الرئيس يشيد بدولة الدستور لكن العدالة أخطات الطريق فاعتقلت خالد علي ونسيت حبيب العادلي

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: كان يوما ملبداً بالغيوم في سماء السياسة، فالسلطة التي تعهدت بالدفاع عن مهنة الصحافة وأهلها، أصدرت فرمانا بإغلاق 21 موقعاً إخبارياً، بزعم أنها تدعم الإرهاب وتنشر أخبارا كاذبة تؤثر في نهضة مصر، وتضع العراقيل في طريق الدولة كي تتفتت البلاد.
ترك القرار ظلاله على الأوساط الإعلامية وكان كفيلاً بنشر حالة من الذعر في أوساط الصحافيين، الذين باتوا يواجهون العوز على إثر أزمات مالية طاحنة تهدد صحفهم بالإغلاق، وهو الأمر الذي يعزز القول بأن ليل الإعلاميين لا نهاية له، حيث تتعامل السلطة مع معظمهم بسوء نية، ولا تفرق بينهم وبين من يحملون الأحزمة الناسفة، فالكلمة لا تقل خطورة عند «الديكتاتور» من القنبلة، لأجل ذلك وخوفاً من أن يتمدد غضب النظام إلى كافة الصحف، آثرت الجرائد المصرية الصادرة أمس الخميس 25 مايو/أيار السلامة، وقررت أن تسير على النغمة التي ترتضيها الدولة الأمنية، حيث الكلام عن الطقس وأسعار التمور والياميش ومسلسلات رمضان، مقدم على السؤال حول هروب وزير داخلية مبارك حبيب العادلي وسبب عجز السلطات عن القبض عليه. كما أن ملاحقة أخبار لاعبي الكرة أولى بالرعاية نن الاستفسار عن الأسباب الحقيقية وراء حبس المرشح الرئاسي الأسبق خالد علي.
وحدها الصحف المستقلة التي لا تدين بالولاء سوى لقرائها جازفت بالمخاطرة واهتمت بالهجوم على القمة الإسلامية، التي عقدت مؤخراً، ومن الطبيعي أن يتساءل مواطنون لا يجدون قوت يومهم ويستقبلون رمضان ببيوت خاوية من الخبز إلا قليلا، حول المنحة السخية التي حصلت عليها ابنة ترامب، وتقدر بمئة مليون دولار، فيما فقراء المسلمين واليتامى نسوا شكل الدجاجة ورائحة اللحم.. من الطبيعي أن يتساءل الغزاويون عن صفقات الأسلحة الأخيرة التي عقدتها المملكة السعودية مع ترامب بقيمة 110 مليارات دولار، فيما القدس ما زالت تبحث عن بندقية. بالأمس اهتمت الصحف ايضاً بتصريحات السيسي، وهو يرد على مزاعم البشير: «لا نتآمر على أحد وسياستنا شريفة في زمن عز فيه الشرف»، «التعليم» تنتهي من خطة تأمين امتحانات الثانوية العامة، الجيش ينتشر في بريطانيا.. وفرنسا تتجه لمد الطوارئ، حملات استرداد الأراضي تضرب «الكبار»، وفد البنك الدولي في القاهرة خلال أيام لبحث إجراءات «الشريحة الثالثة» من القرض المقدم لمصر .
وحول قانونية إغلاق عدد من المواقع الإلكترونية، وحجبها لمخالفتها القانون، أوضح مصدر أمني لـ»الشروق» أن هذه المواقع إلى جانب مخالفتها القانون تنشر أخبارًا كاذبة، ولا تلتزم بمعايير المهنة، مؤكدا أن كل الإجراءات ضد هذه الوسائل قانونية.

قمة العار

متى كان التحالف مع الأعداء تقوية للصف أو مضيا باتجاه الأهداف القومية العليا؟ كيف يجد هذا المنطق أتباعا على تلك الساحة الواسعة، خمسون دولة تم شحنها في مؤتمر سمي بالقمة العربية الإسلامية الأمريكية، يتساءل أحمد بان في «البديل»: «هل لمح أحدكم شيئا عربيا أو إسلاميا في تلك القمة سوى أقداح القهوة وأغطية الرؤوس والعيون، يمضي ترامب ليجمع الجزية قبل أن يصل مباشرة إلى حائط البراق، ويعتمر طاقية الحاخام، مقدما فروض الولاء لحكام المنطقة الجدد، مجددا الدعم السخي الذي قدمه العرب، لتصبح إسرائيل أقوى وأغنى وأكثر أمنا، وتدور ماكينة الحرب لتلتهم أي فرص للنجاة، لتلك الشعوب المنكوبة بحكام باعوا أنفسهم للشيطان وصدقوا أعداءهم وكذبوا ربهم وأمتهم، ويمموا وجههم نحو البيت الأبيض القبلة الجديدة، التي تتنكر لقبلتنا الأولى والثانية. ما زالت قضيتنا هي الديمقراطية والحرية، التي بإمكانها أن تترجم إرادة الشعوب في اختيار من يصلح لحكمها، ورسم معالم مستقبلها، أما هؤلاء الوكلاء الذين يخشون أمريكا ولا يخشون الله ولا شعوبهم، فلن يعملوا سوى لمن يخشونهم والله أحق أن يخشوه، إن كانوا مؤمنين. هل سيأتي وقت نفيق ونمسح هذا العار عن جباهنا؟ أشك وأخشى أن نتجرع الكأس المترعة بالخيانة حتى الثمالة، فلا يبدو في الأفق صوت يعلو على صوت التفريط والخيانة، إنا لله وإنّا إليه راجعون».

تهديد الرئيس

«خلال افتتاحه عدداً من المشروعات القومية في دمياط ألمح الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى وجود تهديدات وصلت إليه شخصياً، بعد توجيهه بسحب أراضي الدولة المستولى عليها، وقال الرئيس: «فيه ناس معتدين على أراضي الدولة بتقول إنها هتاخد حقها مني، وأنا بقول لهم مفيش حد فوق القانون، ومنبقاش رجالة لو سبنا حد ياخد حق الدولة، أقسم بالله لن أترك أحداً يأخذ حق غيره، وموعدنا آخر الشهر». كلام الرئيس يكشف وفق رؤية محمود خليل في «الوطن» عن تحول مقبل في التعامل مع ملف أراضي الدولة المنهوبة. فمنذ أن أطلق دعوته للشرطة والجيش للتعامل مع هذا الاستحقاق ونحن نسمع يومياً عن عدد من حالات استرداد أراضٍ، أو إزالة تعديات على أراضي الدولة. بدت المسألة وكأنها كَمية إلى حد كبير، وكلام الرئيس يعني أن الأيام المقبلة يمكن أن تشهد حالات نوعية لاسترداد أراض منهوبة، الحالات النوعية نقصد بها «الكبار» أو «الحيتان الكبرى» التي استولت على أراضٍ لا حصر لها. التعامل مع الصغار سهل ويسير، أما بالنسبة للكبار فالأمر جد مختلف. كلنا يعلم من هم الكبار، ويفهم أن من بينهم قيادات ومسؤولون سابقون ورجال أعمال ورجال إعلام. هؤلاء جميعاً وضعوا أيديهم على أراضٍ لا حصر لها، بعضهم اشتراها للزراعة ثم بناها، وآخرون استولوا عليها من خلال علاقاتهم بمسؤولين كبار، وآخرون بالفساد، وهناك من استولى على أراضٍ مستنداً إلى قوة الوظيفة التي يعمل أو كان يعمل فيها. في ظل منظومة الفساد التي سادت عصر «مبارك» استولى كثيرون على أراضي الدولة، ويصح أن تقول إن نسبة لا بأس بها من كبار ناهبي الأرض في مصر ينتمون إلى «العصر المباركي». بإمكان الدولة أن تفرض على الصغار قوانينها، لكنها قد تواجه تعباً وعنتاً عندما تحاول تطبيق المعادلة على الكبار».

شرفاء في زمن بلا شرف

استنكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشدة، الاتهامات الموجهة لمصر بالتآمر ضد السودان، مشددا على أن مصر لم ولن تتآمر ضد أي دولة، خاصة الأشقاء، ولا تقوم بإجراءات خسيسة ضد أحد، وليست تابعة لأحد ووفقاً لصحيفة «الأهرام» وجه الرئيس السيسي رسالة للعالم بأن «مصر تمارس سياسة شريفة في زمن عز فيه الشرف»، مبينا أنها دولة رشيدة تحترم نفسها وتحترم الآخرين، ولها وجه واحد، وتتعامل مع أي أزمة بالحوار، مبينا أنها دولة تمد يدها ــ فقط ــ للتعاون والبناء والتنمية. جاءت تصريحات الرئيس، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع المستشار النمساوي كريستيان كيرن، ردا على سؤال حول تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة، التي اتهم فيها مصر بدعم حركة التمرد في دارفور. ولفت السيسي إلى أن سياسة مصر تقوم على ثوابت لا تتغير، منها عدم التدخل في شؤون الآخرين، وعدم التآمر على أحد، مذكرا بتأكيده على إستراتيجية مصر الواضحة في مواجهة الإرهاب، خلال وجوده في القمة العربية ــ الإسلامية الأمريكية في الرياض. وأوضح الرئيس أن القاهرة لا تدير سياسة مزدوجة، وأنها لن تحيد عن سياستها مهما تكن التحديات، مؤكدا على أنها تقف على أرض صلبة بصلابة ووحدة المصريين».

البشير يتألم

نتحول بالحرب الصحافية ضد الرئيس السوداني الذي لا تخلو صحيفة من الهجوم عليه وعلى نظامه، وممن شاركوا في تلك الحملات عمرو جاد في «اليوم السابع»: «فقدنا قطعة من السودان جنوبًا في بداية انشغالنا بالربيع العربي، ولم يكن لدينا حينها وقت للندم، فلا جنوب السودان استمتع بانفصاله، ولا نحن قطفنا شيئًا من ثمار الربيع، باستثناء ما جنيناه من الإزعاج الذي تسببه شوكة عمر البشير النابتة في ظهر الامتداد المصري.. هذا الإزعاج ليس سوى موجة غبار وسط عاصفة كبيرة من التحولات في العالم العربي، أو ما تبقى منه، ولا أحد يمتلك الوقت أو الرفاهية لكي يرد على ادعاءاته ضد مصر، عبر فرع قناة الجزيرة في الخرطوم، يكفيه بؤسًا أن تكون خصومته مع جارته الوحيدة المستقرة شمالًا، بينما المتمردون في الغرب يتجرأون على نظامه، وإخوته في الجنوب لا يعترفون بوجوده، والعقوبات تطارده شخصيًا.. ويؤكد الكاتب أن الأموال التي يتلقاها نظام البشير من الدول التي تعادي مصر من الممكن أن تدفع الديون، لكنها لا تصنع الكرامة».

مصر في خدمة الجيش

وإلى انتقاد دور الجيش في الحياة المدنية وتعرض له في «المصريون» الدكتور يحيى القزاز أستاذ الجيولوجيا في جامعة حلوان، وهو أحد أبرز مؤسسي جماعة 9 مارس لاستقلال الجامعات وحركة كفاية قال القزاز: «ينص الدستور على أن السيادة للشعب، وأن الموارد الطبيعية ملك الدولة، وأن الجيش ملك الشعب. شركة شلاتين للثروة المعدنية التابعة لقطاع التعدين في جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، تسيطر على مناطق شاسعة في جنوب مصر، ليس هذا فحسب، بل صارت تنازع القوات المسلحة في اختصاصها، وتصدر تصاريح يحق لحاملها دخول المناطق الجنوبية الممنوعة. قطاع التعدين في جهاز الخدمة الوطنية يستولي على دور هيئة الثروة المعدنية، ويقوم بعمل مزايدات لبيع خاماتنا الاستراتيجية. يبيع حاليا خام «الإلمنيت» في منطقة أبو غلقة جنوب مرسى علم، ويجهز لعمل مزايدة لبيع خامات عنصري النيوبيوم والتنتالم. ويستولي على الثروات المعدنية بغير وجه حق ويدعي انه مالك سطح؟ هذا القطاع يمارس دورا تخريبيا باستيلائه على الموارد الطبيعية (الثروات المعدنية) وبيعها للخارج لسببين، الأول أنه لا يخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات. ثانيا لإهداره خامات استراتيجية نادرة. يعقد قطاع التعدين في جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة مؤتمرا عن التعدين والثروة المعدنية في مصر.. هل هذا دوره؟ وما المقصود بما يفعله؟ على جهاز الخدمة الوطنية في القوات المسلحة أن يكف عن التغول والاستيلاء على اقتصاد واستثمارات وأراضي الدولة وثرواتها المعدنية، مستغلا انتماءه للقوات المسلحة. وأنا أطالب بفصل جهاز الخدمة الوطنية عن القوات المسلحة،، لطبيعة عمله مع المدنيين، وحتى يتسنى مراقبته ومحاسبته قانونيا، وضم قطاعاته المختلفة لوزارات البترول والصناعة والإسكان والزراعة وحتى لا يكون تكرارا لأجهزة مدنية قائمة».

مؤامرة أمريكية بنكهة عربية

الناشط الفلسطيني فيدلي برأيه في «البديل» قائلا: «أدعي على ابني، وأكره اللي يقول آمين» مثل شعبي يمثّل موقف الكثير من المعارضين والمنتقدين لحكم حماس في غزة، هو المثل الذي بالضبط جال بخاطري بمجرد ما قرأت خبراً يفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصنف حركة حماس بأنها «إرهابية» من داخل الدولة السعودية الإسلامية، وبحضور القادة الإسلاميين. فوراً تذكرت أنني منذ وقت قليل، كنت مخطوفاً لدى حماس على خلفية الرأي والنشاط السياسي، وتذكرت أنني تعرضت لأذى كفيل بأن يخلق الكره بداخلي، ولكن؛ هل يمكن لفلسطينيّ أن يقبل بأن تُهاجم حماس من أمريكا وإسرائيل ويقف جانبهما؟ ولماذا قال ترامب عن حماس «إرهابية»؟ هل لأنها حركة أصولية دينية متشددة؟ أم لأنها مارست بعض الظلم ضد مواطني قطاع غزة؟ أم لأنها حركة مقاوِمة فلسطينية تمثل قلقاً لإسرائيل؟ ولماذا لم ينتقد ترامب دولة الاحتلال بكلمة، وهي التي قتلت الآلاف من أبنائنا وأطفالنا، وارتكبت مجازر الشجاعية ورفح وبيت حانون، وذكرياتها التي ما زالت طازجة، وإعدام الأطفال والشباب بشكل يومي في الضفة ما زال حاضراً، وكل مكوّنات الكيان الإرهابي موجودة فيها؟ الحقيقة أننا نتعرض إلى مؤامرة أمريكية إسرائيلية عربية، وبإشراف مليارات آل سعود، ضد غزة وضد الحركة الوطنية الفلسطينية بشكل عام، واعتبار حماس إرهابية، هو اعتبار كل الفلسطينيين إرهابيين، وهذا ما هو مرفوض لدى أيّ وطنيّ شريف، مهما اختلف ومهما تنازع مع حماس، فهي تظل خصماً سياسياً ولكنها ليست عدواً، وهي جزء من النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني ومن حركته الوطنية ومن تاريخ نضالاته وبطولاته ضد عدوه الأول والأخير.. دولة الكيان الإسرائيلي».

عار عليكم

نبقى مع لقاء ترامب وقادة المسلمين حيث يرى خالد داوود في «مصر العربية» في ما أسموه بالقمة العربية ـ الإسلامية ـ الأمريكية التي استضافتها الرياض مؤخرا: «أعلنت المملكة عن صفقات سلاح لإرضاء الرئيس الأمريكي الأخرق دونالد ترامب بقيمة ما يزيد عن 350 مليار دولار دفعة واحدة، منها ما يزيد عن مئة مليار دولار فورا، والباقي على مدى عشر سنوات. ولم يهتم الملك سلمان بصفاقة ترامب أثناء حملته الانتخابية، وتكراره أنه يجب على دول الخليج أن تدفع أكثر، لكي تستمر بلاده في توفير الحماية لهم، بل تعامل معه على اعتبار أن كلامه أوامر لتشتري السعودية ما تشاء من سلاح، ولكننا لا نريد حربا كارثية جديدة في المنطقة ضد إيران، تدفع ثمنها شعوب المنطقة بأكملها. نعم بكل تأكيد إيران لها أطماعها في المنطقة لأنها ترى نفسها دولة إقليمية كبيرة، ولكن البديل ليس الحرب، سعيا لإنهاء نزاع تاريخي لن ينتهي بين السنة والشيعة في العالم العربي. كما أن الرياض وحلفاءها في الخليج يدركون جيدا أن أمريكا قد تساعدهم في شن حرب ضد إيران، ولكنها لن تستطيع أبدا توفير الحماية لهم للأبد، مع الوضع في الاعتبار النفوذ الإيراني القوي داخل دول الخليج نفسها، والتركيبة المتنوعة لتلك الدول بما تتضمنه من مواطنين من أصول فارسية ومن أتباع المذهب الشيعي. بعض العقل يا حكام الخليج، ومئات المليارات من الدولارات التي ستنفقونها على أسلحة لا تحتاجونها تكفي لصنع السلام والتنمية في العالم العربي بأكمله، بل وإفريقيا كذلك، من دون الحاجة إلى أي حروب».

جيش مصر

ومن اشد الانتقادات للمملكة السعودية ومن شاركوا في لقاء القمة، ذلك الهجوم لأسامة غريب في «مصر العربية»: «تعودت السعودية على الدوام أن تقوم بالحروب من أجل أمريكا من وراء ستار. حدث هذا في أفغانستان وفي حرب الخليج الأولى وفي غزو العراق وفي الحرب الحالية في سوريا. المرة الوحيدة التي أقدم فيها السعوديون على الحرب بأنفسهم كانت في اليمن ضد الحوثيين وقوات صالح، ولعل ضعف الخصم والفارق الهائل في التسليح في الحرب في اليمن، أغرى السعوديين بالموافقة على خطة ترامب هذه المرة، بعد أن يبيع لهم أسلحة متقدمة بكميات هائلة ليحاربوا الإيرانيين بأنفسهم، وربما أن الشكوى السعودية من امتناع بعض الدول عن المشاركة في جيوشها في حرب اليمن، ومن بينها مصر وتركيا وباكستان، دفعت ترامب ليتدخل بنفسه لمساعدة السعودية في إقامة حلف سني لمحاربة إيران، ومن الواضح أن أعضاء هذا الحلف لا يجدون غضاضة في أن يعملوا تحت قيادة بنيامين نتنياهو شخصيًا، وقد يفسر هذا غياب أردوغان عن الاجتماع الترامبي الإسلامي، وكذلك غياب رئيس وزراء باكستان. من الجيد أن مصر لم تنزلق إلى حروب خارج حدودها، ولم تمتثل للرغبة السعودية في استخدام جيش مصر، كما تفعل بجيوش دول أخرى تحارب في اليمن من أجل المال لتحقيق نصر سعودي. ولكن من السيئ جدًا أن يشير ترامب وبعض معاونيه إلى جيش مصر باعتباره أكبر جيش سني في المنطقة. لا يا سادة جيش مصر ليس سنيًا ولا شيعيًا ولا هو جيش طائفي، فهو جيش مصري يتشكل ضباطه وجنوده من المصريين بمسلميهم ومسيحييهم، ولا شأن للدين بتكوينه أو بعقيدته القتالية، وندعو الله أن يظل كذلك بعيدًا عن خطط ترامب وغلمانه».

ما أجملها قمة

ومن بين من أشادوا بمشاركة مصر في القمة الدكتور أحمد يوسف أحمد في «الأهرام»: «ذهبت مصر إلى القمة مستندة إلى تقاليد راسخة وخبرات عميقة، نجمت عن عقود من الممارسات الوطنية في سياستها الخارجية، كشفت عن أن هذه السياسة لم تسقط يوماً في براثن سياسات الأحلاف، التي لا تنبثق من اعتبارات الأمن المصري والعربي، ومن الأهمية بمكان أن هذا التقليد بدأ مع حصول مصر على استقلالها، وتولي حكومات وطنية مقدراتها، بغض النظر عن طبيعة نظامها السياسي، فقد كانت حكومة مصر الوفدية في العهد الملكي هي التي أسقطت مشروع قيادة الشرق الأوسط في 1951، وكانت مصر ثورة يوليو/تموز هي رأس الحربة في إسقاط حلف بغداد ومشروع أيزنهاور في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم هزيمة مخطط ربط الوطن العربي بنظام التحالفات الغربية، وعلى الرغم من توثق العلاقات المصرية مع الاتحاد السوفييتي حيناً، ومع الولايات المتحدة حيناً آخر، فإن مصر لم ترهن نفسها يوماً لإرادة هذه القوة العالمية أو تلك، وهكذا شارك رئيسها في القمة الإسلامية ـ الأمريكية مستنداً إلى تراث عظيم من الممارسات الاستقلالية، وكان هذا هو مصدر اطمئنان المصريين وثقتهم في أن قيادتهم لا يمكن أن تلتزم إلا بأمن مصر ومحيطها العربي، ومن ناحية أخرى فإن الرئيس ذهب إلى الرياض بإنجازات لافتة في محاربة الإرهاب وحماية الدولة المصرية من غوائله».

السيسي حذر العالم

وممن أثنوا على السيسي عباس شومان، أحد قيادات الأزهر في «اليوم السابع»: «أعجبتني كثيرًا الصراحة والوضوح والقوة التي اتسمت بها كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية التاريخية، وغير المسبوقة التي عُقدت في المملكة العربية السعودية، وكذلك كلمة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر التي ألقاها خلال مشاركته في النسخة الاستثنائية من ملتقى «مغردون»، الذي تنظمه مؤسسة «مسك الخيرية» التي يقوم عليها الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، كما راقني كثيرًا ذلك التناغم والتكامل الذي بدا جليًّا بين الكلمتين، على الرغم من أنه لم ينسَّق بين الرئيس والإمام الأكبر قبل اللقاء، وعلى الرغم من أن إحدى الكلمتين سياسية بامتياز، والأخرى ذات طابع ديني وفكري، كادت تغيب عن هذا اللقاء المهم ولا يسمع العالم منها شيئًا، خاصة في هذه النسخة من هذا الملتقى العالمي الرائد، حيث قرر شيخ الأزهر المشاركة في هذا اللقاء قبل يوم واحد من انعقاده، خاصة بعد الحرص الشديد على مشاركته من قبل المنظمين لهذا الملتقى، بعد أن كان قد اعتذر عن عدم المشاركة، نظرًا لارتباطه منذ وقت طويل. والمتأمل في كلمتي السيد الرئيس وفضيلة الإمام الأكبر يرى تناغمًا وتكاملًا وقراءة عميقة ومتقاربة للواقع، حيث حملت الكلمتان في طياتهما تشخيصًا دقيقًا للمشكلة التي تقض مضاجع صناع القرار والمهتمين، بل بات يعاني منها العالم بأسره حكومات وشعوبا، وهي مشكلة الإرهاب والتطرف. كما قدمت الكلمتان وصفًا واضحًا وصريحًا لعلاج تلك المشكلة من خلال محاور محددة وأدوات حديثة تواكب ما لدى هؤلاء المجرمين وتتحدث بلغاتهم، وهو ما يفسر في طياته سر نجاة مصر من مصير كارثي».

معاقبة المحامي بعد محاكمة القاضي

«الاحتجاز المفاجئ لخالد علي المحامي الذي قاد فريق الدفاع عن مصرية الجزيرتين في قسم الشرطة، أدى كما يشير فهمي هويدي في «الشروق» إلى إطلاق عاصفة من الشائعات التي اتهمت السلطة وتعاطفت مع الرجل، ذلك أن أحدا لم يصدق الادعاء بأن احتجازه بسبب بلاغ قدم ضده قبل أربعة أشهر، اتهمه بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام، ثم أن احتجازه بذريعة العرض على مصلحة الأدلة الجنائية بدا ساذجا، لأن مبيته في قسم الشرطة لا علاقة له بتحقيق الأدلة. ناهيك عن أن التحقيق معه كان باطلا لأن القانون يشترط إبلاغ نقابة المحامين، قبل التحقيق مع أي محام، وهو ما لم يتم. كما أن المحقق رفض أن يطلعه على أوراق قضيته ومستندات اتهامه، كي يعرف ما هو منسوب إليه. اللافت للنظر أن الشائعات التي انطلقت جمع بينها أنها اعتبرت احتجازه إجراءً سياسيا عقابيا استخدم فيه القانون، أول ما خطر على البال أن الأجهزة استهدفته لدوره في قضية بطلان اتفاقية تسليم الجزيرتين للسعودية، الذي قررته المحكمة الإدارية العليا. وهو ما أحرج السلطة وأزعجها. إذ في غياب أي تبرير موضوعي استحضر كثيرون ما جرى في تعديل قانون السلطة القضائية، الذي فهم أن المراد به حرمان المستشار يحيى الدكروري من حقه في رئاسة مجلس الدولة.. عقابا له على إصداره الحكم المذكور، واعتبروا أن معاقبة المحامي خطوة تالية على معاقبة القاضي. آخرون قالوا إن احتجاز الأستاذ خالد أريد به إنذاره و«شد أذنه» بعدما نقلت عنه رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية. ومن قرائن ذلك الإنذار أن أعدادا من مؤيديه وأعضاء حزبه «العيش والحرية» ألقي القبض عليهم، خلال الأيام الأخيرة. وللشائعة رواية أخرى ذهبت إلى أن معاقبته توجه رسالة تحذير أخرى إلى الفريق أحمد شفيق المقيم في الإمارات. الخلاصة أن الدولة المصرية كانت الخاسرة في ما جرى، وأن خالد علي كان رابحا. إذ خسرت مصر حين بدت مهتزة وضعيفة وغير واثقة في مواجهة محام وطني يحظى بالاحترام».
قانون تحت الطلب

ومن بين الذين هاجموا السلطة وسياستها الأمنية مي عزام في «المصري اليوم»: «الأجهزة الأمنية التي فشلت في القبض على متهم مشهور محكوم عليه بالسجن، وهو وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، تستطيع بسهولة أن تقبض على شاب مجهول يجلس وراء شاشة كمبيوتر في قرية نائية أو حي شعبي فقير، ويكتب آراء لا تعجب شرطة «الأخ الأكبر»، وهي الأجهزة التي تسارع في القبض على محام معروف ومرشح سابق لرئاسة الجمهورية، وتوجه إليه تهمة العمل السياسي خارج إطار القانون، وبعد إدراك تهافت التهمة، وإمكانية سقوطها بسهولة، بحجة وجود حزب تحت التأسيس، وهو ما يسمح قانونا بمزاولة قدر من الحركة بين الناس والنشاط السياسي لتشكيل الحزب، تتكاثر الاتهامات البديلة، ليتم الاستقرار على إحداها، وهي تهمة تصل لحد الهزل، وتتلخص في إشارة بذيئة أثناء احتفال عشرات المواطنين بحكم قضائي يؤكد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، فهل وصل تطبيق القانون في مصر إلى هذه الدقة في الحفاظ على الأخلاق العامة، وتمكن السلطات من ضبط السلوك الاجتماعي في الشوارع، ومنعت التحرش والاغتصاب وسب الدين، وأصبحت «إشارات اليد» هي أخطر ما يهدد الأخلاق والتماسك الاجتماعي في مصر، أم أن للقصة أهدافا أخرى، وحقيقة «همجية» كامنة وراء هذا «الشكل القانوني»؟ كنت أصدق لو أن حملة «أخلاقنا» هاجمت خالد علي، وكنت أصدق لو أن مذيعا تلفزيونيا ممن تعودوا على التحرش بالمعارضين تطوع لتجريس المحامي المعارض بإعادة نشر اللقطة الهزيلة التي لا تكاد العين تلتقطها في مسيرة الاحتفال بالحكم التاريخي، لكنني أتعجب كيف هبطت الأجهزة إلى هذا المستوى، وقررت أن تقوم بهذه المهام بدلا من الصبية الصغار الذين تخصصوا في مهام الفضح والتشهير والوصم والتجريس؟ وهذا التعجب ليس تقليلا من أهمية هذه الأجهزة، ولا احتقارا لمكانة القانون، لكنه تحذير من هبوط مستوى «الأشلاء» إلى درك غير مسبوق من التلفيق الرخيص، ومن الاتهامات غير المحبوكة، وهذا قد يكشف للجميع إفلاس العمدة وحاشية الظلم المحيطة به، ما يغري فقراء القرية بالمواجهة».

