تُنشر هذه السطور في اليوم التالي لتنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، فمنذ أمس؛ الجمعة 20 كانون الثاني/يناير 2017، صار دونالد ترامب رسميا الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة منذ الاستقلال، هذا مع أن الموضوع الأكثر جاذبية لهذا الاسبوع هو حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير. وفي اتصال هاتفي مع أستاذ جامعي كان حريصا على حضور جلسة النطق بالحكم، فبادر بالقول أن صدور الحكم قبل أيام قليلة من الذكرى السادسة لثورة 25 يناير 2011 فيه رد اعتبار لهذه الثورة، حيث يحمل معنى استمرارها، ولولاها ما حدث التغيير النفسي الذى حرر المواطنين من الخوف، وما كان لهم أن يترقبوا صدور الحكم بهذه الحماسة، أو يتحدوا الموقعين على اتفاقية ترسيم الحدود المائية المصرية السعودية بذلك الإصرار..
في نفس الوقت علق أنور ماجد عشقي، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، والقريب من دوائر القرار في الرياض؛ «أن السعودية قد تلجأ إلى الأمم المتحدة والتحكيم الدولي». وأشار عشقي، (حسب موقع البي بي سي العربي) إلى أن التوتر في العلاقات بين البلدين «ناشئ عن خلافات بشأن قضايا إقليمية، وليس في الأساس بسبب التنازع على السيادة على الجزيرتين».
أما الصديق الأكاديمي فاستطرد قائلا: إنها فرصة لتكتب عن هذا الموضوع وتغطيه.. قلت: الموضوع قُتل بحثا، وسيبقى مفتوحا لمدة طويلة، وإذا لم أتناوله هذه المرة فالفرص قادمة، خاصة إذا أصر الرئيس السيسي كالعادة على تمسك حكومته بموقفها والالتفاف على الحكم، وقلت للصديق أنني أعطي الأولوية لتنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وتناول مدى سلامة رهان الرئاسة المصرية عليه، فرد فعلا إنه موضوع مهم في هذه الظروف الملتبسة.
وبداية توصف علاقة الرئيس السيسي بالإدارة الأمريكية بـ«الخاصة»، وكان ذلك واضحا في صياغة البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بمناسبة فوز ترامب، ووُصِفت فيه: بـ«العلاقة الاستراتيجية الخاصة التي جمعت بين مصر والولايات المتحدة على مدار عقود كبيرة مضت، وإيمانًا بالدور المهم والأهداف المشتركة التي تحققها وتصونها تلك العلاقة في دعم استقرار منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحماية مصالح شعوب هاتين المنطقتين، فإن جمهورية مصر العربية تتطلع لأن تشهد فترة رئاسة الرئيس دونالد ترامب ضخ (سريان) روح جديدة في مسار العلاقات المصرية الأمريكية، ومزيدًا من التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الشعبين المصري والأمريكي، وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها»
وهذا يحدد مستوى الرهان الرسمي المصري ومداه على فوز ترامب، وما يبدو من تقارب في الأفكار والأهداف، لا سيما أن موقف إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أثر في تحديد المرشح الأمريكي المفضل لدى الرئاسة المصرية، وعليه كان السيسي أول المهنئين بفوز ترامب، والأكثر سعادة بخسارة كلينتون. وهنا تجدر الإشارة إلى رأي سائد بين الخبراء عن مغزى الرهان الرئاسي المصري بقوة على الدولة الصهيونية، وعلى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو تحديدا؛ ووجود قناعة في الوسط الرئاسي بأن الطريق إلى واشنطن يبدأ من «تل أبيب»، وعليه زاد الحرص الرئاسي على تقوية العلاقة مع رئيس الوزراء الصهيوني، والتعاون معه في المجالات العسكرية والأمنية ومواجهة الجماعات المسلحة في سيناء.
وأشار تقرير لوكالة «أسوشيتد برس» اﻷمريكية، الشهر الماضي إلى العلاقات المصرية الصهيونية منذ وصول السيسي للحكم؛ وصف التقرير الدولة الصهيونية «كحليف سري للرئيس المصري ودول الخليج»، ونقل عن مسؤولين صهاينة قولهم: «هذه أفضل أوقات التعاون» بين القاهرة وتل أبيب، ولدى الدولتين «تفاهمات حول سيناء»
ولهذا كان من الطبيعي أن يصوت مندوب مصر لصالح تل أبيب من أجل حصولها على عضوية لجنة الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي عام 2015، ومن أسابيع قليلة مضت سحب مندوب مصر في مجلس الأمن مشروع قرار لوقف بناء المستوطنات، وعلى الفور قدمت نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال مشروعا بديلا يطالب بالوقف الفوري وعلى نحو كامل لجميع أنشطة الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، واعتبره خبراء عرب «القشة التي قصمت ظهر البعير» وأدت لشرخ العلاقات الرسمية المصرية الفلسطينية
والسؤال المهم الآن هل هذا الرهان في محله؟ وماذا تريد القاهرة من الرئيس الأمريكي الجديد
كل ما تتطلع إليه القاهرة في وضعها الراهن هو كسب الرضى، والحصول على الدعم الاقتصادي والعسكري والأمني والسياسي والغذائي من الرئيس الأمريكي الجديد، مع زعم قائم؛ أثق في صحته، وسائد بين أوساط الرئاسة المصرية؛ يرى في إرضاء واشنطن مبررا لتقديم التنازلات لتل أبيب، وتلبية مطالبها وتيسير تنفيذ خططها ومشروعاتها. هذا دون إغفال ما تعلقه الرئاسة المصرية من آمال على الإدارة الأمريكية الجديدة في إدراج جماعة الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية
لكن هل هذا يستقيم مع ما هو متوقع من إجراءات يتخذها ترامب يرد بها الاعتبار بما هو أكبر من التطابق في السياسات والمصالح الأمريكية والصهيونية، وإفراغ قرار الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن وعدم استخدام حق النقض لوقف الاستيطان؛ إفراغ ذلك القرار من مضمونه، وهذا من المرات النادرة التي لا تستخدم فيها واشنطن حق النقض لمنع صدور قرار كهذا
وليس من المستبعد أن الرهان الرسمي المصري على ترامب قد يفسح المجال أمام تأييد رسمي عربي لنقل السفارة الصهيونية إلى «القدس»، وتعويق حل الدولتين؛ الذي يحوز قبولا من «المجتمع الدولي»، وقد يعمل على تحقيقه في ظروف موازين متحركة وسائلة ومتغيرة؛ قد تسمح في لحظة بحل الدولتين؛ وهذه الموازين تعود إلى التأثير الروسي في الساحة العالمية وأسباب أخرى، وحضوره البادي كطرف في معادلة التسوية المرتقبة، وهو شيء لا تراهن عليه الرئاسة المصرية بالدرجة المطلوبة، ولا ترى غير الحصان الأمريكي الجدير بالرهان عليه وحده
ويبقى سؤال أخير عن مصير الالتزامات التي قطعتها الرئاسة المصرية للأشقاء في دول الخليج العربية؛ في ظل استعداد ترامب لابتزازهم وتهديدهم بتخلي أمريكا عنهم، وما يترتب على ذلك من فراغ وفوضى، في وضع يغيب فيه العمل العربي المشترك، ويفتقد البديل الإقليمي الجماعي، وفي حال قيام ترامب بذلك، فما مصير سياسة «مسافة السكة» التي أعلنت عقب ثورة 30 يونيو 2013، وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي؟
٭ كاتب من مصر
محمد عبد الحكم دياب
العرب الآن لا قيمة لهم, وأظن أن موقفهم لن يتغير عن موقفهم بعد حرق المسجد الأقصى, عندما حرق المسجد ﺍﻷﻗﺼﻰ قالت جولدا مائير : لم أنم ليلتها ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺨﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ سيدخلون ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ افواجا ﻣﻦ ﻛﻞ صوب لكني عندما طلع ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ و لم يحدث شئ أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة.
ربما ورد في المقال – وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي؟ –
والصحيح الرئيس المنتخب السيد محمد مرسي المختطف من عصابة العسكر أول رئيس منتخب في تاريخ مصر الحديث .