الأردن وأزمة الخليج وسياسة الصمت: إستراتيجية «وقائية» لتجنب ضغوط محور أبو ظبي ـ الرياض… توجيه كبار السياسيين بعدم الإدلاء بتعليقات

عمان ـ «القدس العربي»: ما يصفه الناطق الرسمي وزير الاتصال الأردني الدكتور محمد المومني بعبارة «موقفنا متزن ويحقق مصالحنا» قد يكون بمثابة المختصر الهادف في تعريف الموقف الاردني من أزمة الخليج الأخيرة حيث اتخذ الأردن الرسمي موقفا وسطيا في الحملة على دولة قطر على أمل ضرب عصفورين بحجر واحد هما تحصيل قدر من التفهم القطري، وتجنب ضغط محتمل وعنيف في محور الرياض ـ أبو ظبي.
عودة المومني لشرح موقف بلاده يعني عملياً بأن المعادلة لم تتغير بعد مع إعرابه بطبيعة الحال عن تلك التمنيات الكلاسيكية الانشائية التي تثق أولاً بما يسمّى بقدرة البيت الخليجي على احتواء الازمة، وثانياً بأن هذه الازمة قد لا تطول.
تقول الحكومة الأردنية ذلك وهي تدرك طبيعة وحجم هذه الازمة وتؤمن بأنها قد تفتح الافق على حالة تموقع وتمحور جديدة في تحالفات المنطقة خصوصا وان قائمة الشروط والمطالب التي قدمت للوسطاء لا يمكنها حتى برأي الاردنيين أن تكون منصفة أو قابلة للتطبيق.
مبكراً عزل الأردن نفسه عن هذه الأزمة وقرر ان لا يتدخل فيها ومن المرجح ان تقدير القيادة العليا للمملكة تكثف بحيث مال لعدم الاستخدام موقع الأردن في رئاسة القمة العربية تحت عنوان الوساطة أو حتى محاولة الوساطة.
لافت جداً في السياق ان الملك عبد الله الثاني وفي وقت مبكر قبل انعقاد قمة البحر الميت حذر من طبيعة الخلافات بين الدول العربية الشقيقة.
استراتيجياً فهمت نخبة من الساسة خلال لقاء ملكي بعد اعلان الحصار على قطر بأن عمان لا تريد ان تكون طرفاً بالرغم من صعوبة مثل هذا الموقف الذي يقول الاردنيون انه في سياق التوازن.
كما فهم الساسة أنفسهم بأن الأزمة معقدة وليست فقط كما تبدو في هوامش التنابز الاعلامي ولا حتى تبادل التصريحات السياسية الحادة وبالتالي قيل وبصورة مرجعية للسياسيين بأن الاردن لا يريد ان يقول شيئاً بالخصوص ويفضل المراقبة على أمل توفير ملاذ لتسوية محتملة على الطريقة الخليجية، الامر الذي لم يحصل في الواقع كما انه صعب الحصول بالنتيجة.
طلب ايضا من كبار المسؤولين الاردنيين عدم الادلاء بتصريحات حول الأزمة الخليجية على امل ان لا تتحمل عمان مسؤولية أي تصريح فردي بسبب حساسية الموقف .
وهنا من الواضح ان رئيس مجلس النواب مثلا المهندس عاطف الطراونة اضطر لإصدار بيان صحافي ينفي فيه تصريحات نقلت عنه وتنطوي على جملة نقدية لحصار قطر وتظهر قدراً من التعاطف.
وما ان نقلت هذه التصريحات التي نفاها طبعا الطراونة لاحقا حتى تدخلت كل المجسات المحلية لتذكير الجميع بقاعدة الاردن حول عدم الكلام في الموضوع على الاقل من جهة المسؤولين وكبار رجال الدولة والسياسيين.
وهو وضع غريب في اطار النخبة السياسية لأن أزمة الخليج حدث لا يمكن الاستهانة به بتقدير ورأي رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري ولأنه حدث يستوجب التأمل والتدقيق وترقب التداعيات برأي السياسي القديم والخبير عدنان أبو عودة.
قياساً بما يصفه الوزير المومني بموقف متزن يحقق مصالح الأردن طلب ضمنيا من السياسيين الكبار والمسؤولين ليس الحياد فقط بل عدم التحدث عن الأزمة وعدم نقل أي تصريحات او اجتهادات بخصوصها عن الاطر المرجعية.
السؤال يصبح لماذا تتخذ المؤسسة الأردنية بعد خفض تمثيلها الدبلوماسي مع الدوحة ومطالبة السفير بندر العطية بالمغادرة كل احتياطات الحذر؟
الجواب الوحيد المتاح حتى الآن هو ذلك المرتبط بالرغبة في تجنب لفت نظر محور محمد بن زايد ومحمد بن سلمان الى ذلك الاتزان الأردني وعدم الاضطرار لمواجهة ضغط على عمان من قبل ابو ظبي والرياض لنقل ما يوصف بالتوازن الى مستويات أخرى تشارك على أي نحو بالحملة ضد قطر.
بمعنى آخر لا تريد عمان وهي تصمت عن الكلام المباح وتكتفي بإجراء خفض التمثيل.
ولكن قد يكون الأهم بالنسبة لها تجنب الحملة الشرسة التي لا تقبل القسمة على اثنين وتقودها القيادات الشابة الشرسة في ابو ظبي والرياض تلك استراتيجية اردنية تقررت في التفاعل والتعاطي مع المشهد على أمل ان تتفهم الدوحة ولا تمارس ضغطا في الوقت نفسه كل من الرياض وابو ظبي. يريد الاردن عملياً أن يحتفظ بقدرته على التحدث مع جميع الاطراف.
لكن التمنيات المتعلقة بإنشائيات البيت الخليجي والقدرة على حل الخلافات الداخلية هي اسطوانة تتردد بحيث تظهر حجم العجز عن معالجة مشكلة يعرف الأردنيون انها عميقة ومعقدة وأبعد مما تبدو في وسائل الاعلام.
وهو في كل حال عجز ينسجم مع الواقع الموضوعي الذي وجد الأردن نفسه وسطه وعلى أساس التزام الهدوء والصمت مادامت المبادرة غير ممكنة.
يقف الأردنيون الرسميون اليوم في هذا الموقف والموقع، حتى الآن استراتيجية عمان منتجة ويبدو ان قطر لا تجد الوقت الملائم للرد على اجراء تخفيض التمثيل الدبلوماسي كما ان ابو ظبي والرياض منشغلتان عن ملاحقة وتقييم وتقليم وتغيير الموقف الأردني.
الصمود في هذه المساحة ممكن الآن لكن لا توجد ضمانات لأن هذه الاستراتيجية قادرة على الصمود مستقبلاً اذا ما تطور الخلاف.
في مثل هذه الحالة قد تضطر عمان لخسارة أي من المعسكرين.

الأردن وأزمة الخليج وسياسة الصمت: إستراتيجية «وقائية» لتجنب ضغوط محور أبو ظبي ـ الرياض… توجيه كبار السياسيين بعدم الإدلاء بتعليقات

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *أفضل موقف للاردن الوقوف ع (الحياد)
    ومقاومة ضغوط محور (الرياض- ابوظبي)
    قدر الإمكان.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  2. يقول مروان /الاردن:

    اللعب في المنطقة الرمادية غير منتج وفيه جمود يجعلك وراء القافلة .
    بكل وضوح حركات اللعبة الصغيرة على رقعة الشطرنج تجعلك احيانا تتحرك يسارا وعينك وقلبك صوب اليمين،وبالمحصلة مجمل الحركات الصغيرة في المنطقة يحكمها ايقاع( المايسترو) في واشنطن والذي كما يبدو أنه يمتلك خارطة طريق خاصة بالمنطقة لحل أزمتها المركزية القضية الفلسطينية ،وعليه لضمان النتائج يجب الاتفاق مع المايسترو في واشنطن ليس غير لأن الغير مجرد أدوات.

  3. يقول AL NASHASHIBI:

    IS BETTER TO TAKE DRASTIC JUSTICE ACTION THAN TO KEEP SILENCE…. YES FOR OUR UNIFICATION AS A MUSLIMS COSMOS

  4. يقول الحبشة الحبشي:

    هذا ليس موقفا جيدا ولكن عليك ان تنصراخاك ظالما أو مظلوما
    وحمي الله كل المسلمين وخاصة قطر عن كيد وشر اءل ثعلب واءل ثعبان الذين يبيعون دم المسلمين في كل مكان وان يجعل كيدهم في نحرهم

إشترك في قائمتنا البريدية