سنودون و’ويكيليس’ الإستخبارات

حجم الخط
0

وزّعت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، نقلا عن صحيفة ‘إزفستيا’ الروسية، خبرا مقتضبا مفاده انّ ‘جهاز الامن الفدرالي’ المتشكّل عن الإستخبارات السوفياتية ‘كي جي بي’، قد استدرج عروضا لشراء عشرين آلة طابعة على الورق. وأضافت انه جاء بناء على قرار لـ ‘استخدام الوثائق الورقية’، بعد فضائح ‘ويكيليكس’ وبعد الأسرار التي كشفها المتعاقد السابق مع الإستخبارات الأميركية، إدوارد سنودن. كما صرّح مؤخرا وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت غيتس، في مقابلة له مع كريستيان أمانبور، على قناة الـ ‘سي إن إن’، ردّا على سؤال حول إدوارد سنودن، أنّ شبكة الإنترنت الأميركية ‘مخترقة’ وأنّ ذلك يشكّل خطرا على الأمن القومي الأميركي. إن قرار العودة الى عهود الوثائق الورقية.
والإختراقات الدورية لأنظمة الشبكات الإلكترونية للدول العظمى، مثال الولايات المتحدة الأميركية التي تعتمد عليها بصورة مطلقة، إنّما هي مؤشرات بالغة الخطورة فيما يتعلّق بمسيرة التقدم التكنولوجي، وخاصة في مجالات السلم والأمن الدوليين. حيث انّ جميع المنظومات الدفاعية والهجومية للصواريخ البالستية العابرة للقارات وبالتحديد تلك الناقلة للقنابل النوويّة، عند كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية، هي خاضعة كلّيا لمنظومات الشبكات الألكترونية العنكبوتية. ما هي الضمانات ووسائل ووسائط الحماية والحراسة المتوفرة لمنع أي إختراقات لشبكات تحكُّم إنطلاقها نحو أهدافها الإستراتيجية الحيوية، عند كلا البلدين العُظميين، فيما لو توصّل أحد فرد، من أمثال إدوارد سنودن، الى التحكّم بها، واتخاذه قرارا جهنميّا بإنهاء الكون!! هل ستعمل كلّ من روسيا وأميركا، وسواهما من الدول التي تمتلك هذه الانواع من الأسلحة النوويّة الفتّاكة، الى فصل منظومات التحكّم بصواريخها البالستية عن منظومات الشبكات الإلكترونية العنكبوتيّة!! وكيف سيحصل ذلك؟ هل سيوكل الى أفراد متعدّدين لحماية واستعمال هذه المنظومات الصاروخية عند الضرورة القصوى. ومن يضمن عدم حصول اختراقات عدوانية فردية من قبل هؤلاء!! تدلّ مثل هذه المؤشرات الى أنّ عالمنا الحاضر يسير على حافة هاوية عميقة لن ينجو منها أحد على وجه هذه البسيطة مهما تعدّدت الوسائل الإحترازية. طوال سبعة عقود ناضل الاتحاد السوفياتي الماركسي-اللّينيني وشعبه المسكين لنشر مفاهيم الإشتراكية المثالية وتوزيع عادل للثروات، في مجتمعات قبلية واقطاعية ودينية، فانتهى به الامر الى سقوط سريع عارم، أدّى الى تفكّك امبراطوري مطلق، وإفقار مدقع لشعوب القوميات المنضوية تحت لوائه. كذلك الامر مع الولايات المتحدة الأميركية، فانها حاربت النازية مع الدول الاوروبية، وتعاونت مع الرأسمالية العالمية، ولاحقا مع الإسلاميين المتشدّدين للقضاء على الشيوعية، ثم شنّها حروب إحتلالية في أفغانستان والعراق، فانتهى بها الأمر الى خسارة هذه الحروب وانكفائها الانهزامي الى الداخل، والى مواجهة انهيار اقتصادي، طالت مفاعيله السلبية جميع دول العالم، ولا تزال. ما جدوى العودة الى استعمال الوثائق الورقية في عالم غزت فيه التكنولوجيا كل مظاهر ووسائل بقاء الوجود البشري!! لقد طالت التكنولوجيا غرف النوم، وهي تؤرّق الجميع، حكّاما ومحكومين، ظالمين ومظلومين، أغنياء وفقراء، جهلة وعارفين.
انتهينا الى عالم، كل شيء فيه مُتًحًكّم فيه عن بُعد. أمنيتي ان لا يودي هذا التحكّم عن بُعد، الى إنهاء وإفناء هذا الكوكب في ساعة تخلّ يأخذ فيها زمام القرار من يكون نقيض إدوارد سنودن المُسالم، الذي يقضّ انشقاقه مضاجع الإستخبارات الأميركية. حقّا، ان مشاكل العالم العظمى هي ناتجة عن جشع وتصارع الدول العظمى، وليس من فقدان الديمقراطية وحرية التعبيروالرأي في دولنا البائسة.
سعد نسيب عطاالله لبنان
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية