يا إلهي فهذا العالم على اتساعه، لم يعد فيه إلا ثلاثاً: قطر، و»الجزيرة»، والشيخ يوسف القرضاوي، فما من حاكم في دول الحصار، يصاب ولو «بكرشة نفس»، حتى يكون الجاني واحداً من ثلاثة: قطر، «الجزيرة»، القرضاوي!
مؤخراً استبعد القوم الشيخ القرضاوي، فقد أوكلوا أمره لوكيل أعمالهم في القاهرة عبد الفتاح السيسي، الذي جرب معه سياسة «كيد النساء» المعتمدة لدى العسكر، فكان اعتقال كريمته وزوجها، وفي جلسة التجديد لحبسها احتياطياً قال محاميها إنها في خطر، ومؤكد أن «وكيل الأعمال» في القاهرة تنفس الصعداء عندما علم بحالة «عُلا القرضاوي»!
وجود القرضاوي، على قائمة الإرهاب لدول الحصار، أساءت لقادة هذه الدول لا سيما وأنهم يتحدثون عن رمز من رموز الفقه والدعوة، فكان التركيز على «الجزيرة» و»قطر»، ولأن الزعماء هم نتاج المحن والأزمات، فقد ارتفعت أزمة الحصار بالأمير الشاب، إلى مقام الزعامة، فتجاوزت شعبيته حدود الدولة القطرية، مما أزعج القوم، فدارت ماكينة التشويه، فصار هو المسؤول عن مشكلات الكرة الأرضية، لدرجة تقديمه على أنه من أهل الخطوة، فبينما يقول أحمد موسى أحد الأذرع الإعلامية للسيسي إن الأمير رهن الإقامة الجبرية، يقول إخوانه من الإعلاميين السيساوية إن أمير قطر وراء الحادث الإرهابي الذي أبيدت فيه كتيبة كاملة تابعة للجيش المصري في سيناء!
تقريباً فإن أمير قطر مسؤول عن كل الفشل، الذي هو حليف السيسي ويدور معه وجوداً وعدماً، وفي قائمة المطالب الثلاثة عشر لدول الحصار، تم تحميل الدوحة المسؤولية عن كل هذا ومطالبتها بدفع فاتورة فشل عبد الفتاح السيسي، فتحول الأمر إلى نكتة، أضحكت الثكالى!
شعبية الأمير
رغم حملة الإبادة الإعلامية ضد الشيخ «تميم بن حمد»، فإن دول الحصار باتت تخشى من شعبيته، مع أنه ومنذ بداية الأزمة لم يخاطب الرأي العام.. فماذا لو تحدث إليه؟!
في اليوم الذي انشغلت فيه مديرية أمن القاهرة، بالقبض على مواطن مصري، اكتشفوا أنه يضع صورة أمير قطر على هاتفه الجوال، كانت هناك عملية سطو مسلح في قلب القاهرة وفي «عز الظهر»، على شركة صرافة تابعة لبنك مصر، ولم يشغل هذا الحادث الإجرامي أهل الحكم فما شغلهم، هو وصول شعبية الشيخ «تميم» إلى هذا الحد، الذي لم يصل إليه سوى صدام حسين، الذي أحب المصريين فبادلوه حباً بحب، حيث تم تجاوز الكثير من التفاصيل عن ديكتاتوريته واستبداده. وأحسن معاملتهم، فسمى كثيرون أولادهم «صدام»!
أتحدث عن المصري البسيط غير المسيس، فالسياسيون الذي وردت أسماؤهم في قائمة «النفط مقابل الغذاء»، والذين مولهم صدام حسين، كانوا في اليوم التالي لإعدامه يطرقون أبواب القائم بالأعمال الإيرانية في القاهرة!
بيد أن نظام مبارك على غبائه، لم يكن يمتلك منسوب الغباء للنظام الحالي، فرغم الخلاف بين مبارك وصدام حسين، إلا أن النظام المصري لم يصطدم مع الناس، فيطلب بالتوقف عن تسجيل الاسم «صدام» في شهادات الميلاد، لكن نظام السيسي ترك مهامه، وانشغل بالتنكيل بمواطن مصري كل جريمته أنه وضع صورة الأمير القطري على هاتفه الخاص، ليكون ما جرى معه عبرة لغيره، ولو سعى مصري لتسجيل مولود له باسم «تميم»، لتم الحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص!
فالأنظمة المهزوزة، تخشى من الهواء العليل، ولهذا ففي ليلة القبض على هذا المواطن، كان أحمد موسى، في وصلة صراخ، أعلن فيها أن ما نراه هو «شبيه «الأمير»، حيث أنه تحت الإقامة الجبرية، دون أن نفهم مغزى الاستعانة بالشبيه؟! فالتوتر يفعل في البشر أكثر من هذا، وقد سبقت هذه الوصلة وصلات أخرى حين دعا مذيع قناة «صدى البلد» المصريين إلى حصار قناة «الجزيرة»، وفي الليلة التالية قال إن مظاهرات تملأ شوارع الدوحة. في حالة جنون، تدفع للاعتقاد بأن مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر انتقل مقرها إلى مستشفى العباسية للأمراض النفسية!
عفريت «الجزيرة»
ما علينا، فنأتي أزمة الأزمات في هذا العالم، وهي قناة «الجزيرة»، فصارت علكة في أفواه القوم، وأضحت وراء كل مشاكل العالم منذ بدء الخليقة إلى أن يُنفخ في الصورة النفخة الأولى، وظهر هناك احتشاد من دول الحصار لإلصاق كل مصيبة بها، ليحذرها العامة، حتى صارت عفريتا من الجن، يركب زعماء الدول الثلاثة، دعك من السيسي فهو «ملبوس» قبل هذه الأحداث بعفريت الجزيرة!
فقد استضافت إحدى الصحف السعودية من وصفته بـ «المذيع السابق في الجزيرة»، ورغم أنني اكتب في النقد التلفزيوني أسبوعياً لأكثر من أربعة عشر سنة إلا أنني لم أتعرف عليه، فهل كان مذيعا بالقسم الرياضي وليس لي معرفة بمن يعملون في هذا المجال؟ لكني أتعرف عبر الشاشة على «نانسي محجوب»، وأميز بينها وبين «ميادة عبده»!
موقع الكتروني مصري، أعاد نشر المقابلة مع المذيع السابق بقناة «الجزيرة» نقلاً عن الصحيفة السعودية، من باب عموم الفائدة، وفي الحوار أكد «المذيع السابق» أن «الجزيرة» يجري تمويلها من الديوان الأميري، فبدا هذا الإعلان شبيها باكتشاف كروية الأرض. وأعلن «المذيع السابق» أن «الجزيرة» مهمتها تأليب الشعوب على الحكام، وأنها وراء ما يسمى بالربيع العربي! فهل أصبح الربيع العربي يعامل على قاعدة «ما يسمى»؟!
الفتى كان يخاطب القوم في المملكة العربية السعودية، الذين أخذوا على عاتقهم تشويه الربيع العربي، لكن الموقع المصري لم ينتبه إلى أنه يمنح حزمة من النياشين لـ»الجزيرة»، عندما يقال إنها وراء الربيع العربي، وإنها تقوم بالتأليب على الأنظمة، لأنها أنظمة حكم فاسدة في الأصل، وعندما ينسب على لسان متحدث ازدراءه للربيع العربي، فإنه يكون فاقداً للمصداقية عند عموم الشعب المصري!
لا بأس، فبعد أن علم القاصي والداني، أن تحويلاً ماليا قيمته ربع مليون دولار عداً ونقداً دخل حساب صحافي الجزيرة السابق، «محمد فهمي»، فلن يكون غريباً أن نفاجأ بالعشرات من العاملين السابقين بالقناة القطرية، يتسابقون لإعلان الأسرار التي لا يعرفها أحد عن القناة القطرية، وكيف أنها تبث من الدوحة، وأن مديرها اسمه «ياسر أبو هلالة»، وبها مطعم تشعر أنه معد للمرضى، وكأنه متعاقد مع مستشفى جهينة المركزي، فتأكل وجباته فلا تشعر إن كنت على قيد الحياة، أم في مرحلة عذاب القبر. في الصعيد يقولون على الطعام الذي يفتقد للطعم «أكل مستشفيات»!
معاداة السامية
لقد تقدم وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة خطوة للأمام باتهام «الجزيرة» بمعاداة السامية، فذكرنا بخالد الذكر الدكتور محمد البرادعي، عندما كان يواجه صعوبة في إقناع الدول الغربية بالانقلاب على الرئيس المنتخب، وقد قال في وقت لاحق إنه ظل ستة شهور يقنع الاتحاد الأوروبي بذلك. فقرر اللعب في المضمون!
لقد قال في مقابلة مع «دير شبيغل» الألمانية، إن الإخوان المسلمين ينكرون الهولوكوست، وهو السبب الحقيقي وراء انسحاب من شكلوا جبهة الإنقاذ من لجنة إعداد الدستور، والذين كانوا يعلنون أسبابا أخرى بالقطع. ولأن ما قيل مثل مسخرة من العيار الثقيل، فقد اعتقدنا أن البرادعي، ظن أن ما قاله في المجلة الألمانية لن يعرفه المصريون، فحاول الإعلام الذي يمهد للانقلاب أن يعطيه فرصة للإفلات من هذه الدائرة، فكان كعبد كل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير!
لقد استضافه محمود سعد، لكن البرادعي زاد الطين بلة، بإعلانه أن من ينكرون الهولوكوست لا يمثلونني، وكانت التعليقات حول حديثه لـ «دير شبيغل»، تسخر منه، باستدعاء طريقته عندما كانت تحاوره منى الشاذلي، فيذكر اسمها عند كل كوبليه، ومن ثم قيل سخرية: «إنهم ينكرون الهولوكوست يا منى»!
وعلى ذكر منى الشاذلي، فقد تبين أنها أذكى إخوتها، لأنها منذ بداية الانقلاب أيقنت أن المساحة التي كانت ممنوحة لها في عهد مبارك لن يمنحها لها الحكم الانقلابي، فاكتفت بتقديم برنامج باهت في الفن، وتريد لميس الحديدي أن تنافسها الآن، لتنفذ بجلدها من الإبعاد والتفنيش!
لم يقف أحد عند التعرض لكلام البرادعي أبعد من الفكاهة فيه، فالهولوكوست ليس مطروحاً في مصر، لإنكاره أو الإيمان بوقوعه، وليس على جدول أعمال الإخوان المسلمين في أي مرحلة من تاريخ الجماعة.
لكن في إعلان أنور قرقاش أن الجزيرة تعادي السامية، فإنه كشف عن موقف الرجل، الذي يقدم دول الحصار للدوائر الصهيونية على أنها تنطلق من أرضية مشتركة، فالعداء للجزيرة مرده إلى أنها تعادي السامية، ومن مهام بلاده أن ترش بالنار من يرش المعتقدات اليهودية بالماء، بعد أن استنكر العالم مطلب هذه الدول بإغلاق قناة الجزيرة، وسعى بعض أذرعهم الإعلامية لرسم سيناريو للخروج الآمن من الاتهام بمعاداة محطة تلفزيونية، وفسر عالمياً بأنه عداء للصحافة، فقيل إن هذا الشرط لم تضعه دول الحصار ولكن لفقته الدوحة، وهو الكلام الذي لم ينطل على أحد!
ومن عجب، أن «قرقاش» ينتمي لدولة تملك ترسانة من القنوات التلفزيونية، وعند الفشل في المنافسة لا يجد غضاضة من اتهامها بالعداء للسامية يا منى!
ألا تخجلون؟!
صحافي من مصر
سليم عزوز
يقول المثل “عيش كتير بتشوف كتير” مالم أكن أتوقعه ذات يوم أن تصل سخافات بعض العرب إلى هذه الدرجة, “معاداة السامية” مصطلح لمؤرخ يهودي أوربي وكان المقصود به العداء لليهود واضطهادهم التاريخي في أوربا لكن في الوقت الحاضر أصبح أداة بيد الصهيونية لضرب أي محاولة لانتقاد إسرائيل وأفعالها وسياستها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني والعرب عامة, وبما أنه سلاح فعال وتستغله إسرائيل بنجاح وجد بعض العربان أن يستعملوه طالما أنه سيجلب لهم مساندة إسرائيل, وأي بلاهة هذه أيها العرب!