زيت على الموقد المصري الداخلي

حجم الخط
0

هز انفجار غريب قبل ايام معدودة سماء شمال سيناء وأُحصي على أثره بالقرب من الحدود مع اسرائيل جثث خمسة مجاهدين. كان سكان ايلات ربما يستطيعون ان يربطوا بين اغلاق المطار في المدينة والانذار الذي تلقوه. إن الجهات الامنية الاسرائيلية سكتت في حين أحدث الانفجار في سيناء تبادل اتهامات في مصر.
انتهز قادة الاخوان المسلمين الحادثة كمن يجد غنيمة كبيرة. والآن يتهم متحدثو الحركة باعتبار ذلك جزءا من سلب الادارة المؤقتة شرعيتها، يتهمون نظام السيسي بتعاون عسكري مع اسرائيل. ويقولون إن الاغتيال الذي نفذته طائرة اسرائيلية دخلت الى المجال الجوي المصري ـ كما يقولون ـ شذوذ آخر عن عمل الجيش الذي يفترض ان يشغل نفسه بحراسة حدود مصر، وألا يشغل نفسه بالسياسة. إن حقيقة ان الجيش المصري منع اطلاق صواريخ من المنظمات الارهابية الاسلامية من داخل مصر على اسرائيل، تشهد على ان هذا الجيش ضعيف ولم يعد يشغل نفسه بعمله الحقيقي بل بالسياسة، وأنه أداة في يد اسرائيل وامريكا.
أنكر متحدث الجيش المصري، العقيد احمد محمد علي، وجود هجوم اسرائيلي في سيناء ونفى كل صلة بين الانفجار الذي وقع في سيناء ودخول وسيلة طيران اسرائيلية الى هذا الميدان، ونفى أي تنسيق بين الجيشين. ورغم ذلك فان الانفجار الغريب الذي حدث في رمضان خاصة أصبح الآن أداة في أيدي الاخوان المسلمين الذين يتهمون السيسي بالتعاون مع اسرائيل والتضحية بالمجاهدين لأجلها.
إن استعمال الوضع في سيناء كجزء من المواجهة بين الطرفين ليس جديدا. فقد اتهم ناس الادارة المؤقتة لعدلي منصور والسيسي منذ وقت غير بعيد مرسي بعمليات غير مشروعة على مصر وبتعاون واستعانة متبادلة اقتصادية وعسكرية بحماس، التي نفذت عمليات موجهة على جنود مصر، وكل ذلك على حساب الشعب المصري. ويزعمون ان ذلك نبع من مؤامرة لاضعاف مصر ونقل سيناء الى الفلسطينيين لتكون وطنا بديلا.
على أثر الانقلاب الاخير في مصر زادت عمليات الاحباط من الجيش المصري في سيناء، وتم القضاء على عشرات الارهابيين وأُغلقت الأنفاق الى غزة ودُمرت مخازن وقود وسلع لحماس وأُغلق معبر رفح. ويبدو في الوضع الحالي أنه حتى اردوغان سيبقى في البيت ولن يأتي الى غزة. وكان من نتيجة ذلك ان دُفعت المنظمات الارهابية الاسلامية في غزة الى ضائقة وجودية شديدة. وليس من الممتنع ان يكون قادة حماس قد أرادوا بالعملية التي خُطط لها في رمضان خاصة ان يساعدوا أنصار مرسي الذي أحسن اليهم على التشهير بالادارة الجديدة واحراجها بغرض المساعدة على اسقاطها.
يبدو أن رجال حماس قد عملوا انطلاقا من ثلاثة فروض ابتدائية رئيسة: الاول محاولة المس بسكان اسرائيل التي قد تمتنع بسبب حساسية الوضع في مصر عن رد وهذا ‘ربح صافٍ’ يقوي الروح المعنوية. والثاني أن كثرة المصابين في اسرائيل ستفضي الى رد اسرائيلي ضروري في داخل الارض المصرية يورط الادارة الجديدة في مواجهة عسكرية وتُضعف الضغط على غزة. والثالث أنه حتى لو تم احباط العملية فان ذلك سيعرض السيسي والجيش المصري للاتهام بأنهما متعاونان مع اسرائيل وسيقوي ذلك مرسي. وكان وقت العملية رمضان موجها الى ملايين المسلمين من أنصار مرسي في الميادين.
ليس للادارة الحالية طريق نكوص، حتى إن علي خامنئي بدا ‘قلقا’ من حرب أهلية في مصر تخدم امريكا والصهاينة. وإن تدخل مسؤولين كبار من الغرب والدول العربية في الوساطة مع قادة الاخوان المسلمين قد فشل. وأعلن مؤيدو مرسي إنذارا: وهو اعادته الى الرئاسة والاستمرار في التشريع الذي بدأ به. وقد أخذ يقوى تيار الملايين الى الميادين. والى جانب مراسم خطوبة جماعية تقوم الغوغاء بأعمال اغتصاب وحشية لمتظاهرات في الميادين. إن 28 مسيرة ضخمة جديدة تتشكل الآن في مدن مصر تحت شعار ‘الشعب يريد اسقاط الانقلاب’. وقد فشلت محاولات الادارة في تفريق الجموع بالمحادثات. ورُفضت ايضا جهود شيخ الأزهر احمد الطيب لعقد لقاء تصالح، بزعم أنه من أنصار السيسي. وتقول مصادر معلنة ان الادارة ستستعمل الشدة مع الجموع بواسطة خراطيم المياه والمنع من إمداد الميادين بالماء والغذاء. وقد أخذ رمل الساعة المصرية ينفد، وتذكرون أن الصرامة قد عرّضت مصر لسلسلة قاسية من الضربات.

د. رؤوبين باركو
اسرائيل اليوم 11/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية