رام الله – «القدس العربي»: يبدو أن إسرائيل قررت خلال الأسابيع القليلة الماضية الدفع نحو سلسلة طويلة من الخرائط لتوسيع الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، وإقامة بؤر استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية. والحديث عن مخططات بناء تم تجميدها لفترة طويلة، من بينها مخطط لإنشاء حوالى2000 وحدة إسكان في البؤر اليهودية الكبيرة، وأربعة مخططات لتوطين اليهود في حي الشيخ جراح الفلسطيني. ويرتبط تنفيذ بعض المخططات بإخلاء الفلسطينيين الذين يقيمون في المكان.
وخلال فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما، خاصة خلال السنوات الست الأخيرة، تم تجميد الكثيرمن مخططات البناء الاستيطاني وراء الخط الأخضر في القدس، تخوفا من رد أمريكي شديد. وتم تأجيل مشاريع حساسة، المرة تلو الأخرى، بعد تلقي توجيهات من القيادة السياسية او إزالتها عن جدول النقاش من دون تفسير. لكن بعد دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض، خاصة بعد زيارته الى اسرائيل قبل شهر ونصف، أعلن سياسيون من اليمين عن انتهاء فترة التجميد. وحسب جدول أعمال لجنة التخطيط في القدس، يبدو انه تمت إزالة الكثير من العوائق التي اعترضت المصادقة على البناء الاستيطاني في القدس الشرقية.
وهناك أربعة مخططات للبناء في الشيخ جراح، الى الشمال من البلدة القديمة. وحسب أحد المخططات سيتم إخلاء عائلة فلسطينية من أجل إقامة بناية من ثلاثة طوابق، تضم ثلاثة بيوت. وحسب خطة أخرى سيتم إخلاء أربع عائلات فلسطينية من أجل إنشاء بناية مؤلفة من خمسة أدوار، تضم عشر وحدات إسكانية. وفي كلتا الحالتين هناك مزاعم ان ملكية البيوت ترجع لليهود، لكن العائلات الفلسطينية التي تعيش فيها تتمتع بحقوق حماية السكان ولا يمكن إخلاؤها بسهولة.
ومن المتوقع ان تناقش لجنة التنظيم والبناء اللوائية في بلدية الاحتلال أيضا خطة لإقامة مدرسة دينية على أرض مفتوحة في الشيخ جراح. ويتوقع ان تقام المدرسة على مسافة قريبة من محطة الوقود في الحي، رغم ان القانون يمنع إنشاء منشآت عامة بمحاذاة محطات للوقود. وستتألف المدرسة من ثمانية طوابق، بينما سيقام فوقها طابقان لمؤسسات الطوارئ والإنقاذ. اما الخطة الرابعة فتتعلق بإنشاء بناية مكاتب مؤلفة من ستة طوابق، من قبل مبادرين اسرائيليين في قلب الحي الفلسطيني.
بالإضافة الى خطط البناء في الشيخ جراح، ستتم مناقشة مخططات لتوسيع البؤر الاستيطانية في القدس الشرقية. ومن المتوقع ان تناقش اللجنة هذا الأسبوع، اقتراحا بإيداع مخطط لبناء 944 وحدة إسكان في غبعات زئيف. وقد صادرت دولة الاحتلال الأراضي التي ستقام عليها البيوت في 1980 ولم يتم عمل شيء فيها. كما ستناقش اللجنة مخططات لبناء 800 وحدة استيطانية في غيلو، و 200 وحدة في راموت، و240 وحدة في نفيه يعقوب و116 وحدة في بسغات زئيف.
وفي غضون ذلك زعمت قيادة المنطقة الوسطى التابعة للاحتلال تشكيل لجنة خاصة تتيح للفلسطينيين الاستئناف أمامها ضد مصادرة أملاكهم. وتضم اللجنة التي شكلت في الخامس من يونيو/ حزيران ممثل الاستخبارات وممثل الإدارة المدنية وممثل النيابة العسكرية، على أن لا يكونوا من الذين يؤدون الخدمة النظامية، وإنما في الاحتياط. وذلك بهدف الحفاظ على مهنية الأعضاء وعلى استقلالية اللجنة.
وشكلت هذه اللجنة في أعقاب نقاش طويل في المحكمة العليا، صودق خلاله على أمر عسكري يمنع الفلسطينيين من الاستئناف على مصادرة أملاكهم أمام المحاكم العسكرية في الضفة.
وحسب جهات عسكرية، فإنه بعد إلغاء هذه الإمكانية لم يتبق أمام الفلسطينيين أي جهة يمكنهم التوجه إليها في قيادة المنطقة الوسطى.
ولم يتوقف الأمر عند المخططات فقط، حيث قامت طواقم تابعة لبلدية الاحتلال في القدس تحت حراسة قوات الاحتلال، بوضع أسلاك شائكة حول أجزاء من مقبرة اليوسفية الإسلامية التاريخية الملاصقة لجدار المسجد الأقصى الشرقي.
وكانت سلطات الاحتلال قد منعت عددا من المقدسيين خاصة سكان بلدة سلوان المجاورة، من دفن موتاهم في أجزاء من هذه المقبرة بحجة أنها مصادرة لصالح إقامة «حديقة وطنية»، علماً بأن اليوسفية من أقدم المقابر الإسلامية في القدس المحتلة، دُفن فيها عدد من الصحابة مثل «شداد بن الأوس» و»عُبادة بن الصامت»، والعشرات من علماء ووجهاء المدينة المقدسة.
كما اعتقلت فلسطينياً من الضفة الغربية بشبهة الضلوع في العملية التي وقعت في باب العامود في القدس، التي قتلت خلالها شرطية حرس الحدود هداس مالكا. كما تم اعتقال والد احد المنفذين بشبهة التحريض على «العنف والإرهاب». ويضاف ذلك الى اعتقالات أخرى نفذتها الشرطة فور وقوع العملية، من بينها والدة أحد المنفذين التي ادلت بتصريحات مؤيدة لما فعله ابنها، وفلسطيني من العيسوية يشتبه بنقل مجموعة من الماكثين غير القانونيين من رام الله الى القدس، ومن بينهم المنفذون الثلاثة. وبعد التحقيق مع ركاب السيارة تمكنت الشرطة من الوصول الى الشخص الذي نظم المجموعة وأوصلها الى السائق. وهذا الشخص هو فلسطيني من الضفة الذي تم اعتقاله في نهاية الأسبوع.
بدورها أدانت الحكومة الفلسطينية على لسان وزارة الخارجية هذه الهجمة الاستيطانية الواسعة، واعتبرتها اعلان «تمرد اسرائيلي رسمي ونهائي على القانون الدولي، واستهتارا شديد اللهجة بالشرعية الدولية وقراراتها، وصفعة علنية ووقحة للجهود المبذولة لإطلاق عملية السلام والمفاوضات».
وأعلنت الخارجية متابعتها باهتمام بالغ ما تقوم به سلطات الاحتلال من عمليات توسيع وتعميق للاستيطان في الأرض الفلسطينية وفي عمق الأحياء العربية في القدس الشرقية، خاصة هذا التصعيد الخطير الذي يستهدف تفريغ السكان الفلسطينيين من الأحياء العربية في القدس الشرقية، عبر طردهم من منازلهم بالقوة والتضييق عليهم لدفعهم الى مغادرة المدينة المقدسة، وعليه تطالب الوزارة المنظمات الحقوقية والإنسانية المختصة والمواطنين المتضررين وأصحاب الملكيات الخاصة التي أقيمت عليها وحدات استيطانية، بسرعة توثيق هذه الجريمة توطئة لرفعها الى المحاكم الدولية المختصة. وطالبت مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لإجبار اسرائيل على التراجع عن مخططاتها، والانصياع للقرار الاممي رقم 2334.
فادي أبو سعدى