لندن ‘القدس العربي’ ـ اعداد ابراهيم درويش: يبدو ان الحكومة المؤقتة في مصر قد تعيد اعمدة الدولة البوليسية التي اقامها الرئيس المخلوع حسني مبارك واحياء الاجهزة الامنية التي اغلقت مع انتصار ثورة يناير 2011. فقد اشار وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم الى عودة ضباط مباحث امن الدولة التي كانت مسؤولة عن التحقيق مع الناشطين الاسلاميين.
وجاء اعلان وزير الداخلية بعد مقتل اكثر من 83 مؤيدا للرئيس المعزول محمد مرسي قرب المنصة التذكارية في مدينة نصر صباح يوم السبت الفائت.
وتقول صحيفة ‘الغارديان’ ان شراسة قوات الامن تواصلت في عهد مرسي الذي رفض شجب ممارساتها، لكن تحرك اللواء ابراهيم يقترح انه يستخدم عزل مرسي وتزايد الدعم الشعبي للشرطة كغطاء من اجل العودة الى ممارسات ما قبل عام 2011.
وجاء اعلان اللواء ابراهيم قبل ساعات من منح الرئيس عدلي منصور صلاحياته بشأن تطبيق مواد معينة في قانون الطوارئ، في حال اعلان الطوارئ، طبقا لخارطة الطريق.
ونقلت ‘الغارديان’ عن احد محامي حقوق الانسان المعروفين ونائبة المدير التنفيذي لمركز ‘النديم’ لاعادة تأهيل ضحايا التعذيب في مصر وهي عايدة سيف الدولة قولها ‘هذه عودة الى عهد مبارك’.
واضافت قائلة ان هذه الاجهزة ‘ارتكبت افظع انواع انتهاكات حقوق الانسان’، والتي شملت على ‘الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، القتل خارج القانون، وهذه الاجهزة هي التي قامت بقتل الاسلاميين اثناء التسعينات من القرن الماضي، وتعتبر اجهزة كريهة لم تعاقب ابدا على جرائمها’.
ويرى كريم انارة من ‘المبادرة المصرية للحقوق الشخصية’ ان هذه الاجهزة لم تحل ابدا، وربما يقوم وزير الداخلية باستخدام الدعم الحالي للشرطة كمبرر لاعادة تأهيلها امام الرأي العام.
واضاف ان ‘ الوحدات التي كانت متخصصة في مراقبة الجماعات السياسية ليست عائدة لانها لم تحل في المقام الاول’، وقال ان ‘الشيء الوحيد الذي حدث هو انها غيرت الاسم، وما يقوم الوزير به هو استخدام الوضع الذي تسهل العوامل فيه عملية شرعنة الوحدات وممارسات الشرطة’.
ثقة بالنفس
وتقول هبة مورايف مديرة مكتب ‘هيومان رايتس ووتش’ في القاهرة ‘ بشكل اساسي، لم يتغير اي شيء على مستوى امن الدولة (عام 2011) باستثناء الاسم’، والمهم في الوضع الحالي ان ابراهيم ‘يستطيع الاعلان عنه بشكل علني، وهو ما لم يكن يتجرأ على التفكير به عام 2011. فمراقبة النشاطات السياسية كان واحدا من الامراض الكبيرة في عهد مبارك، وحقيقة خروجه والحديث عنه الان تعكس ثقة بالنفس من جانب وزير الداخلية، حيث يشعر مسؤولوها بانهم عادوا الى وضع ما قبل -2011’.
يذكر ان كراهية الامن كانت واحدة من اهم عوامل اندلاع ثورة يناير، لكن حماس الشرطة ودعمها لعزل مرسي كانت واحدة من عوامل اعادة تأهيلها في عيون الكثيرين، فقد شوهد عدد كبير من عناصر الشرطة الذين كانوا بالزي المدني يحملون لافتات ضد الرئيس المعزول في الايام التي قادت الى رحيله، بل وان بعض المتظاهرين هتفوا ‘الشعب والشرطة يدا واحدة’، كما ان الشرطة فشلت في توفير الحماية للكثير من مراكز الاخوان المسلمين التي هاجمها غاضبون وغوغاء في عدد من مدن مصرـ ولعل اهمها حرق ونهب المركز العام في حي المقطم بالقاهرة.
وجاء اعلان ابراهيم بعد يوم واحد من خروج الالاف لاظهار دعمهم لقائد الانقلاب الفريق عبدالفتاح السيسي الذي طلب من الشعب تفويضا لمحاربة العنف والارهاب، حيث شعر ابراهيم انه حصل على هذا التفويض بالمعية وان هناك دعما شعبيا واضحا للقمع ليس ضد الارهابيين فقط ولكن ضد النشاطات السياسية للاحزاب الدينية.
ونقلت ‘الغارديان’ عن احد ضباط الشرطة في القاهرة قوله ‘ عادت الينا كرامتنا’ مضيفا ان معاملة الامن المعروفة للمعتقلين معقولة، خاصة ان هؤلاء من المتوقع ان لا يكونوا ابرياء.
وقال ان 90 بالمئة من الاشخاص الذين حقق معهم مذنبون، وعليه فلن اتعامل معهم بطريقة حسنة، وعلي ان استخدم القسوة معهم، هكذا يتصرف امن الدولة لان 99 بالمئة من الاشخاص الذين نتعامل معهم هم مذنبون’.
واضاف انه ‘اذا لم ترتكب اي خطأ فليس لديك اي شيء لتخاف عليه، والاشخاص الذين عليك الخوف منهم هم المذنبون، الذين يسرقون ويقتلون والذين يتعاملون مع دول اخرى. مثل مرسي الذي تعامل مع حماس والذي كان يريد بيع سيناء للامريكيين’ مشيرا الى الاتهامات الموجهة للرئيس المعزول.
اصبحوا ابطالا
وبنفس السياق لاحظت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عودة اجهزة الامن في عهد مبارك ولكن الفرق هو ان رجال الامن يعتبرون ‘ابطالا’ من قبل الكثير من الناشطين العلمانيين والليبراليين الذين ظلوا يقودون حملات ضد الامن ومباحثه.
وتقول ان تغير الحال بدأ بعد ان انضمت عناصر الشرطة للجماهير التي نجحت بالاطاحة بمرسي قبل اربعة اسابيع، حيث عادت العناصر التي كانت تلاحق من الجماهير وبقوة للشارع. ودعت في الوقت نفسه جماعة الاخوان المسلمين التي تؤيد مرسي اتباعها للتظاهر امام وزارة الداخلية احتجاجا على احياء الاجهزة الامنية وعملها مما يثير مخاوف تجدد العنف.
وقالت الصحيفة ‘في مظهر مثير للدهشة من مظاهر توسع الخلاف داخل المجتمع المصري فقد رحب الكثير من العلمانيين والليبراليين بعودة قوى الامن’.
ويبرر بعضهم بانهم تعبوا بعد عامين من الثورة التي شهدت تزايدا في نسبة الجريمة، كما انهم يخشون من عودة الجماعات المسلحة الى سيناء ويرون ان اعادة احياء قوى مكافحة الارهاب مبرر.
ونقلت عن ايهاب سمير ، احد كبار مسؤولي حزب الاحرار المصريين قوله ‘انها مصالحة’، مضيفا انه لا يمكنك ان ‘تكون على تضاد معهم، لان امنك يعتمد على وجود قوات امن قوية’.
ولاحظت الصحيفة ان جماعة تمرد التي لعبت دورا في عزل مرسي قد خففت من لهجتها تجاه الاجراءات الجديدة بعد ان عبرت على موقع الانترنت عن رفضها عودة دولة مبارك البوليسية.
وبررت الحركة موقفها بالعبء الذي تواجهه وزارة الداخلية التي تواجه حركة عمرها 80 عاما اي الاخوان المسلمين والتي تريد اي الجماعة جر البلاد الى حرب اهلية. لكن الجماعة تقول انها تريد ببساطة عودة الرئيس المنتخب. ونقلت الصحيفة عن مورايف قولها ان عودة الاجهزة الامنية القديمة تعتبر تحولا كبيرا، حيث يذهب ابعد من الخلاف الاسلامي العلماني لشيء اكبر من هذا، مشيرة الى ان اجهزة الامن حصلت على المبرر واعادت موضعة نفسها في اماكن السلطة مرة اخرى.
امريكا تحاول
واشارت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ الى المهمة الصعبة التي تواجهها واشنطن في التعامل مع تدخل الجيش حيث قالت انها حاولت التعامل مع الازمة المصرية بنوع من التوازن، فمن جهة’ ظلت واشنطن تحث العسكر على تجنب العنف واستيعاب الاطراف الاخرى خشية ان تؤثر هذه على مصالحها في المنطقة، ومن جهة اخرى تجنبت الاشارة للتدخل بانه ‘انقلاب’ وامتنعت عن تعليق المساعدة الامريكية لمصر في وقت طلبت فيه من دوائرها القانونية بالبحث في طبيعة التغير في مصر.
وتقول الصحيفة ان المشكلة ليست مصر ولا الانقلابيين ولكنها تتعلق باسرائيل التي يهم واشنطن امنها في وقت تحاول فيه الادارة بدء جولة جديدة من المحادثات بينها وبين الفلسطينيين. فاسرائيل تعتمد على مصر في ادارة امن سيناء التي تشهد تصاعدا للاسلام المتشدد.
وعليه قام المسؤولون الاسرائيليون بالاتصال وحث الادارة على عدم قطع المساعدات السنوية لمصر والتي تدفعها واشنطن مقابل محافظة القاهرة على معاهدة السلام الموقعة عام 1979.
ومنذ بداية الازمة قام وزير الدفاع تشاك هيغل ووزير الخارجية جون كيري باجراء سلسلة من المحادثات الهاتفية مع الفريق عبدالفتاح السيسي.
وتجد واشنطن نفسها في مأزق يتراوح بين قطع المساعدات وفقدان التأثير على المؤسسة العسكرية وبين الاستمرار بارسالها والقبول بما يجري من احداث، فحسب تامارا كوفمان من معهد سابان ‘اذا كان كل شيء تعمله من اجل الحفاظ على العلاقات فان قطع المساعدات يقوض كل شيء تريد فعله’.
ولا يعرف المسؤولون الامريكيون انه وبناء على الظروف الصعبة في مصر ان كانت مكالمات هيغل وكيري وآن باترسون، السفيرة الامريكية في القاهرة تترك اثرا على الادارة الجديدة.
وبناء على التبادل بين هيغل والفريق السيسي فان ادارة اوباما تعتقد ان لديها اوراق تأثير على الجيش المصري، خاصة ان الفريق السيسي طلب دائما دعما ولو بالكلام من واشنطن لما قام به.
لكن المحادثات بينهما تتسم بالدوران حول موضوعات تتكرر.
ففي الوقت الذي حث فيه هيغل السيسي على اطلاق سراح مرسي، الا ان السيسي يرد ان الرئيس المعزول محتجز من اجل حمايته وامنه. وعندما يحث هيغل السيسي على التحاور مع الاخوان يرد وزير الدفاع المصري ان كل محاولاته للتحاور رفضها الاخوان.
ولا يعرف كيف سيقوم الجيش المصري بتعويض خسارته للدعم الامريكي.
فبعض المحللين يقولون ان الجيش المصري سيواصل حماية سيناء لانه يعتمد على دعم الشرطة المصرية.
وبعضهم يقول ان الجيش سيتوقف متذرعا بعدم توفر القدرات المالية واللوجيستية لديه مما يعني اجبار واشنطن على ارسال الدعم المالي. كما ان تدهور الاوضاع الامنية في سيناء سيضع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تحت ضغوط قد تدفعه الى التخلي عن دعم المحادثات مع الفلسطينيين حسب دانيال كيرتز، السفير الامريكي السابق لكل من اسرائيل ومصر.
ويقول كيرتز انه لا يوجد اي توتر في الوقت الحالي بين الولايات المتحدة واسرائيل لان احدا منهما يدعو لقطع المساعدات، ولكن ان قتل عدد اخر من المصريين في الايام المقبلة فسيكون من الصعب غض الطرف على ما يجري.
ومع ذلك يحذر كيرتز وغيره ان واشنطن ستضيع الورقة الوحيدة للضغط لديها ان قررت قطع المساعدات وستؤكد الاتهامات التي توجهها المعارضة لمرسيوفحواها ان واشنطن دعمت الاخوان.
وحذر المستشار السابق لاوباما لشؤون الشرق الاوسط دينيس روس ان قطع المساعدات سيؤدي الى ردود افعال سلبية. وقال روس ان على واشنطن ان تضع خطوطا حمراء ان تم تجاوزها فهذا يعني قطع المساعدات، واقترح تجنيد السعودية ودول الخليج التي قدمت دعما ماليا لمصر اكثر من الولايات المتحدة كي تقوم بالضغط على الجنرالات، حيث قال انه يجب على هذه الدول استخدام تأثيرها كي تسهل مهمة واشنطن مع العسكر.
اكتسبنا مناعة كافية ضد كل أنواع المؤامرات الداخلية والخارجية من كثرة ما مر منها علينا. تآمرت أمريكا والبنك الدولي ضدنا في الخمسينات لمنع بناء السد العالي، لكن الشعب والقيادة قررا أن نبنيه ولو بالمقاطف والفؤوس كما قال جمال عبد الناصر وقتها في خطبة شهيرة وبنينا السد العالي. انتصرنا في معركة تأميم قناة السويس وأصبحت من أهم مصادر الدخل من النقد الأجنبي، ولم يزحزحنا العدوان الثلاثي علي بورسعيد قيد أنملة عن قرار التأميم. جاء عدوان 1967 واحتلت إسرائيل سيناء لكن تصميم الشعب والقيادة علي تحريرها كان له ما أراد وحدث العبور العظيم في اكتوبر 1973 واندحرت إسرائيل بالحرب والتفاوض والتحكيم وتحققت إرادة الشعب في التحرير. أطل الإرهاب الأسود في أواخر عهد السادات وانتهي باستشهاده بين أبنائه يوم عيدهم القومي في اكتوبر 1981 ولا حقت الدولة كل الإرهابيين ونالوا جزاءهم، لكن هدنة واستكانة وتباطؤ حدث في عهد مبارك فترعرع الإرهاب من جديد ،والحمد لله فقد استدعي الشعب بطله القومي الجديد عبدالفتاح السيسي الذي لبي نداء الشعب وحصل علي تفويض غير مسبوق بدحر الإرهاب في كل ربوع مصر وستنتصر بإذن الله إرادة شعب الكنانة ولله الحمد من قبل ومن بعد. نعم نحن في رباط إلي يوم الدين وهذا قدرنا ونحن أهله ولا نجزع ولا نخاف وحيوية هذا الشعب لا مثيل لها في العالم، أليسوا هم أحفاد الفراعنة العظام الذين أبهروا العالم أجمع بحضارة لا زالت شاهدة علي عظمتهم. لا أحد يستطيع الضغط علي هذا الشعب ولا أمريكا ولا من هم أعظم منها.