غزة ـ «القدس العربي»: تتصاعد موجات غضب شعبية وفصائلية فلسطينية، رفضا لنوايا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بإجراء تغييرات في مناهج الدراسة في المدارس التي تديرها وتقدم خدماتها لأطفال اللاجئين، تمس بالقضية وتطمس الهوية الوطنية، من بينها شطب مصطلح الأسرى، وإلغاء ما يشير لوجود جدار الفصل، واستبدال خارطة فلسطين برسم لنبات اليقطين.
وخلال الأيام الماضية حذر الكثير من المؤسسات الأهلية والفصائل وأولياء الأمور، من مغبة إقدام «الأونروا» على تنفيذ مخططاتها الرامية لإجراء تعديلات على المناهج الدراسية، في المراحل الدنيا، بعد الكشف عن عقد هذه المنظمة الدولية التي تقدم خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية للاجئين في خمس مناطق هي الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، عدة ورشات عمل أوصت في نهايتها بتعديل أكثر من 50 موضعا في المناهج.
وتبرز الخشية الفلسطينية بسبب ما كشف عن أن التعديلات تهدف إلى المساس بـ «الهوية الوطنية»، لشطبها أي كلمة أو مصطلح يدين الاحتلال، أو يبرز خريطة فلسطين، أو يشير إلى مدينة القدس.وقالت دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، إنها حصلت على محضر اجتماع لورشة عمل خاصة كانت قد عقدتها ما يعرف بـ «وحدة تطوير المناهج» في «الأونروا» قبل أشهر، يظهر عدداً من التعديلات المقترحة التي ناقشها المجتمعون في المناهج التعليمية، في غزة والضفة، في المواد الدراسية مثل اللغة العربية، والإنكليزية، والمواد الاجتماعية، والتربية الإسلامية، والرياضيات والعلوم.
وورد ضمن المحضر أن «الأونروا» مطالبة بتصدير منهج محايد، وأنه بعد مراجعة للنصوص تم تحديد حوالى 55 موضوعا يتعلق بالحيادية، والعدوانية، والجنس، في 65 صفحة، وهو ما يشكل 3,3% من الصفحات كلها، شملت هذه المواضيع أمثلة كالخرائط التاريخية لفلسطين التي لا تستخدم في سياق تاريخي، وكذلك استخدام الأسماء التاريخية للمدن الفلسطينية في سياق غير تاريخي.
ومن ضمن التوصيات التي قدمتها هذه الوحدة استبدال كلمة فلسطين التي وردت ضمن الإشارة لخريطة فلسطين للتوضيح إلى أن لفظ الياء بعد الطاء، باستخدام سيناريو بديل، وهو أن يكون التعديل باستبدال كلمة فلسطين بكلمة يقطين «مثلاً» مع حذف الخريطة، وفي مثال آخر استبدال الجملة التي تقول «القدس عاصمة الدولة الفلسطينية» بعبارة «القدس هي مدينة مقدسة لكل الديانات الإبراهيمية.
ويبين المحضر نصاً، محاولات سعي الوكالة الدولية، لاستبدال كلمة وخريطة فلسطين في كل مناهجها التربوية، والعمل على طمس كافة أشكال الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني من خلال حذف عدد من الصور في المنهاج الدراسي تمثل اعتداءات جنود وآليات الاحتلال على المدنيين، من بعض المقررات الدراسية، وذلك تحت بند «نبذ العنف».
كما تتردد معلومات أخرى بأن للجنة «أوصت بحذف اسم مدينة القدس، من بين مدن فلسطينية أخرى ضمن درس يتناول درجات الحرارة. وذكرت أنه جرت التوصية بحذف عبارة «المدرسة التي سيطر عليها الاحتلال وحولها إلى مستعمرة».
وحذر رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حماس، الدكتور عصام عدوان، من إحداث أي تعديل على المنهاج الفلسطيني، وقال إن ذلك يعد «مخالفة سياسية»، وإخلالا بالاتفاقية التي وقعتها مع السلطة بخصوص عدم تغيير المنهاج، مطالباً السلطة بالاعتراض بشدة على هذه المخالفة وإلزام الوكالة بالالتزام بالاتفاقية الموقعة بينهما.
ودعت حركة المقاومة الشعبية لـ «مواجهة سياسة الأونروا» الهادفة الى شطب القضية الوطنية في المناهج الدراسية، واتهمت هذه المنظمة بأنها «تتبع سياسة خبيثة تنسجم مع مخططات العدو لتجهيل شعبنا وتغييب وعيه بقضيته وعدالتها». ودعت إلى وقف هذه «السياسة الخبيثة والإجرامية»، وقالت إن الشعب الفلسطيني «لن يقف مكتوف الأيدي أمام استمرار هذا التسويف والإنكار لحقوق شعبنا وتطلعاته».
وفي إطار التصدي لسياسات «الأونروا»، خشية من تطبيقها لتصبح واقعا على الأرض، شهدت الأيام الماضية تنظيم عدة فعاليات احتجاجية وسط قطاع غزة، التي تحوي العديد من مخيمات اللاجئين، وفي مدينة خان يونس جنوبا.وعلمت «القدس العربي» أن فعاليات عدة ستنفذ خلال الفترة المقبلة، في إطار الرفض الشعبي لمخططات «الأونروا».
ونظمت اللجنة الشعبية للاجئين التابعة لمنظمة التحرير، اعتصاما أمام مبنى التعليم التابع لـ «الأونروا» في مخيم خان يونس، رفع فيه المعتصمون لافتات كتب عليها «لا لطمس الهوية الفلسطينية»، و»على الأونروا الالتزام برؤيتها الوطنية». وحذر خلالها المحتجون وهم من الأهالي وأولياء الأمور والمهتمين من مغبة تغيير المناهج، لما تقدمه من خدمة للاحتلال.
وإضافة إلى ذلك طالب بيان صادر عن المكتب التنفيذي للجان الشعبية، والمجلس المركزي الأعلى لأولياء الأمور في قطاع غزة «الأونروا» بتوضيح موقفها القاطع حول ما يدور عن محاولات لتغيير في المناهج الدراسية، محذرة من المس بهذه المناهج. وأشار إلى أن الخطوات الاحتجاجية ستتواصل للتعبير عن رفض أي محاولات تهدف إلى «طمس هويتنا الوطنية في مدارس الأونروا».
والمعروف أن «الأونروا» تلتزم بتدريس مناهج الدول المضيفة للاجئين في مناطق العمليات الخمس، غير أن خطوتها الحالية تخالف قانون هذه المنظمة الدولية.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، رفضها لأي تعديلات على المناهج، وقالت إنها «ترفض كل ما من شأنه أن يؤثر على التنشئة التربوية لأبنائنا والمساس بتاريخ شعبنا وحقوقه الوطنية ونضاله العادل». وحذرت «الأونروا» من مغبة الاستمرار في هذا الطريق، مشددة على أنها ستقوم بخطوات مدروسة لمواجهة ذلك.
ولم تكن الاحتجاجات الشعبية أو الفصائلية وحدها هي التي أعلنت وقوفها ضد المخطط، فقد خرجت اعتراضات من داخل المنظمة الدولية. واتهم يوسف حمدونة أمين سر اتحاد الموظفين في «الأونروا» في تصريحات صحافية، «الاونروا» بأنها تحاول «طمس الانتماء الفلسطيني سواء من خلال شطب خريطة فلسطين، أو شطب كلمة القدس أو تغيير البلدات الفلسطينية».
وأكد أن اتحاد الموظفين أصدر موقفه الرافض منذ اليوم الأول لأي تعديل، مشيرا إلى تعليمات واضحة أصدرها بمقاطعة كافة الورش التي تناقش التعديل. وطالب القوى الوطنية والفصائل ووزارة التربية والتعليم بأن يكون لها موقف واضح وقوي لإبطال تمرير المخطط الخطير.
أشرف الهور
هذا نتيجة التنازلات الفلسطينية عن الكثير من الثوابت منذ إتفاقية أوسلو المشؤومة
ولا حول ولا قوة الا بالله