إخوان الأردن:«كتلة» تائهة وبلا مرجعية في البرلمان  وانتظار لتحديات جديدة قد يفرضها إيقاع «ترامب»

عمان ـ «القدس العربي»: بدا واضحا تماما عندما تعلق الأمر بعرض بنود تشريعات القوانين التي تؤسس للإصلاح والتطوير القضائي في الأردن ان كتلة الإصلاح التي تقودها حركة الإخوان المسلمين تحاول المناجزة والمنافسة في إطار التشريع بعيدا عن الرقابة لكن دون فائدة بالرغم من وجود مشرعين بارزين في صفوفها.
 نجم الكتلة نقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي تعهد بشكل أساسي بتحضير درسه فسجل مداخلات اعتراضية أو خلافية على نسبة غالبة وكبيرة من نصوص قوانين التطوير القضائي مستندا إلى خبراته السابقة في الإطار القانوني والتشريعي.
التزم العرموطي بالنظام الداخلي وبالقنوات النظامية التي تتيح له الاعتراض والمناقشة خلال عرض مواد وبنود التعديلات القانونية الجديدة. وضرب عرض الحائط عدة مرات رجاء رئيس المجلس عاطف الطراونة وبامتعاض اللجنة القانونية التي سجل النائب العرموطي ملاحظات في مناقشات مقترحاتها بصورة غالبة.
الأهم اكتشف الطراونة في التطبيق التشريعي الطريقة الأسهل لإحباط العرموطي دون مناقشته أو السماح لما يقترحه من نصوص بان يحظى بوقت طويل من المداولات. ولجأ إلى عرض ما يقترحه العرموطي من توصيات فورا إلى التصويت وبعدما وصل عدد المقترحات لأكثر من مئة حالة وإثر التصويت برزت صيغة «لم ينجح أحد».
بمعنى آخر حظيت توصيات ومقترحات العرموطي بتأييد أعضاء كتلته على الأغلب فقط. رغم ذلك لم تستدرك الكتلة ولم تلجأ لتسييس الأداء وأصرت بعيدا عن منهج اللعبة البرلمانية المألوف على التصويت دوما وبعدد محدود حيث اخفقت كل اقتراحات وتوصيات الكتلة التي بدت غير منظمة وتائهة إلى حد كبير في أروقة عملية التشريع.
 أظهر إخفاق كتلة الإخوان المسلمين وأنصارهم في تمرير ولو تعديل واحد، الضعف الشديد في بناء تحالفات داخل المجلس حتى على نطاق مادة قانونية أو موقف سياسي، وبدا ان غالبية كتل المجلس تستمتع بمناكفة كتلة الإصلاح الإسلامية وهي تناور بلا فائدة حقيقية فقط. 
أداء الكتلة بهذا المعنى غير السياسي أصبح لغزا وحجم تأثيرها محدود جدا في التفاصيل عندما يتعلق الأمر بمسرح عمليات البرلمان.
 لا يوجد أثر حقيقي في رأي المراقبين البرلمانيين للكتلة التي يدعمها الإخوان المسلمون بصفة جماعية وكتلوية على هامش عمليتي التشريع والرقابة وان كانت الكتلة تحتفظ بصلابتها ووحدة موقفها.
على الصعيد الرقابي فقط تبرز عملية تسجيل مواقف وبعد نقاشات مباشرة لـ «القدس العربي» في أكثر من مفصل مع رموز الكتلة مثل العرموطي والدكتور عبد الله العكايلة وغيرهما يمكن الوقوف على الاستنتاج القائل ان الكتلة تستهدف وتحارب ويتم التضييق عليها. يحصل ذلك بالرغم من وجود شخصية محنكة في التشريع مثل الدكتور العكايلة.
 ولافت جدا للنظر اخفاق الكتلة في بناء علاقات تحالفية جزئية مع بقية الكتل أو النواب، لا بل مشاركة بعض أعضاء الكتلة في الدفاع عن مواقف رسمية أو حكومية أو الغرق في مجاملات هنا وهناك لخدمة نطاق خدماتي لم يكن مألوفا عند ممثلي الإسلاميين في البرلمان.
 يقر أحد قادة الحركة الإسلامية لـ»القدس العربي» ان لقاءات العصف الذهني التي كانت تطبخ المواقف من التشريعات في الماضي لا تعقد الآن بعدما شارك الإخوان المسلمون في انتخابات برلمان 2016 على أساس تحالف وطني وبإسقاط شعارات الحركة الإسلامية المعروفة في الانتخابات. معنى ذلك ان الخبرات التشريعية المخضرمة داخل اطر جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي لا تتفاعل بالمعنى الإيجابي اليوم مع الكتلة داخل مجلس النواب، الأمر الذي يرسم صورة نمطية ويعززها الاستهداف المنافس عن كتلة متماسكة لكنها ضائعة وبلا مرجعية ولا توجد فيها خبرات سياسية فارقة وسط بقية الكتل وفي مواجهة التحالف العريض الذي يقوده رئيس البرلمان القوي عاطف الطراونة.
الأهم في المسألة هو ان القيادة الشرعية لجماعة الإخوان والتي تتحكم بمقاليد الأمور لا يبدو انها مهتمة فعلا بتصليب وتقوية جبهة الكتلة داخل البرلمان، والأسباب غامضة حتى الآن في كل الأحوال، حيث ان تجربة التحالف مع شخصيات من خارج التنظيم مثل العكايلة والعرموطي ومنصور مراد وغيرهم لم تنضج فيما يبدو بعد رغم ان الناطق الرسمي باسم الكتلة الدكتورة ديمة طهبوب حرصت وفي مناسبات عدة على التفاعل مع «القدس العربي» لإظهار المنجزات البرامجية التي قدمتها الكتلة.
طهبوب وعدت في السياق ان يتواصل برنامج التحالف الوطني الإصلاحي خارج البرلمان والكتلة. لكن حتى في هذا الاتجاه لم تظهر بعد في الشارع أوراق حيوية في الوقت الذي يبدو فيه ان عمل الكتلة ومنتجها ومنجزها اليومي يتأثر بوضوح بحالة الكمون التكتيكي التي دخلت فيها جماعة الإخوان المسلمين والمنتجة أصلا على معيار إقليمي ودولي وهو معيار يبدو واضحا اليوم انه ينتظر ما سيقرره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص تصنيف الجماعة الإخوانية بالإرهاب من عدمه، الأمر الذي يفرض على الإسلاميين في الأردن أولويات وتحديات أهم بكثير من تنشيط كتلتهم في البرلمان أو النجاح في التصويت لصالح مقترحات شريكهم وحليفهم المحامي العرموطي.
 هذه الأولويات لها ظروفها واعتباراتها التي تبرر ليس فقط حالة الكمون ولا ندرة تأثير كتلة البرلمان وان كانت تبرر أيضا تفويت الحركة الإسلامية الفرصة أمام خصومهم في الدولة الأردنية وفي عدة مفاصل أساسية من بيها اتفاقية الغاز الإسرائيلي وملف مدينة القدس.

إخوان الأردن:«كتلة» تائهة وبلا مرجعية في البرلمان  وانتظار لتحديات جديدة قد يفرضها إيقاع «ترامب»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحرحشي:

    ليش تقرقعوا راسكو ما في امل……..

إشترك في قائمتنا البريدية