رام الله – «القدس العربي»: بلغت أسماء القدس عبر التاريخ حوالى 30 اسمًا لكن أهمها وأكثرها شهرة أربعة اسماء هي أورشالم ويبوس والقدس وإيلياء، أما سورها القديم فطوله قرابة خمسة أميال وارتفاعه يصل إلى أربعين قدمًا، وشيد عليه أربعة وثلاثون برجًا للمراقبة وله سبعة أبواب وأربعة مغلقة.
وجاء اسم «أورشالم» وهي تسمية كنعانية مكونة من مقطعين، الأول هو أور وتعني في الكنعانية والأرامية النور، وشالم تعني في الكنعانية العافية أو الكامل أو السلامة، أي أن أور شالم تعني «النور والعافية والنور الكامل والنور والسلامة». وشالم هو إله كنعاني متخصص بشفاء الأمراض بزيت الزيتون، وهو أحد الاّلهة الكنعانيين السبعة، وقد عثر على معبد له في أوغاريت في سوريا. وقد دلت حفريات في سوريا على أن أورشالم هي احدى الممالك الكنعانية التي تعود إلى نهاية عصور ما قبل التاريخ .
أما يبوس فهو اسم الجد الأكبر لقبيلة اليبوسيين الكنعانيين التي أنشأت مدينة القدس. وقد ورد اسم يبوس في الكتابة المصرية القديمة الهيروغليفية، أما اسم القدس، فكان من أهم ملوك القدس الكنعانيين مليكا صادق، وأدوناي صادق، وكان مليكا صادق ذا ميول دينية، فقد بنى في القدس معبدا سماه بيت القدس، وتحور الاسم تاريخيا الى بيت قدس ثم بيت المقدس ثم القدس.
وجاء اسم إيلياء وهو الاسم الرابع الأكثر شهرة للقدس، حسب ما قال حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات. ويعود تاريخ الاسم الي 135 ميلادية، وهو اسم الإمبراطور الروماني ايليا كابيتولينا هدريانوس، وهذا الاسم أصلة كنعاني أيضا ومأخوذ من اسم ابي الآلهة الكنعانية إيل، وبقي هذا الاسم حتى دخول الخليفة عمر ابن الخطاب القدس، وسميت الوثيقة الموقعة بين الخليفة عمر بن الخطاب والبطريرك صفرينيوس باسم الوثيقة العمرية واسم القدس إيلياء في الوثيقة.
وللقدس سبعة أبواب مفتوحة وأربعة أبواب مغلقة. وفيما يتعلق بالأبواب السبعة المستعملة فهي «باب العمود وهو الأكثر شهرة، وباب الساهرة وباب الأسباط وباب المغاربة وباب النبي داوود وباب الخليل والباب الجديد». أما أبواب القدس المغلقة: فهي باب الرحمة، ويسمى أيضا بالباب الذهبي، وذلك لجماله ورونقه ويقع على بعد 200 مترجنوب باب الأسباط في الحائط الشرقي للسور ويعود تاريخه للعصر الأموي. أما الأبواب الثلاثة الأخرى المغلقة: فتقع في الحائط الجنوبي من سور القدس، قرب الزاوية الجنوبية الشرقية. وعثر في مدينة اليبوسيين الكنعانيين «القدس» على سور ضخم بلغ عرضه تسعة أقدام، وهو يمتد في أحد جوانب المدينة لمسافة 49 مترا، وأمامه خندق عرضه 11 مترا، ويعود تاريخة الي القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وتشير كاثلين كينيون الأثرية العالمية الى أن اليهود استخدموه عندما احتلوا مدينة اليبوسيين في القرن العاشر قبل الميلاد. ويحيط بالبلدة سور قديم يبلغ محيطة خمسة أميال، ومتوسط ارتفاعه 40 قدما وعليه 34 برجا، وله سبعة أبواب.
ويعتقد أن اليبوسيين الكنعانيين هم من بنى السور القديم حوالى 2000 قبل الميلاد، وهدمه نبوخذ نصر عام 586 قبل الميلاد ثم بناه هيرودوس الأدومي الكنعاني، ثم هدمه القائد الروماني (تيطس) سنة 70 ميلادية، وأن صلاح الدين الأيوبي رمم أسوارها وأقام عليها العديد من الأبراج وحفر حول السور خندقا، فيما جدد السور الحالي زمن السلطان سليمان العثماني سنة 1542.
ومن الآثار الإسلامية في القدس: الحرم الشريف ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق والجامع العمري وجبل الزيتون أو جبل الطور، ويقع هذا الجبل في شرق القدس، وقد شهد نزول معظم الجيوش التي قدمت لفتح القدس.
وقد نزل عليه القائد الروماني (تيطس) بجيشه، وجيوش المسلمين عندما حاصرت القدس، ودخلها الخليفة عمر بن الخطاب وأبو عبيدة ابن الجراح سنة 637، وكذلك صلاح الدين الأيوبي سنه 1187، والسلطان الظاهر بيبرس سنة 1260.
وعلى جبل الزيتون توجد قبور شهداء المسلمين من عهد عمر بن الخطاب الى الآن، ومنها قبر رابعة وقبر سلمان الفارسي. وعلى سفح جبل الزيتون الكثير من الأديرة والكنائس التي لها علاقة بالسيد المسيح وأيامه، وكنيسة الجثمانية هي المكان الذي قضى فيه السيد المسيح آخر أيامه متعبدا متألما، وفيها حديقة وثماني أشجار من الزيتون يقال إنها ترجع في أصلها الى الأشجار التي شهدت أيام السيد المسيح، وكان يأوي اليها هو وتلاميذه للنوم والراحة .
وقد أنشئت في القدس زمن الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، العديد من المدارس الدينية وعددها سبعون مدرسة، وكانت تمنح شهادات مثل الأزهر الشريف في القاهرة، وتقدم تعليما دينيا في الأساس على مستوى جامعي، أي انها كانت بمفهوم اليوم كليات دينية.
أما الآثار الدينية المسيحية في القدس فمن أشهرها كنيسة القيامة وكنيسة الجثمانية وكنيسة ستنا مريم وكنيسة القديسة حنه وكنيسة العذراء وكنيسة الصعود وكنيسة الحبش وكنيسة مريم المجدلية وكنيسة مارخرفسيس.
وأكثر ما يميز القدس المحتلة هي حاراتها القديمة مثل حارة السلسلة وحارة الواد وحارة اليهود وحارة المغاربة وحارة السعدية وحارة النبي داوود وحارة باب حطة وحارة الشرفا وحارة النصارى.
أما أسواقها القديمة فهي كثيرة، لكن أشهرها سوق العطارين وسوق القطانين وسوق اللحامين وسوق السلسلة وسوق خان الزيت وسوق حارة النصارى وسوق باب العامود والسوق الكبير.
وقد اهتم المسلمون ببناء المساجد في القدس المحتلة، ووقفوا عليها الأوقاف الإسلامية التي لا يمكن التصرف بها حتى تبقى القدس الإسلامية أبد الدهر. وسنة 1670 زار القدس الرحالة التركي أوليا التركي فقال: القدس فيها 240 مسجدا للصلاة و6 دور للحديث، و10 دور لتعليم القرآن وتحفيظه، و40 مدرسة للبنين، و6 حمامات، و18 سبيلا للماء، وتكايا لسبعين طريقة إسلامية.
فادي أبو سعدى
شكرا لهذا الدرس التاريخي لقدسنا الشريف