لواء سابق بالجيش المصري: الإرهاب يتراجع في سيناء وتفاهمات مع إسرائيل بشأن القوات

حجم الخط
0

القاهرة- الأناضول- قال لواء سابق بالجيش المصري إن هناك تفاهمات لبلاده مع إسرائيل بشأن مواجهة الإرهاب في سيناء، مؤكدا أن العمليات الإرهابية في تراجع مستمر ومواجهتها لها محوران أحدهما أمني، والآخر تنموى وفكري.

واستبعد الخبير إمكانية تحديد سقف زمني للقضاء على “الإرهاب” في سيناء موضحا أن تركيا منذ عشرات السنين تواجه تنظيم بي كا كا الإرهابي وأعماله الإرهابية ضد السكان المدنيين الأبرياء ولم تستطع أن تقضي عليهم بعد وهذا حال دول أخرى أيضا منها فرنسا على سبيل المثال.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع اللواء المتقاعد، علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (حكومي)، تطرق خلالها أيضا إلى أسباب ظهور الإرهاب في سيناء والمدى الزمني للقضاء كليا عليه، إضافة إلى ما تردد عن تقارب استخباراتي مصري مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة. وتعيش شبه جزيرة سيناء، شمال شرقي مصر، حالة من الاضطراب الأمني المتزايد جعلها في صدارة المشهد السياسي الإقليمي والدولي، لاسيما مع تزايد عدد الهجمات التي يشنها مسلحون ضد قوات الأمن هناك، وسط إعلان إسرائيلي مؤخرا عن تدريبات لوحدة عسكرية لمواجهة أي إرهاب محتمل يأتي من سيناء.

وتنقسم شبه الجزيرة إداريا لمحافظتين، جنوب سيناء السياحية المؤمنة إلى حد كبير على سواحل البحر الأحمر وذراعيه خليجي العقبة والسويس جنوبا، وشمال سيناء في الشمال على ساحل البحر المتوسط والحدود مع إسرائيل وقطاع غزة، التي تشهد جل العمليات والاضطرابات الأمنية.

لا سيطرة إرهابية رغم الهجمات

وفي مقابلة مع الأناضول، أوضح اللواء المتقاعد، علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (رسمي) أنه “لم تستطع أية مجموعة إرهابية السيطرة على شبر واحد من الأرض في سيناء أو تعلن أن هذه المنطقة مستقرة بالنسبة لها، باستثناء بعض الهجمات التي يتم التعامل معها من جانب القوات”، معتبرا أن عدد القوات الذي أعلنته مصر مؤخرًا كافٍ للمواجهة.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، كشف عن تعداد قوات بلاده في سيناء قائلا إن هناك 25 ألف جندي، و41 كتبية هناك، في مداخلية تليفونية مؤخرا على إحدى المحطات المصرية الخاصة ردا على ما يثار عن قلة القوات وسبل حمايتهم عقب هجوم دام مزدوج ضد حاجز أمني بمدينة العريش مركز محافظة شمال سيناء.

وأوضح عز الدين أن المشكلة الموجودة في سيناء تتلخص في وجود مجموعة من الإرهابيين يختبؤون في الصحاري والجبال وأحيانا بين السكان الذين يتخذونهم كدروع بشرية في بعض المدن بشمال سيناء.

وأضاف: “ليس معقولا أن نضع كل الجيش في سيناء لمواجهة أعداد بسيطة قد لا تتعدى الألف خاصة بعد القضاء علي كثير غيرهم”.

تفاهمات

وعن خصوصية سيناء والتحرك العسكري المصري فيها بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل (1979)، وحاجة ذلك لتفاهمات معها، أضاف: “هذه الأعداد من ضمن الاتفاقية، وإذا كان هناك بعض الأسلحة الثقيلة التي دخلت إلى سيناء، فالاتفاقيات الدولية تلزم طرفي المعاهدة بالتفاهم بينهما، وإسرائيل تعلم جيدا الجهود العسكرية المصرية في سيناء وبالتالي لا يوجد ما يقلق أي طرف طالما هناك تفاهمات” وقبول إسرائيلي بزيادة القوات عما هو منصوص عليه في معاهدة السلام بين الجانبين.

ووفق نص معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، تحدد التواجد العسكري المصري بسيناء، في عدة مناطق أحدها (أ) في غربها حيث مسموح فيها بـ22 ألف جندي، بخلاف تسليح يقتصر على الدباباب والمدافع لاسيما المضادة للطائرات، بخلاف منطقة أخرى (ب) في وسط سيناء يقتصر عدد القوات فيها وفق الاتفاقية على 4 آلاف جندي من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة، ثم “ج” الحدودية شرقا والأقرب لإسرائيل، لا يسمح فيها بأي تواجد للقوات المسلحة المصرية وتقتصر على قوات من الشرطة وقوات دولية فقط.

