تعقيدات وضع جدول مباريات الموسم الجديد!

حجم الخط
1

عندما أعلن الاتحاد الانكليزي لكرة القدم الاسبوع الماضي عن جدول مباريات الموسم الجديد 2017-2018 لمنافسات البريميرليغ، لا شك أن الدهشة أصابت البعض للسرعة والدقة في تحديد المواعيد قبل شهرين من موعد انطلاق المسابقة، رغم ان هذا الامر يحدث كل عام، وهو ما نفتقده في عالمنا العربي، رغم ان لا دخل في ذلك بالاحتراف او الهواية، ولا دخل لنوع الحاسوب أو الكومبيوتر في استخراج النتيجة النهائية، لكن الفارق ينبع من التنظيم والتفكير المسبق ووضع كل الاحتمالات، والتي سأشرحها بعد قليل، لنكتشف مدى التعقيد والاحتمالات التي توضع في الحسبان للخروج بجدول يرضي الجميع.
أولاً، قلة في العالم يدركون مدى تعقيد هذه العملية، والاصعب شرحها وتبسيطها للقارئ العادي، لان عوامل عدة تتداخل وتتشابك كي نحصل على نتيجة نهائية. فعملية استخراج مواعيد 2036 مباراة للدوري الانكليزي بكل درجاته تبدأ عادة قبل أربع سنوات من وضع الجدول للموسم الجديد، عندما يضع الفيفا واليويفا برنامجيهما ومواعيد منافساتهما الدولية والقارية، ما يسمح لمنظمي الاتحاد الانكليزي في تقدير البداية والنهاية لكل موسم، واحتمالات مشاركات الفرق والمنتخب في هذه المنافسات، مع الوضع في الاعتبار اقصاءات مبكرة أو بلوغ النهائيات. بعدها يبدأ مبرمجون بادخال بيانات من توصيات الخبراء، في البرنامج الذي يخرج الجدول النهائي، وأهمها مراعاة الجماهير، وفكرة السفر والتنقل لمؤازرة فرقها في أوقات صعبة، منها شهرا يناير وفبراير حيث يكون الطقس القارس في أسوأ أحواله، فتتم مراعاة ملاقاة الفرق القريبة جغرافياً في تلك الفترة، وهو ما أيضاً يتم مراعاته في فترة الأعياد، التي تزيد فيها أعداد المباريات، حيث تبرز العقبات اللوجستية والامنية، فيدخل المبرمجون طلباً بأن كل فريق يلعب مباراة واحدة على أرضه وأخرى خارجه يومي “البوكسينغ داي” ويوم رأس السنة الميلادية، كما تراعى فترة عيد الفصح. كما يتوجب ألا يخوض كل فريق أكثر من 3 مباريات على أرضه او 3 خارجه في كل خمس مباريات متتالية، ومنها لأسباب مادية للفرق التي تعتمد على بقائها من مداخيل حضور المباريات على أرضها. كما يوضع في الحسبان الدربيات وفرق المدينة الواحدة، فمن المستحيل ان يلعب مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي المباريات المخصصة على أرضهما في الجولة ذاتها، وهو ما ينطبق على ليفربول وايفرتون وأيضاً ارسنال وتوتنهام وتشلسي وعشرات الدربيات الأخرى، والسبب يعود لتفادي الازدحام المروري والاختناق في وسائل المواصلات، وأيضاً لعدم قدرة الشرطة المحلية في ادارة وضمان أمن مباراتين لفريقي المدينة في وقت واحد. وطبعاً هناك طلبات خاصة من فرق صغيرة في المدن الكبيرة، مثل فريق بري القاطن في شمال مدينة مانشستر والذي طلب ان يلعب مبارياته على أرضه عندما يكون يونايتد يلعب خارج أرضه، كي يحظى بعدد أكبر من المشاهدين. وأيضاً تكبر الصورة أكثر عندما نعلم ان هناك 13 نادياً في مدينة لندن تلعب فرقها في الدرجات المحترفة الاربع، وهناك أيضاً ثمانية فرق في مدينة مانشستر، ما يعني انه يتوجب قسم الفرق الى نصفين بحيث يلعب نصف خارج أرضه والنصف الآخر على أرضه في كل جولة، مع مراعاة الدرجة والقرب الجغرافي.
وأيضاً يضع المنظمون في الحسبان ان مباريات منتصف الاسبوع، والتي تقام ليلاً، يتوجب ان تكون بين الاقرب جغرافياً لمراعاة تنقلات الجماهير في ظل أجواء قاسية. طبعاً التعقيد يبدأ بتغيير أي شيء بسيط لناد واحد، فبعدما توزع النسخة الأولية لجدول المباريات الكامل على الفرق للموافقة عليها واعتمادها، فان كل ناد قد يتقدم بطلبات خاصة، بينها ان يكون موعد احدى المباريات على أرضه يتعارض مع احتفال كبير يقام في اليوم ذاته في المدينة، ومنها فعاليات جماهيرية عامة غير رياضية. ورغم ان قلة من الاندية تعود باقتراحات وتطلب تعديلات، الا ان البعض يفعل وقد يهدم النموذج الاولي. ورغم كل التعقيد والاعتبارات والطلبات والحيثيات، فان الانكليز ينجحون دائماً بوضع جدول كامل ومتكامل قبل ثمانية أسابيع على بدء المسابقة، ويعطي الفرصة أيضاً للناقل التليفزيوني ان يحدد أيام كل جولة، وهو أمر يتعلق بالتسويق العالمي بحسب قوة الفرق وارتباطاتها في المسابقتين القاريتين. فهل يمكن ان نجد جدولاً في مسابقاتنا العربية، من دون ان يتلقى تأجيلات وتغييرات عشرات المرات خلال المنافسات كل موسم؟

twitter: @khaldounElcheik

تعقيدات وضع جدول مباريات الموسم الجديد!

خلدون الشيخ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد زعرّبو:

    لم أكن اعتقد ان مثل هذة الاعتبارات والتناقضات والاحتمالات والاحداث والتوقيفات و و و و ، ستكون حاضرة عند المنظمين ؟؟؟!!!!؟! مش معقول أبدآ لا بل مستميت العربو او المسلميونو يقدروا على هيك عمل … أقف احتراما للأتحاد الانجليزي وشكرا للكاتب المحترم على هذا الموضوع الشيّق

إشترك في قائمتنا البريدية