الصحافة في محنة

يشك الكاتب صبري غنيم في «المصري اليوم» في «أن تحدث الهيئة الوطنية للصحافة تغييرا في الصحف القومية التي تنهار بسبب نقص مواردها، حتى أصبحت عبئا على خزانة الدولة، تمد يدها في طلب إعانات شهرية لسداد مرتبات العاملين فيها.. لذلك أشفق على الزميل الكاتب الصحافي كرم جبر- رئيس الهيئة والصفوة المختارة من الزملاء أعضاء الهيئة.. هل سيرفعون عن أنفسهم الحرج ويقتحمون المشاكل الداخلية للصحف القومية.. أكيد لم يتصور أحد أن مؤسسة «الأهرام» العريقة التي كانت تمتلك ما يزيد على المليار جنيه في البنوك، وكان محرّروها يعيشون أسعد أيامهم، تصاب بالانهيار وتتعرض لمحنة مالية بسبب سوء الإدارة، مع أنها لا تزال تتمتع بقدرة هائلة وكفاءة متميزة في التحرير في جميع إصداراتها، يعجز فيها من ينافسها.. الشيء نفسه في مؤسسة «أخبار اليوم» التي ينحت رئيس مجلس إدارتها في الصخر مستثمرا أفكاره في تحسين مواردها، ولأنه أمضى أيام شبابه فيها، وهو طالب إلى أن تخرج في كلية الإعلام، وصار نجما إعلاميا، فكان من السهل أن يتفهم موقفها، وبسبب انتمائه ابتلع الصدمة وقت أن تسلم كرسيه وهي مثقلة بالديون.. وأصبح يجمع بين الإدارة ورئاسة تحرير الصحيفة اليومية. مؤكد أن المؤسسة كانت خرابة لأنه يبذل جهدا في استعادة مجدها بزيادة الموارد، التي كانت سببا في إنعاشها.. لكن المشكلة التي يواجهها الآن هي أن أغلبية العاملين في التحرير في كافة الإصدارات افتقدوا الانتماء، وأصبحوا يعملون خارج البيت لتحسين أوضاعهم المالية.. منهم من تفرغ لإعداد البرامج لمحطات التلفزيون المملوكة لرجال الأعمال، ومع ذلك لم يتركوا مواقعهم الصحافية، على اعتبار أنها تحميهم أدبيا عند رجال الأعمال. السؤال هنا: هل تستطيع الهيئة الوطنية للصحافة أن تضع معايير مهنية تعيد منظومة العمل داخل المؤسسات الصحافية؟».

الحلم وحده لا يكفي

طموحات وأحلام وزير التربية والتعليم طارق شوقي ورغبته الصادقة في إصلاح منظومة التعليم في مصر صادقة، لكن كما يرى أشرف البربري في «الشروق»: «فإن مجرد البدء بملف الثانوية العامة، عند الحديث عن إصلاح التعليم يثير في النفس شكوكا قوية حول جدية الحكومة ككل في التعامل مع هذه القضية الحيوية.
فكل تجارب الإصلاح الفاشلة التي عايشناها طوال العقود الثلاثة الأخيرة بدأت وانتهت عند الثانوية العامة، وهي فشل طبيعي ومتوقع تماما، لأنه لا يمكن تحقيق أى إصلاح جاد وحقيقى في السنة الثانية عشرة من مسيرة الطالب التعليمية، إذا استبعدنا سنتي رياض الأطفال. ليس هذا فقط، بل أن مجرد الحديث عن إصلاح التعليم دون الحديث عن ضرورة توفير ميزانية كافية لبناء المدارس والقضاء على العجز في أعداد المدرسين، وتدريب هؤلاء المدرسين باستمرار لتحسين مستواهم، يعني أننا نتكلم عن «إصلاح أي كلام» لن نصل من خلاله إلى شيء، رغم كل النوايا الطيبة التي قد تكون لدى المسؤولين. وليسمح لي الدكتور طارق شوقى بالتساؤل عما يمكن أن يحققه أي تغيير أو تعديل في نظام الثانوية العامة، بجعلها عامين أو ثلاثة أو حتى بإلغائها تماما، وما الذي يمكن أن يحققه تغيير نظام القبول في الجامعات بالنسبة لمستوى الخريج الذي وصل إلى سنة ثالثة ثانوي، عبر منظومة تعليمية تعاني من كل الأمراض جعلت منه في أحسن الأحوال نصف متعلم؟ لو كان المسؤولون عن التعليم جادين في السعى لإصلاحه لأصروا على جعله أولوية في بنود الإنفاق العام، واعترضوا على مقولة «يعمل إيه التعليم في بلد ضايع»، ليقولوا أن التعليم هو الذي يمكن أن يسترد البلد من الضياع، أكثر من أي شيء آخر».

الرئيس يشيد بدولة الدستور لكن العدالة أخطات الطريق فاعتقلت خالد علي ونسيت حبيب العادلي

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية