لماذا التزم رئيس الوزراء الأردني بعدم رفع الأسعار والضرائب قبل نهاية 2017؟

عمان ـ «القدس العربي»: ذهبت تعليقات في الأردن تقول إن وزراء بارزون في الطاقم الاقتصادي للحكومة الأردنية لا يعرفون حتى الأساس الذي اعتمد عليه رئيسهم الدكتور هاني الملقي وهو يبلغ الرأي العام مع بداية الأسبوع الماضي بأن «الأسعار» لن ترتفع مرة أخرى خلال هذا العام 2017.
تصريح الملقي في السياق قد يعكس انطباعا بأن الرجل بدأ يفترض أن حكومته قد تدخل الصيف المقبل وتحديدا بعد انتخابات اللامركزية والبلدية في مستوى العد العكسي للرحيل حيث يتردد في كواليس النخب السياسية أن الملقي استشعر مؤخرا إمكانية إجراء تعديل إضافي على وزارته لكنه لم يحصل على الضوء الأخضر على أساس أن أسابيع قليلة فصلته عن أول تعديل وزاري على فريقه والحاجة قد لا تكون مبررة للخوض مجددا وفي هذا الوقت في مسألة مثل التعديل الوزاري.
إذا كان مثل هذا الكلام مطروحا فالتفسير المنطقي هو احتمال البحث في خيار آخر للحكومة الحالية الصيف المقبل، الأمر الذي يفسر تغريد الرئيس خارج سربه الوزاري الاقتصادي في مسألة عدم رفع الأسعار مجددا قبل نهاية العام، بمعنى أن الملقي يقول ضمنيا إن حكومته الحالية لن تجازف بوجبة جديدة من رفع الأسعار، وأنها حصلت قبل رحيلها على حصتها المنطقية في رفع الأسعار والضرائب وأن أي رفع جديد لن يقبل به لا مجلس النواب ولا الشارع.
طوال الوقت يعترض وزراء في الطاقم الاقتصادي، قد يكون من بينهم وزيرا المالية عمر ملحس والتخطيط عماد فاخوري، على أي التزامات علنية للحكومة بخصوص عدم رفع الأسعار مجددا على أسس رقمية بحتة لا تخضع للمقياس السياسي.
الملقي وفي عدة جلسات مع فريقه عبر عن رغبته في تجنب أي رفع جديد للأسعار والضرائب في العام الحالي.
لكن ما لم يعرف بعد مقدرته الحقيقية على الإيفاء بمثل هذا الالتزام في ظل الضغط الشديد من قبل البنك الدولي ومن جهة الطاقم الاقتصادي الذي لا يؤمن بتسييس مسألة الإصلاح الاقتصادي والمالي الهيكلي والخطوات الضرورية في هذا الاتجاه حيث تؤكد مصادر وزارية مطلعة أن الفاعلين في الطاقم الاقتصادي يضغطون باتجاه إكمال مسلسل الإجراءات الاقتصادية والمالية وبصرف النظر عن ملف الكلفة الاجتماعية التي يتحدث عنها وزراء آخرون بارزون في الحكومة. الملقي يخشى أن تتأثر علاقة حكومته سلبا بمجلس النواب إذا ما مضى في المسار الاقتصادي كما يريده وزيرا المالية والتخطيط والطاقم الاقتصادي.
في المقابل تواجه الحكومة ضغطا شديدا من أكثر من طرف داخلي وخارجي على أساس العمل على التأهل لبرنامج المنح والقروض الدولية وبصورة تهيكل الاقتصاد الأردني وتنتهي برفع كل الأسعار والضرائب وإلغاء كافة أنماط الامتيازات والإعفاءات الضريبية وجميع أشكال دعم الخزينة للسلع والخدمات وتحويل الدعم لحصة ديمغرافية من السكان والمواطنين الأقل دخلا وحظا إذا رغبت الحكومة في ذلك.
وهناك مسؤولون يحذرون من توقف الإجراءات الاقتصادية للحكومة ويؤشرون على أن الفرصة متاحة لإكمال حل المشكلات العالقة والمضي قدما في الإصلاح الهيكلي الاقتصادي بمعنى الاستمرار في الإجراءات الإصلاحية وعدم التردد وإكمال المطلوب دوليا وبين هؤلاء شخصية مالية بارزة من وزن محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز.
ويتحدث الاقتصاديون عن إنتاج فعال تم رصده مؤخرا بعد إجراءات حكومة الملقي التي استطاعت توفير نحو نصف مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي من عجز الميزانية. لكن البنك الدولي يطالب بتوفير نصف مليار أخرى قبل شهر سبتمبر/ أيلول المقبل حسب معلومات حصلت عليها «القدس العربي» الأمر الذي يعني ضمنيا أن الحكومة مطالبة بالمزيد من الإجراءات القاسية وبوجبة ثانية من رفع الأسعار والغاء الدعم ورفع الضرائب وهو ملف معقد مثير للتجاذب الإشكال.
عمليا لم تعرف بعد الأسباب والخلفيات التي دفعت الملقي قبل أيام فقط للالتزام علنا مع الجمهور بعدم رفع المزيد من الأساس قبل نهاية العام، خصوصا وأن بعض الوزراء بخلفية اقتصادية ومنهم وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز يتحدثون عن الحاجة للإجابة بعد التمكن من توفير نصف مليار في الوجبة الأولى على اسئلة من طراز ما الذي ينبغي فعله عام 2018.
إشارة الرزاز وغيره تتعلق بصعوبة التفكير دوما بجيوب المواطنين وبخيارات من وزن رفع اسعار للاستمرار في ترتيب أوراق الإصلاح الاقتصادي الهيكلي بدلا من العمل على تفعيل نمو اقتصادي يعفي الحكومة من رفع الأسعار ويرفع نسبة النشاط الاقتصادي ويؤدي لجذب المزيد من الاستثمارات وتحريك العجلة الاقتصادية.
الخيارات سالفة الذكر ولأسباب تتعلق بالوضع الإقليمي المشتعل والوضع السياسي في المنطقة قد لا تكون متاحة، الأمر الذي يبقي أمام حكومة الملقي خيارا واحداً فقط يرتبط بالاستجابة لسياسة رفع الأسعار وهو الخيار الذي يحاول مقاومته رئيسها وسيستمر في مقاومته خصوصا إذا ما استنتج في قراءة متأخرة أن حكومته ستنتقل إلى احتمالات المغادرة والسقوط الشعبي إذا ما رفعت الأسعار مجددا واستجابت للبنك الدولي ولضغوط الطاقم الاقتصادي.
في كل الأحوال تبدو كل الخيارات ماليا واقتصاديا سيئة للغاية، لكن في حسابات الملقي اللجوء محتمل وممكن للخيار الأقل سوءً، خصوصا وأن الأوراق السياسية اختلطت قليلا وسط حالة سخط شعبية في الشارع ليس على الحكومة فقط ولكن على البرلمان أيضا.

لماذا التزم رئيس الوزراء الأردني بعدم رفع الأسعار والضرائب قبل نهاية 2017؟
وزارة الملقي في سباق ضد الساعة لتوفير نصف مليار دولار
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .الحرحشي _المفرق -الاردن:

    اللجوء الى جيوب المواطنين هو دليل واضح انكم فاشلون فهل من اقدار المواطنين ان يتحملوا ويتحملوا هذا الفشل الذريع في ادارة اوضاع البلاد التي اتجاهها نحو الهاوية. انما للصبر حدود يا (حبيبي). الاغنية تقول يا حبيبي فالحب مفقودة بيننا وبين الفاشلين الذين قادوا البلاد الى من نحن فيه من كوارث لا تحصى ولا تعد. يتكلمون عن مصر لكن وضعنا حقيقتا هو اسوأ بكثير. …

  2. يقول سامح //الأردن:

    *لم يبق شيء بجيوب (المواطن) المطحون
    والأفضل (للحكومة ) البحث عن بدائل
    بعيدا عن جيوب المواطن المظلوم المطحون.
    *سلام

إشترك في قائمتنا البريدية