بيروت ـ «القدس العربي»: عندما ظهرت الممثلة الشابة زينة مكي على شاشات السينما لأول مرة في فيلم «حبة لولو» تكون انطباع لدى المراقبين بأنها ستترك أثراً في مسيرتها. زينة المتقنة في الأداء، الهادئة في حضورها، الرقيقة والشفافة في تعبيرها تتابع الارتقاء في أدوارها ودون استعجال. نجاحها في فيلم «حبة لولو»هذا حمّسها في البدايات لإعلان تمسكها بالسينما دون الدراما. لكن الأيام كانت كفيلة بتعديل الموقف وصار لها حضورها المميز في الدراما اللبنانية والعربية. ولأنها تحب السينما جداً سجلت حتى الآن حضوراً في حوالي عشرة أفلام قصيرة.
معها كان هذا الحوار:
○ لدى انطلاقتك الأولى في التمثيل ومن خلال السينما لم تكن الدراما التلفزيونية تجذبك. مؤخراً بدأنا نلمس حضوراً متكررا لك في المسلسلات. هل تبدلت القناعات؟
• لا تزال السينما وجهتي الأولى والأفق الذي أحلم به. إنما هي تستلزم الانتظار حتى يأتي العرض المقنع والذي يترك شعوراً بالإشباع. عشقي للسينما دائم، إنما بلوغ هذا الهدف لا يعني الموافقة على أي عرض. أقيم توازناً في حياتي المهنية، وأتوقف ملياً عند الأعمال الدرامية التي ترضيني نصاً وإخراجاً. وفي كل عام أنكب على كتابة فيلم سينمائي قصير لأبقى قريبة من الأجواء التي أحبها في عملي. وستبقى السينما أولوية مطلقة.
○ كم بلغ عدد المسلسلات التي شاركت فيها حتى الآن؟
• هي وجع الروح، درب الياسمين، 24 قيراطا، مدرسة الحب، الشقيقتان وجميعها تمّ تصويرها وأكثرها تمّ عرضه. وصورت في مصر مسلسل «اختيار اجباري» وهو مصري بالكامل، والآن أنا بصدد مذكرات عشيقة سابقة. وبهذا يصبح عدد المسلسلات سبعة.
○ كيف كانت الطريق إلى مصر؟ وكيف وقع الاختيار عليك وما زلت في بداية الطريق؟
• كان المنتجون بصدد البحث عن ممثلة لبنانية. قالوا بالحرف أنهم في بحث عن وجه لبناني مختلف عن الوجوه النسائية التي عرفتها الشاشة المصرية. أكدوا وكرروا أن طلبهم محدد ودقيق «حدا طبيعي…مش ملعوب بوجِّها… وما بتشبه غيرها». هذا ما سمعته بالحرف، اضافة إلى تعبير «وجه ليس فيه ملامح غرور». ما توقفت عنده لدى لقائي مع المنتجين حرصهم على متابعة أعمالي السينمائية بعد موافقتهم على صورتي الفوتوغرافية. إذا الاختيار الأكيد تمّ بناء على نوعية العمل والحضور. وهكذا أنجزت التصوير مجيئاً وإياباً بين القاهرة وبيروت على مدى أربعة أشهر.
○ اللعب بالوجه حسب تعبيرك أو تعبير المنتجين المصريين يغري الصبايا والممثلات بشكل خاص. متى ستقعين في الفخ؟
• آمل ان لا أتركه يصطادني. في رأيي يجب أن يكون الممثل أقرب شخص للمشاهد. يرضى المشاهد بالممثل القريب منه. للتجاعيد جمالها. الممثل شخصية إنسانية نراه كل يوم وليس «موديل». أعرف أن أسناني لها خصوصية بتقدمها نحو الأمام. يمكنني تقويمها لتكون بالمقياس الطبي والجمالي المتعارف عليه، لكني أجدها تمنحني شخصية خاصة بي. دائماً أدعو لأن يبتعد عني اغراء التجميل.
○ كان دورك صعباً في مسلسل «مدرسة الحب»؟
• بل كان تحدياً لي. كنت شخصية ميتة، لكن طيفي كان حاضراً في حياة الممثل أحمد زاهر. ترجمت حضوري بتعبير وجهي وحركة جسدي فقط. والممثل احمد زاهر ساعدني في ترجمة حضوري المطلوب لأنه اندمج في دوره كلياً. ما شاهدته منه لم أشاهده من قبل لدى أي ممثل لبناني.
○ لك مشاركات لا بأس بها في الدراما اللبنانية رغم تصريحك بأنها تستخف بعقولنا. كيف تلمسين هذا الاستخفاف؟
• لن أقول أين يتم هذا الاستخفاف. لكنها دراما لا تأخذ في الاعتبار ذكاء المشاهد. فأين الواقع في أن نرى فقيراً في مسلسل يعيش في حي يجذبنا ويغرينا لأن نعيش فيه؟ أكثر المسلسلات تُظهر لنا سيارات فارهة وملابس آخر موضة. شخصياً أبحث عن ما يقنعني في بعض الأفلام وفي الكثير من المسلسلات. نعم أبحث عن الحي الفقير كلمة ومشهداً.
○ كم تلبي السينما طموحك؟
• ما قمت به حتى الآن أرضاني كممثلة لكنه لم يشبعني. كممثلة ما زلت في عطش للمزيد. لم أصل بعد للرضى التام.
○ علمت أنك تكتبين فيلماً روائياً. فهل الدور المحوري لك؟
• منذ سنة ونصف لم أفتح الدرج على أوراق ذاك الفيلم. أنجزت النسخة الأولى منه. هو يحتاج لكتابة مجدداً ربما للمرة الخامسة. الوقت دائماً ضيق نظراً لقبولي بأدوار في السينما والتلفزيون. عندما أقرر أن هذا الفيلم يجب أن يُنجز بنسخته الأخيرة كسيناريو لا بد من التفرغ له كلياً وبعيداً عن أي انشغال آخر.
○ بما أننا في لبنان أكثر إنتاجاً للدراما التلفزيونية فما هي في رأيك وبعد تجارب متعددة شروط نجاح المسلسل؟
• ليس لنا أن نغفل عاملاً على حساب آخر. إنما النص هو الأساس. لكن ثمة نصوصا قوية يضعفها التنفيذ، وعندها لا شك بدور سلبي أو ايجابي للمخرج. في نظري ليست للأسماء أهمية في العمل الدرامي. المطلوب ممثل حقيقي يتمكن من ايصال كامل مشاعر النص. الممثل القوي له امكانية إدارة نفسه إن كان المخرج ضعيفاً. النجومية ليست ضرورية لضمان النجاح. ولا أنفي أن النجوم يحققون مشاهدة عالية، ولهم رفع قيمة المسلسل في الإعلام والإعلان.
○ لماذا أنت في مسلسل «مذكرات عشيقة سابقة»؟
• لست على معرفة بكاتبة النص نور الشيشكلي ولا بالمخرج هشام شربتجي، وطبعاً شركة الإنتاج التي تقدم باكورة أعمالها. لكني تابعت دراما من نصوص الشيشكلي، وأخرى من توقيع شربتجي وأحترم ما يقدمانه. من جهة أخرى الشخصية التي ألعبها في «مذكرات عشيقة سابقة» تعذّب صاحبها، وأنا أهوى العذاب في ما أمثله. أحب الغوص في الشخصية، دوري ليس بسطحي مطلقاً، آلمني حتى خلال القراءة. أتمنى التمكن من إيصال مشاعري للمشاهد كما يجب.
○ بعد إنجاز تصوير أكثر المشاهد في المسلسل كيف تصفين تجربتك مع المخرج هشام شربتجي؟
• في ظني أن قولي أنها جداً غنية هو الأكثر تعبيرا. للمخرج شربتجي إدارة ممثل مميزة. عندما كان يتكلم معي كنت أمامه الشخصية وليس الممثلة زينة مكي. العمل مع الفريق كاملاً فاق توقعاتي. حضوري أساسي أمام الممثل طوني عيسى وأصفه بأنه كان غنياً لدرجة كبيرة. فالممثل الذي يعطي للممثل المقابل يساهم في أداء أفضل له ولسواه. وليس لجميع الممثلين قدرة العطاء.
○ ماذا عن فيلم «عم بيروح»؟
• هو من كتابتي وإخراجي وتعاونت مع مدير تصوير وإنتاج، رغم كونه من إنتاجي الخاص. تمّ توزيعه على عدد من مهرجانات السينما وآمل المشاركة في بعضها، فقد طُلب إلى مهرجانات الشرق الأقصى. فيلم من نوع «Fixtion» مدته 20 دقيقة، محوره فتاة تعيش في مجتمع لبناني. فتاة معاصرة جداً وتشبه الكثير من الفتيات. يسلط الفيلم الضوء على مرحلة ما بعد الانفصال في حياة الزوجين. مثلت في هذا الفيلم في سعي لتجربة الوقوف خلف وأمام الكاميرا معاً. كما تعاونت في التمثيل مع الزميل إيلي متري، ومع وجه جديد في السينما سبق له تمثيل اعلانات. لا أصر على الوجوه المعروفة خاصة في الأفلام القصيرة، لكن إيلي متري كان مناسباً جداً للدور. وهو ممثل يعطي من قلبه.
○ «مذكرات عشيقة سابقة» هل سيعرض في رمضان؟ وهل من حضور لك في هذا الشهر؟
• اظن أن المشاهدين ملّوا مني قبل رمضان. فأنا الآن في مسلسل «الشقيقتان» في لبنان، و«اختيار اجباري» يُعرض في مصر كذلك. و«مذكرات عشيقة سابقة» سيعرض في نيسان/ابريل، لهذا سيرتاح المشاهدون مني في رمضان.
○ وماذا في اجندتك القريبة؟
• الأمل معقود على عمل خارج الوطن العربي وقريباً، وليس لي إضافة المزيد من التفاصيل.