اليسار هو أمل الشرقيين

حجم الخط
0

يجب أن نُسقط من النقاش حول ‘الشيطان’ الطلب الذي لا يطاق في اطار وسواس السلامة السياسية وهو ان نحب ‘كل شيء شرقي’، وان نبقى مع الشيء الأساسي، وهو ان التمييز المستنسخ للشرقيين في اسرائيل لن يُحل. اجل إن والديّ ايضا باعتبارهما جزءا من قلة رائدة عملا عملا شاقا في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي. وليس عملهما تسويغا للتمييز وهو غير ناجح ليكون حتى تفسيرا. تم تقسيم العمل الصارم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حينما استُقدمت الى هنا ‘الهجرة الجماعية’، لردم الهاوية التي اتسعت بعد ابادة يهود اوروبا.
إن تقسيم العمل ذاك أملى أكثر فروق الحاضر: عمل الشرقيين الرخيص في الخدمات والبناء والبنى التحتية والصناعة، وخلّد ارسالهم الى أطراف المدن عدم قدرة اقتصاديا على الانتقال الى المركز. ومن جهة ثانية تميزت تلك السنين ايضا بقرب اشكنازي من مراكز القوة والمال (نشأ بعضه حتى قبل قيام الدولة)، بملكيتهم لوسائل الانتاج وادارتها، وبالتعويضات من المانيا ومدارس جيدة وايديولوجية الحداثة التي تقول إن الآباء المؤسسين وأنصارهم والكثرة الكاثرة منهم من بلدات في غليتسيا وبولندا واوكرانيا ورومانيا ‘طوروا’ المهاجرين، ومنهم ايضا بورجوازيون مثقفون من مدن كبيرة متقدمة مثل طهران وبغداد والاسكندرية والدار البيضاء، لبناء البلد وإسكان الناس في أطرافها، وقد قووهم في الحقيقة. وهذه القصة لم تُقص كاملة الى الآن.
إن هذه الايديولوجية تمنح اليوم ايضا نظرية ‘التطور التدريجي’ شرعية. فهذه النظرية مثل كل نظرية مراحل تفترض تنازلا في المستقبل من قبل أصحاب الامتيازات التي تقوم على الفرق؛ ويقولون إنهم في وقت ما سيساعدون حتى راغبين على الغائه حينما تتهيأ الظروف وهذه سخافة. فمع عدم وجود معارضة حقيقية لا شاس ستكون الكعكة الوطنية دائما كاملة وسيُقسمها من يسيطرون عليها دائما، وكل هذا بسيط، وكل هذا يثير معارضة قوية لأن المستقبل يُنبئ بعدم هدوء كبير. إن الاحتلال والحرب القريبة أصبحا وسيلة لتأثير الانفجار.
ليس السؤال من ينجح في تغيير اسرائيل بواسطة القناة 24 أو بجائزة اسرائيل لشاعر شُويعر من أصل شرقي، بل بواسطة تغيير جذري. والسؤال السياسي هو أية قوة ستفرض تغييرا في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية. ويجب ان تأتي من اليسار، لأن خريطة التمييز والفقر أصبحت أكثر تنوعا مما كانت في وقت مضى وتشمل العرب والروس والاثيوبيين.
يوجد صدق في ادعاء ان الشرقيين يعترضون على اليساريين ويقولون إنهم يناصرون المعاناة الفلسطينية بسهولة، ويصعب عليهم ان يعطفوا على ضائقة الشرقيين. لكن حتى العطف الحقيقي على الفلسطينيين لا يحتاج الى تخل عن شيء من الاشياء التي تبني ‘الاسرائيلي’. إن العطف على الفلسطينيين يُحصن نوعا من ‘الاسرائيلية’ في اليسار، ومشايعة ‘قيم الغرب’ على الخصوص.
يطلب اليهودي الشرقي من الاسرائيليين شيئا أصعب، فهو لا يطلب فقط تغيير العلاقات بين القوى في تقاسم العمل والمال، بل يطلب تغيير تعريف الذات. وفي هذا السياق يُطلب الى اليساري ان يفاوض لا في الازمة الفلسطينية موضوعا، بل في الشيء المفهوم من تلقاء ذاته: ‘أنا اسرائيلي (غربي)’. فعلى سبيل المثال لا يتغير الاحتقار اليساري للدين بالاتصال بالفلسطينيين، ومن الواجب ان يتغير في العلاقة بالشرقيين.
ليس للشرقيين خيار سوى ان يناضلوا من اجل المساواة ومن دون إصرار على اعتراف الاشكنازيين بالظلم الذي وقع عليهم. وليس لهم حلفاء أفضل من اليسار الذي يعترف بعدالة نضالهم. ولا يوجد شيء كانتخابات السلطات المحلية لبدء تغيير الترتيب الهرمي في اليسار (من يقود؟). إن جري ميرتس السريع الى بلدية تل ابيب هو عودة الى خطيئة الغرور. وإن اخلاص أناس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة لـ’مدينة لنا جميعا’، برئاسة ناشط الأحياء اهارون ميدوئيل اذا تغلب على التوجه القطيعي التل ابيبي المعتاد هو أحد الأبواب التي تقترح الآن بدء الطريق.

هآرتس 12/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية