الناصرة – «القدس العربي»: ازدادت لائحة أرقام قتل النساء الفلسطينيات داخل أراضي 48 مع ارتكاب جريمة قتل جديدة راح ضحيتها لينا أحمد (33 عاما)، أم لطفلين من قرية الرامة في الجليل. ويستدل من معطيات جمعيات أهلية أن إسرائيل شهدت في العقد الأخير قتل 197 امرأة منهن 97 عربيات. وفي قرية الرامة وحدها وقعت 13 جريمة قتل (نساء ورجال) ولم يتم ضبط القتلى في معظم الحالات.
ويبدو أن الارتفاع الكبير في قتل النساء الفلسطينيات داخل أراضي 48 مرده عدة أسباب، منها ارتفاع سقف النساء من أجل الحصول على حرياتهن والتحرر من هيمنة الرجل داخل مجتمع ذكوري، علاوة على إهمال السلطات الإسرائيلية واستنكافها عن ملاحقة المجرمين وعن إصدار أحكام رادعة بحق من يدانون بالقتل. وما زالت محاكم إسرائيلية كثيرة تتعامل بنوع من التفهم والتسامح مع مجرمين يرتكبون جرائم على خلفية ما يعرف «بجرائم الشرف العائلية».
وفي هذا السياق تؤكد النائبة عايدة توما – سليمان رئيسة اللجنة البرلمانيّة للنهوض بمكانة المرأة والمساواة الجندريّة (الجبهة – القائمة المشتركة) أنّ استمرار استهداف وقتل النساء لهو وصمة عار على جبين السلطات الإسرائيلية التي تشرعن بتقاعسها استمرار قتل النساء وتمهّد الطريق أمام القتل المقبل. وتقول توما – سليمان إن هناك خططا شاملة واقتراحات قوانين لمحاربة العنف ضد النساء تم عرضها أمام المكاتب الحكوميّة الإسرائيلية التي قامت برفضها، الأمر الذي يؤكّد نواياها وإهمالها للقضيّة.
وتابعت «أن عدم محاسبة المسؤولين عن حالات القتل يشرعن عمليّات القتل المقبلة، مثلما أن إهمال الشرطة والسلطات الإسرائيلية المتعمّد والسماح للمجرمين بالتجوّل بحريّة يوصل رسالة مفادها انّه بإمكان أي شخص استهداف النساء والإفلات بفعلته دون محاسبة وهذا يقود بشكل مباشر الى ارتفاع نسبة الجريمة».
وتستذكر سليمان في بيانها أن شرطة إسرائيل وخلفها السلطات والحكومات المتعاقبة تتفاخر بقدراتها الاستخباراتيّة وقدرتها التنفيذيّة أمام العالم أجمع «لكن عند الحديث عن بعض المجرمين في قرانا ومدننا العربية نجدها تنثر الحجج الواهية واحدة تلو الأخرى». وتشدد على أن إهمال السلطات المستمر وتقاعس الشرطة لهو نتيجة سياسة منهجية لا ترى بمحاربة العنف أولويّة ويجب العمل على تغييرها.
بيد أنها تؤكد في المقابل انّ المجتمع الفلسطيني في الداخل يتحمّل مسؤوليّة استمرار مسلسل استهداف النساء عن طريق استمرار الصمت حول الجرائم وعدم نبذ المجرمين. وتابعت «على مجتمعنا تقع مسؤوليّة توعية الأجيال المقبلة حول محاربة استهداف النساء لكونهن نساء وتعليمهن ان المرأة نصف المجتمع ومعاملتهن على هذا الأساس، كما يقع على عاتقنا كجماهير عربيّة محاربة المجرمين الموجودين بيننا في قرانا ومدننا ونبذهم خارج حياتنا للخطر الكبير الذي يشكلونه ولدورهم في تفتيتنا». وقالت «إن تقاعس الشرطة والسلطات لا يمكنه ان يعفينا كجماهير عربيّة من أخذ دورنا لمحاربة العنف ضد النساء».
ودعت النائبة سليمان لتكثيف النضال الشعبي لمحاربة العنف ضد النساء والمشاركة الفعّالة في المظاهرات التي أعلن عنها أمس احتجاجا على استمرار مسلسل قتل النساء.
يشار الى أن امرأة أخرى، سهام زبارقة، من مدينة اللد قد قتلت داخل بيتها قبل أيام من قبل شخص ملثم اقتحم منزلها في وضح النهار علما بأن المدينة وحدها شهدت قتل 40 امرأة عربية في العقد الأخير لم تفك الشرطة الإسرائيلية ألغازها وبقي المجرمون طلقاء.
ولذا طالبت النائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، حنين زعبي، المستشار القضائي للحكومة بإقالة وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، والمفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، والضابط في الشرطة الإسرائيلية، جمال حكروش، بعد أن ادَّعت أن «السلاح الذي قتل لينا أحمد من الرامة وسهام الزبارقة من اللد، وقاتليهما تعرفهما الشرطة. وأكدت زعبي أنّ «جريمة السكوت على السلاح في مجتمعنا العربي لم تعد أقل خطورة من جريمة وجود السلاح نفسه، وأن دم الضحايا موجود على يدي كل من لا يبلغ عن السلاح، وكل من يسمح لابنه بحيازته». وشددت على إن بناتنا وأبناءنا سيستمرون بالسقوط، طالما تطمئن الشرطة لسكوتنا على سكوتها المتواطئ مع بؤر الجريمة وحاملي السلاح.
وردا على سؤال «القدس العربي» تدعو زعبي جميع رؤساء السلطات المحلية لمطالبة قائد قسم الشرطة لديها بتقديم الاستقالة الفورية، مذكّرة بأنّ لينا أحمد من الرامة قدمت شكوى للشرطة قبل شهرين، تتضمّن أسماء الذين قاموا بتهديدها. وتابعت «تمّ تسجيل إفادتها والتحقيق مع المشتبهين، ألاّ أن الشرطة أطلقت سراحهم بعد التحقيق، دون أن تعبأ بجمع الأدلة الكافية للإدانة». وتتهم زعبي الشرطة الإسرائيلية بالبحث عن الشباب العربي لتجنيده كعميل أو كشرطي، الأمر الذي يشير إلى أنها ما زالت تتصرف كمؤسسة معادية للمواطنين العرب بدلا من تدعيم وحدات التحقيق في الجريمة.
من جهة أخرى أكدت زعبي أن فلسطينيي الداخل كمجتمع مقصرون في إعلان النبذ والمقاطعة لكل من يحمل السلاح، حتى لو كان الحديث عن أبناء أو أقرباء أو أصحاب. وتابعت»كما أننا مقصرون في توجيه أصابع الاتهام المباشرة للشرطة».
يشار الى أن نسبة العنف والجرائم في الضفة الغربية قد تراجع في العقدين الأخيرين نتيجة ملاحقة سلطات القانون الفلسطينية للمجرمين، كما يؤكد مراقبون ومختصون في علم الإجرام.
وديع عواودة
الإحتلال يريد القضاء على نسلكم فلا تنساقوا وراءه.