«إسرائيل بدأت الخطوات العملية لإغلاق مكتب الجزيرة فيها»… هذا ما صرح به مؤخرا وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو بعد أيام من إعلان الأخير أنه سبق له أن دعا «عديد المرات» إلى ذلك وأنه «إذا كان الأمر غير ممكن بسبب تفسير القانون، فإنني سأتكفل بالتصديق على القوانين المطلوبة لطرد الجزيرة من إسرائيل».
إذن تبدو إسرائيل جادة هذه المرة بعد اتهام نتنياهو المحطة بــ «التحريض على أحداث العنف الأخيرة في القدس» بحيث لم تعد تكتفي بالإعراب عن استيائها أو تبرمها من تغطية المحطة لأحداث معينة، كما سبق أن فعلت مرارا، بل ها هي تتجه إلى تعديل قوانينها التي كانت تفتخر بأنها «ديمقراطية وليبرالية في محيط عربي مستبد وقمعي» لتتماهى في النهاية مع جيرانها، ومن شابه جيرانه فما ظلم!! لماذا يفعل نتنياهو ذلك؟ ولماذا ينتقل هذه المرة سريعا من استنكار ما تفعله المحطة إلى اتخاذ إجراءات الإغلاق؟؟ ببساطة لأن لا ظرف أفضل من الحالي وعدد من الدول العربية تجعل من إغلاق المحطة برمتها، وليس مكتبا لها فقط، مطلبا رسميا معلنا. من سيلومه على ذلك؟!
قبل سنتين، وقفت في قلب مدينة يافا أمام الكاميرا في ذكرى نكبة فلسطين عام 1948 لأتحدث عن ضياع وطن وإحلال شعب محل شعب وتسمية على الخارطة محل أخرى، بعدها قلت لوليد العمري: أليس غريبا وطريفا في آن معا أن أقول ما قلت بل وأن نخصص تغطية كاملة لعدة أيام لذكرى تطعن في شرعية دولة نحن نبث من أراضيها؟!! ابتسم وليد وقال، وهو العارف جدا بطبيعة هذه الدولة التي يجيد لغتها ودرس في جامعاتها ويعمل فيها صحافيا منذ ثلاثين عاما: في إسرائيل بإمكانك يا صاحبي أن تقول ما تريد… لن يزعجهم ذلك في شيء، لكن بمجرد أن تتحرك خطوة عملية واحدة تمس الأمن فلن يرحمك أحد.
إذن، حتى هذه «الميزة» الإسرائيلية بدأت في التراجع لتقديرات سياسية لم تعد تختلف عن تقديرات دول لا تقيم وزنا لأية حرية تعبير أو صحافة مثل السعودية والإمارات ومصر، وبالتالي فآلية التفكير السياسي لدى القيادة الإسرائيلية هي الآن بصدد الاقتراب من آلية دول كهذه، مع أنها كانت تفاخر بـ «ديمقراطيتها» التي تميزها عن هذه البيئة العربية المتخلفة. أكثر من ذلك، يبدو أن العقيدة الأمنية لإسرائيل، هذه الدولة الأمنية بامتياز، في طريقها إلى التحول من عقيدتها الغربية الليبرالية التي سارت عليها لعقود، في التعامل داخليا مع الإعلام، إلى تلك العقيدة العربية ضيقة الأفق التي ترتعد فرائصها لمقال هنا أو هناك أو تقرير تلفزيوني في هذه المحطة أو تلك.
أما تهمة «التحريض» فهي الكلمة المفتاح التي اقتبستها إسرائيل حرفيا من الدول العربية التي تعشق هذه الكلمة كلما جاء الحديث على ذكر اسم القناة إياها، وكأن الناس عديمو الإحساس ولا يشعرون بالظلم الواقع عليهم فيحتاجون لمن يحرضهم على التمرد عليه، أي أن هذا المواطن المقهور لن يخرج إلى الشارع هاتفا أو محتجا أو راميا بحجر إلا بعد أن يشاهد نشرة أخبار أو برنامجا على شاشة هذه القناة… أي سخف هذا؟!!
على فكرة، لقد دأب بعض الناس، وليست الحكومات فقط، على اتهام ذات المحطة بالتحريض خلال تغطية الحركات الاحتجاجية في البلاد العربية. هنا لم يعد المشكل هذه الدكتاتورية أو هذا الحاكم الدموي وإنما هذه القناة!!. أكثر من ذلك، ما زال بين ظهرانينا، وهم ليسوا بالجهلة أو الدهماء، من يتهم القناة نفسها بالمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا واليمن بل ويحمّـلها وزر كل الدماء التي سالت. هؤلاء يرفعون من قدر هذا التلفزيون في معرض الحط منه، إذ من هي وسيلة الإعلام هذه، كائنا ما كانت، التي يمكن لها أن تؤثر في الناس إلى هذا الحد؟؟!! وأي قطيع من الناس هؤلاء الذين يمكن أن تحركهم هذه الوسيلة كما تشاء؟!! لقد أدخل أصحاب هذا الرأي نظرية جديدة في علم الاجتماع السياسي تسمى: التلفزيون كمحرك للتاريخ!!
وإذا ما سلمنا أن في تغطية هذه المحطة بعضا مما يمكن وصفه فعلا بالتحريض فإن تقويمه وإصلاحه لن يكون إلا مهنيا، ومن قبل الصحافيين أنفسهم، أما المنع والإغلاق فلن يؤدي إلى ذلك أبدا. بالعكس هذا سيجعل هذه المحطة، بل وأي محطة أخرى مكانها، في حل من أي مراعاة هنا أوهناك حرصا على عدم إغلاق مكتبها وسلامة العاملين فيه، فتنطلق ربما أشرس من السابق لأنه لم يعد لديها ما تخشاه.
لا يوجد سوى وصف واحد لكل من يتوهم أنه أمن شر أي وسيلة إعلام لمجرد أنه أغلق مكتبها: الغباء.
٭ كاتب وإعلامي تونسي
محمد كريشان
تحية للاستاذ محمد
الاحتلال والاستبداد وجهان لعملة واحدة
من يتهم قناة الجزيرة بهدم الدول العربية نساله
هل قناة الجزيرة هي من رمت المدنيين بالبراميل المتفجرة والغازات الكيميائية ؟ وهل هي من ملئت السجود بالاف المعتقلين ؟ وهل هي من قتلت الاف المواطنين بالشوارع والميادين ؟
اي انظمة هذه التي انهزمت امام قناة اخبارية وهي التي تملك اسطولا من القنوات ؟؟؟؟؟؟؟
هاتف جوال أو ما جادت به التكنولوجيا الحديثة قد يفي بالغرض وليذهب النتن ياهو إلى الجحيم فهو من أغلق المسجد الأقصى وهو من أعاد فتحه بضغط من الجبارين.
أقول ليكن مكتب الجزيرة في القدس وغيرها متنقلا يواكب الحدث حيث وجد دون أن يدري النتن ياهو بل يمكن استعمال طائرة أو أكثر بدون طيار ليرى العالم إجرام المحتل لفلسطين.
تشخيص و دقة و موضوعية و توازن دائما عند أستاذنا محمد…….أصبحت أحس أن العقل التونسى له خصوصيات فريدة من نوعها فى عالمنا العربى….
*سر نجاح (الجزيرة) المصداقية
حافظت على مصداقيتها ولم
تطبل ولم تزمر (للحكام) كما تفعل
معظم الفضائيات الأخرى.
*ستبقى الجزيرة حبيبة الملايين
من المحيط الى الخليج على رغم
أنف الكيان الصهيوني المجرم
ودول الحصار الباغية الظالمة.
سلام
أظن وصول دونالد ترامب إلى رئاسة أمريكا في انتخابات عام 2016، لا يختلف عن نتيجة استفتاء بريطانيا على بريكست عام 2016، وهجوم دونالد ترامب على قناة سي أن أن في أمريكا، لا يختلف عن هجوم نتنياهو الكيان الصهيوني على قناة الجزيرة في عام 2017، فإشكالية دولة الحداثة أساس مفهوم الإعلام فيها مبني على التضليل الاستراتيجي على الأقل للمحافظة على أسرار الدولة، وفي هذا المجال أذكر ما قاله الصحفي الذي ساهم في كشف فضيحة ووترغيت التي أدت إلى عزل الرئيس الأمريكي نيكسون، تعليقا على كلام آل غور عندما سأله كم نسبة ما كنّا في الإعلام ننشره له علاقة بالحقيقة على أرض الواقع، فآل غور ذكر نسبة 3% عندما هو كان نائب الرئيس الأمريكي، في حين أن الصحفي تفاجئ، ولم يصدق ذلك في تعليقه حتى الآن، فهو يظن أن النسبة هي لا تقل عن 30% ولا تزيد عن 70%، خصوصا وأن للحقيقة أوجه عديدة، فلكل زاوية رؤيا تمثل جزء من حقيقي من الحقيقة، ولو نظرت من زاوية أخرى ستظهر لك زاوية أخرى تختلف تماما عن الزاوية الأخرى، ولو نظرت من زاوية أخرى ستجد زاوية جديدة ربما تتعارض مع الزاوية الأخيرة، وكلها جزء حقيقي من الحقيقة الكاملة، وهذا ما كان يجهله المثقف والسياسي وكل من بنى فكره على أسس فلسفية، وليس لها علاقة بلغة إنسانية من على أرض الواقع، فتعرّى تماما وهي ميزة من ميزات نتيجة حصار قطر وحصار المسجد الأقصى وجريمة سفارة الكيان الصهيوني في عام 2017، فالموظف الذي كان عقد وظيفته أساسه الغش وشهادة الزور من أجل استلام راتب آخر الشهر في دولة الحداثة، قد تعرّى تماما لا يهم مكانه أمريكا أو الكيان الصهيوني أو دول مجلس التعاون في الخليج العربي.
فإصدار شهادة ميلاد الكيان الصهيوني عام 1947 كان بناء على غش وشهادة زور فرنسا وروسيا، لأن الحصول على شهادة ميلاد في نظام الأمم المتحدة يجب أن يكون لديك دستور يحدد حدود سايكس وبيكو للدولة، والكيان الصهيوني حتى الآن ليس لديه دستور حتى لا يتم تحديد حدود الدولة، تماما كما هو حال المملكة المتحدة (بريطانيا)، التي ديفيد كاميرون فيها، لتبرير تقصير النخب الحاكمة في توفير وظائف ذات أجر يكفي لإعالة الأسرة بكرامة في بريطانيا، قام بالغش وشهادة الزور من ضرورة عمل استفتاء للانسحاب من الاتحاد الأوربي، لأن أهل دول الاتحاد الأوربي هي من أخذت وظائف المواطن فيها، تماما مثل حجج السعودية في موضوع سعودة الوظائف كمفهوم للوطنية؟
لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ..صدق الله العظيم. ..لو يعلم نتنياهو أن قرار غلق الجزيرة هذا سيزيد من شعبيتها ما فعل ..لكنه الغباء
لو يعلم نتنياهو أن إغلاق الجزيرة سيزيد من شعبيتها ما فعل.. لكنه الغباء.