إسرائيل تتوعد الأسرى بإجراءات انتقامية.. وقراءة لتراجع الهبة الشعبية

حجم الخط
0

الناصرة – «القدس العربي»: توعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأسرى الفلسطينيين الذين باشروا أمس إضرابهم المفتوح عن الطعام باتخاذ تدابير قاسية ضدهم، وتلوح بالعزل والمداهمات، في محاولة لكسر إرادتهم.
وكشف بالتزامن عن قراءة إسرائيلية لـ « تراجع الهبة الشعبية الفلسطينية».
وقال وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان إن سياسة إسرائيل معروفة وهي لا تفاوض مع الأسرى. وأعلن سلسلة إجراءات لمواجهة خطواتهم التصعيدية، وذلك من خلال تجميع الأسرى في سجن النقب، وإقامة مستشفى ميداني أمام السجن.
وكان أردان قد هدد بهذه الإجراءات أيضا قبيل الإضراب كخطوة استباقية ولإرسال رسالة لقادة الإضراب بأن هدفهم إرباك المستشفيات لن يتحقق بعد الآن، وسيعالج المضربون في مستشفى ميداني في سجن النقب.
وقالت سلطات السجون في بيان لها إنها ستستعمل كافة الإمكانيات والأدوات المتاحة لمنع الإضراب ووأده في بدايته. وأعلنت عن حالة طوارئ في السجون لمواجهة الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأ أمس. كما قالت إنها تتعاون مع المؤسسات المختلفة لاحتواء الإضراب، وهي إشارة واضحة لنيتهم بقمعه. ومن بين هذه المؤسسات: الجيش الإسرائيلي، والشرطة، وجهاز الأمن العام «الشاباك»، ووزارة الصحة وغيرها. وهددت سلطات السجون الأسرى المضربين بأنهم سيتحملون عواقب الإضراب عن الطعام، واعتبرته أعمالا غير قانونية تستوجب العقاب، متجاهلة أن الاعتقالات الإدارية والعزل الانفرادي من دون سبب أو تهمة هي انتهاك واضح للقوانين الدولية.
وشرع بالأمس مئات الأسرى في سجون الاحتلال بإضراب مفتوح عن الطعام، أطلقوا عليه اسم «إضراب الحرية والكرامة»، تزامنًا مع يوم الأسير الفلسطيني، من اجل تحقيق عدد من الحقوق الأساسية وتنفيذ مطالبهم. ويخضع 6500 أسير للاعتقال في سجون الاحتلال الصهيوني، بينهم 58 امرأة، و300 قاصر، و500 معتقل إداري، و1800 أسير مريض.
 وفي سياق الاحتلال تعتبر أجهزة الأمن الإسرائيلية أن التراجع الحاصل في وتيرة العمليات الفردية التي ينفذها فلسطينيون، في إطار الهبة الشعبية، التي اندلعت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2015، تقابله حاليا محاولات فلسطينيين لتشكيل خلايا مسلحة محلية، هي الأخرى تفتقر لانتماء واضح لأي من المنظمات الفلسطينية.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن جهات في هذه الأجهزة تقديرها أن أعضاء هذه الخلايا يبذلون جهدا أكبر الآن من أجل حيازة سلاح، والسلاح الأكثر رواجا هو البندقية الأوتوماتيكية المصنعة محليا من طراز « كارلو».
وتشهد أسعار هذه البندقية ارتفاعا كبيرا في السوق السوداء في الضفة الغربية المحتلة على خلفية العمليات التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي من أجل العثور وهدم ورشات حدادة وخراطة لصنع هذا السلاح.
ووفقا لتقرير نشره المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، فإن الأسباب التي تذكرها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لانخفاض حجم العمليات متعددة. وبين أبرز هذه الأسباب، تحسين الجهوزية العملياتية الميدانية للجيش الإسرائيلي في الضفة والشرطة في القدس، وتزايد الشعور بين الفلسطينيين بأن العمليات لم تحقق شيئا على المستوى السياسي، ولكنها كلفت ثمنا واضحا بحياة منفذيها، وقرار السلطة الفلسطينية وإن بتأخير عدة شهور، في تفعيل أجهزتها الأمنية من أجل تحذير واعتقال شبان خططوا لتنفيذ عمليات.
كما ينسب الهبوط في العمليات لتغيير في شكل رصد الاستخبارات الإسرائيلية الأحداث في الإنترنت والشبكات الاجتماعية في الجانب الفلسطيني، مما يسمح برصد مسبق لمنفذي عمليات محتملين أوشكوا على تنفيذ عملية.
وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد تحدث عن استخدام «بيغ داتا» ، في إشارة، بحسب هرئيل، إلى مخزون معلومات هائل الحجم التي يتم جمعها من مصادر مختلفة ومتنوعة في الإنترنت وتساعد على إحباط عمليات. ولفت المحلل إلى أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» وشعبة الاستخبارات العسكرية وكذلك وحدة الاستخبارات العسكرية، أجروا محاولات أولية من أجل استخلاص دروس من النشاط الفلسطيني في الشبكة العنكبوتية في العامين 2013 و2014، حيث طرأ حينها ارتفاع في عدد العمليات الفردية.
ويتفق مع هارئيل زميله المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشع بأن التمكن من إحباط عمليات كهذه تزايد في نهاية 2015، عندما تزايد التخوف في إسرائيل من أن هذه العمليات باتت موجة واسعة تغذي نفسها بنفسها.
وأوضح أن تحقيقات وتحليلات أجرتها أجهزة الأمن الإسرائيلية أظهرت أن عمليات كثيرة أبقت وراءها إشارات مسبقة حول نية منفذيها.
وفي إطار هذه التحقيقات حققت هذه الأجهزة في تفاصيل حياة عشرات آلاف الفلسطينيين. واستخدم الاحتلال في هذا السياق وحدة التصنت 8200 النابعة للاستخبارات العسكرية، وتبين لهذه الأجهزة الأمنية أن المصاعب الأساسية تكمن في التفريق بين التعبير، في التعليقات في الشبكات الاجتماعية، عن تعاطف وتماثل مع العمليات ومنفذيها، وبين وجود نية لتنفيذ عملية. وكشف أن الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية طورا مفهوما وأسلوب عمل مشترك حقق نتائج مثبتة. ويكشف أنه وفقا لطريقة العمل هذه، جرى رصد قرابة 2200 فلسطيني كانوا في مراحل مختلفة في نيتهم لتنفيذ عملية، وغالبا كانت هذه عملية طعن أو دهس.
وفي هذا السياق، اعتقل الجيش الإسرائيلي والشاباك أكثر من 400 فلسطيني، جرت محاكمة قسم منهم، بينما سُجن القسم الآخر بصورة تعسفية في إطار الاعتقال الإداري، ومن دون توضيح نوعية الشبهات ضدهم ومن دون أن تنظر المحاكم في قضيتهم بصورة عميقة.
من جهته كشف هارئيل أن أجهزة الأمن الإسرائيلية سلمت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أسماء قرابة 400 فلسطيني آخرين، الذين تم اعتقالهم فعلا، كما جرى تحذيرهم من تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. وتلقى الباقون، وعائلاتهم أحيانا، تحذيرات من الشاباك وجيش الاحتلال، وسط تهديد بتعرضهم هم وعائلاتهم لأضرار وملاحقات. لكن هارئيل ويهوشع يتفقان على أن التراجع في عمليات الفلسطينيين مشروط. ويوضحان أن الاعتقاد السائد هو أن حدوث أزمة سياسية جديدة، أو مواجهة فلسطينية داخلية حول خلافة الرئيس محمود عباس، أو حدث على خلفية دينية، من شأنها أن تشعل الوضع من جديد وبقوة أكبر.

 

إسرائيل تتوعد الأسرى بإجراءات انتقامية.. وقراءة لتراجع الهبة الشعبية

وديع عواودة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية