عمان ـ «القدس العربي»: يعرف المتعمقون فقط في المعادلة السياسية الأردنية بأن الرياض تخطف عندما تتحدث مباشرة مع حكومة بغداد عبر الوزير عادل الجبير إحدى «الأفضليات» السياسية الأردنية المعتادة. ليس لأن عمان تقيم صلات واتصالات جيدة نسبياً بنخبة حكومة بغداد الحالية، ولكن لأنها تصر على الاحتفاظ بسيناريو القدرة الدائمة على التواصل مع جميع العواصم وبالتالي تمثيل النظام الرسمي العربي في الكثير من المساحات.
طبعاً تتفهم عمان أي مبادرات اختراقية سعودية في الأفق العراقي أو غيره ولا تستطيع الاعتراض حتى وهي تفقد دبلوماسياً وسياسياً بعض الميزات وبكل الأحوال يبدو ان بوصلة الانفتاح السعودية الدبلوماسية بدأت تتحرك في محيط طهران.
فاقتراب الوزير عادل الجبير من محور طهران النافذ في بغداد هي رسالة سياسية سعودية بامتياز بتقدير الأردنيين. وقبل ذلك كان الوزير الجبير نفسه قد وجه رسالته الودية للأردنيين عبر أصدقاء ويؤشر فيها على ان «قواعد اللعبة بدأت تتغير»، والمؤسسة السعودية تدرك ذلك خصوصا في الملفات المعقدة المتعقلة بالعراق وسـوريا.
وجود الجبير وجهاً لوجه أمام حلفاء طهران في العراق محاولة للعزف على الأوتار المجاورة للإيرانيين وسعي للتخفيف من حدة اللهجة التي اثارها الجبير نفسه مؤخراً وهو يتهم إيران بأنها ابرز دولة ترعى الإرهاب في الشرق الأوسط.
تناغمات الجبير مع عمان توحي بأن الإستراتيجية الجديدة لبلاده إظهار مرونة تجاه تخفيف الحملة على إيران وإمكانية التحدث بصورة غير مباشرة وبلغة أقل عدائية وهي الرسالة التي يقدر الأردنيون أنها وجهت من المؤسسة السعودية للإيرانيين عبر بغداد هذه المرة لأن الاتصالات بين الرياض وحكومة بغداد كانت «خاملة جداً» أو غير فعالة حتى وقت قريب.
ما يقال في أروقة التواصل الأردنية مع الحليف السعودي إن القمة العربية التي ستعقد في عمان ينبغي أن تشهد حالة من «استقطاب» الحكومة العراقية وتثبيت دورها في مؤسسة القمة بدلاً من تركها في أحضان الجانب الإيراني وهو منطق يتفق معه رئيس وزراء الأردن وخبير القمم العربية الدكتور هاني الملقي.
وبطبيعة الحال لا توجد أدلة على أن الاستقطاب للعراقيين يمكنه أن يكون منتجاً فعلاً في ظل الاستحكام الإيراني. لكن مجاملات الجبير في بغداد بتقدير السعوديين قد تفيد بحياد حكومة بغداد على الأقل إذا ما حاولت قمة عمان العربية تبني قرارات مباشرة تدين وتستنكر التدخل الإيراني في البلدان العربية.
وقد تفيد إذا ما قررت القمة نفسها مبادرة جديدة بخصوص المشهد اليمني حيث المواجهة الأشرس بين طهران والرياض على الأرض اليمنية وحيث كواليس قمة عمان تتحدث مبكرًا عن «مبادرة جديدة» بخصوص المأزق اليمني تساندها السعودية عن بعد وقد تقدمها مصر ويتطلب عبورها ضمن توصيات القمة دوراً أساسياً لمصر والأردن وتنحية طرفين هما حكومة بغداد والجزائر.
وعليه يمكن القول بأن وقوف الجبير على محطة بغداد المستعصية وغير الودودة عملياً مع عمان هي خطوة لها صلة مباشرة بالحراك الدبلوماسي العربي، والسعودي النشط قبل الدخول في استحقاق مؤسسة القمة العربية.
طبعاً الأردن لا يمانع ذلك لأنه يسعى للاستثمار في اللقاء العربي الذي يحتضنه في منطقة البحر الميت قرب العاصمة حتى وإن كان التأثير سلبياً على دوره المألوف والخبير في التواصل مع جميع العواصم.
الملامح المبكرة التي رسمها مجدداً الجبير في سياسة بلاده الوشيكة، تتحدث عن نمو الاستعداد للتعاطي مع خارطة طريق سياسية وبدون حسم عسكري للمشهد اليمني المعقد وعن التعامل مع «الواقع الجديد» في سوريا والتخلي عن سياسة التعقيد والتصعيد في لبنان والبقاء على تواصل فعال مع النخب العسكرية في إدارة الرئيس دونالد ترامب والسعي بنشاط لجذب العراق للحضن العربي الرسمي ومنع الذرائع التي يمكن استخدامها لتبرير الاتجاه المعاكس.
هذه الملامح تمثل استراتيجية الحراك الدبلوماسي السعودي عشية قمة عمان العربية ومن المرجح ان وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي بالصورة وان عمان بصورة الترتيبات على أمل ان تتحرك المياه الراكدة في الملفات المستعصية بهامش توفره مؤسسة القمة العربية وضمن استراتيجية سعودية ملموسة قوامها سحب الذرائع من تحت أقدام إيران ومنعها من الاستثمار في المكاسب على حساب السعودية والنظام الرسمي العربي.
لذلك على الأغلب استقبلت عمان بعد الرياض الرئيس اللبناني ميشال عون وزار الجبير بغداد مباشرة وفتح الأردنيون قناة كانت كسولة بتشجيع سعودي مع النظام السوري وتواصل الطرفان مع واشنطن وموسكو قبل الزيارة التي قام بها العاهل الملك عبدالله الثاني للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لذا ليس سراً ان كل هذه الاتصالات تجري عشية هندسة القمة العربية عبر عمان والرياض والقاهرة. وليس سراً أيضاً الآن أن القمة العربية المطلوب منها مرحلياً تمهيد هذه التحولات وتوفير الغطاء لها.
بسام البدارين
خطوة متأخرة من السعودية تجاه العراق الذي تُرك منذ العام 2003 في أحضان ايران الجارة الخبيثة التي تحاول فرض أجندتها على الاحزاب التي تمسك بجمر السلطة في العراق خطأ كبير من جميع الدول العربية تركت العراق هكذا لقمة سائغة لايران تهندس المشهد في العراق حتى تمكنت من تحويله الى بلد مليشيات تحكمه سلطة غاشمة من الاحزاب الفاسدة وفق نظام محاصصة طائفية مقيتة المطلوب من الدول العربية تغيير خطابها الاعلامي والسياسي تجاه العراق ومحاولة سحبه الى الحضن العربي ومعالجة مشكلاته الداخلية لتأمين الاستقرار
*المشهد (العربي) للأسف ما زال مهلهل وضبابي وكل يغني على ليلاه..؟!
* حمى الله الأردن الغالي من الأشرار
والفاسدين.
سلام
لا يا عزيزتي نهى لا يوجد نظام محاصصة طائفية في العراق. يوجد ذئاب من طائفة واحدة تتقاتل على تقسيم الغنيمة. الغريب أن كل هذه الذئاب وعلى الرغم من أنها من نفس الطائفة إلا أنها تربت في كنف نظام مشابه واحد، النظام الإيراني، وهو الذي يحركها جميعاً كالدمى في المكان والزمان المناسبين وحسب الحاجة!