تعقيبا على مقال الياس خوري: الغواية الفرنسية
التبعية النفسية
مقالك أثار فيّ قضية أخرى أخطر من مجرد الغواية الفرنسية؛ أستطيع تسميتها بالتبعية. نعم نحن نعيش في عالم حديث ومعاصر؛ وفيه موازين القوى معروفة بعد العهود الاستعمارية البغيضة…
وأغلبنا تعلّم وفق منظومة التعليم والثقافة المستوردة ؛ لكن لماذا هذه التبعية النفسية والمزاجية والثقافية بل والسياسية لكلّ ما هو أجنبي ؟ ويظهر ذلك خاصة إبّان الانتخابات. فمع الانتخابات الأمريكية نجد الإعلام العربيّ ورجاله يتناول ( القضية) أكثر وأهمّ وأعزّ عليهم من القضية المركزية. وحينما تجري الانتخابات الفرنسية نربط مصيرنا القوميّ بها.…
وحينما يلتقي فريق برشونة وفريق ريال مدريد ؛ تجد الشباب العربيّ مغموساً بالمباراة والنتيجة أكثر من انغماسه بنتائج امتحانات البكلوريا.
هذه التبعية الآثمة للأجنبيّ مؤشر خطير على بداية أفول الهوية القومية ؛ مهما كانت التبريرات السادرة. نحن أمة لها رصيد عظيم في التاريخ المشترك والدّين المشترك ( الإبراهيمية هي مجموع اليهودية والمسيحية والإسلام ) واللغة المشتركة والمعاناة المشتركة والمصالح المشتركة والتقاليد المشتركة…فلماذا لا ننتمي إلى بعضنا البعض ( رغم كلّ سوداوية الواقع ) بدلاً من الارتماء والانتماء لما وراء الحدود وبتفاخر أعوج ممجوج. لنبحث عن الغواية العربية ؛ سنجدها في المأساة العربية ؛ كما وجدها جلجامش في آخر المطاف لتكون ملحمة التاريخ. البحث عن غوايات الآخرين ومضغها كاللبان بعد تناول البصل والثوم ؛ تثبيت للرائحة الكريهة بين الأسنان.
الدكتور جمال البدري