يطيب لأردنيين كثر هذه الأيام ترديد العبارة التالية.. «سقفي في الدعوة للإصلاح والتغيير لا يتجاوز إطلاقا ما ورد في الأوراق النقاشية الملكية الست».
سمعتها مؤخرا من وزراء سابقين للبلاط ليس سرا أن بينهم الدكتور مروان المعشر.
وسمعتها من قادة اساسيين في تيار الإخوان المسلمين ليس سرا ان بينهم زكي بني إرشيد ومراد العضايلة وعلي ابو السكر.
سمعتها ايضا من رؤساء وزارات سابقين ليس سرا ان من بينهم طاهر المصري أوضح من تحدث بالديمقراطية من نخبة البلاد في السر والعلن وتحت الطاولة وفوقها وفي المنصب وخارجه.
طبعا سمعناها ـ أي العبارة نفسها ـ من كل رموز الشارع والحراك وممتهني ترويج تهمة الفساد والعشرات من الذين يعملون في الشأن العام او يتعاطونه.
في الندوات وبصورة علنية تتردد نفس العبارة حتى أصبحت في بعض الأحيان بديلا موضوعيا عن مناقشة فعلية لمضمون الأوراق طالب بها بالنص والتصريح صاحب الأوراق ورمزها.
بعض الرموز المتهمين بالتهور الاصلاحي والتطرف الديمقراطي والليبرالية الامبريالية والشطط الإسلامي يقولون أكثر من ذلك عندما يعلنون في كل المنتديات قبولهم بما ورد في الورقتين الأولى والثانية فقط اللتين صدرتا عن مركز ورأس الدولة والسلطات.
عمليا لا يحتاج المتحمسون لرؤية الإصلاح الملكية داخل الدولة إلى كل تلك الخصومات التي يتبرع بها بضعة نشطاء ومثقفين لهدف واحد يتيم ولئيم وهو «الإيحاء» بأن الاصلاح لا زال في إطاره الإنشائي اللفظي ولم يحظ بعد بإرادة سياسية شاملة تزرع له بعض المخالب في الواقع المأساوي ديمقراطيا.
تنفيذا لقواعد حسن الظن والثقة بالمؤسسات الوطنية نقول بعدم وجود مبررات للتشكيك في أصل المسألة وجذرها وخلفيات طرحها بقدر ما توجد مبررات قوية كافية لإقناعنا باننا كأردنيين نتخصص في إعاقة مسيرتنا وإحباط اي مشاريع إيجابية يمكن ان تبرز او تولد هنا او هناك.
اللافت جدا ان مضامين الأوراق النقاشية يخطب فيها الإعلام الرسمي ليلا نهارا ويؤشر عليها وزراء وحكام إداريون وسبق لثلاث حكومات على الأقل ـ على حد رصدي الشخصي ـ ان اعتبرتها نبراسا يضيء درب الأردنيين.. يؤسس للمستقبل ويشعل شمعة في الحاضر بدلا من لعن الظلام.
لكن ايا من هذه الحكومات المتشدقة لم تضع ولا في اي لحظة كمية صغيرة من الوقود في هذا النبراس.
ولم تشعل ولو شمعة حتى يسير حملة الضوء على الرصيف.. حيث وضعت الأوراق في جانبها التنفيذي على الرف ولم توضع لها خططا تنفيذية او اسقفا زمنية بل لم تكلف ايا من هذه الحكومات التي تصرف الكثير والقليل على ما هب ودب من المؤتمرات والحلقات النقاشية خاطرها لمبادرة ولو واحدة بإسم وضع إجراءات رسمية وبيروقراطية وتشريعية تناقش الأفكار والرؤى النبيلة التي وردت في اي من الأوراق النقاشية.
يدهشني شخصيا ان الحكومات «تتجرأ» على مثل هذا الموقف وأن المؤسسات الأساسية لا تتدخل لحماية برنامج وطني ملكي توافقي يمكن ان يعيد صهر كل التناقضات الاجتماعية ويضع الأردنيين مجددا في سياق مشهد الحاجة ملحة جدا إليه هذه الأيام وعنوانه الأعرض شعب موحد خلف قيادته ومؤسساته على هدف وطني متفق عليه وبسقف زمني ضاغط على الجميع في المجتمع ومركز القرار بالتوازي.
ثمة قوى لا يمكنني الارتياح لنواياها الوطنية تجتهد يوميا بإعاقة التوافق الوطني حتى وصل الأمر بعد سلسلة الإخفاقات والمشكلات إلى حد ما قاله أمامي شخص مسؤول ووازن ومن الشخصيات الخبيرة التي خدمت بالوظيفة العليا وهو يبلغ بالتالي: لم أعد أستطيع بعد الآن التحدث مع اقاربي وأبناء عشيرتي بذلك الخطاب الكلاسيكي عن الثوابت والوطن والمؤسسات وتبرير الأخطاء.
نفس الشخص سجل المفارقة الأبرز وهو يقر بان المجتمع لم يعد يسمع لرجال الدولة والإدارة والناس لا تسمح له شخصيا بالكلام وخياراته عند لقاء الجمهور تنحصر في ان يصمت او ينسحب.
نعود لملفنا الرئيسي.. ثمة جهات حكومية ورسمية وبوضوح شديد هي التي تعيق مضامين الأوراق النقاشية الملكية التي لم تحظ اي مبادرات بإجماع وتوافق وطني مماثل لما حظيت به والتي يمكن ببساطة اعتبارها حجة على المشككين بالاصلاح ونوايا الدولة أو سحب منهجي لتلك الذخيرة التي تروج الإحباط وتعزز السلبية.
نعم وببساطة أنا أتهم هنا حلقات أساسية في الدولة نفسها وفي جهازها البيروقراطي بما فيها بعض المجموعات التي نفترض ان واجبها النشاط كحلقات وسطى لنقل المبادرات الملكية النبيلة بالعمل في الاتجاه المعاكس ضد مضامين الأوراق النقاشية في إعاقة مزدوجة «حتى لا نقول مؤامرة إدارية» تضلل المرجعية والقيادة وتخدع الرأي العام.
وفي كل مرة تتردد فيها العبارة تأتيك فورا عبارة مماثلة ورديفة تنطوي على تشكيك بالإرادة السياسية نفسها.
تلك مأساة نخبوية ومؤسسية بامتياز في الحالة الوطنية الأردنية حيث لم يعد من المنطقي تصوير الأمر وكأنه «عجز تام» أقرب للشلل في المجتمع والدولة معا عن التجاوب مع مقترحات نقاشية تتقدم بها للجميع رؤية ملكية مستنيرة وحيوية وعصرية دون ان تتوفر مخالب وأدوات تحظى بالشرعيتين عند الناس والقصر لكي تنجز ولو بعضا مضامين النقاش.
لا أصدق ولا أريد ان أصدق ان الأردني الوطني المخلص في الشارع وفي مؤسسات القرار يستطيع ان ينام وضميره في حالة استرخاء وهو يرى نفسه مشلولا في مواجهة اي مبادرة لالتقاط لحظة تاريخية نادرة وتحويلها من حلم ورقي إلى برنامج عمل على الأرض والواقع تماما كما تفعل كل الشعوب الحية.
باختصار ومن الآخر.. نصوت لفكرة تحويل الأوراق النقاشية إلى سقف عمل للجميع وباختصار آن أوان اللعب بقواعد نظيفة وواضحة قبل ان نندم جميعا.
٭ إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
بسام البدارين
لا أحد يناقش ما يهم المواطن، ولا يهمهم ما يعتقد المواطن
كمثال على ذلك مواطن طالب على الفيس بوك بمقاطعة الموبايلات بسبب نية الحكومة فرض ضريبه عليها اعتقلته الاجهزه الامنية بسرعة بعد ان عرفت الا اي بي الذي يستخدمه
من الجانب الاخر اعلن انه لن يحاكم وزراء سابقون بتهم فساد لان لديهم حصانه!!!! نعم لديهم حصانة ولذلك فعلوا ما حلي لهم من اموال الشعب
كل ممارسات النظام لا تعبر ولا تنسجم مع الاوراق النقاشية التي يطرحها ، الشعب جاهز للتغير والتعاطي ، لكن النظام نفسه لا يتقدم نحو ما يطرح من اوراق والدليل الشعب يطالب بملاحقة الفساد والشفافية وغيرها ممن هم حول الملك من انساب واصهار .فأين الملك منها ؟؟
لا تحمل الشعب ما لا يحتمل من ادعاءات ,..الخلل في النظام وليس الشعب