قطر و«قائمة المطالب» التعجيزية

حجم الخط
31

نشرت وكالات إعلام عالمية عديدة وثيقة عنوانها «المتطلبات الجماعية من قطر»، وعلى عكس ما اقترحه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على السعودية والإمارات والبحرين ومصر من تقديم «مطالب منطقية يمكن تنفيذها» فإن قائمة المطالب المنشورة (إذا كانت صحيحة) غير منطقية ولا يمكن تنفيذها.
ينص البند الأول من «القائمة» على طلب «إعلان قطر رسمياً عن خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات» وهو أمر لم تلتزم به إحدى الدول المطالبة، مصر، وهو يكشف، عمليّاً، البصمة الإماراتية في صياغته لكونها، وهي الدولة ذات العلاقات التجارية الهائلة مع طهران، لم تستطع مجاراة السعودية، كما فعلت البحرين، في قضية قطع العلاقات مع إيران بداية العام الماضي، فاكتفت الصياغة بـ»خفض التمثيل» بدل قطع العلاقات.
يطالب البند الثاني قطر بـ«الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية الجاري إنشاؤها حالياً ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا داخل الأراضي القطرية»، وهو بند يتعارض بشكل مطلق مع سيادة قطر على قرارها العسكري والأمنيّ، ويعاكس المنطق السياسي البديهي لأن تركيا دولة إقليميّة شقيقة، وهي لا تخوض (كما تفعل إيران) حرباً إقليمية ضد السعودية، وواضح أن المطلوب الحقيقي من الشرط هو تجريد قطر من حليفها الكبير. وللمفارقة فإن الإخوة الخليجيين المطالبين (+ مصر) لم يطالبوا قطر بإغلاق القاعدة الأمريكية لديها إسوة بطلبهم إغلاق القاعدة التركية.
ولعلّ البند الثالث هو الأكثر التباساً وخفاء فهو، كما يقول المثل المصري، يجمع السمك واللبن والتمر الهندي، بوضعه تنظيم «الدولة الإسلامية» وأشباهه (كـ«القاعدة» و»جبهة النصرة» وهي تنظيمات سلفيّة مسلّحة متّفق دوليّاً على طبيعتها الإرهابية)، مع «حزب الله» (الذي يهيمن فرعه الأصلي على الحكومة اللبنانية التي لم يقطع أصحاب المطالب العلاقات الدبلوماسية معها، ويتمثل أشقّاؤه ونسخ شبيهة به في حكومة العراق الذي قام رئيسه بزيارة الرياض خلال هذه الأزمة واتفق معها على تشكيل مجلس تنسيق قبل أن يسافر إلى… إيران).
وضع أصحاب المطالب إذن «الدولة الإسلامية» و«حزب الله» وأشباههما (وهي أطراف تقاتل السعودية وحلفاءها على أكثر من ساحة) في جملة واحدة مع الإخوان المسلمين الذين هم تيّار إسلاميّ معتدل موجود في حكومات عربيّة عديدة ويشارك في الانتخابات الديمقراطية ويتحالف مع قوى سياسية من تيارات أيديولوجية مختلفة (كالشيوعيين والقوميين)، وهو جزء متآلف مع النظم السياسية في دول عربية عديدة (بما فيها السعودية نفسها) وبهذا المعنى، فهو أكثر اعتدالاً ومدنيّة وعلمانية واحتراماً لحقوق الإنسان وللقوانين الشرعية والنظم السياسية والشرائع الأممية (وابتعاداً عن الإرهاب) من المطالبين برأسه، وهو لا يشكّل خطراً على أي نظام عربي يحترم نفسه وشعبه.
بعد استهدافها السياسة الخارجية وأمن قطر تتوجّه «المطالب» إلى إنهاء قدرتها على الدفاع عن نفسها إعلامياً من خلال طلب «إغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها»، وإغلاق «كافة وسائل الإعلام التي تدعمها» وهو طلب غريب آخر فـ«الجزيرة» صارت «علامة تجارية» عالمية مثلها مثل «غوغل» و«رويترز» و«سي إن إن»، واستمرار وجودها هو دليل على وجود حياة إعلامية وسياسية عربية ويتجاوز إغلاقها كونه «محاولة لإسكات الإعلام» كما قالت القناة ليكون محاولة لدفن الإعلام العربي.
بقية «المطالب» هي شروط إذعان اقتصادي تظن أنها تستطيع وضع قطر تحت الوصاية السياسية والعسكرية والمالية لدول الحصار، وهو وهم استراتيجي فادح ستثبت الأيام المقبلة خطأه.

قطر و«قائمة المطالب» التعجيزية

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .الحرحشي _المفرق -الاردن:

    في العرف الدولي هذا يسمي بالطجة يمكن قطر اللجوء الى الامم المتحدة من اثبات ان هذا التحالف الغير المقدس وبغطاء امريكي هو يمس سيادة دولة قطر المستقلة والامم المتحدة في ديباجيتها تساوي بين الدول صغيرها وكبيرها وعلى قطر الطلب بادانة دول الحصار من خلال اثبات ذلك الاعتداء بالمطالب التي قدمتها دول الحلف الغير مقدس. تستطيع قطر معادات هذه الدول امام احكام المسوولية الدولية والمطالبة بالتعويض عن اامترتبة عن هذا العدوان السافر والمدان من قواعد القانون الدولي بشكل سافر

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية