التربية العسكرية… تدربيات على القهر في جامعات مصر الحكومية

حجم الخط
5

القاهرة – «القدس العربي» – من محمد عاصم: في طريقه إلى جامعة القاهرة شعر الطالب أحمد مهدي بإعياء شديد، فكر مراراً في العودة إلى البيت أو الذهاب لأحد المستشفيات، لكنه خاف أن يتسبب غيابه في حرمانه من الحصول على شهادة تأدية التربية العسكرية.
كانت درجة الحرارة مرتفعة للغاية، حاول التماسك لكن وقوفه في الشمس لمدة ساعة ونصف من أجل تحية العلم والتأكد من حضور الجميع، ضاعف من إرهاقه، فتوجه لأحد العساكر ليخبره بأنه مريض ويحتاج لراحة، لكن العسكري تعامل معه برعونة ولم يهتم، فذهب للضابط الذي بدوره، تعامل برعونة أكثر معتقدا بأن أحمد يدعي المرض. عاد أحمد للطابور من جديد وبعد دقائق سقط مغشيًا عليه، وبعد نقله للمستشفى فارق الحياة، بسبب ارتفاع درجة حرارته.
حكاية هذا الطالب، ليست الوحيدة التي تعكس مدى القهر الذي يتعرض له طلاب الجامعات الحكومية بسبب مادة «التربية العسكرية». والأخيرة عبارة عن تدريب إجباري لمدة تتراوح من أسبوعين لثلاثة أسابيع يحصل عليهم الطلاب الذكور، وتعقد الدورة مرتين في العام، أحدهما في إجازة نصف العام، والآخرى في نهاية العام.
ويطبق مقرر «التربية العسكرية» طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1973، بهدف زيادة وتنمية الوعي العسكري لدى الطلبة، وإكساب الطلاب خلال فترة التدريب حب النظام والالتزام والطاعة من الرؤساء، وإعداد الطالب عسكريا ومعنويا وقوميا وبدنيا بحيث يكون مؤهل للإلتحاق بالقوات المسلحة عقب إنتهاء دراسته.
على مدار فترة التدريب، من المفترض أن تتضمن البرامج التعليمية التعرف على أساسيات: «التقاليد العسكرية، وفن القتال، القيم السلوكية، والأمن الحربي، والشؤون الإدارية، وفن القيادة، والإدارة العسكرية» لكن ما يحدث في الواقع عكس ذلك تماماً، ففي السابعة صباحا يتجمع الطلاب وينتظرون لمدة ساعة أو أكثر حتى يحضر الضابط المتأخر عن موعده دومًا. بعدها يمارس الطلاب بعض التمارين الرياضية، ويقومون بتحية العلم، ثم يغادرون للحصول على راحة لنصف ساعة، ليصار بعدها إلى التجمع لحضور محاضرة نظرية تتحدث في الغالب عن إنجازات الجيش وتضحياته.
الطالب مصطفى أشرف كاد أن يتورط في أزمة كبيرة تتعلق بإعتباره متهربا من أداء الخدمة العسكرية بسبب عدم حصوله على مادة التربية العسكرية، بينما أخوه الصغير الطالب في احدى الجامعات الخاصة لم يواجه أي معاناة، بسبب أن هذه المادة مقررة فقط على الجامعات الحكومية.
يقول مصطفى لـ « القدس العربي»: « في اليوم الأول للتدريب حاول الضابط فرض هيبته على آلاف الطلاب عبر السباب والصياح بصوت عال وتعمد إهانة بعض الطلاب لكي يكونوا عبرة للآخرين، وتناولت معظم المحاضرات الحديث عن حروب الجيل الرابع والخامس، وخطورة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والمؤامرات التي تتعرض لها مصر، في حين لم تكن هناك أي معلومة علمية أو عسكرية مفيدة وواقعية، فضلًا عن غياب أي مساحة للحوار أو النقاش».
أما الطالب عبد الله السيد ، فيوكد لـ «القدس العربي» : «قبل الذهاب لمادة للحصول على تدربيات التربية العسكرية، كنت أتوقع وجود تدريبات وخبرات متنوعة ومعلومات مفيدة، لكن كل ذلك تبخر، والتدريب الوحيد هو جمع القمامة يوميًا من ساحة التدريب والوقوف في الشمس لساعتين».
ومن المقرر أن يبدأ من العام المقبل، التوسع في تدريس مادة «التربية العسكرية» ليشمل بعض الجامعات الخاصة والأهلية.

التربية العسكرية… تدربيات على القهر في جامعات مصر الحكومية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول raaef elwishee:

    سيادة العميد ” ملوخية ” ورفاقه الخمسة ! ( الجزء الأول )
    بقلم رائف محمد الويشي

    # في مركز تدريب الدفاع الجوي وفي ثمانينات القرن الماضي توقف بنا قطار الجيش بمنطقة دهشور ، كنا بحدود ألف من الجامعيين ، كانت مدة التأهيل هناك تمتد لأربعين يوما ..

    أمرنا عريفوا الاستقبال ( نوعية قذرة لا تعرف إلا سب الدين ) بمجرد وصولنا أن نضع متاعنا ( المخلة ) بجانبنا ونقف بلا حركة ، امتدت الساعات في حرارة الشمس الحارقة ، خرجت دون استئذان من الصفوف ودخلت غرفة مجاورة لمحت صولا يدخلها ودلت مشيته علي رجولته ، كان يدعي الصول هاشم ، لفحت شمس الصحراء لونه فجعلته برونزيا ، كان خمسينيا ، رفيعا ومحترما ، وفوق ذلك كان عفيف اليد واللسان وتبدو عليه ملامح المقاتل الشرس..
    – يا فندم إحنا واقفين منذ ساعتين في حرارة الشمس ولا مجيب لنا والشاويشجية نازلين إهانة فينا!
    – اسمك إيه يا عسكري ؟!
    – فلان يا فندم !
    – إنت حكمدار الكتيبة دي من الآن وحتي نهاية مدة التدريب ، تطلع دلوقتي تنقل زملاءك إلي العنابر بصورة منظمة ، مفهوم ؟!
    – حاضر يا فندم !

    بعد أيام أخبرني الصول هاشم أن سيادة العميد ( قائد المركز ) سيكون في طابور الصباح لإلقاء كلمة في الكتيبة ، وشدد عليّ أن أبذل الجهد مع المجندين للظهور أمامه بمظهر حسن ، فوعدته بذلك..

    جاء سيادة العميد ، تواجد كل ضباط المركز ، كانت هناك حالة من الانضباط المفرط ، بدأ يلقي كلمته بالميكروفون ، كان يلقي جملة وينتظر عدة ثوان ، لقد تعمد هذا الأسلوب لزيادة جرعة الرهبة لدي الحاضرين ، يسمونها ” الهيبة ” ، ولا أراها إلا ” خيبة “..

    قال العميد للمجندين : ” جميع الأوامر التي تصدر لك من ضباط الجيش تكون واجبة التصديق والتنفيذ فورا ، مهما كانت غرابتها ، حتي لو قال لك الضابط أن نهر النيل قد أصبح ملوخية ” !

    كنت أقف علي بعد عشرة أمتار علي يمينه ، كانت الكتيبة أمامنا علي شكل مستطيل ناقص ضلع ، لاحظت ضحكا محبوسا علي وجوه بعض الزملاء ، كان واضحا أنهم يبذلون جهدا للسيطرة علي أنفسهم ، لكن مغرفة العميد واصلت قذف الأعيرة !

    أضاف العميد : ” حتي لو أمرك الضابط بأن تقفز في هذه الملوخية ، لابد أن تنفذ فورا ، مفيش عسكري يعتذر ويقول : أصل أنا يافندم عندي حساسية من التقلية ، عليك أن تقفز وفورا في نهر الملوخية ! ” ..

    فقد المجندون السيطرة علي أنفسهم ، لقد أطلقوا العنان لأنفسهم ، تحول طابور الصباح إلي مسرح ، وتحولت الهيبة إلي خيبة طويلة المدي ومن عيار 155 كبشة ( المحروس كان مدفعية )!

    أنزل العميد عقابا علي الكتيبة بحرمانها من المغادرة في نهاية الأسبوع، منحناه لقب ” العميد ملوخية ” منذ تلك اللحظة وحتي نهاية فترة التدريب ، بقي الصول هاشم من معالم المصري الأصيل ويعرفه كل من خدم في دهشور، اللهم ارحمه لو كان ميتا وانزله منازل الشهداء !

    تابع بقية المقال علي صفحتي والمدونة

  2. يقول salem:

    أمة عربية واحدة…….كلنا في الهم شرق……اثناء دراستي الثانوية في احدى الدول العربية درست مادة التربية العسكرية لمدة ثلاث سنوات وهي فترة الثانوية قبل دخول الجامعة.كانت معظم التدريبات على المشي الاستعراضي والوقوف وكيفية حمل البندقية اثناء الاستعراض. أما التدريب العسكري الحقيقي فلم ننل منه سوى بعض الدروس عن البندقية الانجليزية بتاعة خمس طلقات فقط (وطبعا مش اتوماتيك لانها بندقية الحرب العالمية الاولى)وفي اخر يوم تدريب قبل الاستعداد لامتحان الثانوية العامة أطلقنا خمس طلقات لم يكن احد من المدربين مهتما ان يعرف ان اصبنا الهدف ام لم نصبه .هذا هو التدريب العربي للطلبه .
    وللعلم في ذلك الوقت كانت معظم الجيوش العربية التي تشتري سلاحها من روسيا تحمل بندقية الكلاشنكوف أما جيش بلادي الذي كان يشتري من أمريكا(وقراره ليس بيده) فقد كان مسلحا بندقية M5 الامريكية ,وهي البندقية بخمس طلقات تعادل الانجليزية التي تدربنا عليها أما الجيش الامريكي والجيوش التي تشتري سلاحها من أمريكا (وقرارها بيدها)فكانت مسلحة ببندقية M16 ,وتعادل الروسي كلاشنكوف ب 30 طلقة في الخزان.

    1. يقول صادق صديق:

      و ما اسم هذه الدولة التي كان بها M5؟

  3. يقول hamid Algeria:

    هذا لا يحدث الا في الدول العربية و ما شابهها لقهر شعوبها و اذلالها .

  4. يقول محمد صلاح:

    فى بعض الدول الغربية هذا النظام موجود ولكن ليس اجباري
    للاسف البعض يهاجم ذالك ليس الا ان ما تقوم به هى القوات المسلحة المصرية
    ولكن عندما كان الاخوان يقومون بذالك داخل الجامعات من تدريبات واستعراضات عسكرية للطلاب فى حرم الجامعات
    كان ذالك شىء عظيم
    وعندما تقوم به القوات المسلحة المصرية حسب القانون يصبح ذالك شىء غير مقبول وضد الانسانية

إشترك في قائمتنا البريدية