عودة الصادق المهدي إلى السودان وسط تضييق من السلطات

حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: سمحت السلطات السودانية، لخمسة وعشرين شخصا من «حزب الأمة» باستقبال رئيسه الصادق المهدي، الذي وصل أمس الخميس، إلى مطار الخرطوم عقب عودته من القاهرة، فيما منعت أجهزة الإعلام من تغطية الحدث.
وقرر المهدي العودة من القاهرة، التي استقر بها منذ عامين، وحدد التاسع عشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي موعداً لعودته، لكن أجّل الموعد لتزامنه مع اعتصام مدني نفذه شباب السودان. وكان الرجل قد غادر الخرطوم في عام 2014 بعد تعرضه لمضايقات بسبب مهاجمته لقوات «الدعم السريع».
وقالت نائبة رئيس حزب الأمة، مريم المهدي، في تصريحات صحافية في مطار الخرطوم، إن «عودة الصادق غير مرتبطة بأي اتفاق مع الحكومة». وأضافت «هو عائد لمواصلة برنامجه في تحقيق العدالة والتنمية بالوسائل السلمية».
وعبّرت عن عدم رضائها لـ»منع أجهزة الإعلام من التغطية»، مشيرة إلى أن «هذا حق أصيل تم انتهاكه».
وتعرض الصحافيون لمضايقات في مطار الخرطوم رغم تلقيهم دعوة من اللجنة الإعلامية لاستقبال المهدي. وشهدت الطرق المؤدية للمطار ازدحاماً غير معهود، وإجراءات أمنية مكثفة.
وتوافد أنصار المهدي من أطراف العاصمة ومختلف ولايات السودان، وتعرض بعضهم لمضايقات أمنية، خاصة الوفود القادمة من خارج الخرطوم. وشق الموكب طريقه لمنطقة ودنوباي في أمدرمان وسط الطبول والأهازيج، وأقيم احتفال في ساحة مسجد الهجرة، وهو ثاني أكبر مسجد لأنصار الحزب.
ووجه العديد من الأحزاب والكيانات السياسية نداءات لمنتسبيها للمشاركة في الاستقبال. وأعتبر الحزب الاتحادي الديمقراطي أن «عودة الإمام الصادق المهدي تمثل بداية مرحلة جديدة في مسيرة استعادة الوطن وعودته إلى سابق عهده وهو الذي لم يغادر السودان اإا جسدا بعد أن لعب دورا تاريخيا بارزا في بلورة المشروع الوطني الديمقراطي مع بقية أطراف العمل المعارض في الخارج».
ودعت الجبهة الثورية على لسان رئيسها مالك عقار، لاستقبال المهدي آملة أن «تسهم عودته في تقوية العمل المشترك بين فصائل المعارضة كافة».
كما دعا الناطق باسم جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، أنصاره لاستقبال رئيس حزب الأمة، فيما رحب المؤتمر الشعبي بهذه العودة. كذلك انضم تحالف قوى المستقبل للتغيير لقائمة المرحبين، وأشار إلى أن وجود المهدي في البلاد سيسهم في عملية السلام وإيقاف الاحتراب.
وشهدت اللحظات الأخيرة لمغادرة الصادق المهدي القاهرة توافد مجموعات من السودانيين لوداعه من ضمنهم وفد ضم كوادر وقيادات الحركة الشعبية. وتداول ناشطون في حزب الأمة مقاطع وصورا لتلك اللحظات.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله رزق أن «عودة المهدي للخرطوم تأتي في ظروف بالغة التعقيد لتزامنها مع انتهاء اجتماع قوى نداء السودان الأخير في باريس، وانقسام في الرأي حول موضوعين أساسيين هما هيكلة التجمع والموقف من خارطة الطريق».
ويقول رزق لـ»القدس العربي» : إن «عودة الصادق المهدي للبلاد، ضمن هذه الظروف تعني استمرار مهمته التي انتدب نفسه لها في الخارج، واستئنافها من الداخل، وهي توحيد القوى السياسية، ضمن هيكلة تتيح له القيادة، وضمن استراتيجية، تعتمد الحوار والتفاوض مع النظام وسيلة أساسية».
وأضاف أن «وجود المهدي بالداخل، يمكنه من إدارة حوار مباشر مع النظام لإيجاد مخرج من مأزق خارطة الطريق والتنسيق مع الوساطة الأفريقية لإحياء دورها من جديد، بعد هبوط مؤقت في مستوى النشاط الجماهيري المعارض، وإعادة تجميع وتوحيد أطراف قوى نداء السودان، خاصة، حول موقف تفاوضي».
وبين أن «الحاجة لوحدة قوى المعارضة تتطلب اتصال المهدي بتحالف قوى الإجماع الوطني»، معتبراً في الوقت ذاته أن ذلك «يصطدم بتمايز موقف الطرفين وتضادهما».
فالتحالف، حسب المصدر، «يراهن على الانتفاضة الجماهيرية، ويرفض الحوار مع النظام، كما يرفض اي محاولة لما يسميه ترقيع النظام او ادخال تحسينات عليه، ويدعو إلى إسقاطه وتصفية كل مرتكزاته».
أما موقف المهدي وحلفائه، فهو يتناغم، وفق رزق، «مع ما يسمى بالهبوط الناعم، الذي تعمل على المساعدة على تحقيقه قوى دولية بمافيها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لمساعدة النظام للخروج من أزماته ومن ذلك تخفيف العقوبات الأمريكية المشروط لتمكينه من القيام بمهمات لصالح هذه القوى على المستوى الإقليمي مثل الحرب على الإرهاب، كماورد في حيثيات التفاهم مع الولايات المتحدة الذي انتهى لتخفيف العقوبات».
واختير تاريخ السادس والعشرين من كانون الثاني/ يناير موعداً لعودة الصادق لدلالة اليوم في أذهان ووجدان السودانيين بصفة عامة وأنصار المهدي بصفة خاصة. ففي هذا اليوم حرّرت فيه الخرطوم على يد محمد أحمد المهدي وشهد مقتل غردون، وإعلان الدولة المهدية، وكان ذلك في عام 1885.

عودة الصادق المهدي إلى السودان وسط تضييق من السلطات

صلاح الدين مصطفى

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية