أتابع باهتمام كثيراً من المحتوى البرامجي لقناة «الأردن اليوم»، وهي قناة لا أخفي أنني حملت شكاً كبيراً اتجاهها أول بثها، معتقداً أنها ستنضم لباقي قنوات البث العبثي الأردنية، (أستثني «رؤيا» رغم ملاحظاتي العديدة عليها والتلفزيون الوطني احتراماً لتاريخه المأسوف عليه).
في فترة قصيرة، استطاعت قناة «الأردن اليوم» أن تتلمس طريقها الصحيح، وهو الطريق الشاق الذي تركته «رؤيا» فاستهدفت نوعية مشاهدين نخبويين غالباً، و طبعاً أغفله التلفزيون الأردني لأنه في غفلة عن كل ما نحن فيه في الأردن والعالم.
نبض الناس
«الأردن اليوم»، قناة وجدت أن نبض الناس العاديين هو الأهم، والخبر الذي يلامس هموم هؤلاء العاديين جداً أهم من مقابلة مع سيد البيت الأبيض نفسه، وبذلك، وضعت القناة الأردنية الناشئة خريطة طريق لنفسها منسجمة مع اسمها، ورأت في الشأن المحلي المزدحم بالقضايا والحكايات والأخبار ما يستحق أن يفرد له الفضاء التلفزيوني ساعات بث، وقد كسبت القناة الرهان من خلال انتشارها واستقطابها لمشاهدين.
برنامج «حديث اليوم»، الذي تقدمه المتألقة هناء الأعرج ويقف خلفها طاقم إعداد محترم، يثير الضجة مرة ثانية في كشفه لهموم وقضايا المجتمع المحلية بعيداً عن الإسفاف والفضائحية، بل كشف المستور من فساد وانتهاكات باسم القانون وفضح كل تجاوز عليه، وإيصال صوت المقهورين الذين لا حول لهم ولا قوة.
الأسبوع الماضي، كان الجدل حول مدرسة متخصصة لذوي الإعاقات في عمان، تعرض أحد طلابها لأذى متعمد واعتداء وحرق في جسمه بقداحة، والطالب المغلوب على أمره كما أهله، تقدموا بشكوى على المدرسة والمعلمة التي ارتكبت الانتهاكات، و بروح إحترافية، وضع برنامج «حديث اليوم» تلك القضية تحت مجهرها، وأفرد لمديرة المدرسة ساعة للحديث على الهواء، وهي مساحة منصفة وعادلة كان يمكن للمديرة أن تدافع عن نفسها بها، مع أن البرنامج وللتوازن أعد تقريراً مع ذوي الطفل المعتدى عليه، لكن مديرة المدرسة ومن منطلق التمادي في الغي والعنجهية، وبعد عرض التقرير، قررت الانسحاب على الهواء مباشرة، رغم مداخلة المذيعة الواثقة من أدائها والتي مارست ضبط النفس المهني وأكدت فيها ان البرنامج كإعلام لا يصدر أحكاما بل يفرد مساحة لعرض الموضوع، إلا أن المديرة دخلت في جدلية الانسحاب ملقية تبريراتها بلا أي إسناد مقنع، فكانت في كل لحظة تزيد المشاهد قناعة بخطايا مدرستها ليتبين في اتصال هاتفي مع مسؤول في التربية والتعليم ان المدرسة غير مرخصة لاستقبال طلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة على هذا المستوى. وفي حلقة تالية من ذات البرنامج، تم منح المديرة فرصة ثانية عبر مداخلة هاتفية إلا انها أصرت على اتهام البرنامج و طاقمه بأشنع التهم التي اعتادها الصحافيون في مسيرتهم، من دون تقديم جملة مفيدة واحدة.
تلك قضية أثارتها قناة تلفزيونية تستحق المتابعة وعلى كل المستويات، ولو كنت محل وزير التربية والتعليم، لطلبت من البرنامج نفسه استضافتي لتوضيح ملابسات دور التربية والتعليم الرقابي على مدارس كتلك.
القنوات اللبنانية
وفي الحديث عن معالجة الفضائيات للقضايا المحلية فإن غالبية الفضائيات العربية تتجنب الشأن المحلي الخاص بدولتها، اعتقاداً أن الشأن الدولي أكثر أهمية، لكن لا أخفي إعجابي بمختلف القنوات اللبنانية خصوصاً في برامجها الحوارية الصباحية والمسائية التي تركز على الشأن المحلي بتفاوت في طريقة معالجته، ورغم تحفظي على «أجندة» قناة «الجديد» مثلاً، إلا أنني أحترم في محتواها الإعلامي تلك المثابرة على متابعة أخبار محلية صغيرة في لبنان، تهم الناس وتمس حياتهم، بعيداً عن القضايا الكبيرة، ومؤخراً، وبحكم الانحياز الشخصي والمحبة للصديق داني حداد، صرت أتابع قناة «أم تي في» و برنامج «بيروت اليوم» الذي استطاع فيه الصديق والكاتب صاحب المقال الرشيق والمكثف أن يحوّل أجندات السياسة إلى حوارات أكثر ملامسة للواقع اللبناني، فصار يصطحب ضيوفه من سياسيي لبنان في جولات تحليق منخفض يلامس أرض الشارع لا تحليق مرتفع يضيع فيه الحوار في متاهات الإنشاء.
فذلكات الطبخ
لكن، وكما أسلفت وقلت أكثر من مرة، فإنه حين تضيق النفس بالأخبار الدموية والخانقة في فضائنا العربي، ألجأ شخصياً كطريقة علاج نفسي إلى قناة «فتافيت» المتخصصة بالطبخ، وحتى في تلك، أجدني أتفلسف في ملاحظاتي التي لا يمكن التخلص منها، والتمتع بمشاهدة حرة منفلتة من الرصد والتحليل.
مما لاحظته في برامج قناة «فتافيت» مثلاً، أن المطبخ العربي «عموماً» رغم تنوعه وتعقيدات تفاصيله إلا أنه خال من الفذلكات التي يتميز بها المطبخ الغربي المهووس بابتكار الفذلكات العجيبة.
كنت أتابع مطبخاً غربياً حديثاً، في طبخة ابتكرها شيف عالمي، وكان الحديث عن طبقه المتميز بإضافة «رغوة الكزبرة»!! نعم أيها السادة، الكزبرة لها رغوة يمكن استخلاصها، ولكم أن تتخيلوا طبقاً تعلوه رغوة كزبرة كقيمة مضافة في نكهة الطبق.
طبعاً، بالنسبة لي شخصياً، أرى في ذلك فذلكة زائدة عن الحاجة، ولا أرى أي قيمة إضافية في ترجمة الفكرة إلى المطبخ العربي، لنشهد منسفاً تعلوه رغوة الصنوبر، أو مسحة من مرهم اللوز على سطح مستخلص البروتين من لحم الضأن.
طبعاً، هنالك فذلكات أيضاً من نجوم «فتافيت» العرب، مثل الشاب محمد أورفلي، الذي ترك أصول المطبخ الحلبي الذي ينتمي إليه ليدخل في هوس التكنولوجيا وفذلكات المطبخ الغربي.
من هنا، فإنني لا أزال أؤمن بالمطبخ الشرقي البسيط، ولذا فإنني أجد نفسي مرتاحاً كل الارتياح في مطبخ السيدة المبدعة دعد أبو جابر، ولا أخفي أنني كثيراً ما أتواصل معها لأخذ نصائح تقدمها بسعة قلب تساعدني في مطبخي المنزلي المتواضع بعيداً عن رغوة الكزبرة ورذاذ البقدونس.
إعلامي أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة
الشعب الاردني لا يزال متمسكا بالمنسف والمسخن والملوخيه والمقلوبه بعيدا عن فزلكات الطبخ الحديثه فربة البيت ليس لديها الوقت الكافي لاضاعة جهودها عليها لا سيما اذا كان خلفها افواه وارانب يريدون ان ياكلون ومن جهه اخرى هي لن تجازف ابدا باضافة مواد غريبه للطبخه قد تفسد طعمها وتضيع جهودها فدعونا فيما نتقن عمله ويا دار ما دخلك رغوة كزبره او رذاذ الخس .
*بصراحة أنا معجب ببرامج محطة (الجديد )
اللبنانية وافضلها عن باقي القنوات الأخرى.
*لا أجد أي متعة في متابعة برامج (الطبيخ)
وخاصة أنني من محبي الأكلات الخفيفة.
سلام