النجوم اليهود على أرض مصر: ليلى مراد أعلنت إسلامها وتزوجت أحد الضباط الأحرار وراقية إبراهيم تجسست على مصر فعينتها إسرائيل سفيرة
القاهرة القدس العربي من كمال القاضي: قبل نحو خمس سنوات تقريباً قدم لنا المخرج الفلسطيني سعود مهنا فيلماً وثائقياً بعنوان ‘هم في الذاكرة’، تناول الجريمة التي ارتكبها العدو الصهيوني في حق الأسرى المصريين عام 48، حيث التقى المخرج بمجموعة من شهود العيان الذين شاهدوا بأعينهم الجنود الإسرائيليين وهم يطلقون الرصاص على الأسرى المصريين ويسكبون البنزين على الجثث ويشعلون النار فيها بفناء مدرسة ‘الوكالة’ بإحدى القرى الفلسطينية، تحدث الشهود الذين تتراوح أعمارهم ما بين السبعين والثمانين عاماً بمرارة شديدة عن اليوم المأساوي والحزين في تاريخ الأمة العربية.
وفي سياق ما ورد من شهادات ذكر الدور البطولي للضباط المصريين الشهداء، أحمد عبدالعزيز ومصطفى حافظ وآخرين، للتنويه فإن نفس الجريمة الشنعاء تكررت عام 67 إثر وقوع هزيمة 5 يونيو، حيث تم إطلاق الرصاص ايضا على الأسرى من الجنود والضباط ودهسوا تحت المجنزرات، ومرت القضية مرور الكرام دون أية تحقيقات من المجتمع الدولي آن ذاك، ولكن بعد سنوات أعيد فتح الملف وطالبت مصر بتعويضات مناسبة لأسر الضحايا فما كان من السفاحين الصهاينة الذين ارتكبوا المجزرة إلا أن أعلنوا أنهم على استعداد لقتل وحرق المئات من أفراد وقيادات الجيش المصري لو عاد بهم التاريخ إلى الوراء، وأغلق الملف على ذلك لأن الكنز الاستراتيجي لإسرائيل المخلوع حسني مبارك لم يجرؤ حينها على الرد ولم يحرك ساكناً!
أما عن الذين يبدون تعاطفا مع اليهود ويزعمون أن الرئيس جمال عبدالناصر طردهم من مصر دون ذنب أو جريرة ويعلنون على الملأ استعدادهم لقبول عودة القتلة والمجرمين وصرف التعويضات التي تساوي ما فعله بهم عبدالناصر فنقول ان هذه الدعوة التي أطلقها الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة فما يجهله أن هجرة اليهود من مصر كانت لها أسبابها الموضوعية، وقد بدأ نزوح اليهود مع تقدم القوات الألمانية في الصحراء الغربية إبان الحرب العالمية الثانية، وعليه خشيت الجاليات اليهودية في مصر من انتصار الألمان وتكرار المذابح النازية فقرر بعضهم الرحيل وهذا وارد بالتفصيل في كتابات د، يونان لبيب رزق ود، رفعت السعيد وخالد محيي الدين حول هذه القضية، وللتأكيد تجدر الإشارة إلى ما ذكره السعيد عن أن ثورة يوليو كانت حريصة على عدم الصدام باليهود إلى أن حدث العدوان على قطاع غزة عام 55 فجرت بعدها عمليات الهجرة الجماعية بشكل فعلي، بعد العدوان الثلاثي عام 1956، وفي الإطار نفسه ينفي د، رعت السعيد رئيس حزب التجمع والمفكر اليساري البارز ان يكون اليهود قد طردوا من مصر أو اضطهدوا بسبب دياناتهم موضحاً أن المخاوف بأن يتحولوا إلى طابور خامس لإسرائيل هي ما أثارت الشكوك حولهم.
القراءة ذاتها اتفق معها د، يونان لييب رزق بشكل ما، حيث أكد في رأي موثق صعوبة الحكم على جمال عبدالناصر بأنه اتخذ قرار طرد اليهود من البلاد ملفتاً النظر إلى أن الهجرة الجماعية جاءت في سياق سياسي يناسب سياق المرحلة، وهو ما ايده ايضاً خالد محيي الدين الرئيس السابق لحزب التجمع والسياسي المعروف وعضو تنظيم الضباط الأحرار في كتابات موازية.
نأتي إلى حدث هام ورئيسي كان له اثره البالغ فيما يخص موقف السلطات المصرية في فترة الخمسينيات من اليهود، ألا وهو الحادث الجلل الذي عرف بفضيحة ‘لافون’ نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي ‘بنحاس لافون’ ففي عام 1954 ضبطت المخابرات المصرية تنظيماً تخريبياً صهيونياً عمل على تنفيذ عمليات اغتيال وتفجير ويستهدف شخصيات ومنشآت أمريكية وبريطانية في مصر لإثارة الذعر والبلبلة وإفساد علاقات نظام يوليو الثوري مع أمريكا وبريطانيا لتعطيل اتفاق التسليح الأمريكي لمصر وإظهار نظام عبدالناصر بالمظهر الضعيف غير المستقر.
وعلى ضوء هذه الخطة التي اشرف عليها بنحاس لافون بنفسه بدأ التخطيط لعمليات التخريب والتفجير واستهدفت المؤسسات والمنشآت العامة ودور العرض السينمائية، وبعد تحريات دقيقة وسريعة من جهاز المخابرات المصرية تم القبض على الجناة وأحيلوا إلى المحكمة وصدرت ضدهم أحكام مشددة وتم الإعلان رسمياً عن عملية ‘سوزانا’ ومرتكبيها في ديسمبر 1954 وهم موسى ليتو مرزوق وصمويل بخور عزار والإثنان حكم عليهما بالإعدام، فيما جاءت الأحكام الأخرى على المتورطين كالتالي: الأشغال الشاقة المؤبدة لكل من فيكتور ليفي وفيليب هرمان ناتاسون والأشغال الشاقة لمدة 15 سنة لفيكتوريين تيتو وروبير نسيم داسا، وكذلك الأشغال الشاقة 7 سنوات لمائير يوسف زعفران وماير صمويل ميوحاس.
وقد أثبتت التحقيقات تورط شيمون بيريز وبن جوريون في فضيحة لافون أو عملية سوزانا، ولكن ظلت الإدانة فيما يتعلق بهذين الشخصين إدانة سياسية.
هذه هي تفاصيل قضية هجرة اليهود من مصر بحذافيرها كما وردت في الوثائق والمستندات، ونحن إذ نضيف إليها من جانبنا البعد الآخر المتعلق باحترام ثورة يوليو لكافة الأعلام والرموز اليهودية من نجوم وفنانين عاشوا حياة آمنة على أرض مصر وكونوا قاعدة شعبية عريضة مثل عمر الشريف الذي أعلن إسلامه وتزوج من الفنانة فاتن حمامة فعمر الشريف هو نفسه ميشيل شلهوب ولد في 10 ابريل 1932 بمدينة الإسكندرية وقدم أول أعماله فيلم صراع في الوادي مع المخرج يوسف شاهين الذي يتردد أنه من أصل يهودي ايضا، ولكنها مسألة غير ثابتة.
وصل الشريف الى العالمية عن طريق المخرج دافيد لين وأخذ فرصته كاملة وأصبح ذائع الصيت.
وعلى رأس المطربات المصريات اليهوديات الشهيرات الفنانة ليلى مراد، من مواليد حي العباسية بالقاهرة، ولدت في 17 فبراير 1916 وهي لأب يهودي هو إبراهام زكي موردخاي وأم يهودية مصرية تدعى تويفا سمحون، تعلمت الغناء على يد والدها والملحن الكبير داود حسني، والأخير منحدر ايضا من أصول يهودية وله باع طويل في الموسيقى العربية ويعد من أعلامها المهمين، بعد بلوغها ذروة النجاح أعلنت ليلى إسلامها وتزوجت من وجيه أباظة الذي عين محافظاً للبحيرة ثم القاهرة وأسس دار الأوبرا والفرقة الشعبية بالبحيرة، من بين الشخصيات التي اثارت جدلا واسعا الفنانة راقية إبراهيم بطلة السينما المصرية الرومانسية في زمن الابيض والأسود يهودية، ولدت عام 1919 واسمها الحقيقي راشيل ليفي، اشتركت حسبما ذكر في قتل عالمة الذرة المصرية سميرة موسى وكافأتها إسرائيل بتعيينها سفيرة بإحدى العواصم الأوروبية المهمة فقد قامت بالعديد من الخدمات المهمة للكيان الصهيوني قبل أن تترك مصر وتقاطع شقيقتها نجمة إبراهيم لرفضها السفر، تجدر الإشارة هنا إلى أن نجمة هي التي قامت بدور في فيلم ريا وسكينة.
ولا يمكن أن يتم إدراج الأسماء اليهودية الفنية بغير ذكر ليليان فيكتور كوهين الشهيرة ب’كاميليا’ وهي الفنانة المولودة بالإسكندرية في 13 ديسمبر 1929.
والمنتمية لأسرة فقيرة، اكتشفها المخرج أحمد سالم وقدمها للسينما لشدة جاذبيتها وافتتانه بها، نجحت الفتاة الجميلة كممثلة حتى أن نبأ سحرها وصل الى القصر الملكي فدخلته من الأبواب السرية كمحظية من محظيات الملك فاروق وتردد ان ذلك كان سببا في وفاتها الغامضة في حادث طائرة بعد أن أحاطت بها الشائعات وقيل أنها كانت تتجسس على الملك وتنقل أسراره.
كيتي لوتراكي الشهيرة بكيتي واحدة من الراقصات اللائي عرفن طريقهن الى السينما وعملن مع الفنان إسماعيل يسن، لم تسلم من شائعة التجسس ومحاولات التجنيد، لكنها لم تُقتل لكونها تنبهت وهربت مبكرا قبل ثبوت التهمة عليها، هربت كيتي وتركت حياتها لغزا.
هل كانت بالفعل جاسوسة؟ أم أنها ضحية شائعة استهدفت اسمها وشهرتها وأراد مطلقوها ان ترحل لتفسح لهم الساحة؟!
الشخصيات والشبهات والتساؤلات أحاطت بالكثيرين من الوسط الفني وبقي الثابت أن اليهود عاشوا على أرض المحروسة بكامل حريتهم في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات ولم يحرم أي منهم حقه في الإبداع والشهرة والتميز وما ذكرناه من النجوم كان مجرد نماذج لنخبة كرمتها ثورة يوليو ومنحها الزعيم جمال عبدالناصر أوسمة الاستحقاق وأنواط التفوق في معظم المناسبات الوطنية، وإلى الآن لا يزال ما كرسته الثورة قائما فلا أحد يختلف على توجو مزراحي رائد فن ‘الخيالة، والخيالة هو الاسم الذي كان يطلق على السينما في بداية دخولها الى مصر، وقد عنيت الدراسات السينمائية والثقافية بدور مزراحي المهم في إثراء الحركة الفنية ولم يوجد من تجاهله طوال تاريخ السينما المصرية، بل دائماً ما يأتي ذكره في الصدارة وتمت الإشارة اليه في العديد من المهرجانات المحلية والدولية وهو يهودي أباً عن جد.
الفنانة الكوميدية نجوى سالم واحدة من الفنانات خفيفات الظل اشتهرت بأدوار السيدة الناعمة وكان لها إسهامات مسرحية وسينمائية مهمة، هذه النجوى يهودية الأصل، عاشت في مصر وكونت دويتو ناجح مع الفنان الكوميدي المسرحي عادل خيري وربطتها علاقة زمالة وصداقة قوية بالفنان عبدالفتاح القصري، حتى أنها أنفقت عليه بعد مرضه وإفلاسه وعالجته على حسابها الشخصي، فلم يكن لديها إحساس بالغربة أو التمييز العنصري على أساس الديانة أو الجنسية.
كل هذه الدلائل والشواهد تؤكد أن عبدالناصر ونظامه لم يكونا يوما ضد الطائفة اليهودية ولم يجبروا أحدا على الرحيل لأسباب دينية أو عرقية، ومن ثم تنتفي عنهما تهمة القمع والتكدير والترحيل التي يحاول عصام العريان القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وصمهما بها واتخاذها ذريعة للمزايدة السياسية لكسب الرضا الأمريكي وتقديم نفسه بوصفه حمامة سلام تطير بأجنحة الإسلام السياسي!!
qooma
عمر الشريف لم يكن يهودي. كان مسيحي من أصل لبناني