبير للصحافة المصرية

وإلى معركة مختلفة لا علاقة لها بالتسريبات، وهي عودة زميلنا وصديقنا الدكتور أسامة الغزالي حرب يوم السبت إلى كتابة عموده اليومي «كلمات حرة» في «الأهرام» بعد أن تم حجبه مدة ليست بالقصيرة، وقام وقتها بنقله إلى «المصري اليوم» وقال: «صباح الخير عزيزى القارئ، اليوم ــ السبت 14 يناير 2017 ــ أعود إلى بيتي، إلى «الأهرام» بعد مئة يوم بالضبط من غربة اختيارية منذ يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول 2016 وأعتقد أن من حقك أن تعرف لماذا غادرت ولماذا عدت؟ تلك ليست على الإطلاق قضية خاصة أو شخصية، ولكنها قضية تتعلق بالصحافة وأصولها وقواعدها، في مجتمع يسعى لأن يكون مجتمعا ديمقراطيا. لقد غادرت عقب منع نشر مقال لي كررت فيه معارضتي لبناء العاصمة الإدارية الجديدة، ومع أنني أسلم تماما بأن رئيس التحرير الاستاذ محمد عبد الهادي مارس حقه المهني والقانوني، خاصة أنها كانت المرة الخامسة أو السادسة التي أكتب فيها في الموضوع نفسه، إلا أنني رأيت في ما حدث مساسا بحرية الصحافة أو بتعبير أدق، حرية الصحافي في أداء عمله، فأحجمت عن إرسال مقالي في اليوم التالي، ثم انتقلت لكتابة عامود «كلمات حرة» في «المصري اليوم» التي أفسحت لي على الفور مكانا ثابتا في صفحة الرأي فيها، وهو ما يوجب عليّ إبداء خالص الشكر والامتنان لهيئة تحرير «المصرى اليوم» وقبله وبعده للأستاذ صلاح دياب، الذي أبدى ترحيبا فوريا وصادقا بإسهامي في الجريدة. غير أن هذا كله لا يمنعني إطلاقا من الاعتراف بأن رد فعلي على ما جرى في «الأهرام» كان مبالغا فيه، في ضوء القواعد المتعارف عليها للعمل الصحافي ولكن ذلك هو ما حدث. على أي حال في هذا السياق أقول إن العودة لـ»الأهرام» لها أيضا مغزاها الخاص، فالأهرام ليست كأى جريدة وإنما هي «البيت الكبير» للصحافة المصرية كلها، التي سوف تكمل ــ في أغسطس/آب المقبل ــ مئة وواحدا وأربعين عاما».

حكم الفرد

ومن عودة أسامة لـ»الأهرام» إلى الهجوم العنيف الذي شنه في «المصري اليوم» زميلنا سلامة أحمد سلامة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي في بابه اليومي «سلامات»، واتهم فيه النظام بأنه يعمل جاهدا لعدم وجود أي مرشح محتمل منافس للرئيس السيسي وقال: «في المجتمعات المتحضرة الواثقة تصبح قضيتهم الأولى كيفية إعداد كوادر للمستقبل، وكيفية تفريخ قيادات تحمل على عاتقها المسؤولية على المديين القريب والبعيد، حتى يمكن ضمان مستقبل البلاد والعباد بألا يقعوا فريسة للجهلاء من هنا، أو للعملاء من هناك. يمكن أن يتم ذلك بدءاً من مراحل التعليم الأولى، ويمكن أن يكون من خلال دورات حقيقية لإعداد القادة، ويمكن أن يكون من خلال أحزاب سياسية حقيقية أيضاً. الطرق في ذلك كثيرة كما الأفراد الذين يمكن اكتشافهم من خلالها خلال فترات الإعداد والاستكشاف هذه سوف نستطيع تقييم نزاهتهم وأخلاقهم وقدراتهم ونفسياتهم، ماضيهم حاضرهم، ثقافاتهم طريقة تفكيرهم تفاعلهم مع المواقف مع الأزمات، وبالتالي سوف يتساقط في الطريق كل من لا تنطبق عليهم مواصفات القيادة. سوف تتم أيضاً تنمية مهارات البقية الباقية أياً كان عددهم، تنمية قدراتهم القيادية والثقافية صقل مهاراتهم السياسية والشخصية، إلى غير ذلك من أمور عديدة تضمنتها أبحاث ودراسات تكتظ بها أسواق الإدارة والقيادة والمال والأعمال. أما في مجتمعاتنا ونقصد بها مجتمعات العالم الثالث عموماً، فسوف نسمع بصفة يومية العبارة الغريبة حين التطرق لتغيير أي قيادة هزيلة أو حتى فاسدة وهي: لكن من البديل؟ أو للأسف لا يوجد بديل، ذلك أنه تم تسفيه كل عناصر الصف الأول وتشويه الصف الثاني وتجريح الصف الثالث وهكذا دواليك، لدرجة أننا لا نرى أمامنا طوال الوقت سوى ذلك الفاسد الفاشل نموذجاً لإدارة تلك المؤسسة أو هذه الوزارة. واضح من ممارسات الإعلام الموجّه أن هناك بعض الرموز السياسية تؤرق السلطة الرسمية لدينا بطريقة أو بأخرى، تحديداً هؤلاء الذين يتطلعون إلى كرسي الحُكم، أو بمعنى آخر الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، على الرغم من أن بعضهم لا يجوز لهم قانوناً ذلك، والبعض الآخر لا يرغبون في ذلك، إلا أن الهواجس واضحة يتم التعبير عنها بفجاجة منقطعة النظير، تشير في كل الأحوال إلى أن النظام يجب أن يكون أكثر ثقة في نفسه، خاصة أننا لسنا أمام مِلْكية خاصة يجب ألا ينازعنا فيها أحد. الأمر الأكثر غرابة هو أن العناصر المحترمة في مجتمعاتنا تُحجم غالباً عن الاشتغال بأمور القيادة، وتبتعد دائماً عن التلوث بالعمل السياسى وترفض دائماً الزج باسمها في كل أجواء المهاترات بعد أن أيقنوا مسبقاً أن النتيجة الحتمية أو الطبيعية هي تلك الإهانات أحياناً، والمؤامرات في معظم الأحيان قبل أن تصل الأمور إلى التسجيلات والتجسس على العام والخاص في حياة الشخص إن لم تكن حياة عائلته بأكملها، ثم التشهير به لمجرد أنه أدلى بحديث تلفزيوني أو شاهد مباراة في كرة القدم، وقد تتطور الأوضاع مع البعض إلى اتهامات تصل بصاحبها إلى غيابات الجُب التي ما أكثرها في بر المحروسة الآن، التي تكلف تشييد الواحد منها مئات الملايين من الجنيهات خلال سنوات القحط والمعونات وصبّح على مصر بجنيه. بدا واضحاً أن الهدف من شراء بعض القنوات التلفزيونية وبعض الصحف، والسيطرة على وسائل الإعلام عموماً هو المزيد من التشويه لهذه الرموز نتيجة خشيتها أو الخوف منها».

إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا

وتحولنا في يوم السبت نفسه إلى «المصري اليوم» لنكون مع زميلنا رئيس تحريرها محمد السيد صالح في بابه «حكايات السبت» حيث أعطى لنا تصورا للحالة السياسية في مصر الآن ومغزاها ومما قاله: «اللعبة السياسية أصبحت غريبة جداً سألت الأصدقاء في صالة تحرير»المصري اليوم» وبالتحديد الزملاء الأعزاء في القسم السياسي عن عدد الأحزاب في مصر الآن، اختلفت الإجابة فمنهم من قال إنها 85 حزبا، وآخرون أعطوا أرقاما تقديرية مختلفة، لكنها غير دقيقة معظمها بلا أجندة وبلا قيادات حقيقية ومقراتها مغلقة. قلت لهم إنني لا أتذكر تغطية متميزة لهذه الأحزاب مؤخراً سوى الانقسامات أو الانشقاقات وآخرها ما حدث في «المصريين الأحرار»، وأنا هنا لا أتهم زملائي بأي تقصير، فلدينا أفضل قسم سياسي في الصحف، لكن البيئة العامة لم تعد مجالاً خصبا للعمل الحزبي أو العمل السياسي بوجه عام. من الممكن أن نعقد ندوة شاملة ونوجه لضيوفها من زعماء الأحزاب ومن الخبراء هذه الأسئلة: أين أنتم ولماذا توارى نشاطكم الآن؟ هل تواجهون قيوداً في عملكم هل مناخ التعبئة الذي هو أشبه بجو الاستعداد لخوض المعارك هو السبب؟ هل مواجهة الإرهاب عامل مساعد في سكونكم؟ هل الاستقطاب الإخواني أو دعايات الجماعة السلبية وراء عزوفكم؟ أنا اشتقت- بصراحة – للمجتمع المدني أريد مزيداً من العمل الإيجابي والتفاعلي لجميع الأحزاب مع تفعيل الدستور والقانون. نريد أن تعود اللعبة السياسية إلى الشارع وإلى الأحزاب، فما يحدث الآن غريب جداً، فريق مسؤول ويدير المشهد ويتحكم في جميع التفاصيل، والآخر يلعب في الظل أو في الكواليس. المسؤول بيده القرار وتحديد المصير، ماذا يقال من معنا ومن ضدنا يجيد هذا المسؤول تجفيف المنابع للمعارضين شعارهم: إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا، لا توجد لديهم عقلية صفوت الشريف أو حتى فتحي سرور. الشريف كان يضيّق على الصحف والأحزاب ويوصي بأماكن أفضل لمن فيها للترقي في مؤسسات أفضل. الأمثلة عديدة سرور كان الأصدقاء المقربون منه صحافيي جرائد المعارضة. كانت المناورات السياسية عنوانًا لعهد مبارك لكن كان لهم أرض وسقف، هذه الأرضية الآن غائبة ربما يكون ذلك بسبب الإرهاب. وسط ذلك رصدت في أسبوع واحد احتفاءً جماهيريًا بعلاء وجمال مبارك، على مدرجات مباراة مصر وتونس، واجتماعًا منظمًا لمجموعة من السياسيين والخبراء داخل حزب الوسط، ولقاءً مهمًا وتوصيات شديدة اللهجة لقيادات مجلس حقوق الإنسان، وحديثا عن قرب عودة أحمد شفيق، وكذلك قرب انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها على الرئيس الأسبق حسني مبارك. هذه أبرز الفعاليات التي استوقفتني وتتعلق بأبطال الفريق الثاني «لاعبو الكواليس». لا أرتاح لمعظمهم أريد أن أستمر في عملي حتى لو في مناخ «شبه حر» لكنه يحافظ على أصول اللعبة السياسية بمفهومها «المصري» أنا داعم للاستقرار وأرى أموراً إيجابية تحققت، ولكني أتمنى لبلدي ولنفسى الأفضل».

محمد أمين: هل ضاق
صدر مؤسسة الرئاسة؟

وفي «المصري اليوم» أيضا عدد أمس الأحد حصلت معركة مختلفة خاضها محمد أمين في بروزاه اليومي «على فين» خاصة بالرئيس السيسي قال فيها: «في كل مكان سوف تسمع همساً وسوف تسمع نقداً. غضب محمود يعكس حيوية الشعب، ولكن لا الهامسون ولا النقاد يرددون «الشعب يريد إسقاط النظام» على الأقل في المحيط الخاص، ربما كان الإخوان. طبعاً لا أحد ينتظر 25 يناير/كانون الثاني من هؤلاء الغاضبين، لا أحد يكره السيسي فمازال الرجل بالنسبة لهم حلماً، ومازال أملاً. الهدف أن تصل الرسالة. وهكذا اقتربتُ منهم وسمعتُ وانتهيت إلى هذه النتيجة، يبقى السؤال: فهل تسمع مؤسسة الرئاسة بالفعل ما يقوله الغاضبون؟ فإلى أي حد تتجاوب مع هذه الرسائل؟ وإلى أى مدى تحولها إلى قرارات وبرامج؟ إلى أي مدى تتسامح ولا تغضب؟ إلى أي مدى تقبل الآخر؟ هل ضاق صدر مؤسسة الرئاسة؟ لماذا لم تعد تتجاوب مع البعض؟ ولماذا أغلقت عليها بابها وتركت الناس تهمس وتصرخ؟ ما الذي عكر الأجواء؟ ومن هم أصحاب هذه المشورة إذن؟».

أمواج الغلاء تبتلع المواطنين

لكن في الصفحة الثالث عشرة من العدد نفسه رفض سليمان الحكيم هذا الكلام من محمد أمين وقال في مقال عنوانه «من قال إننا الأفضل أنظروا لتروا» قال فيه: «ما الذي بقى لنا لنكون أفضل من سوريا وليبيا والعراق أو اليمن؟ كيف نكون الأفضل من هؤلاء ونحن نعانى من آثار وتداعيات حرب أهلية لم نخُضها، فانخفاض قيمة العملة هو أخطر تداعيات الحروب الأهلية في بلد من البلدان. كيف نكون الأفضل من هؤلاء ونحن نعاني من كل تلك المساوئ التي وصلت إلى حد المآسى والمحن؟ كيف نكون الأفضل وأبناؤنا يأتون إلينا محمولين في طابور طويل من النعوش يمتد من سيناء إلى قلب الدلتا وقراها؟ كيف نكون الأفضل ونحن نلهث وراء لقمة عيش كريم لا نعثر عليها إلا بشق الأنفس؟ وكيف نكون الأفضل ونحن نطارد كيلو سكر بين الحوانيت فلا نجده؟ كيف نكون الأفضل ونحن نغالب أمواجاً تلو الأمواج من الغلاء الفاحش؟ كيف نكون الأفضل وقد أصبح الجلوس على المقاهى أو الوقوف على النواصى مهنة لا يجد شبابنا بديلاً لها؟ كيف نكون الأفضل».

واقعتان خطيرتان

وننهي جولتنا لهذا اليوم في «المصريون» ومقال محمود سلطان ومما جاء فيه: « واقعتان جديرتان بالتأمل: الأولى ما نسبته «اليوم السابع» يوم 13/1/2016، إلى الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، ومقرر اللجنة الإعلامية في المجمع المقدس، وتأكيده على أن وزارة الداخلية، تدرب فرق كشافة الكنيسة على المهارات الأمنية. والواقعة الثانية، هي فرض «فيزا ـ تأشيرة» أمنية على كل مصري يرغب في دخول سيناء. والواقعتان خطيرتان: فالأولى تعني أن الدولة تنازلت عن دورها في تأمين الكنائس، لما تشبه «مليشيات دينية» غير شرعية.. إذ تظل كلمة «كشافة» كلمة فضفاضة وتُخفي كثيرًا عن تفاصيل هذا التنظيم الكنسي «السري»، وما هو السند القانوني الدستوري الذي تتكئ عليه شرعية تأسيسه وتدريبه رسميًا من قبل الأجهزة الأمنية في الدولة. الكنيسة المصرية مؤسسة وطنية، ومسئولية تأمينها، تتحملها الدولة وحدها، وإذا كان ثمة تقصير أمني أدى إلى ارتكاب جرائم مروعة بحق إخواننا المسيحيين، فإن على الدولة أن تحاسب وتعاقب المقصرين وفقًا للقانون، وأن تراجع سياساتها الأمنية، وتعالج القصور وتضع نظمًا صارمة؛ لتفقد الكمائن ونقاط الحراسة في عموم مصر.. والواقعة الثانية، من سلالة وجينات الواقعة الأولى ذاتها، لأنهما تشتركان فيما يتعلق بـ»وحدة الدولة».. فإذا كان تدريب كشافة الكنيسة، مغامرة عبثية قد تتطور إلى تعزيز مشاعر العزلة والانفصال لدى المواطنين المسيحيين.. فإن فرض تأشيرة أمنية لدخول سيناء على المصريين، قد يعزز من تهيئة الرأي العام، ليوطن نفسه بالتدرج على قبول أي تطورات لاحقة تتعلق بمستقبل علاقة سيناء بالدولة «التقسيم» وخروجها عن السيادة الوطنية.. خاصة وأنها ما زالت تتبوأ منزلة «الوطن التوراتي» بالنسبة لإسرائيل خاصة، وليهود العالم عامة.. وكانت هناك محاولات سابقة للتوطين.. فيما لم تنقطع تسريبات تتحدث عن خطط استبدال أراضٍ بين الكيان الصهيوني ومصر، كـ»حل» للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. مصر تحتاج وبشكل عاجل إلى إصلاحات كبيرة، تعطي للمكون السياسي والمدني فرصته، بجانب الأمني بطبيعة الحال.. وذلك حال خلصت النوايا ويممت الوجوه شطر المصالح الوطنية العليا».

شراء الإعلام لتشويه رموز سياسية تؤرق السلطة… وانخفاض قيمة العملة أخطر تداعيات الحرب الأهلية

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية