ماذا لو قتل مقتدى الصدر؟

حجم الخط
5

يعتقد السيد مقتدى الصدر أو هكذا يروج بعض أنصاره ومريدوه أن هناك بالفعل مخططاً لاغتياله، ويرددون ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي وببكائية «عاشورائية» تحاول ربط السيد مقتدى بالإمام الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية تفوق حتى الأكثر مغالاة في الاهتمام بطقوس عاشوراء.
ويتحرك هؤلاء ومعهم السيد الصدر أيضاً من «وهم» تركب لديهم وتراكم مفاده أنه «حتى إذا نجحت الأطراف التي تعاديه وتتمنى الخلاص منه، في قتله، فإنها – كما يقولون – لن تقضي على تياره الواسع» متجاهلين أن التيار في النهاية «تيار» يضم الغث والسمين والزبد فيه كثير وكثير جداً.
وبغض النظر عن صحة المعلومات التي حصل عليها السيد الصدر في شأن اغتياله، أو أن الأمر كله من تدبيره أو تدبير مستشاريه في إطار الرغبة في الاستحواذ على الاهتمام الاعلامي وتصويره «الشهيد الصدر الثالث» والبطل الوطني والإسلامي، ورمز الكفاح والنضال والمقاومة، فإن هناك من بات يعتقد بقوة أن السيد الصدر فتح بنفسه ودون أن يدري، الباب واسعاً لقتله للجهات التي تمكر بالعراق وتريد جره إلى حرب أهلية شيعية شيعية، تشارك فيها بالتأكيد أطرف أخرى حين يمتد الخطر إلى كل الوطن بما يجعل القضاء على تياره بعملية مشابهة لعملية «صولة الفرسان» أمراً في غاية السهولة خصوصاً وأن الواقع كشف منذ 2003 أن الكثير من المتدثرين بعباءة الصدر وتياره هم من المندسين والمنتفعين والانتهازيين الذين لن يضحوا بحياتهم بعد مقتله في مواجهة غير متكافئة مع القوات الأمنية. هذه حقيقة ينبغي لسماحته الانتباه لها، وأن يستذكر أيضاً الجانب الآخر (غير الثوري) من مأساة الإمام الحسين عليه السلام حين تخلى عنه الذين كتبوا له وبايعوه قبل وصوله كربلاء: أن اقدم قد أينعت الثمار واخضر الجناب وإنما تُقدم على جند لك مجندة.
ويمكن القول كذلك في ضوء ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية التي صارت تمتدحه وكانت إلى وقت قريب تعتبر السيد مقتدى الصدر «قاتلا طائفيا» وتتهم تياره بارتكاب الكثير من الجرائم الوحشية والاغتيالات التي كانت رائجة في السنوات القليلة الماضية، أن السيد مقتدى الصدر فقد محبة وثقة الكثير من الصدريين من خارج التيار الصدري، ومن بات لا يرى الآن التيار الصدري بريئاً من الكثير من الممارسات السابقة التي نُسبت إليه، ومنها الانجرار السريع إلى ما يريده خصومه، أو التشدد في معاقبة من يخالفه من العراقيين، وأخذ هؤلاء (المحبون لآل الصدر) يتهمون مباشرة أفراده وأتباعه بارتكاب أخطاء كبيرة وتحميله هو تلك الأخطاء ومنها أخطاء المحكمة الشرعية التي شكلها سابقاً – وربما لا تزال تعمل سرا-، ما يجعل بعض المراقبين يرى أن لا مصلحة للأطراف العراقية التي تختلف معه، في تصفيته وتصفية تياره، فهو ليس هدفها الأول وإن كان تياره يضم الكثير من عصابات القتل والجريمة المنظمة التي تنتشر في البلاد والتي تريد العبث بالمدن الهادئة بحجة اعلان الرفض لاغتياله، وفي النجف الأشرف بوجه خاص، وهي عصابات يتمنى الكثيرون الخلاص منها.
وكان يُفترض بالسيد حيدر العبادي بعد إعلان الصدر عن معلومات بشأن محاولة اغتياله، أن يفتح على الفور تحقيقاُ مهنياُ يشارك فيه الصدر مباشرة أو من يمثله ويثق به، لكشف الملابسات، واطلاع الجمهور الملتهب بها، في ظل ظروف صعبة ومعقدة تجتاح البلاد هذه الأيام، وتعبئة شعبية غير مسبوقة تنظمها مكاتب الصدر وممثلوه في صلاة الجمعة على وجه التحديد.
وقد أجزم عندما أقول إن الحكومة العراقية إذا لم تفتح قناة اتصال ساخنة ومباشرة مع الصدر في هذا الموضوع، ولم يتحرك إعلامها الرسمي باتجاه توضيح مخاطر نشر هكذا ادعاءات دون تحقيق، فان الجهات الخارجية في الاقليم وغيره، التي لا تريد خيراً بالعراق ستستثمر التظاهرات التي يصر على الاستمرار بها، باتجاه أكثر خطورة على السلم الأهلي، تريد تفجيره مجتمعياً أطراف أخرى تتدثر بالتيار الصدري وتدفع به نحو المواجهة مع الحكومة والقوات الأمنية، ما يساهم دون قصد، في توسيع دائرة التطرف في صفوف أتباعه (المخلصين) خارج النجف، ليشكل الصدر وتياره عبئاً متواصلاً يثقل كاهل رئيس الوزراء ويحمله المسؤولية وحده في ما ستؤول إليه الامور لاحقاً.
ويبدو من سياقات سابقة، وما أفرزته الأيام الماضية مذ إعلان الصدر عن مخطط «اغتياله» أن المختلفين معه من العراقيين والكتل المتنافسة معه لن تستفيد من مقتله ولا تريد له أن يُقتل، لأنها تدرك أن اغتياله يُراد له من قبل الأطراف التي تروج له أن يشعل حريقاً ينتشر في ربوع العراق، ويؤدي بالطبع إلى انشطارات في قيادة التيار تنتج قيادات تحمل أفكاراً لا تمت بصلة لمنهج آل الصدر.
ربما ما نشهده من تخبط في العديد من مواقف التيار الصدري، وفقدانه الانضباط الكامل بما يجعله دائماً في موطن التهم والشبهات، يعود السبب فيه إلى أن التيار الصدري وإن كان يخضع بالولاء لزعيم شاب لا يجيد بنظر البعض، الجمل التكتيكية المطلوبة، فلأن مقتدى الصدر لا يملك الغطاء المرجعي الذي فقده باستشهاد الامام الراحل الصدر الثاني، وعليه لابد من مد المرجعيات الدينية جسوراً معه، وبشكل خاص تلك التي لا تتقاطع مع توجهات والده الشهيد كالسيد كاظم الحائري.
واخيراً فالمطلوب من السيد مقتدى الصدر قبل غيره أن يعلن بكامل الشفافية عن الجهة أو الجهات التي أبلغته بـ «المعلومات» عن مخطط اغتياله، ويقدمها بكل شفافية أيضاً للقضاء والجهات الأمنية المسؤولة، وأن تشكل الحكومة لجنة خاصة من جهتها للتحقيق وللتعاطي مع الآثار السلبية التي يتركها مثل هذا الاعلان من سماحته على الشارع العراقي.

٭ كاتب عراقي

ماذا لو قتل مقتدى الصدر؟

نجاح محمد علي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد الكركي:

    قلة قليلة جدا من كتاب وصحفي العراق من يتطرق الى مثل هكذا مواضيع حساسة وشائكة في مايخص شخص مثل المهرج مقتدى انها التفاتة رائعة من الصحفي نجاح محمد علي ان يبين للجميع انها مجرد زوبعة في فنجان من اجل الاستعراض الإعلامي والشعبي ليس الا.

  2. يقول abdullah alamery العراق:

    اتفق معك في ان الحكومة واعلامها يقع عليهم تقصير كبير في عدم النظر بجسية لما يجري من احداث وتداعيات لا تحمد عقباها

  3. يقول هادي النجاتي:

    انا في نفس اليوم الذي أدعا هذا الدعاء .قلت ب الحرف الواحد لو كان صادق بما قاله عليه ان يثبت للشعب من يقف خلف هذا .وقلت بصراحة وانا مصمم على ماقلت هذه فبركة لإن إنسحب من تحت أرجليه {الحشد الشعبي} فلهذا أخترع هذه الفبركة مع تحياتي !!

  4. يقول علي الموسوي:

    اعتقد مجرد جعل الامر بدون توضيح وايكال التهم لطرف صديق وترك العدو الحقيقي هو يعطي دلالات على ان الامر مناورة سياسية الغاية منها السيطرة ع العواطف والشارع بعد فشل الكثير من المحاولات …

  5. يقول العطاء:

    هناك بالفعل مثل هذه التنبؤات لأنه ليس بس ياسي محنك وإنما يحتكم إلى الفوضى الحاكمة في معالجته للأمور وحتى العامة منها

إشترك في قائمتنا البريدية