الرباط – «القدس العربي»: عرفها الجمهور المغربي من خلال أغنيتها الشهيرة، التي نقشت بها اسمها في تاريخ الأغنية المغربية العصرية، وهي أغنية «غدا»، التي تكاد تكون عنوان مرحلة مزدهرة من تاريخ الأغنية المغربية قبل أن تزحف عليها الأغاني، التي لا تقول شيئا، وتظهر كما تختفي بسرعة كبيرة وتسقط في النسيان.
في هذا الحوار نتعرف على المطربة، التي غيب أعمالها الإعلام المغربي، لكنها مصرة على العطاء من خلال تقديم أعمال فنية جديدة، سواء في الغناء أو المسرح أو التأليف، مؤكدة بذلك أن الفنان متعدد، وأن الفن طريقة للتعبير عن العالم من حولنا، ولا شيء يمكنه أن يمنع الفنان من الإبداع مهما أحاطت به من معيقات.
■ عرفك الجمهور المغربي بأغنيتك الشهيرة «غدا» لكنك وبدون مقدمات انسحبت من الساحة الفنية المغربية في حين واصلت أخريات مشوارهن الفني، هل يمكن اعتبار هذه الأغنية بمثابة الشجرة الذي تحجب الغابة بأكملها؟
□ لا اعتبر أن هذه الأغنية قد سيطرت تماما على مساري، فقد قدمت بعدها الكثير من الأعمال الفنية والمسرحية، لكن المشكلة أن هذه الأعمال لم تجد طريقها نحو الاذاعة والتلفزيون. ورغم هذا لا بد من الاعتراف بأن الملحن عز الدين منتصر قد أبدع في تلحينها، أتذكر أنني حين اخترت غناءها أخبرني الكثيرون بأن القصيدة لم يعد لها مكان في الساحة الغنائية وأن زمنها قد ولى، ونصحوني بغناء النمط الغنائي الشعبي المغربي، لكنني أجبت حينها بأن القصيدة لا تموت، وأنه ينبغي فقط الحرص على إصدارها في قالب جديد وبموسيقى عصرية وأن لا تكون طويلة، وهذا ما عملنا على تحقيقه نصا ولحنا وأداء، حيث اخترنا قصيدة للشاعرة التونسية زبيدة بشير، وجاء اللحن بديعا والحمد لله توفقنا فيها، وقد صورناها وشكلت بذلك أول فيديو كليب عربي وحصلت على الجائزة الثانية في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في القاهرة. بعدها أديت أعمالا فنية عدة لكن لم يكتب لها الانتشار لسبب بسيط هو أن التلفزة المغربية لم تعمل على تمريرها، فلكي يحكم الجمهور على عمل جديد لا بد أن يراه ويشاهده وهو ما لم يقع.
■ الكثيرون يتساءلون لماذا لم يستمر صعودك كمطربة بعد هذه الأغنية؟
□ يمكنني أن أقول ببساطة إن هذا الميدان أصبح في مجمله رهينا بالمال، «الفلوس»، فلست أنا من ابتعدت عن المجال الغنائي في المغرب، لكنهم أبعدوني، نقول بالعامية المغربية «من ليس له فلوس كلامه مسوس»، لدي الآن أكثر من 120 أغنية موضوعة على الرف في الانتظار، وقد غنيت أكثر من 30 قطعة بالفرنسية والعربية معا، كما اشتغلت على سيناريوهات وكتبت أوبريت عن استهلاك الشباب للمخدرات مع جمعية في مراكش، وهو العمل الذي سيتم تقديمه قريبا للصحافة، وأنا في حالة اشتغال دائم، كما قدمت أغنية عن مرض العصر الإيدز مع جمعية أسرة وأغنية أخرى عن استغلال الخادمات الصغيرات مع جمعية الكرم وهو العمل الذي موله المكتب الدولي للشغل التابع للأمم المتحدة، ربما ما تغير الآن هو اشتغالي واهتمامي أكثر بالأغنية الملتزمة وربما كان لاشتغالي لأكثر من 18 سنة مع إصلاحية لحماية الطفولة تهتم بالأطفال في وضعية صعبة دور في التأثير على أغنيتي وجعلني أهتم وأغني عن الطفولة والهجرة السرية وعن مجال اهتمامي الجديد… وقد وجدت الاهتمام والمساعدة من الجمعيات، التي يمكنها أن تقدم لي التمويل، فلم تعد لدينا الامكانية لانتاج أعمالنا بأنفسنا مما يضيق دائرة الانتشار للأعمال التي اشتغل عليها… فالأعمال موجودة، كما ذكرت، لكن لا نجد من يساعدنا ولا من يمولنا وحتى الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة، والذي لا ننكر أنه موجود، لكن هناك شروطا عدة لتقديمه، منها مثلا أن يتم تقديم نوع من الماكيت للجان، وهو الأمر الذي يتطلب تمويلا مسبقا، وهكذا نجد أنفسنا نعيش في الدوامة نفسها من الصعوبات المادية المتعلقة بالإنتاج الفني.
■ تحضرين معرض الكتاب بكتاب لك عبارة عن سيرة ذاتية، هل هو تلخيص لمسارك الفني؟
□ هذا الكتاب بعنوان «فصول خائنة»، وقد كتبته بالفرنسية وهو عبارة عن سيرة ذاتية، لكن للتوضيح فأنا لا أتكلم في هذا الكتاب عن مساري الفني، ربما أفعل ذلك في كتاب مقبل. اخترت من خلال هذه التجربة الجديدة أن أتكلم عن الأسرة المغربية، وأتكلم من خلال مسار هذه الأسرة/ أسرتي، عن المغرب والثقافة المغربية والعربية الإسلامية وتقاليدها وقيمها التي أصبحت تضيع منا الآن ورغبت أن احتفظ بها للتاريخ، وأن أقدم من خلال هذا الكتاب الوجه الآخر الجميل للمغرب، مغرب بعيد عن قمع المرأة، حيث أقدم من خلال سيرتي وأسرتي نموذج للمرأة المغربية ومكانتها ككائن حر معززة مكرمة، وكذلك حرصت على تقديم نموذج الأب/ والدي، الذي كان سابقا لعصره بالمقارنة مع أفكار المجتمع، وأترك تفاصيل هذا الكتاب/ السيرة الذاتية مفاجأة للجمهور، وفيه عدد من المفاجآت وهناك مقاربة تاريخية ثقافية انثربولوجية سوسيولوجية للمغرب اليوم، وربما بحكم تكويني كاختصاصية في علم النفس.
ليلى بارع