مدريد – «القدس العربي»: أعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي هذا الأسبوع عن مخططها المالي والسياسي بعد تنفيذ البركسيت، أي الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن أهم نقاط البرنامج استعادة ريادة بريطانيا سياسياً ومالياً. ومن المناطق التي تغري البريطانيين المنطقة المغاربية وأساساً المغرب والجزائر بحكم اقتصادهما الكبير مقارنة مع باقي الدول مثل موريتانيا وتونس.
وقدمت تريزا ماي الثلاثاء من الأسبوع الجاري أبرز نقاط برنامجها المستقبلي والمتجلي في السيطرة على الهجرة الاتية من أوروبا، وهي نقطة تهم كذلك عشرات الآلاف من المغاربيين المتجنسين في دول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا الذين هاجروا الى هذا البلد لأسباب اقتصادية، ولكن الأساسي هو استعادة الريادة المالية والسياسية للندن التي تبحث عنها في العالم.
وتعتبر بريطانيا من صناع القرار الدولي بحكم تاريخها وبحكم توفرها على حق الفيتو، ولكنها فقدت نسبة هامة من القدرة على التأثير بسبب التزامها بقرارات الاتحاد الأوروبي خاصة في السياسة الخارجية والمالية، رغم عدم انضمامها الى العملة الموحدة اليورو. وتسعى الى استعادة هذا الدور الذي من ضمن مظاهره إعادة بسط ونشر النفوذ البريطاني في العالم.
وإذا كان نفوذ بريطانيا قوياً في دول الكومنولث ولم يتأثر كثيراً بدخولها الى الاتحاد الأوروبي، فهي ترغب في تعزيز نفوذها في مناطق قريبة جغرافياً منها ولكنها لم تطور العلاقات معها لأسباب تاريخية ويتعلق الأمر بمنطقة المغرب العربي-الأمازيغي. هذه الأخيرة التي تحتسب على نفوذ فرنسا بحكم العلاقات الاستعمارية السابقة والتبادل التجاري القوي.
وبعد بداية الحديث عن احتمال خروج بريطانيا «البريكسيت»، ارتفع اهتمام الدبلوماسية البريطانية ورجال الأعمال البريطانيين بل حتى الجامعات بمنطقة المغرب العربي وأساساً الجزائر في المرتبة الأولى ثم المغرب. ولم يسبق لمراكز التفكير الاستراتيجي في بريطانيا أن خصصت اهتماماً لمنطقة المغرب العربي-الأمازيغي كما هو حاصل في الوقت الراهن، كما لم يسبق للمستثمرين البريطانيين أن انفتحوا على المغرب والجزائر مثلما حدث خلال السنتين الأخيرتين، مما ينعكس إيجاباً على التبادل التجاري بين بريطانيا والمغرب العربي-الأمازيغي الذي ارتفع بشكل هام خلال السنوات الأخيرة.
في الوقت ذاته، عمدت بريطانيا خلال السنوات الأخيرة الى الرفع من طاقمها الدبلوماسي في المغرب العربي-الأمازيغي وتعين دبلوماسيين من الدرجة الأولى بعدم كانت في الماضي ترسل دبلوماسيين من الدرجة الثانية. وهذا يبرز مدى الاهتمام الذي توليه للمنطقة.
ومن ضمن العوامل التي قد يستفيد منها الاقتصاد الجزائري وخاصة المغربي بسبب البريكسيت هو أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيسمح لهما بالتفاوض مجدداً في الواردات الزراعية والطاقة ومنتوجات أخرى وكذلك التصدير بدون قيود وشروط الاتفاقيات التي تخضع لقوانين الاتحاد الأوروبي.
لكن يبقى العائق بين الطرفين هو ضعف الرأسمال البشري في المغرب العربي-الأمازيغي بحكم التكوين الفرنكفوني بلد الأنجلوسكسوني وكذلك ضعف الجالية المغاربية في بريطانيا.
حسين مجدوبي
إدارة الخروج البريطاني من الإتحاد الأوروبي سوف يقرر مصير بريطانيا، فإما النموذج اليوناني (الفشل) أو النموذج السويسري (الناجح الباهر). أعتقد أن الساسة البريطانيين سيلعبوها صح وبالتالي النموذج السويسري هو الأرجح لأن بريطانيا رقم صعب في المجتمع الدولي وبالتالي لن تفشل ولا يجب أن تفشل.