وحول قراءته لإعلان إسرائيل مؤخرًا عن تدريبات عسكرية على حدودها ضد أي إرهاب محتمل من سيناء، تابع: “هذه دعاوى معروفة عن إسرائيل، حيث قالت في سنوات ماضية إنها تخشي من عبور عمليات إرهابية من سيناء، وطالبت بتدويل الأمن في سيناء حتى تأمن اعتداءات الإرهابيين”.

وأوضح أن “إسرائيل تريد عادة أن تدفع في هذا الاتجاه، وتوجد لها المبرر إذا حدث هجمات ضدها، وفي النهاية هي تنظر لمصالحها لا يهمها وجود إرهاب في مصر أم لا، وتبحث عن أمن مستقر حتى ولو على حساب جيرانها”.

وتابع: “نعلم أن إسرائيل العدو الرئيسي، ولها مصلحة أولى فيما يحدث في سيناء؛ لأن إضعاف مصر في صالحها، فالإرهابيون يوجهون هجماتهم ضد الجيش والشرطة وليس ضد إسرائيل”.

وفي 7 يناير/ كانون ثان الجاري، أعلن أفيخاى أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) عن “تدريبات للوحدة الخاصة لمكافحة الإرهاب في مدينة إيلات السياحية على الحدود مع سيناء وذلك لصد أي محاولة لارتكاب هجمات إرهابية”، مدشنا هاشتاغ (وسم)#استعداد_دائم.

وفي 30 يونيو/ حزيران 2015، قال أدرعي، عبر صفحته أيضا: “تهديد الإرهاب يتصاعد من سيناء، بقيادة تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، المعروف اليوم باسمه الجديد ولاية سيناء، هذه المنظمة تهدد باستهداف مواطني إسرائيل وجنود الفرقة، وقد تحاول تحقيق تهديداتها في أي لحظة، واجبنا أن نسبقه ونضربه إذا حاول ذلك بحزم وتصميم”.

وأكد الخبير العسكري المصري، أن “مصر لا تضعف ومستمرة في تسليح قواتها، ورأينا تراجع العمليات بالمقارنة بالسنوات السابقة وانحسارها مع تطور الأداء الأمني لمواجهة الإرهاب”.

الانفلات الأمني

وحول أسباب التواجد الإرهابي في سيناء، أوضح اللواء المتقاعد علاء عز الدين أن “الفترة التي أعقبت ثورة يناير(كانون ثان) 2011 كانت فترة انفلات أمني، ساهمت في تواجد الإرهابيين بشكل رئيسي”.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية وقتها كانت في ضعف شديد نتيجة لما واجهته من اعتداءات وحل جهاز أمن الدولة (جهاز استخباراتي يتبع الوزارة)، لافتا إلى أن دور الأجهزة الاستخباراتية سواء المخابرات العامة أو الحربية متعلق بجمع المعلومات، وليس إنشاء حاجز أو مركز أمني.

وقدّر عز الدين أعداد الإرهابيين في سيناء بأنها “لا تتجاوز الألف”، وكلهم من المصريين.

وتنشط في محافظة شمال سيناء منذ عام 2011 عدد من التنظيمات أبرزها “أنصار بيت المقدس”، والذي أعلن في نوفمبر/ تشرين ثاني 2014، مبايعة تنظيم “داعش”، وغير اسمه لاحقًا إلى “ولاية سيناء”.

الهجمات في تراجع أم ازدياد؟

واعتبر الخبير العسكري المصري أن الهجمات في تراجع مستمر بالمقارنة بالسنوات الماضية على مستوى الأعداد الإرهابية والمتفجرات، والأسلحة، وسط تضييق أمني وسيطرة على المنافذ وتدمير مخازن ومخابئ للإرهابيين، وسط عمليات عسكرية مستمرة وهذه مؤشرات تراجع لأي من يرصدها.

ولفت إلى أن الهجمات تعتمد بشكل رئيسي على عمليات منفردة، لا تستخدم الصواريخ أو المدفعية، كحال ما يحدث في العراق وسوريا.

واختلف الخبير العسكري المصري مع تقارير حقوقية محلية ودولية تقول إن هناك انتهاكات واسعة ضد أهالي سيناء عبر القتل والتهجير والتوقيف العشوائي والاعتقالات.

وقال: “القوات المسلحة لها تاريخ مشرف في التعامل في سيناء، وهذه الاتهامات غير صحيحة، في هذه الأونة، ولكن كانت هناك تجاوزات في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981 – 2011) من وزارة الداخلية”، مشددا على أن أهالي سيناء لهم دور كبير في دعم الجيش في مواجهة الإرهاب بالمعلومات.

وأوضح أن “الجيش حريص علي التعامل مع الأهالي، لم يقتل أو يصب مدنيًا بريئًا أثناء المواجهات مع الإرهابيين”، مستدركا: “لكن من أصيب منهم أو قتل بقذيفة هاون فهذه من الجماعات الإرهابية التي تستخدمهم أحيانا دروعا بشرية”.

وفي سبتمبر/ أيلول 2015، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية القاهرة “بانتهاك القانون الدولي” في سيناء بتدميرها “آلاف المنازل” والمزارع وتهجيرها بالقوة 3 آلاف أسرة لإقامة منطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين أول 2014.

وأصدرت منظمة سيناء لحقوق الإنسان (غير حكومية) عبر شبكة الإنترنت أكثر من تقرير مؤخرًا يتحدث عن انتهاكات طالت مئات المدنيين في سيناء من جانب القوات الأمنية، ولم يتسن التأكد من صحة ذلك على وجه الدقة في ظل الأجواء العسكرية في سيناء التي تعوق عادة التغطية الإعلامية بخلاف بيانات عسكرية، وسط تحفظات عن الإدلاء بتصريحات من مسؤولين، أو السماح بجولات صحفية في سيناء بدعوى غياب التأمين اللازم.

وردا على سؤال حول سيناء من رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، خلال زيارته للقاهرة في نهاية أغسطس/ آب 2016، قال الرئيس المصري إن “مصر تضع نصب أعينها حياة المواطنين وحمايتهم أثناء عمليات ملاحقة ومداهمة أماكن تمركز العناصر الإرهابية في منطقة محدودة من شمال سيناء (شمال شرقي مصر)”.

لا سقف زمنيا لانتهاء المواجهة

وأكد الخبير العسكري المصري، علاء عز الدين، أن مواجهة الإرهاب ليست بالحل العسكري فقط، ولها محوران أحدهما أمني، والآخر تنموى وفكري.

وتابع: “المحور الأمني لا يمكن الاستغناء عنه من يواجه بالسلاح يواجه بالسلاح، بالتزامن مع المواجهة بالتنمية والفكر”.

واستبعد إمكانية تحديد سقف زمني للقضاء على الإرهاب بعد مرور أكثر من 3 سنوات على حملة عسكرية لا تزال مستمرة منذ سبتمبر/ أيلول 2013.

ومضى قائلا: “لا دولة في العالم يمكن أن تقول إنها ستقضي على الإرهاب في مدة معينة، نحن نجتهد ولا ننسى أن الإرهابيين وراؤهم دول وأجهزة (لم يسمها)، واللعب بات على المكشوف الآن في سيناء”، دون أن يضيف تفاصيل أخرى.

ومنذ سبتمبر/ أيلول 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية حملة عسكرية موسعة، في عدد من المحافظات، وخاصة سيناء؛ لتعقّب ما تصفها بالعناصر “الإرهابية” و”التكفيرية” و”الإجرامية”، التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء استهداف عناصر الجيش والشرطة.

وأضاف عز الدين: “مصر تسير في طريق التنمية، وتحمل في ذات الوقت السلاح ضد الإرهابيين، وتركيا منذ عشرات السنين تواجه تنظيم بي كا كا وأعماله الإرهابية ضد السكان المدنيين الأبرياء ولم تستطع أن تقضي عليهم بعد وهذا حال دول أخرى منها فرنسا”.

وأشار إلى أن المسألة لا تقف عند رقم تقديري غير رسمي للإرهابيين لا يتجاوز الـ 1000، مؤكدا أن مصر لا تواجه جيشًا نظاميًا محدد الأماكن، فالإرهابيون في مخابئ ويعيشون أحيانا وسط السكان وفي الصحاري فهم كعدو متخفٍ.

حماس مهمة لسيناء

وحول ما يتردد عن تقارب استخباراتي مصري مع حركة حماس مؤخرا، تابع “حماس من مصلحتها أن توجد علاقات طيبة مع أي نظام حاكم في مصر، لاسيما في تبادل المعلومات”.

ورحب بلعب حماس لدور داعم للدولة المصرية في سيناء، قائلا: “حماس لو عملت بالفعل مع الدولة المصرية بشفافية ووضوح، وابتعدت عن حفر الأنفاق وغيره، فالوضع سيختلف في سيناء وستكون له نتائج إيجابية لصالح القضاء على الإرهاب”.

وشهدت سيناء إعلانًا لحالة الطوارئ في أكتوبر/ تشرين ثان 2014، وتم تمديدها أكثر من مرة على مدار عامين.

وتشهد مناطق محافظة شمال سيناء في الفترة الأخيرة، وخاصة مدن رفح، والشيخ زويد، والعريش، تزايد استهداف الآليات والمواقع العسكرية والشرطية، من قبل جماعات مسلحة، ردًا على استهدافها من قبل الجيش والشرطة، وتعلن جماعات متشددة، بينها “ولاية سيناء” التي تعلن المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية