تونس ـ وكالات : بدأ الجيش التونسي صباح الجمعة، بشن غارات جوية مكثفة على معاقل مُسلحين بمنطقة جبل الشعانبي من محافظة القصرين غرب البلاد، غير بعيد عن الحدود مع الجزائر فيما اعتقلت الشرطة قرب ميدان للتظاهر وسط العاصمة رجلين حاولا قتل جندي وثالثا متنكرا في زي عسكري نظامي، كما اوقفت الشرطة عنصرا متشددا كان يقوم باعداد بعض المواد المتفجرة وتعرض اثناء تجربتها الى بتر يده. اما سياسيا فقد قدم الاتحاد العام التونسي للشغل للحكومة حلا وسطا يقضي بمنح الحكومة مهلة اسبوع لتشكيل حكومة كفاءات جديدة مقابل الابقاء على المجلس التأسيسي.
وذكرت مصادر إذاعية محلية تونسية، أن عمليات القصف الجوي شملت المناطق الجبلية المحيطة بقرى ‘بئر أولاد نصر الله’، و’رأس الثور’، و’وادي الحطب’ التي شهدت ليلة الخميس – الجمعة إشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش التونسي ومسلحين يعتقد انهم ينتمون الى ‘تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي’.
وبحسب إذاعة ‘موزاييك أف أم’، التونسية، فإن الجيش إستخدم مدفعية الميدان أيضا لقصف تلك المناطق، وذلك بعد ‘الكشف بالتعاون مع المخابرات الجزائرية عن وجود نحو 53 إرهابياً مسلحاً يختبئون فيها’.
وفيما لم يتسن الإتصال بوزارة الدفاع التونسية لمعرفة حقيقة تطور الأوضاع في هذه المنطقة، نقلت إذاعة موزاييك أف أم’ عن مصادر أمنية لم تذكرها بالاسم، قولها إن ‘الإرهابيين توزعوا على مجموعتين الأولى تتألف من 45 عنصرا تحصنت بتلال بلدة (بئر أولاد نصر الله)، والثانية تتشكل من 8 عناصر في بلدة (رأس الثور)’.
وأشارت المصادر إلى أن هذه العملية الجوية قد ‘تتواصل على مدى 3 أيام، حيث وصلت صباح امس تعزيزات عسكرية إضافية إلى محافظة القصرين للقضاء على الإرهابيين’.
وكانت إشتباكات عنيفة إندلعت بين وحدات من الجيش التونسي ومسلحين بمناطق جبلية في محافظة القصرين المحاذية للحدود الجزائرية، غير بعيد عن المكان الذي قُتل فيه 8 عسكريين تونسيين الإثنين الماضي في كمين نصبه مُسلحون يُعتقد أنهم من تنظيم ‘القاعدة’ في بلاد المغرب الإسلامي.
وقالت إذاعات محلية تونسية امس الجمعة، نقلا عن سكان من قرى محافظة القصرين، إن الإشتباكات إندلعت في ساعة متأخرة من ليلة الخميس- الجمعة في منطقة ‘بئر أولاد نصر’، حيث سُمع دوي كثيف لتبادل الرصاص بين مُسلحين وقوات الجيش التونسي الذي عزز مواقعه في هذه المنطقة.
ولم يصدر لغاية الآن أي موقف عن وزارة الدفاع التونسية، فيما أكد شهود أن رقعة الإشتباكات توسعت لتشمل منطقة ‘وادي الحطب’ المحاذية للحدود مع الجزائر، في إشارة الى أن وحدات الجيش التونسي بصدد مطاردة المُسلحين.
وكان الجيش التونسي الذي دفع بتعزيزات كبيرة إلى منطقة جبل الشعانبي من محافظة القصرين، بدأ يوم الأربعاء عملية تمشيط واسعة للمناطق الغابية المحيطة بهذا الجبل، حيث إستخدم قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة المتوسطة، ما تسبب في إندلاع حرائق كبيرة بالمنطقة.
وتأتي العملية بعد إعلان لطفي بن جدو، وزير الداخلية في الحكومة التونسية المؤقتة، عن التوصل إلى معرفة من نفذ الكمين المسلح الذي إستهدف العسكريين، وتعهده بملاحقتهم والقضاء عليهم.
وقال بن جدو إن من نفذ تلك المجزرة هي مجموعة الشعانبي، وهي معروفة للأجهزة الأمنية بجميع هويات عناصرها وهم تونسيون وجزائريون ينتمون لخلية ‘عقبة بن نافع’ التابعة لـ’تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي’.
وإعتبر في تصريحات نشرتها صحيفة ‘الصحافة’ التونسية أن عناصر هذه الخلية ‘يُعتبرون من أخطر الإرهابيين لأنهم قدموا من مناطق خارج تونس حيث خاضوا فيها القتال، ولهم قدرات كبيرة على التخفي والتعامل مع المتفجرات.. ومع ذلك فإن عملية إجتثاثهم واحدا واحدا باتت مسألة وقت لا غير’.
على صعيد آخر اعتقلت الشرطة في مدينة باردو وسط العاصمة رجلين حاولا قتل جندي وثالثا متنكرا في زي عسكري نظامي قرب ميدان يتظاهر فيه منذ ايام آلاف من المطالبين بحل المجلس التاسيسي (البرلمان) والحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية وآلاف من مؤيدي الحكومة حسبما اعلنت وزارة الداخلية الجمعة.
وقالت الوزارة في بيان ‘تسنى الخميس لأعوان مركز الأمن الوطني بباردو إيقاف نفرين تعمدا الاعتداء على جندي متطوع بالعنف الشديد بواسطة آلة حادة ومحاولة سلبه’.
وأضافت ان الجندي الذي نقل الى المستشفى ‘حالته خطرة’ وان ‘تم الاحتفاظ بالمظنون فيهما على ذمة الأبحاث’.
واعلنت الوزارة في بيان ثان ‘تمكنت وحدات تابعة للحرس الوطني (الدرك) مساء الخميس من ضبط نفر (43 سنة) على مستوى المركب التجاري – باردو سنتر- منتحلا صفة عسكري ومرتديا للزي النظامي برتبة وكيل أول’.
وأضافت ‘بالتحري معه تبين أنه مفتش عنه لفائدة المحكمة الابتدائية بأريانة (قرب العاصمة) من أجل الاعتداء بفعل الفاحشة (الاغتصاب) ومحكوم بثمانية أشهر سجنا’. وتابعت ‘تعهدت فرقة الشرطة العدلية بباردو بالموضوع’.
وهذه اول مرة تعلن فيها الاجهزة الامنية عن اعتقال تونسي متنكر في زي عسكري نظامي منذ الاطاحة مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وحذر خبراء في مكافحة الارهاب من ارتداء ‘ارهابيين’ ملابس عسكرية لتنفيذ عمليات تخريبية في تونس.
من جهة اخرى بترت يد سلفي تونسي متشدد في انفجار حصل خلال قيامه بتجربة لصناعة متفجرات يدوية حسبما اعلنت وزارة الداخلية امس الجمعة.
وقالت الوزارة في بيان ان الشرطة اوقفت مساء الخميس في منزل بورقيبة من ولاية بنزرت (شمال شرق) ‘عنصرا متشددا كان يقوم بإعداد بعض المواد المتفجرة وتعرض أثناء تجربتها إلى بتر يده’.وتعتبر مدينة منزل بورقيبة احد معاقل التيار السلفي الجهادي المتشدد في تونس.
وضبطت أجهزة الامن في اكثر من مناسبة اسلحة، ومتفجرات يدوية الصنع بحوزة سلفيين متشددين كانوا ينوون استعمالها في اعمال تخريبية داخل البلاد.
من جهته قال أكبر اتحاد عمالي في تونس امس الجمعة ان الحكومة التي يقودها الاسلاميون أمامها اسبوع واحد للوصول الي اتفاق لايجاد حكومة كفاءات جديدة وإلا فانه سيكون ‘مضطرا لدراسة’ خيارات اخرى.
ويحاول الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم في عضويته 600 ألف عامل التوسط بين حزب حركة النهضة الحاكم والمعارضة العلمانية التي تطالب بتغيير الحكومة وحل مجلس تأسيسي انتقالي امامه اسابيع فقط للانتهاء من وضع مشروع دستور جديد للبلاد.
وتتصاعد التوترات في تونس منذ ان اغتيل سياسي يساري الاسبوع الماضي في ثاني حادث إغتيال سياسي في ستة اشهر. وتثير التوترات السياسية وتفجر اشتباكات بين الجيش ومتشددين قرب الحدود مع الجزائر مخاطر بتعطيل عملية التحول السياسي الديمقراطي التي بدأت بعد الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في انتفاضة شعبية في 2011 .
وقدم الاتحاد العام للشغل الذي ينظر اليه على انه اكثر اقترابا الي المعارضة حلا وسطا يتضمن تشكيل حكومة كفاءات جديدة لكنه يبقي على المجلس التأسيسي مع تسريع الاطار الزمني له للانتهاء من صوغ الدستور وقوانين الانتخابات الجديدة في البلاد.
وقال بوعلي مباركي نائب زعيم الاتحاد لقناة نسمة التلفزيونية ان الاتحاد سيواصل اجراء محادثات وإذا لم يتم الاستجابة لمطالبه لتغيير الحكومة وتنفيذ اطار زمني للمجلس التأسيسي فانه عندئذ سيكون ‘مضطرا لدراسة’ خيارات اخرى.
والاتحاد العام للشغل هو أحد اكثر القوى السياسية والاقتصادية نفوذا في تونس. وكلفت اضرابات استمرت يوما واحدا في الاسبوع الماضي البلاد ملايين الدولارات ودفعت العملة التونسية الي أدنى مستوى لها على الاطلاق امام الدولار الامريكي.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتوصل لاتفاق فان المعارضين للحكومة والمؤيدين لها شددا مواقفهما فيما يبدو يوم الخميس. ودعا الجانبان الى مسيرات ‘مليونية’ في عطلة نهاية الاسبوع.