ارتبط تعريف الفلسفة السياسية أكاديميا باعتبارها منظومة التفكير المجرد المرتبط بالوجود السياسي والمحدد لنظام عام للقيم من خلال سلة القوانين والمعايير المقيدة للحقوق والحريات وواجبات المواطن تجاه حكومته منعكسة إجمالا على الحياة السياسية والطابع العام لسيرورة المجتمع والدول وعلاقاتها المتشابكة والمترابطة مع المنظومات الإقليمية و الدولية. في ظل الوصفات الكيميائية الدموية التي يتجرعها العالم العربي باسم الدين حينا وباسم السياسة أحيانا كثيرا اعتقد إن الفيلسوف دايفيد ايستون صاحب النموذج التحليلي للنظم السياسية ‘نموذج المدخلات والمخرجات’ – لو عادت هذه الأيام لوجد تحليلاته عديمة الفائدة سياسيا حتى نماذج مكيافييلي لم تعد صالحة بعد إلياذةّ ‘من انتم…:ّ ‘وراني فهمتكم .. وفاتكم القطارّ’ الشهيرة دخل العالم العربي حقيقة في تصفية الموروث السياسي والديني والأخلاقي انطلاقا من معايير ومحددات جديدة تحمل عنوان ‘أحبابي وأهلي وعشيرتي صنفتنا في اصطفاف طائفي حاد الخروز والتوجهات الشاقولية العميقة نحو المخارج الضيقة. بعد ذلك بدأ محمد مرسي خطاب تنصيبه رئيسا بـ’احبابي واهلي وعشيرتي بدل ايها المواطنون ايتها المواطنات.. وصار شعارا عربيا عريضا بعدما شغل الفيلسوف الجزائري مالك بن نبي فكره بتوحيد المسلمين نهضويا على خط طنجا – جاكارتا تقلص الخط فوق خط الاستواء وتحت خط الفقر وانشغل عبد الناصر وبومدين الملك فيصل بتوحيد نفس العرب من المحيط إلى الخليج. حاليا انحصر الخط وصار مبنيا على أحبابي وأهلي وعشيرتي في كل شيء من الفساد العائلي المستشري بجميع الدول سياسة واقتصاديا وتحللا اجتماعيا، ووظيفيا وأدلجة سياسية حتى صار الوحي ينزل مباشرة على الشيوخ في الفضائيات بدل المساجد والصحافيين والحكام والمشعوذين واللصوص والعساكر والإرهابيين ولكنه ليس وحيا سماويا وإنما وحي على قاعدة أحبابي وأهلي وعشيرتي. رغم أن الخجل شعور نفسي مصاحب لحالة تصعب على التفسير استحياء آم إعياء أما الخجل في السياسي هو انكفاف على تفسير مشهد سياسي بطريقة مقنعة أما الزحف الطاغي للانكشاف. تقلصت أحلامنا من خط طنجا- جاكارتا ومن المحيط إلى الخليج إلى حماية هذا الوطن المدكوك كملل ونحل. – في بلادي اشعر بالخجل من خزينتي الممتلئة مالا وأحبابي وأهلي وعشيرتي يتضورون جوعا ويتحاربون على قفة رمضان التي صارت مشروعا وطنيا. – وفي بلادي اشعر بالخجل من سياسات تمسح ديون دول سبب فقرها الأصلي الحروب والفساد وشراء السلاح وأحبابي وأهلي وعشيرتي لا يجدون منصبا يشغلهم عن التفكير في الشغل.. فيما بقية الجفاف السياسي فهو تصحر قاتل.. خير دوائه ‘الله يرحم الشهداء’. – أما مصر اشعر بالخجل من بلاد ترفع علما إسرائيليا بقلب القاهرة وتغلق سفارة أحبابي وأهلي وعشيرتي في سورية الذين يدفعون الثمن، ومرسي يردد ‘رايحين سورية شهداء بالملايين و’خزينته فارغة من الملايين.. والله اعلم ان كانت فرصة للتخلص من تلك الملايين البشرية التي تحاصره بطلبات اجتماعية متزايدة ثم ان غزة اقرب في الشهادة للعرب من سورية وقد أغلقوا معابرها بإحكام. – اشعر بالخجل من عبد الناصر الذي أمم السويس بينما تنبح إثيوبيا التي بنت سدودا على النيل بنبرة تحد لمصر وللعرب! – اشعر بالخجل من بلاد تحوي الحرمين الشريفين ونبي الرحمة والمحبة والسلام وأحبابي وأهلي وعشيرتي في سورية صنفتهم كفارا وأعفت إسرائيل الحبيبة من نعمة الكفر! – اشعر بالخجل من بلاد لم تشاهد صندوق الانتخاب يوما وتعلق على انتخابات إيران الممتازة وتبذر المال في برامج فنية فارغة وأحبابي وأهلي وعشيرتي في اليمن حاصرتهم أسلاك المملكة الشائكة المانعة للدخول كي يموت الفقراء العرب المسلمين جوعا!
المقال رائع ومؤلم بنفس الوقت لانه اصاب عين الحقيقة
تحليل منطقي وراقي وموجع