كان أول ظهور للبنانية سيرين عبدالنور كما أعرف، في فيلم رمضان أبوالعلمين حمودة، للكوميدي المصري محمد هنيدي. لم أر أداءً استثنائيا أو مميزا للممثلة اللبنانية في ذلك العمل الذي كان منصة انطلاق لها، وحتى في الأعمال التي تلته. كانت سيرين عبدالنور ممثلة عادية بأداء عادي يمكن القول فيه إنه لو أدت دورها أي ممثلة أخرى فلن يتغير في العمل شيء.
كان هذا رأيي…إلى ان كنت أقلّب في القنوات، حتى توقفت عند قناة «الآن».
وطبعا، محاولة معرفة هوية القناة، عملية تحتاج خبرات معتقة في التربص وانتظار نتائج تحليل محتوى الأخبار لمعرفة التوجه السياسي لأي قناة، لكن في حالة قناة الآن، كانت العملية أسهل مما اعتقدت، فمع اول خبر في نشرتها الإخبارية، كان الموضوع من نوعية «استقبل، وودع وافتتح « لمسؤولين سعوديين…وهذا يعني بوضوح أن القناة مالكها سعودي بالضرورة!!
لكن، بعيداً عن نشرات الأخبار الموجهة، وملكية القناة وهوية أصحابها، فإن برنامجاً تقدمه الممثلة اللبنانية سيرين عبدالنور لا بد أن يستوقفني في انطباع أولي فطري مفاده « تفضلوا، الآن برنامج آخر لممثلة تعتقد أنها تتقن كل شيء». ومردّ هذا الانطباع برامج متراكمة كثيرة تم انتاجها فقط لإرضاء نزوات نجوم بدون أي معايير محتوى إعلامي تحترم المتلقي، فكان أغلبها فاشل.
إن عملية الانتقال من التمثيل إلى الإعلام التلفزيوني مجازفة رغم أن الإنتاج كله محسوب على صناعة الترفيه، وتاريخيا الحالات الغالبة كانت انتقال من يعملون في الإعلام إلى التمثيل، بعد ان يحققوا شيئا من الشهرة او الحضور، وهناك حالات بدأت إعلام تلفزيوني وإذاعي واشتهرت بالتمثيل ثم عادت للإعلام الترفيهي مرة أخرى، ولعل السيدة إسعاد يونس أكبر نماذج الحالة.
المفاجأة أنه وبعد ربع ساعة من المتابعة والانجذاب المتواصل في برنامجها «بلاحدود»، استطاعت سيرين عبدالنور أن تجذبني بقوة إلى برنامجها، والفقرات المتنوعة ذات المحتوى الجميل.إضافة إلى أن أداء الممثلة كمقدمة برنامج وتقارير متلفزة كان أكثر براعة وعفوية وخفة من أدائها التمثيلي مما يجعلني «كمشاهد» أنصحها مطمئنا جداً أن تترك التمثيل وتتخصص في الإعلام التلفزيوني بكل عفويتها، فعفوية هذه السيدة الجميلة هي سر نجاحها بلا شك.
ربما كانت السينما منصة انطلاق متوفرة لسيرين عبدالنور، لكنها بلا شك وضعت قواعدها في مهنة هي تتقنها ولها حضورها فيها..وانا من متابعيها الآن.
العربي و«الإفرنجي»
على تلفزيون الكيبل البلجيكي، أتابع برامج الترفيه الأوروبية وما تيسر من الأمريكية، خصوصا برامج الحوار الكوميدية، ومن بينها البرنامج البريطاني الأكثر شهرة، «غراهام نورتن شو» والذي يقوم على استضافة نجوم درجة أولى وفنانين عاديين أو غير مشهورين يضعهم على كنبة واحدة فيكونون سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأحد على سواه إلا بما يتلطف به غراهام من اسئلة عليهم.
قبل أيام، كان الضيوف، من النجوم كيانو ريفز، نجم فلم ماتريكس، وهو فاتن قلوب النساء، والضيف النجم الآخر كان الأسطورة الهوليودية دنزل واشنطن.
متابعة برنامج ترفيهي مثل هذا بعد متابعة برنامج « مع عمرو اديب» مثلا، شيء مضر بالصحة النفسية، وقد يفضي إلى الاكتئاب المفضي إلى الانتحار خنقا بالنفتالين.
لست من محبي تغليب «الإفرنجي» لكن الجيد يطرح نفسه بقوة وبضرورة الجودة..ففي برنامج غراهام نورتن، هناك ضيوف آخرون، من بينهم مغني شاب، ممتليء الجسم بشكل لافت ومتخم بالوشوم والحلق في أنفه وكل مكان، لكن أغنيته التي قدمها مع فرقته كانت مليئة بالإحساس والجمال، والصوت المبهر، فدعاه غراهام للجلوس بين النجوم، بل ودفعهم إلى طرف الأريكة وأدار حوارا مع المغني الشاب، وهو محترف لكن ليس بشهرة النجوم معه، والأجمل أن هؤلاء النجوم اندمجوا بالحوار ودخلوا فيه بلغة فنية وراقية.
ثم يأتي الدور على دينزل واشنطن، وهو حديث الساعة الآن بفيلمه الجديد المرشح لأكثر من أوسكار «السياج»، ليتحدث الرجل بتواضع شديد عن المسرح، وكيف أن فكرة إنتاج الفيلم المأخوذ عن مسرحية معروضة في «برودواي»، قديمة، لكنها لم تأخذ التنفيذ لديه إلا بعد أن أداها كمسرحية بالمشاركة مع البطلة التي تشاركه الفيلم، ولسنوات طويلة. لينتهي إلى إخراجها كفيلم سينمائي سيحصد الأوسكارات.
هذا درس مهم من ممثل عريق ومحترف عن اهمية الانتماء للعمل الفني، وأهمية المسرح أبوالفنون كلها، لصقل الشخصية الممثل.
أطرف ما جرى أن يطلب ممثل كبير مثل دنزل واشنطن، من نجم يصغره سنا مثل كيانو ريفز أن يتكرم عليه بتوقيع أوتوغراف لزوجته وابنه الموجودين في كواليس البرنامج فقط من أجل ريفز.
في أغلب برامج الترفيه والحوار لدينا، هناك العكس تماما، والتصنع مع عملية تلميع للنجم متفق عليها مسبقا.
أقول في «أغلب» وليس «كل»، وهناك برامج قليلة عربية ومضيئة في فضاء الإعلام العربي.
مباشر على «الفيسبوك»
«الفيسبوك» نافذة تطل على كل شيء، كل شيء تقريبا على هذا الكوكب..
وآخر ما جذبني إليه «الفيسبوك»، صفحة الفنان الأردني المعروف زهير النوباني، وهو يستثمر تلك التقنية المعرفية في كف يده، لينقل لنا على مدى الأيام الماضية بثاً مباشرا وعفويا بلا رتوش لعمليات تصوير الجزء الثالث من المسلسل البدوي « راس غليص» والجزء الثالث بطولة زهير النوباني بعنوان «ذباح غليص».
مدهشة ثورة تكنولوجيا المعلومات، ومدهش استخدامها أحيانا، مثل استخدام فنان قدير مثل النوباني الذي عرف كيف يتواصل إجتماعيا وباحتراف يوازي احترافه في التمثيل.
ربما كان ما قدمه النوباني بدقائق «الفيسبوك لايف» التي بثها يساوي ساعة بث ترفيهي بتكاليف إنتاج عالية..وهذا يثبت أن الفكرة ومعالجتها هي الأساس، والباقي كله تفاصيل لخدمة الفكرة.
إعلامي أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة