المستقبل لن تبنيه الأيدي المرتعشة والأغلبية خلعت رداء الرعب منذ بزوغ ثورة يناير

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : ما زالت أصداء تصريحات الرئيس التي أطلقها مؤخرا في مؤتمر الشباب في الإسكندرية تجلب عليه المزيد من الهجوم، خاصة بعد دعوته للإعلاميين بضرورة نشر «فوبيا الخوف» لدى المصريين، وهو التصريح الذي أسفر عن وابل من التنديد ضد صاحب المقام السامي.
ولم يتوقف الأمر عند معارضي السلطة القائمة، بل امتد الهجوم لساحة أنصارها الذين فوجئوا بالمطلب الرئاسي، في الوقت الذي كانت فيه الأغلبية تنتظر أن تستمع لما يبدد عنها مخاوف بدت مسيطرة عليها خلال الفترة الماضية، حيث تزداد وتيرة الإجراءات الحكومية الموجهة ضد مكاسب الأغلبية الفقيرة التي نالتها بشق الأنفس على مدار عقود، بهدف القضاء عليها ضمن روشتة البنك الدولي، التي يحرص النظام على تطبيقها بحذافيرها، وفي مقدمتها إلغاء الدعم وبيع وحدات القطاع العام وتسريح ملايين العمال والموظفين.
وفيما اهتمت صحف الحكومة أمس الجمعة 28 يوليو/تموز بنشاط الرئيس ولقائه بكبار رجال الدولة، واصلت صحف المعارضة والمستقلة التحذير من رياح الغلاء التي تعصف بالأغلبية الفقيرة. ومن تقارير أمس اللافتة ما كشف عنه النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة في البرلمان لـ«المصريون»، أن «مجلس الوزراء قدّم لكل نائب من ائتلاف «دعم مصر»، دعما وأصول خدمات كالكهرباء والبترول يقدر بمليون ونصف المليون جنيه في مايو/أيار الماضي»، معربا عن غضبه مما سماه «مجاملة الحكومة لنواب دون غيرهم». وأضاف لـ«المصريون»: «هذا التصرف غير مقبول، وخلق لنا العديد من المشاكل مع أبناء دوائرنا، الذين طالبو بحقوقهم مثل الدوائر الأخرى»، مشيرا إلى أنهم عازمون على استجواب المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، لإيضاح أسباب تقديم دعم لهم دون آخرين. وأشار تمراز إلى أنها «ليست المرة الأولى التي يجامل فيها المجلس نوابا بعينهم». لافتا إلى أن «تأشيرات الحج التي أهدتها السفارة السعودية في القاهرة للمجلس، تم التصرف فيها بغير حكمة، حيث منح المجلس بعض النواب تأشيرات أكثر من غيرهم، وصلت إلى 10 تأشيرات، في حين حصل النواب الآخرين على تأشيرتين فقط».

مطلوب بديل للرئيس

البداية مع نقد لتصريحات السيسي التي تابعها عمار علي حسن في «المصري اليوم»: «كثير مما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب الأخير يتطلب ردا علميا ووطنيا، لأنه ينطوي على تصورات إن لم تراجعها الرئاسة في أسرع وقت فلنقل على بلدنا السلام. وأقل ما يمكن قوله هنا أن أقصر الطرق وأسرعها لإسقاط الدولة هو السياسات الفاشلة وتبديد المال العام، بما أدى إلى تراكم الديون الخارجية والداخلية وانهيار قيمة العملة الوطنية، لكنني سأؤجل هذا إلى وقت آخر، ولاسيما أن كلام الرئيس يتكرر في كل المناسبات تقريبا، وسأترك مساحتي تلك لرؤية عميقة قدمها الدكتور صلاح أبوالفضل: «باق من الزمن شهور عدة، ولاشك أن كل المهمومين بالعمل الوطني يفكرون في ما سنواجهه جميعا، وما يطرحه ذلك من احتمالات التغيير. وأي محاولة لمعالجة هذه التساؤلات يجب أن تسعى للحفز على التفكير والتدبر، وليس بالضرورة تقديم الإجابات الجاهزة. ويؤكد أبو الفضل على أن الإحباطات الحالية والمخاطر التي تلوح في الأفق كبيرة، ليصل إلى مدى «الحاجة لرسم خطة عمل يشارك فيها الجميع، أحزابا وأفرادا»، ويقول هنا: «لا أحد يستطيع التنبؤ بما يمكن أن يحدث خلال العام الباقي من ولاية الرئيس، لكن المؤكد أن مسرحية التجديد ستبدأ لإعادة انتخاب الرئيس، ثم التمديد ثم تعديل الدستور. وقد تتفاقم الأمور ونجد أنفسنا والوطن عند منعطف خطير تتخلله الفوضى أكثر من الثورة، وتتربص فيه بالوطن قوى التيار الديني المدعوم خارجيا، وقد يندفع النظام فيه برعونة لا تنقصه لقمع الشعب، وقد نجد أنفسنا مفاجئين وعاجزين عن الفعل المؤثر، وسوف تتضارب اجتهاداتنا لغياب التنسيق والتفاهم المسبق. فهل سنقف موقف المتفرج؟ أم سننزل الساحة بعشرة مرشحين يفتتون الأصوات وتختلط رسائلهم للمجتمع، فنصبح أضحوكة للنظام ونمنحه مصداقية لا يستحقها، بل يكتسبها من فُرقتنا؟ أم تحدث المعجزة بطرح بديل متماسك تنسجه كل القوى التقدمية؟.

زلة لسانه كشفت منافقيه

نبقى مع نقد تصريحات السيسي والدور على جمال سلطان في «المصريون»: «العبارة التي خرجت من رئيس الجمهورية في اللقاء الشبابي في «الإسكندرية قبل يومين، والتي تحدث فيها عن ضرورة «خلق فوبيا إسقاط الدولة» عند المواطنين، هي خطأ محض، وزلة لسان غير مقصودة، والمؤكد أنها التباس حدث لدى السيسي فخانه التعبير، لأن الفوبيا مرض نفسي، أساسه صناعة خيال غير حقيقي ووهم يرسخ الخوف الوسواسي لدى صاحبه تجاه أشياء محددة، والمفروض أن وظيفة الدولة مكافحة الأمراض وليس زراعتها، ولكن الأكثر دهشة في تلك القصة أن «خطأ» الرئيس وزلة لسانه تحولا إلى مشروع وطني وبرنامج عمل، أي والله، ونشط وزراء ومحافظون وصحف كبرى وفضائيات تتداول كيفية نشر «الفوبيا» في مصر، وأفضل الخطط لصناعة «الفوبيا» عند المواطنين، وتم تدشين مشروع وطني للفوبيا باسم «تثبيت الدولة»، ولم يجرؤ أحد، إعلامي أو وزير أو مسؤول، على أن يراجع السيسي في حكاية «الفوبيا» أو ينبهه إلى أنها زلة لسان وخطأ لا يصح أن يصدر من الرئيس، لأنه يسيء إليه، الكل ـ من فرط النفاق أو الخوف ـ راحوا يحللون عبقرية «صناعة الفوبيا» وأهمية تعميمها في مصر، نحن نعيش كابوسا حقيقيا الآن بالفعل، مصر تعيش حقبة ظلامية من الكوميديا السوداء التي لا تصدق ولا في الخيال».

فوبيا الرئيس

انتقد الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات، تصريحات للسيسي أطلقها مؤخرا حول دعوته الإعلاميين تعزيز فوبيا الخوف داخل المصريين، وقال فرحات وفقا لـ«المصريون» في تدوينة عبر حسابه في «فيسبوك»: «أي نوع من الفوبيا يدعو الرئيس إعلامه إلى نشره: فوبيا الشعب من انهيار الدولة؟ أم فوبيا القائمين على السلطة من انهيار النظام؟». وأضاف: «الفوبيا مرض نفسي، هل هي دعوة لنشر الأمراض النفسية؟». مضيفا: «عجب عجب عجب عجب». وفي سياق الرد على التصريحات نفسها علق الناشط السياسي والخبير الهندسي ممدوح حمزة، على حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي حول «فوبيا» الدولة في مؤتمر الشباب الدوري الرابع، ما اعتبر ذلك بمثابة فزاعة من أجل بث الخوف لدى المواطنين، وأن نجاح أي حكم مربوط بمؤشر السعادة لدى الشعب. ونشر حمزة عبر حسابه الشخصي قائلا: «الفوبيا مرض يجب أن تسعي الدولة لعلاجه، وهو مكروه ومبني على تهيؤات، فهل تقوم الدولة بتخويف الناس؟ مثل تخويف الطفل بأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة». وأضاف: «السيسي ما رأيك في مؤشر السعادة الذي يقاس به الآن مدى نجاح أي حكم؟ وعلاقة ذلك ببث الخوف تحت بند فوبيا الدولة».

لا منقذ من غضب الناس

توالت ردود الفعل على دعوة الرئيس نشر الخوف، ومن جانبه ووفقا لـ«البداية» قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق: «لأول مرة في تاريخ الشعوب يطالب رئيس ببث الخوف بين الناس». وتابع معصوم: «من وظائف الرئيس أن يبث الطمأنينة، ولعلها أول مرة في تاريخ الشعوب يطالب فيها رئيس علنا ببث الخوف بين الناس». وفي السياق نفسه قال المهندس ممدوح حمزة، الاستشاري العالمي في حسابه على «تويتر»: «لماذا فوبيا ولماذا نخاف على الدولة والسيسي موجود، والجيش مسيطرعلى كله، والإعلام يقول دائما ليس في الإمكان أحسن مما كان، نخاف ليه والجزر طلعت سعودية». يذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي دعا الإعلام إلى تشكيل ما سماه «فوبيا الخوف» لدى المواطنين من إسقاط الدولة، مطالبا المصريين بالصبر والتحمل».

بالأستيكة نغزو المريخ

قرار الحكومة إنشاء مصنع للأدوات الكتابية ومنها «الإستيكة» أدى لسخرية بالغة، وهو الامر الذي أزعج غادة شريف في «المصري اليوم»: «زمان، منذ عدة سنوات، عندما كنت أدرس في نيويورك في أمريكا، قادتني الظروف للتعرف على طالبة صينية كانت تدرس في جامعة كولومبيا التي كنت أدرس فيها، وكان والدها من أثرى أثرياء الصين.. وقتها تعجبت، هي الصين فيها أثرياء؟ ثم علمت منها أن والدها هو صاحب مصانع متخصصة في صناعة أقلام الرصاص فقط! طبعا بعد عدة سنوات قام والدها بالتوسع في «رفايع» أخرى، لكن ظل هو ملك أقلام الرصاص الـ HB التي انتشرت في العالم كله، والتي كانت مصدر كل هذا الثراء الذي صار فيه. هذه فقط حكاية «صغننة» لكل هؤلاء الذين تملكتهم السخرية والاستظراف، بل والاستهزاء من قرار الحكومة بالبدء في تصنيع القلم الرصاص والأستيكة، دا بدل ما تقولوا إننا أخيرا بدأنا نتحسس الطريق الصحيح، طب ركز كده في احتياجاتك اليومية على مدى أسبوع وقم بتسجيلها في ورقة، ستجد كم أن احتياجك «للرفايع» لا ينتهي. الأستيكة، القلم الرصاص، القلم الجاف، الزراير، خلة الأسنان، الإبرة والفتلة، المنشفة، المعالق والشوك البلاستيك، الأكواب الورقية إلخ. إنت ممكن تغزو العالم بكل هذه الرفايع مثلما فعلت الصين، بس إنت اللي عدو نفسك وغاوي تكسر مجاديفك بمعرفتك.. طب تصدق بالله، لقد رأيت بعينيّ كيف أن السيدات الخواجات ينبهرن بالمنديل «أبوأوية»، فإذا كانت السياحة متوقفة الآن فلماذا لا نخرج لهم ببضاعة كرداسة التي يعشقنها؟ الأمر لا يقتصر على «الرفايع» فقط، فنحن لدينا الكثير من نعم ربنا لكننا راكنينها على جنب وهذا اسمه «بطر» مثلا، الإسكندرية وكفرالشيخ والبحيرة متخصصة في الأسماك، فلماذا لا تقام فيها مصانع للصناعات السمكية؟ لماذا لا نصنع منتجات الطحالب ونصدرها للشرق الأقصى؟ لماذا يكون أقصى مجهودنا هو إنشاء المزارع السمكية للتصدير».

شهود الزور

ماذا عن شهود الزور الساكتين عن الظلم.. قضية اهتم بها محمد الشبراوي في «الشعب»: «المتفرجون الساكتون على ظلم الظالم عملا بمبدأ «لا شأن لنا طالما كان بعيدا عنا» لا يعلمون أن آلية الظلم والظالمين تعمل على أساس أن الجميع مستهدفون، لذلك يخطئ من يظن أن الظلم الواقع على غيره لن يصل إليه، ذلك أن الظالم لا حياة له إلا بتعميم ظلمه، بل إنه ما أن يفرغ من إيقاع الظلم على الآخرين، لابد أن يطال بظلمه من أعانه عليه، سواء بالسكوت والرضا وغض الطرف، أو بالعمل والقول، ذلك أن سنة الله في الكون أن من أعان ظالما سلطه الله عليه، بل إن الظلم لا محالة أن يطال الظالم نفسه، وتلك حقيقة وأمر واقع لا فكاك منه، يؤكده قول الله تعالى: «والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا» (الزمر51). وكذلك قال تعالى:»فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون» (النحل: 34). ولقد حرم الله تعالى الركون إلى الظالمين، وكذلك حرم الدفاع عنهم فقال في كتابه العزيز «قال ربِّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين» (القصص: 17). إن الظلم عواقبه وخيمة، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول، فيعم الخوف وينعدم الأمن، بل يصبح الظالم نفسه أشد خوفا، كما يعم الضنك وضيق المُعايش فلا تقوم للدول وللشعوب قائمة؛ فكم من أمم لم تقم لها قائمة بسبب الظلم وركونها إلى الظالمين، وقديما قالوا «إن الله يقيم دولة العدل ولو كانت كافرة، ولا يقيم دولة الظلم ولو كانت مسلمة». ولأن الظلم والبغي إفساد في الأرض لذلك قال الله تعالى «إن الله لا يصلح عمل المفسدين» (يونس:81). لذلك فإنه كما لا يمكن الوصول إلى نتائج سليمة باستخدام أدوات فاسدة، فإنه لا يمكن أن يتحقق استقرار للشعوب بالظلم والبطش والطغيان».

أمل على الطريق

فقرة الشاب المعاق ياسين الزغبي في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الشباب في الإسكندرية أثارت اهتمام الكثيرين، من بينهم عماد الدين حسين في «الشروق»: «كانت جديدة وجيدة، وتعطي معنى إنسانيا محترما بأن هناك تقديرا للإصرار والعزيمة وتحدي الصعاب، حتى لو كان يسير بساق واحدة. في مؤتمرات الشباب الثلاثة السابقة، كتبت وأكرر اليوم أن الخدمة الجليلة التي يمكن أن تقدمها هذه المؤتمرات ــ إذا أردنا لها أن تحقق أهدافها ــ هي أن ننفتح على كل الأفكار والآراء والأصوات، حتى لو كانت مخالفة لآراء الحكومة. كان الأكثر لفتا للنظر من وجهة نظري في جولة ياسين الزغبي لقاءه مع الشاب الفلاح في حقله وعمره 24 عاما، الذي أنهى لتوه خدمته العسكرية. هذا الشاب قال بتلقائية ريفية محببة وموحية في الوقت نفسه، إنه وأهله وأقاربه والناس يشكون من صعوبة الحال، وقال ما معناه إنهم لا يعرفون كيف يدبرون أحوالهم المعيشية، في ظل الارتفاع الخطير والمستمر في الأسعار. هذا السؤال البسيط جدا والصعب جدا جدا هو جوهر التحدي الذي يواجه الحكومة ورئيس الجمهورية منذ فترة، وسوف يستمر تحديا لسنوات إلى أن تخرج مصر من أزمتها وتنطلق للأمام. الذي فكر في فقرة الزغبي يستحق الشكر والتقدير، فالفكرة بسيطة جدا ولكنها صادقة، مادامت قد جعلت مواطنين مختلفين من خمس محافظات في غرب الدلتا يتحدثون عن همومهم. لن أتحدث عن الذين شكروا وأيدوا، ولكن عن الذين تحدثوا عن همومهم ومشاكلهم. وفي هذا الصدد كان لافتا للنظر أيضا حديث الفتاة التي حصلت على دكتوراه في القانون الجنائي وعمرها 26 عاما. وطلبت من الدولة أن تخصص حافزا علميا للمتفوقين دراسيا وعلميا على غرار الحافز المخصص للمتفوقين رياضيا».

مشكلة مصر في حاكمها

«ليست مصر استثناء في تاريخ العالم، وقوانين التطور السياسي، إلا في شيء واحد، يشير إليه عبد العظيم حماد في «الشروق» هو سبب كل المآسي، وأحدثها فشل ثورات أربع فيها على امتداد القرن ونصف القرن الأخير، هذا السبب يلخصه جمال حمدان في أربع كلمات جامعة مانعة نصها: «مشكلة مصر هي حاكمها»، فكيف تجسدت هذه المقولة في كل واحدة من تلك الثورات الأربع. في أولاها لم تكن مصلحة البلاد تحتم استنجاد الخديوي توفيق بالاحتلال البريطاني، ولا إعلان السلطان العثماني عصيان عرابي، وإنما كان تشبث الخديوى بالحكم الفردي هو السبب، ومن المؤكد أن النتائج كانت ستختلف كثيرا لو أن توفيق تجاوب مع المطالب الشعبية. وفي ثورة 1919 لم تكن هناك حاجة موضوعية سوى الحكم المطلق لكي يناصب العرش حزب الوفد العداء، ومن ورائه الدستور والبرلمان والأغلبية الشعبية، ومن مفارقات تلك الحقبة أن الملك كان يناصب حلفاءه أنفسهم العداء، إذا تفاهموا مع الوفد، مثلما حدث مع الأحرار الدستوريين سنة 1927، وسنة 1930. أما في ثورة يوليو/تموز فإن رؤساء جمهوريتها المتعاقبين لم يكتفوا بالحكم الفردي المطلق، وإنما قضوا على الحياة السياسية، وأعقموا المجتمع من التنظيم والمبادرة المستقلين، وتركز اهتمامهم في تأمين النظام، وتأبيد الرئيس على كرسيه. لكل ذلك سيتأسس حكم التاريخ على الرئيس عبدالفتاح السيسي على إجابته على السؤال التالي: هل يبقى حاكم مصر هو مشكلتها، أم يصبح هو الحل؟ فإذا كانت الفترة الرئاسية الأولى له ــ التي توشك أن تنقضي ــ هي استمرار لذلك الموروث، فإن الفترة الرئاسية الثانية ستقدم الإجابة النهائية، وبصفة شخصية اعتقد أن نجاح المشروع الوطني المصري يقوم على ثلاثة أركان: التعليم، والتصنيع، والديمقراطية بمعنى مشاركة الشعب بالاختيار والمساءلة».

هل الدولة مدير فاشل؟

السؤال يطرحه أحمد إبراهيم في «الوطن»: «حينما يقول وزير الآثار إن الوزارة مديونة بـ6 مليارات جنيه، وهي تمتلك أكثر وأهم وأعظم آثار في العالم، بالإضافة للأهرامات، إحدى أهم عجائب الدنيا السبع، في حين أن أصحاب البازارات الصغيرة يربحون، وحينما تكون المدارس خاوية ومراكز الدروس الخصوصية مكدسة وتربح 30 مليار جنيه من ميزانية الأسرة المصرية، وحينما يخسر القطار ويربح التوك توك، وحينما يخسر أسطول النقل العام ويكسب الميكروباص، وحينما تخسر المصانع والشركات الحكومية العملاقة، ويربح أصحاب المصانع والشركات الخاصة الصغيرة، وحينما تخسر كل الهيئات الاقتصادية ما عدا هيئة أو اثنتين، هنا يجب البحث عن السبب، ونتساءل لماذا يخسر كل ما هو حكومي وخدماته سيئة؟ والنشاط نفسه لماذا يربح مع القطاع الخاص وخدماته أفضل؟ لماذا الشركات الحكومية الخاسرة حينما يتولاها القطاع الخاص يحول خسائرها إلى مكاسب، وحينما تتولاها الحكومة تصبح الخاسرة؟ هل الدولة مدير فاشل، رغم أن البشر نفسهم هم الذين يعملون في القطاعين الحكومي والخاص؟ الموظف لماذا يؤدي في الخاص أفضل من العام؟ ولماذا يعمل بذمتين؟ الإجابة في كلمة واحدة «الإدارة»، الإدارة هي التي تحول الخسائر إلى مكاسب، والفقر إلى غنى، والديون إلى أرباح، والفشل إلى نجاح، والكسل إلى نشاط، والعكس. صاحب المشروع الخاص لا يجامل ويختار الأكفاء للعمل معه، بصرف النظر عن الاختلاف الفكري والسياسي والديني وصلة القرابة، أما الاختيار للوظائف الحكومية فيكون للأسوأ والأضعف ولأهل المحبة والثقة ومجاملات ومكافأة نهاية خدمة، الأرباح والحوافز في القطاع الخاص على العمل والإنتاج، وفي القطاع العام على الفشل والخسائر، فمعظم مؤسسات الدولة خاسرة وغير منتجة ومع ذلك تقترض من البنوك حتى تمنح قياداتها أرباحا طائلة».

النخلة القاتلة

أسفل نخلة عالية وقف مصطفى بعربته يبيع التين، يبدو أنه كما يرى محمود خليل في «الوطن» حاول الاحتماء بها من شمس النهار الحارقة، لم يكن يعلم أنه يستجير من الرمضاء بالنار، فجأة سقطت النخلة فوق رأسه، تجمع حوله المارة، نقلوه إلى أحد المستشفيات الخاصة في المعادي لم يقبله، فتم تحويله إلى مستشفى قصر العيني ليعالج من الإصابات الخطيرة التي تسببت فيها عمته «النخلة». القصة كاملة نشرها موقع «الوطن» يوم الأربعاء الماضي. لـ«الضحايا» مصانع، وربما كان أكثر الضحايا الذين تدهسهم القاهرة القاسية من أبناء الصعيد، الصعيد في حد ذاته مصنع كبير للضحايا، إهمال تاريخي من جانب الحكومات المتعاقبة التي أدارت البلاد، ونظرت في شؤون العباد، فرص عمل شحيحة، ضيق في الرزق، تهالك في المرافق، حكايات ترتقي إلى مرتبة الأساطير، عما حققه بعض النازحين من الصعايدة إلى القاهرة تُغري «الغلابة» بالبحث عن منجى في العاصمة. إنها حدوتة الأطراف في المجتمعات التي تدفع كل يوم مزيدا من الضحايا إلى «المركز» داخل العاصمة. والعاصمة لا ترحم، المستشفى الخاص الذي أراد أولاد الحلال نقل مصطفى إليه، بعد أن دهمته النخلة، معروف بأنه متوسط الحال، لكنه رفض أن يقبله، لأنه يعلم أن الضحية لا يقدر على الدفع. يحدث هذا رغم قرار سابق اتخذه المهندس إبراهيم محلب بالتزام المستشفيات الخاصة باستقبال مصابي الطوارئ لمدة 48 ساعة. لا بأس هذا شأن أصحاب المال، وشأن الحكومة في مراقبة القرارات التي تصدر عنها. لم يكن أمام أولاد الحلال الذين حاولوا إغاثة مصطفى سوى نقله إلى قصر العيني، مصابا بكسر في العمود الفقري وكسور في الحوض والفك ومواضع أخرى من جسده، تُرك «الصعيدي» ثلاثة أيام قبل أن يدخل غرفة العناية المركزة، بعد أن أصيب بغيبوبة كاملة».

الانفجار السكاني يهدد حلم السيسي

«ليس خافيا على أحد أن الانفلات السكاني الذي أصبح يتجاوز بشكل كبير وفقا لرؤية جلال دويدار في «الأخبار» إمكانات مصر في كل المجالات يمثل خطرا داهما على التنمية والاستقرار الاقتصادي وما يرتبط به من استقرار اجتماعي. أن تواصله وارتفاع معدلاته يعود إلى الجهل وغياب الوعي وقصور التوعية وما يبثه البعض من سموم دعوية لا تتفق مع أي قيم ولا مع العقل والمنطق والصالح الوطني. لا جدال وعلى ضوء إثارة الرئيس لهذه القضية، أن الحكومة لا تقوم بواجباتها ومسؤولياتها في التخطيط السليم القائم على التعامل مع القضايا والمشاكل، وفقا لخطورتها وأهميتها. كان من نتيجة ذلك ارتفاع معدلات الزيادة السكانية إلى ما يزيد على 2٪ سنويا بعد أن كان قد وصل إلى 1.2٪ قبل عقدين من الزمن.
جرى ذلك عندما تنبهت الدولة والحكومة إلى خطورة هذا الانفلات وأن استمراره يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة نسب الفقر في أوساط الشعب المصري. إن استيعابها لهذا الخطر دفعها إلى تبني وسائل توعية واسعة كانت محصلتها انخفاض المعدلات إلى المستوى الذي يحد من التزايد السكاني، وهو ما يتمثل في انخفاض المواليد. للأسف فإن هذا الاهتمام توقف تماما نتيجة الاهتمام بأمور ومشاكل الدولة المصرية. كم أرجو أن تكون إشارة السيسي لهذه المشكلة إيذانا بعودة هذا الاهتمام الذي يجب أن يأخذ بعدا جديدا من التطوير والتحديث بمشاركة كل مؤسسات الدولة الدينية والتعليمية والإعلامية».

«ترامب فنان بالعافيه»

ومن حروب أمس الجمعة تلك التي وجهها أحمد إبراهيم الشريف ضد ترامب في «اليوم السابع»: «لا يزال هذا العالم غريبا، وغرابته لا آخر لها ولا منتهى لمعناها، فرغم تطور الأفكار واعتمادها على تاريخ من التراكمات، فإن الإنسان لا يزال يفكر بطريقة بدائية، فتسيطر عليه بديهيات غريبة منها، أن الرجل المشهور يمكن أن يفعل أي شيء لدرجة أن يتحول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فنان تشكيلي.. تخيل. يقول الخبر إن صحيفة «واشنطن إكــزامنر»، كشفت عن عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إحدى لوحاته الفنــــية، التي رسمهــــا عام 2005، للبيع في مزاد علني، واللوحة المقرر بيعــــــها في دار مزادات Nate D. Sanders، يوم 27 يوليو/تموز، تحمل اسم «أفق نيويورك»، وتقدر بسعر 9 آلاف دولار، وسيتم بيعها لصالح الأعمال الخيرية، ويظهر في اللوحة تصميم بسيط لناطحات السحاب في مدينة نيويورك، يتوسطها برج ترامب الشهير، موقعا عليها بخط يد ترامب باستخدام لون ذهبي. ومن يشاهد اللوحة لن يرى فيها شيئا يذكر، لا تقنيات فنية ولا ألوان مميزة ولا تحمل رؤية معينة، كما أنها مرسومة منذ 12 عاما، فما الذي حدث إذن وحول هذه الرسمة إلى لوحة تباع في مزاد، حدث ذلك لأن ترامب أصبح رئيسا لأمريكا. ربما يرى البعض أنني مبالغ في رصد هذا الأمر، لكن في الحقيقة لست كذلك، فإني أؤكد أن ترامب لو لم يكن رئيسا لأمريكا ما كانت لوحته «العادية جدا» تعرض في مزاد علني وربما لم يكن هو سيفكر في الإعلان عنها وعرضها».

أمريكا تعتزل القيادة

الولايات المتحدة لم تعد قادرة أو راغبة في قيادة العالم، كما كانت تفعل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، على حد رأي محمد كمال في «الأهرام»: «الرئيس ترامب يرفع شعار أمريكا أولا، ويعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، ومن اتفاقية باريس للمناخ التي وقعها سلفه أوباما، ويهدد بعدم تنفيذ الولايات المتحدة تعهدها بالدفاع عن دول حلف شمال الأطلنطي، ويطالب بإعادة التفاوض بشأن اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، التي تجمع بلاده مع كل من المكسيك وكندا. كل هذه المؤشرات جعلت أحد حلفاء الولايات المتحدة، وهي المستشارة الألمانية ميركل تتحدث عن أن أوروبا لم يعد بوسعها الاعتماد على الزعامة الأمريكية. في مقابل هذا التراجع للدور القيادي الأمريكي، نجد دولة أخرى وهي الصين تتقدم الصفوف وتطرح نفسها بديلا لملء فراغ القيادة الأمريكية، بل نجد الصين اليوم ترفع الشعارات وتتبنى السياسات التي كانت أحد ملامح القيادة الأمريكية للعالم في الماضي. على سبيل المثال وفي مقابل تبني الولايات المتحدة سياسات حمائية في مجال التجارة، نجد الصين تتحدث عن تحرير التجارة، وأهمية الاندماج في الاقتصاد العالمي، وفي مقابل انتقاد القوى الشعبوية الأمريكية لظاهرة العولمة، نجد الرئيسى الصيني «شي جين بينج» يدافع عن العولمة أمام أهم إطار أقامه الغرب لتجسيد فكرة العولمة، وهو مؤتمر دافوس، الذي غاب عنه الرئيس ترامب. الأهم مما سبق، أن الصين تطرح الآن ما تطلق عليه «مشروع القرن»، وهو إحياء طريق الحرير القديم أو مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» أو اختصارا «الحزام والطريق» التي تستهدف ربط اقتصاديات إفريقيا وآسيا».

لا حسد إلا في اثنتين

«يسعى الناس كافة إلى امتلاك الثروة والصحة والنفوذ والسلطان، لكن قليلا منهم كما يرى عبد الرحمن سعد في «الأهرام» مَنْ يسعى إلى امتلاك العلم، والمال، بالسُبُل السليمة، ثم ينفقهما على الناس، بالضوابط اللازمة. بهذا أنبأنا الرسول، صلى الله عليه وسلم، إذ أكد أن من سار بين الناس بالحكمة، وقضى بها في نفسه وأهله، وتعلَّمها وعلَّمها للناس، أو أنفق ماله، بعد أن اكتسبه من مصدر حلال، في مواطنه المناسبة، ثقة بالله تعالى؛ فقد امتلك ما يجعله أهلا لغِبطة الناس حقا، وتمنيهم امتلاك ما لديه من مال وحكمة، وسيرهم فيهما سيرته.
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا، وَيُعَلِّمُهَا». (متفق عليه). أجمع العلماء على أن المقصود بالحسد في قوله، صلى الله عليه وسلم: «لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ»: «الغبطة»، وأوضحوا أن تمني النعمة هو القاسم المشترك بينها وبين الحسد، إلا أن الحسد فيه تمني زوالها عن المحسود، وذلك غير جائز، بينما في «الغبطة» لا يتمنى زوال النعمة عن المغبوط، وإن كان يتمنى حصول مثلها له. قال الإمام النووي في «شرح مسلم»: «المراد بالحديث: «لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين، وما في معناهما». وقال ابن عبد البر: «كأنه، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا حسد، ولكن الحسد ينبغي أن يكون في قيام الليل والنهار بالقرآن، وفي نفقة المال في حقه، وتعليم العلم أهله».

المستقبل لن تبنيه الأيدي المرتعشة والأغلبية خلعت رداء الرعب منذ بزوغ ثورة يناير

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية