أحداث خيالية لا تنتهي عن الفتي الطيب الذي يقاوم الأشرار !
فيلم هاري بوتر وكأس النار :يحيي القيسيأحداث خيالية لا تنتهي عن الفتي الطيب الذي يقاوم الأشرار !أصبح هاري بوتر شخصية عالمية شهيرة وهو من صنع خيال الكاتبة البريطانية ج.ك. رولينغ، التي تواصل يوما بعد يوم كتابة سلسلة جديدة من الأحداث الأسطورية المختلقة لذلك الفتي اليافع هاري بوتر الذي يتعلم في مدرسة هوغارت فنون السحر، وما يدور معه من مغامرات، ولقد أضحت شهرة الكاتبة رولينغ تصل إلي آفاق العالم أجمع، وتواصل الصحافة رصد ما تنشره من أجزاء يوما بعد يوم، وينتظر عشاق هاري بوتر الأجزاء الجديدة من السلسلة، فيما تحاول السينما أن تجسد هذه الأجزاء بالصوت والصورة والأداء أيضا، وهذا الجزء الثالث من الفيلم الذي حمل اسم Harry Poer and the Goblet of Fire هو من إخراج البريطاني مايك نيوويل، وهو عمله الأول في هذه السلسلة، فالجزء السابق الذي عرض العام 2004 كان من إخراج الفونسو كوريون وحمل اسم هاري بوتر وسجين أزبكان ، وبالطبع نري جل الشخصيات السابقة موجودة ولا سيما المدرسين والمدرسات في قلعة هوغارت الغامضة والتي تحفل بفنون السحر والعجائب، ولكن أحداثا أخري تجري بالطبع، جالبة معها شخصيات جديدة، ولعل من الضروري التذكير أولا بأنه كان علي كاتب السيناريو ستيف كلوفيس في هذا الجزء أن يكثف أحداث الرواية التي جاءت في 734 صفحة ليتم احتواؤها في فيلم مدته 157 دقيقة، ولهذا يفضل بعض عشاق بوتر قراءة الرواية بتفاصيلها أولا، وعلي كل حال يظل هاري بوتر الشخصية الأساسية، ويؤديها الممثل اليافع (دانييل رادكليف) وهو الآن في السادسة عشرة من عمره، ومعه زميلته في المدرسة هيرميون غرانغر (إيما واتسون) والتي بدت أكثر نضجا في العمر في هذا الجزء، وصار المخرجون يراعون أنها خرجت من عباءة الطفولة إلي أدوار تناسبها أكثر، وهذا ما بدا واضحا في هذا الفيلم حيث كانت نجمة ليلة الرقص التي أقامتها المدرسة، وبقية الشخصيات تعرف عليها المشاهدون مسبقا، مثل اللورد فولديمورت (رالف فينيس)، والبوس دمبلدور (مايكل غامبون)، وريتا سكيتر (ميراندا ريشارستون)، وغامبون دمبلدور وغيره، وبالطبع فإن من لم يشاهد الجزأين السابقين من هاري بوتر، لا يعرف ما المقصود بكل ما ذكرت من أسماء وأدوارها، ولكن إذا أتيح للمشاهدين الجدد أن يشاهدوا هاري بوتر لأول مرة هنا فلا بد أن تسحرهم الأجواء الأسطورية، وهذا سيقود البعض إلي محاولة التعرف علي الحكاية من أولها فيما سبق من أجزاء.لقد بدت أجواء الفيلم هنا في بدايته ذات طابع كابوسي مرعب، إذ يدخل هاري في حلمه إلي مناطق جديدة، حيث أجواء من التنافس علي (كأس قاديش العالمي) في ستاد عجيب الشكل، وفجأة يهجم من السماء (آكلو الموت) الذين يحرقون كل شيء، وفيما عدا هذه البداية للأجواء الكابوسية المرعبة تبدو بقية الفيلم ممتعة الطابع، ومشوقة، حيث يبدأ الترقب في أعلي درجاته، وتدور الحكاية حول مسابقة بين ثلاثة من السحرة التلامذة القادمين من مدارس مختلفة للتنافس علي الفوز بالمرتبة الأولي، ويتم اختبار المشاركين بأن يكونوا فوق سن السابعة عشرة، والمهم أن يطلبوا الترشح بوضع ورقة في كأس ضخم تخرج منه نار زرقاء، وهذه النار تقرر من سيتنافس، ويقع اختيارها علي البلغاري فيكتور كرام، والفرنسية فلور ديلاكور، والفائز بأفضل تلميذ ساحر في مدرسة هوغارت كيدريك ديغوري، ولكن النار تختار بشكل غامض هاري بوتر ليدخل في التنافس، رغم أنه لم يصل إلي السن المطلوب، ومن هنا تبدأ المغامرات التنافسية عبر ثلاث مراحل، أولها الحصول علي بيضة التنين الذهبية دون التعرض للقتل، لأن من يخسر هنا يموت، ولهذا تبدو المسألة خطيرة للجميع من المشاركين والأساتذة والتلاميذ الحاضرين الذين كانوا مشجعين لبوتر ابن مدرستهم، ولا داعي بالطبع إلي الدخول في تفاصيل ما جري، فمثل هذه الأشياء تري، ويخونها الوصف بالكلمات، إضافة إلي أنه يفقدها ما تحتمل من دهشة بصرية، وخيالية، ولكن يمكن للمرء أن يطلق العنان لخياله ويري : خيولا مجنحة تطير في الفضاء و تجر خلفها عربة، وثمة سفينة شراعية لكنها تغوص تحت الماء، وتختفي، هناك نباتات تتحرك مثل كائنات حية، منافسة في الطيران في الفضاء بسرعة البرق فوق مكنسة خشبية، بيضة ذهبية تنفتح علي أصوات لا تحتمل، تنين مجنح ينفث النار ويذيب الحجارة، مغامرات مع حوريات البحر وكائنات شريرة تحت سطح الماء، شموع معلقة في الفضاء دون شيء يمسكها، وقلم يكتب لوحده، ومتاهة أشجار تطبق علي الضائعين، وما كانت مثل هذه الأشياء لتتم لولا التقنيات الهائلة التي أبدعها الفنانون باستخدام الرسومات الكومبيوترية الرقمية المبنية أساسا علي الخيال الجامح للكاتبة رولينغ، لقد صار الأمر متاحا بطريقة تبدو نسخة طبق الأصل لذلك الخيال، بحيث لو أرادت الاستوديوهات السينمائية الغربية أن تنتج لنا نسخة من (ألف ليلة وليلة) بكل ما تحتمل من الأحداث العجيبة والغريبة لبدا أمرا ممكنا، ولكن هذا الأمر لم تصل إليه السينما العربية بعد، ولا أدري إن كانت أصلا معنية بالوصول إليه ومحاكاته علي الأقل.أعود إلي مغامرات الفتي بوتر بعصاه السحرية وكلماته التي تتحول إلي أفعال، ورفاقه الذين يقفون ضد قوي الشر مثل البروفيسور دمبلدور بلحيته البيضاء الطويلة، والمدرس للقدرات الظلامية ألاستور ذي العين الزجاجية المجنونة (الممثل بريندان غليسون) وغيرهم من أجل إنجاح خططه وفوزه، وأيا كانت الحكاية التي يحلق معها الفتيان والأطفال في عوالم ملونة وغريبة، أو ترحل بالكبار إلي أجواء من حكايات الجدات، والعالم المسحور، أو يراها البعض مجرد مشاهد مسلية للأطفال فقط، أقول بأن فيلما بحجم هاري بوتر عبر إنتاجه الضخم، والعوالم المبتكرة المبنية من الصور والمؤثرات الصوتية، وما صاحب ذلك من أداء متقن من الممثلين الفتيان والنجوم الكبار، كل ذلك قد ساهم في تقديم فيلم يستحق المشاهدة للخروج من رتابة الحياة الواقعية الثقيلة الوطء إلي عالم مثير من الخيال المحلق، تماما مثلما حدث في فيلم كنغ كونغ مثلا أو في ثلاثية سيد الخاتم أو غيره من موجة السينما الجديدة التي تذهب إلي القصي والنادر، والمتخيل لتقودنا إليه.كاتب من الاردن2