تعقيبا على مقال بروين حبيب: قراءات الصيف
الكنز المعرفي
كل المكتبات منذورة يوما ما للفقدان، هذا قدرها وقدر من تعبوا في جمع شتاتها..
هناك من الكتبيين من جمع ثروة طائلة من المكتبات التي تتشتت بموت أصحابها، وبدلا من أن يحافظ الورثة على الرفوف الدسمة التي حرص صاحبها على إغناء محتوياتها طوال حياته، فإنهم يبادرون إلى أقرب كتبي للتخلص من الكنز المعرفي بثمن بخس، وقد قال لي يوما بفرنسية كلاسيكية النبرة والمرارة قارئ عجوز التقيته عند كتبي معروف، وذهلنا من كمية الكتب النادرة المعروضة «عندما تجد سوق الكتبيين منتعشة بالكتب النادرة فلأن (مشيرا بإصبعه إلى نفسه) أحدا منا قد مات».
تذكرت على الفور مقولة بول سوينكا عندما صعد المنصة لتسلم جائزة نوبل «عندنا كل شيخ يموت فهو مكتبة تحترق».
وأشير إلى محنة الكتّاب وإخفاقهم في إنقاذ مكتباتهم من اضطهاد الأنظمة، كما حدث مع الرائع غالب هلسا الذي فقد في صراعه مع السلطة مكتبة تحوي أكثر من خمسة آلاف مجلد، ولا أغفل شاعر العربية سليم بركات الذي روى بحسرة ومرارة أن ظروف تهجيره من قبرص إلى السويد اضطرته إلى التخلي عن مكتبة جمعها كما الطوابع البريدية ولم يحتفظ سوى بمتر مربع من الكتب.
ربما يحسن بذوي المكتبات أن يتبرعوا بهـا للخزانـات.
فما الجدوى من تثمير مكتبة محكوم عليها قبل جمعها بالضياع؟
في أوروبا توجد مكتبات يمكنك فيها اقتناء الكتاب وإرجاعه بعد القراءة لأخذ آخر مع دفع الفرق،
كما توجد مكتبات افتراضية خالية تماما من الكتب.
أهم من اقتناء الكتب قراءتها وحفظ مضامينها جيدا.
غير أن عزاء هذه المكتبات المتشتتة أنها تواصل الحياة بوصولها إلى قراء مصابين بهوس جمع الكتب النادرة؛ لكن ما لا عزاء له هو ظاهرة إحراق المكتبات الوطنية، ولا أقصد حريق مكتبة الإسكندرية أو حريق قرطبة أو حريق دار الحكمة؛ فتلك عهود قد مضت لحالها لكن استمرار ظاهرة إحراق وتدمير المكتبات والأرشيف الوطني في عصرنا الحالي( مكتبات العراق، مصر، ليبيا، تمبوكتو ..) لا مبرر له سوى أن الحضارات على مر العصور مثل الحرائق، وكل حريق حضارة يقوم على أنقاض حريق الحضارة السابقة.
أخـتم بسـطر من قصـيدة المكتـبة تحترق لرينـيه شـار:
لا يحتفظ الشاعر بما يكتشفه، بمجرد تدوينه، سرعان ما يتخلى عنه. هنا تكمن حداثته.
فلنتخل عن مكتباتنا ولنحتفظ على غرار سليم بركات بمتر مربع من الكتب
ميشرافي عبد الودود- المغرب
تعقيبا على مقال جلبير الأشقر: تخبط السياسة الأمريكية في المنطقة
عودة الاستعمار
بعد نضالات الاستقلال المريرة خلال القرن العشرين وإعادة بناء الدولة، جاء القرن الواحد والعشرون بفضل حكام العرب الأشاوس ليعيد الاستعمار إلى ديارنا ولكن بقوى مختلفة روسية إيرانية أمريكية إسرائيلية، والتحرر منها سيكون أشد قسوة ومرارة خاصة بعد أن باع حكامنا الأشاوس انفسهم للمستعمرين الجدد وباتوا حلفاءهم ضد شعوبهم.
أحمد- سوريا