غزة ـ «القدس العربي»: قالت مصادر عليمة لـ «القدس العربي» إن الوساطة التي قام بها مؤخرا نيكولا ميلادينوف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بهدف تقريب وجهات النظر بين فتح وحماس، في مسعى لتطبيق اتفاق المصالحة، «باءت بالفشل»، وأنه أخبر بذلك الرئاسة الفلسطينية، بعد زيارته الأخيرة قبل أيام لغزة، حيث التقى قيادة حركة حماس.
وأكدت المصادر أن ميلادينوف الذي زار غزة والتقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، كان يسعى للحصول على موافقة من حماس على حل اللجنة الإدارية الحكومية، التي شكلتها مؤخرا، وفجرت خلافات قوية مع الرئيس محمود عباس وحركة فتح، لتكون مقدمة لإذابة باقي الخلاقات الأخرى، وتطبيق مطالب كل طرف من الآخر.
ونقلت المصادر أن ميلادينوف الذي اصطحب معه في الزيارة الأخيرة لغزة، لسماع رد حماس، عددا من مساعديه في محاولة لإقناع الحركة، لم يتمكن من الوصول إلى مبتغاه، خاصة وأن حركة حماس طالبت قبل حل اللجنة الإدارية، بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في القطاع، وسحب السلطة الفلسطينية «الخطوات غير المسبوقة» التي لجأت إلى تطبيقها مؤخرا، في مسعى لحمل حماس على القبول بمقترح الرئيس عباس لحل الخلاف، والمتمثلة في وقف الخصومات على رواتب الموظفين، ووقف العمل بقانون «التقاعد المبكر»، وحل مشكلة الطاقة.
وكان الرئيس عباس اشترط مع بداية جولة ميلادينوف لتقريب وجهات النظر، أن تقوم حماس بحل اللجنة الإدارية في مقدمة أي حل لتطبيق اتفاق المصالحة، ومن ثم تمكين حكومة التوافق من عملها في القطاع، على أن يلي ذلك تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة.
وتوقعت المصادر أن يعود ميلادينوف للتوسط في حل «ملفات إنسانية» بعيدا عن مهمته في حل الملفات السياسية.
وكانت «القدس العربي» ذكرت في تقرير سابق أن وساطة ميلادينوف تدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، تلتزم ببرنامج منظمة التحرير، وأن ذلك سيعطيها دعما من المجتمع الدولي، خاصة دول القارة الأوروبية، وذلك قبل أن تفشل مهمته في الوصول إلى الهدف.
وخلال الأيام الماضية التي سبقت خطاب هنية مساء الأربعاء، سرت إشاعات حول وجود نية لحركة حماس لحل اللجنة الإدارية، غير أن ذلك لم يحدث، حيث كرر زعيم حماس في خطابه شروط حماس قبل حل اللجنة، وهو قيام الحكومة بالعمل في غزة كما في الضفة الغربية.
وكان رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، شدد في خطابه الذي غاب عنه أي ممثل عن حركة فتح، أن حركته تؤكد على ضرورة تهيئة الظروف والمناخات الوطنية لتحقيق المصالحة، من خلال إزالة كل المعيقات في مقدمتها التراجع عن جميع «الإجراءات العقابية» بحق غزة، إضافة لقيام حكومة التوافق بدورها في قطاع غزة على أكمل وجه.
وقال «بعدها لن يكون هناك مبرر لبقاء اللجنة الإدارية في قطاع غزة وسيتم وقف عملها وإنهاء دورها».
وهناك من يقول إن حماس استفادت من الانفتاح الجديد على مصر، حيث شهدت اتفاقياتها غير المعلنة الأخيرة مع القاهرة، تزويد محطة الكهرباء بالوقود اللازم لتشغيلها، بعد الخلافات مع السلطة الفلسطينية حول ثمن الوقود الذي كان يورد من خلالها، ما أدى إلى توقف المحطة لنحو ثلاثة أشهر، إضافة إلى وعود الحكومة المصرية بفتح معبر رفح أمام سفر الغزيين.
ووجدت حماس نفسها في موقف قوي، حين استضافت القاهرة وفدا ثانيا من الحركة، يضم مسؤولين في اللجنة الإدارية الحكومية التي شكلتها مؤخرا في غزة، والتي فجرت الخلافات مع فتح باتهامها بأنها شكلت لتكون بديلا عن حكومة التوافق، وهو ما يعني أن القاهرة بدأت بالتعامل مع السلطات الإدارية التي شكلتها حماس في غزة.
ومن المحتمل أن تساهم إجراءات القاهرة بإدخال العديد من السلع إلى قطاع غزة، من خلال تشغيل ركن تجاري في المعبر المتوقع أن يتم افتتاحه حال جرت الأمور على النحو المتوقع بداية الشهر المقبل، في تخفيف الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها حماس في قطاع غزة.
ومن المقرر حسب برنامج زيارة الرئيس عباس للقاهرة التي تبدأ اليوم، وتشمل عقد لقاء مع نظيره عبد الفتاح السيسي الأحد، أن يجري التطرق لجملة من الملفات السياسية، ويرجح أن يكون ملف المصالحة والعلاقة مع حماس حاضرا، خاصة وأن مصر هي الراعي الرسمي للمصالحة.
يشار إلى أن وفدا ثانيا من حماس أنهى أول من أمس زيارة للقاهرة، ورأس الوفد روحي مشتهى عضو المكتب السياسي للحركة، والذي كان ضمن الوفد الأول الذي زار مصر الشهر الماضي برئاسة يحيى السنوار رئيس حماس في غزة، وكان من بين أعضاء الوفد مسؤولون أمنيون، وآخرون من اللجنة الإدارية الحكومية.
وقال الوفد في بيان أصدره في نهاية الزيارة إنه عقد جملة من المباحثات «أسفرت عن بعض النتائج التي سيكون لها أثرها في تخفيف أعباء قطاع غزة».
وبما يشير إلى استمرار الخلافات السياسية مع حركة فتح، طالب الجانب المصري باعتباره راعي عملية المصالحة الفلسطينية «الإشراف على تنفيذ اتفاق القاهرة بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية والاتفاق على موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية».
ودعا الوفد الرئيس محمود عباس إلى «إلغاء القرارات كافة التي اتخذها مؤخرا بحق مواطني قطاع غزة».
وردت حركة فتح من قبل على خطط حماس التوجه صوب مصر، بالتحذير من مخططات لفصل غزة. وقال الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي، إن الضفة الغربية وقطاع غزة هما وحدة جغرافية واحدة، وإن أي مشروع يهدف لفصل غزة عن الضفة إداريا أو سياسيا أو جغرافيا هو «مشروع مشبوه ومرفوض» تماما من قبل حركة فتح وكافة القوى الوطنية على الساحة الفلسطينية.
وأكد أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة حرجة، وقال «أي إدارة لقطاع غزة خارج الشرعية الفلسطينية هي إدارة تمهيدية للفصل، وهذا ما تريده إسرائيل، ويأتي ضمن مخططها المعلن».
ودعا حماس لحل اللجنة الإدارية والذهاب للوحدة الوطنية الحقيقية «بدلا من الانخراط في مشاريع لا تخدم إلا إسرائيل».
أشرف الهور